ماذا كان سيقع لو تحصل القطب الحداثي على تسعون مقعدا في المجلس الوطني التأسيسي؟ ماذا كان سيقع لو تحصل الحزب الديمقراطي التقدمي على تسعون مقعدا في المجلس الوطني التأسيسي؟ ماذا كان سيقع لو تحصل أي حزب ممن صنّفوا أنفسهم معارضة على تسعون مقعدا في المجلس الوطني التأسيسي؟ ماذا كان سيقع لو تحصل من وصفوا أنفسهم بحماة الحداثة و الديمقراطية و حقوق المرأة و و و على تسعون مقعدا في المجلس الوطني التأسيسي؟ بل قل لي بربك ماذا كان سيقع لو تحصل أعضاء المجلس الموازي للمجلس الشرعي على تسعون مقعدا في المجلس الوطني التأسيسي؟ فبعيدا عن المزايدات و عن اتهام النوايا كان من حقهم بل من واجبهم أن يقودوا البلاد وفق ما انتخبهم عليها التونسيون و لما وجد أحد الحق بل و الشرعية لمعارضة هذا التفويض الشعبي. و لكن في بلدي تونس و بما أن الفائز بثقة الشعب هم من فصيلة غير حداثية على النمط الغربي و اختاروا أن يكونوا الصوت الحقيقي لشعبهم يدافعوا عن هويّته و أصالته فان الديمقراطية لا تسعهم بل تحوّلوا الى خطر يهددها و يهدّد المكاسب الحداثية للمرأة والنمط الحداثي للمجتمع و و و ... فما أوسع هذه الجبّة التي كان يستعملها النظام البائد لضرب خصومه و معارضيه و ما أشبه اليوم بالأمس فبقدرة قدير أصبحت جبّة حداثي تونس بل قل أحداثي تونس. لقد أصبحت تزعجنا الديمقراطية التي نعرف فيها المعارضة قبل السلطة الحاكمة و نرى فيها انعقاد المجلس الموازي قبل انعقاد المجلس المنتخب الشرعي بل تعرض فيها مشاريع قوانين من قبل خبراء لم يخترهم الشعب البتّة؟ في كل ديمقراطيات العالم يكوّن الحزب الفائز في الانتخابات حكومته و يطرح برنامج عمله وفق ائتلاف أو تحالف يمكنه من الحكم و كسب ثقة من كلّفه سواء كان برلمانا أو مجلس شيوخ أو حتى مجلس تأسيسيّ و تقوم الأحزاب التي لم تحصل على الأغلبية بدور المعارضة و التي عادة ما تبحث عن أخطاء الحزب أو الأحزاب الحاكمة لتطرح بديلها الاجتماعي، السياسي، الاقتصادي أو أي في أي مجال آخر. غير أننا في تونس فان الأولويات تقلب رأسا عن عقب من طرف أحزاب الأقليّة فتعارض الحكومة قبل تشكيلها و تنتقد الدستور قبل رسمه حتى ليخيل اليك أنها هي صاحبة الشرعية لا غيرها. فباسم الديمقراطية و الحداثة تقام المظاهرات في اليوم الأول لانعقاد أولى جلسات المجلس التأسيسي و هو ما لم يقع في أي بلد عبر التاريخ وقعت فيه ثورة!!! وقبل تشكيل الحكومة و الافصاح عن أسماء أعضائها ينتقدوا و يحكم عليهم بقلة الكفاءة !!! و في بلدان العالم يلام الحزب المكلّف بتكوين الحكومة على عدم انفتاحه على أكثر عدد ممكن من الأحزاب و في تونس ترفض الأحزاب التحالف مع الحزب الحاصل على أكثر الأصوات و تختار الاصطفاف في المعارضة راغبة و بارادتها ثمّ تتهمه بالاستئثار بالحكومةو بالتفرد بالرأي متخذة ذلك المثل الدارج "لا نحبك و لا نصبر عليك" فهي لا تريد أن تدخل الحكومة حتى لا تدنّس بالأصولية و تحافظ على حداثتها و في نفس الوقت لا تعطي الأحزاب الأخرى الفرصة للعمل و للخروج بالبلاد من حالة الاحتقان التي تعيشها الى بناء الدولة الفتية.. بل وصل بنا الحد أن نرى في الديمقراطية الحداثية من يشارك في الحكومة و في نفس الوقت ينتقد و يلوم الحزب الذي ائتلف معه على عدم تفريطه في صلاحياته و ما السيد خميس كسيلة عنا ببعيد فحتى في أعتى الديمقراطيات الغربية لم يحدث ذلك فساق في الحكومة و أخرى في المعارضة لا تراه إلا في بلدي!!! و بما أن الديمقراطية الحداثية في القرن الواحد و العشرين لا يمكنها أن تتصالح مع الاسلاميين حتى و إن تبرؤوا من الديكتاتورية خمسة مرات في اليوم و لعنوا التمييز بين الجنسين صبحة و أصيلا فعند بني حداثة ما بالطبع لا يتغير.. و لذلك فاني كفرت بحداثتكم التي تحولت إلى تصرفات أحداث (نسبة إلى أطفال الأحداث). رضا المشرقي / ايطاليا