أكد مراقبون في تصريحات ، أن الربيع العربي هو أحد العوامل الرئيسية التي أوصلت حزب العدالة والتنمية ذا التوجه الإسلامي، إلى احتلال المركز الأول، وتحقيق فوز واضح في الانتخابات التشريعية التي جرت في المغرب يوم الجمعة 25 نوفمبر الجاري، متقدما بشكل كبير على أقرب منافسيه. ويرى محللون أن سياق الحراك العربي العارم الذي شهدته المنطقة العربية، خاصة في تونس ومصر وليبيا، والذي تجلى أيضا في حركة 20 فبراير في المغرب، أوصل إسلاميي حزب "المصباح" إلى سدة الحكم، كثاني حزب إسلامي في منطقة المغرب العربي، وذلك بعد أن استطاع حزب النهضة في تونس الفوز في الانتخابات خلال شهر أكتوبر المنصرم. وجدير بالذكر أن حزب العدالة والتنمية حصل على أكثر من 80 مقعدا في الانتخابات التشريعية، الوضع الذي يتيح له أن يقود تشكيل الحكومة الجديدة، بعد أن يعمد العاهل المغربي على تعيين شخصية من الحزب كرئيس للحكومة، وفقا لمقتضيات الدستور الجديد. بوابة التغيير
ويعتبر مراقبون أن حزب العدالة والتنمية المغربي، استفاد بشكل واضح من رياح "الربيع العربي" التي هبّت بردا وسلاما على "إسلاميي" المغرب، من حيث شعور الناس بالرغبة في التغيير والإصلاح بشكل جذري، فلم يجد الناخبون أمامهم من بوابة للتغيير سوى طريقين اثنين؛ الأولى أن يقاطع البعض الانتخابات، ويستمروا في مناصرة احتجاجات حركة 20 فبراير من دون أفق سياسي واضح المعالم. ويتمثل الطريق الثاني في المساهمة عبر صناديق الاقتراع في منح الفرصة لحزب لم تتلطخ يده بعد بالفساد الإداري والسياسي، نظرا لمشاركته طيلة سنوات في صف المعارضة للحكومة، فكان حزب العدالة والتنمية هو ذلك الحزب " النظيف" بحسب عدد من الناخبين الذي منحوا الثقة لهذا الحزب، فحصل على المركز الأول في الانتخابات، بنسبة تضاعف ما حصل عليه حزب الاستقلال الذي كان يقود الحكومة المنتهية ولايتها. وكان حزب العدالة والتنمية قد أبان عن كم كبير من القدرة على مواكبة الأحداث الجارية في المنطقة العربية من ثورات وحراك شعبي هائل، تجلى في تفاعله الداخلي والسياسي مع ما كان وما يزال يجري في المنطقة، كما أنه يملك من العلاقات الودية والخاصة ما يكفي ليشكل مع حركة النهضة الإسلامية في تونس تيارا إسلاميا قد يكتسح شمال إفريقيا، بمباركة من "العثمانيين الجدد" الذين يرون بعين الرضا كل هذه التحولات العربية، والمد الإسلامي في منطقة المغرب العربي، وإفريقيا الشمالية تحديدا. ولم يستغرب الكثيرون فوز العدالة والتنمية المغربي، لوجود سابقة حزب النهضة في تونس الذي فاز بأغلبية مريحة في انتخابات المجلس التأسيسي قبل بضعة أسابيع، مستفيدا من رياح الثورة في البلاد، وأيضا من ممارسته للمعارضة طيلة سنوات طويلة جدا، وهي العوامل التي يكاد يشاركه فيها حزب العدالة والتنمية المغربي مع وجود بعض الفوارق في طبيعة النظام الحاكم، والمؤسسات التي يشتغل فيها كل الحزبين، باعتبار أن النهضة عانت من نظام استبدادي وبوليسي منع عنها الماء والهواء، فيما استطاع إسلاميو حزب المصباح أن يشاركوا من داخل المؤسسات الرسمية، ومن موقع المعارضة البرلمانية، الشيء الذي أكسبهم نقاطا إضافية، ومزيدا من تعاطف الشعب المغربي.
سلطة استشعارية من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الرباط، الدكتور منار اسليمي، إن الربيع الإسلامي قد وصل إلى المغرب، حيث حدث نوع من الالتقاء بين الاحتجاج وبيت نوع من التصويت العقابي على بعض الأحزاب بسبب أدائها الضعيف والمترهل في مشاركتها بالحكومة، وخيبة أمل الكثيرين من عدم تحقيقها لمطالبهم في شتى المجالات. وزاد اسليمي بأن الربيع العربي حدث في المغرب لكن بدون ثورات ولا دماء، بفضل ما سماه استشعار السلطة السياسية بالبلاد للمخاطر القادمة، على ضوء ما شاهدته من أحداث جسام وقعت في بلدان مجاورة بالمنطقة العربية، فبادرت إلى إحداث التغيير بطريقة سلسلة ومرنة وذكية. واستطرد المحلل السياسي بأن المغرب كان مختلفا عن مجموعة من الأنظمة العربية التي شهدت رياح الثورات الشعبية، ليس لأنه يشكل الاستثناء داخل البلدان العربية، بل لكونه عرف كيف يطور نظامه السياسي ومساره الديمقراطي، بالتكيف مع ما يجري حوله من متغيرات كبيرة، أفضت إلى تغير الملامح الهيكلية للمنطقة برمتها. وشرح سليمي بأنه كان من المتوقع أن يتجاوز المغرب وضعية الاحتجاجات، وألا يقع رهينة سلبية لها، حيث اتسمت ردة فعل السلطة بالاستباقية واستشعار المخاطر المحدقة بالبلاد، مشيرا إلى أنه رغم ذلك، لا يمكن الجزم بأنه تم تجاوز كل المخاطر السياسية. والسبب، يردف سليمي، هو بعد تشكيل حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي كان في موقف المعارضة للحكومة الجديدة، سيجد المغرب نفسه لا يتوفر على معارضة قوية، وبالتالي قد تكون المعارضة القادمة آتية من الإسلاميين أيضا، وحينها ربما تكون المواجهة بين العدالة والتنمية واحتجاجات الشارع بدفع وتوجيه من أطراف إسلامية أخرى. دور حركة 20 فبراير ومن جهته، اعتبر الدكتور عبد المجيد العميري، الباحث في الشأن السياسي بالمغرب، أن استفادة حزب العدالة والتنمية من "الربيع العربي" تجلى أساسا في ما سماه "الهدنة" التي اتسمت بها العلاقة بين هذا الحزب "الإسلامي" وبين الدولة، بخلاف ما حدث في انتخابات 2007، حيث تميزت بنوع من شد الحبل بين الطرفين، وبكثير من التوترات السياسية التي كانت تذكي نارَها التصريحاتُ والبلاغات بين الحزب ووزارة الداخلية. ويشرح العميري هذا المعطى بالقول " بسبب أجواء الربيع العربي، لم تقم السلطة في البلاد بأي تصرف عدائي اتجاه حزب العدالة والتنمية، الذي أبدى نوعا من التجاوب مع الدولة، بل جازف في وقت من الأوقات بشعبيته لدى الكتلة الناخبة عندما اتخذت أمنته العامة موقفا مضادا لحركة شباب 20 فبراير، تمثل في القرار بعدم الخروج إلى الشارع في مسيرات هذه الحركة الاحتجاجية. ولفت المحلل إلى جزئية أخرى تهم خشية السلطة من اندلاع الأحداث الاحتجاجية بالشكل الذي وقعت في مصر وتونس وليبيا، وكلها بلدان تربطها بالمغرب روابط الجيران تحت مظلة اتحاد المغربي العربي، فاتجهت هذه السلطة إلى عدم "معاداة" المعارضة متمثلة في حزب العدالة والتنمية، كنوع من التغيير السياسي من وجهة نظر الرؤية الرسمية. ويرى مراقبون أن حزب العدالة والتنمية ينبغي عليه أن يشكر حركة 20 فبراير، والتي يعتبرها البعض نسخة مغربية بصورة "سلمية" للربيع العربي، لكونها ساهمت من حيث تدري أو لا تدري في الانتصار الواضح الذي حققته في انتخابات يوم الجمعة المنصرم. وفي هذا الصدد يقول الدكتور محمد ضريف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة المحمدية، إن حركة 20 فبراير خدمت حزب العدالة والتنمية بشكل كبير، مبرزا أنه في الوقت الذي كان الحزب يعاني من نوع من الانتقادات الحادة ومن الحصار الذي أراد حزب الأصالة والمعاصرة وضعه في خناقه، جاءت حركة 20 فبراير لتهاجم هذا الحزب في إطار شعارات الحركة التي تطالب بالقطع مع الفساد ورموزه، وبالتالي تحرر العدالة والتنمية من ذلك الحصار، فانتعشت حظوظه السياسية أكثر مع صعود نجم الإسلاميين في أكثر من بلد عربي مجاور في المنطقة العربية، بسبب أحداث الربيع العربي. مصدر الخبر : اسلام أونلاين نت a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=23282&t=مراقبون: الربيع العربي أوصل "العدالة والتنمية" إلى الحكم &src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"