بمناسبة تصدر حزب حركة النهضة قائمة المحرزين على ثقة المنتخبين و تسلم أمانة إدارة المجلس الوطني التأسيسي و المرحلة الانتقالية مع غيرها من الطيف السياسي الوطني، يسعدني أن أهنئ النهضة على جهدها المبذول و مساعيها الموفقة المكللة بتحمل المسؤولية. و لان اعتبرت النتائج المعلنة إعادة اعتبار للتيار الإسلامي الذي عانى القهر و استهدفته آلة الاستبداد و الظلم لعقود متتالية فإن عسر المهمة و ضخامة المسؤولية تقتضي الانتباه لضرورات المرحلة القادمة لتكون فعلا مرحلة القطع مع الماضي ، فكرا و ممارسة و التأسيس لمستقبل أفضل للوطن تناغما مع أمل المهمومين المتطلعين الملتزمين بالمشروع الإصلاحي.
ما يجب الانتباه إليه هو أن غالبية المنتخبين من أبناء شعبنا منح حزب النهضة ثقته لأسباب، منها: - إنصافا لها و لنضالها - اختبارا لصدقها و أمانتها - لتمسكها بالثوابت الوطنية و على رأسها الهوية العربية الإسلامية - لضعف أداء المتصدين للشأن العام {أحزابا و شخصيات مستقلة} في الحملة الانتخابية.
و تأسيسا على ما تقدم فإن حركة النهضة دخلت مرحلة الاختبار الحقيقي، فإما أن تتجاوزها بحسن الأداء فتثبت جدارتها و أحقيتها في أن تكون جزءا من الفعاليات الهامة داخل النسيج السياسي التونسي و إما أن تخرج من المشهد دون عودة ، و هنا تكون قد خانت شعبها و دمرت مستقبلها و قتلت آمال المتابعين لها في الداخل و الخارج.
و عليه يجب أن تفتح النهضة جبهتان في آن واحد:
1/ حسن إدارة مرحلة التأسيس و لا يتحقق ذلك إلا بالانفتاح على الأحزاب السياسية التي أثبت ماضيها و حاضرها تمسكها بالثوابت الوطنية و سعيها للقطع مع الاستبداد و انخراطها في خدمة الشأن العام بحب و إخلاص و بالتالي فإن سعي النهضة لفرض خياراتها في هذه المرحلة الانتقالية و في غيرها بحجة مشروعية صندوق الاقتراع هو انتحار سياسي و دفع نحو العزلة و التهيئة لفترة احتقان تدفع بتونس نحو المجهول. ان تحمل مسؤولية إدارة المرحلة يجب أن يكون فرصة تاريخية للتدرب على إدارة السلطة و تسيير دواليب الحكم. أن تنفتح {مع غيرها من الفعاليات السياسية} على الطاقات التونسية بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب بصرف النظر عن الانتماء التنظيمي أو العقائدي. أن تعمل على ترسيخ ثقافة المواطنة و تفعل مضامين الحق و العدل و كذا القطع مع الظلم و الاستبداد فكرا و تصرفا. أن تعمل على إعادة الاعتبار للمؤسسات الوطنية و تكرس الفصل بين السلطات ليغدو ثابتا و أساسا يبنى عليه مستقبل تونس. أن تبعث برسالة طمأنة للمواطنين و الفاعلين الاقتصاديين في الداخل و الخارج تلتزم فيها بالمكاسب و الالتزامات و المعاهدات و تعمل أن يتجسد ذلك في قادم الأيام.
2/ فتح ملف الإصلاحات الداخلية لحركة النهضة و يكون ذلك: بالإسراع بفتح الملفات المعلقة و منها: - تقييم المرحلة السابقة بالموضوعية الكافية المفضية لتحمل المسؤولية التاريخية عن الأخطاء السابقة ،إن وجدت، و الاعتذار إن وجب الاعتذار. - فتح باب المصالحة مع شتات التيار الإسلامي {قواعد و قيادات} و الاستفادة من الجميع دون استثناء. - الإسراع بعقد المؤتمر العام و تيسير إحالة المراكز القيادية للشباب مع الاستفادة من القيادات التاريخية عبر آلية مجلس إسناد و متابعة. - الانفتاح على التيارات الإسلامية الوطنية و استيعابها ضمن برنامج تشرف عليه كفاءات و خبرات تحظى بالقبول و التقدير. و في الختام أقول أن الثقة التي منحها المنتخبون لحركة النهضة تبقى معلقة على شرط حسن الأداء في هذه المرحلة الانتقالية التي ستعقبها محطات انتخابية أخرى {برلمانية و بلدية} مع التذكير أن تونس لن تسمح بعد اليوم لبقاء ظالم مستبد. و الله الموفق