مرة أخرى ترانا مجبرين على التوقف عند ظاهرة جديدة بدأت تستفحل في خلايا الجسد الإعلامي بدعوى حرية الرأي وهي أبعد ما يكون عن ذلك بل هي في ظاهرها ردة فعل على حادثة معينة وفي باطنها تغلغل سكين التهوّر في الجسد الإعلامي وترويج «لغة» لم نعد نرضى أن نسمعها بل آن الأوان لنوقف زحفها علينا بلا استئذان... أكثرمن مرة في أكثر من قناة (والحمد لله أنّ لنا ثلاثا فقط وإلّا لكانت الطامة) وأكثر من إذاعة تجدنا مصدومين لهول ما نسمع من عبارات نابية لا تليق بحقل رياضي ولا بمجموعة خلناها تنتمي إلى عالم المربين الأجلاء فإذا بأغلبها يتحوّل إلى محب عادي عندما يتعرض إلى ظلم ما أو إلى خسارة ما... فترانا نسمع من المسؤول ما لا نسمعه حتى من ألدّ الأحباء المسكونين بجنون الحب لأنديتهم... فما الذي حوّل الأحاديث الصحفية خاصة في البرامج الرياضية إلى محطات من الوقود خاضعة للاشتعال وإشعال حريق الغضب بين مختلف الأطراف في كل لحظة... وكيف نوقف هذه المهزلة التي تدخل بيوتنا عنوة وتحرجنا مع أبنائنا وعائلاتنا... وهل من المعقول أن تصبح هذه «اللغة» السوقية شعار بعض البرامج الرياضية لتأخذ نصيبها من النجاح... وأخيرا كيف يمكن أن نتصدّى لهذا الغول الهائج الذي إذا تواصل الصمت عليه سيأتي على كل شيء؟... زين العابدين الوسلاتي (الناطق الرسمي للنادي الإفريقي): نفضل الصمت... «من المستحسن حاليا عدم الإدلاء بأي تصريح ذلك أننا بلغنا مرحلة قصوى من الاحتقان وأظنّ أنّ الإعلام بدوره مسؤول إلى حد ما عما يحدث الآن نظرا للاعتماد على التصريحات الفورية وانعكاساتها السلبية». بادين التلمساني (نائب رئيس الترجي): على الجمعيات تحديد من يتكلّم باسمها شخصيا أعتقد أنّ كل طرف عليه تحديد مسؤولياته في مثل هذه الوضعية حيث نسمع إلى تصريحات تمس من الأشخاص وتنتهكهم في بعض الأحيان، وبالنسبة للسيد عماد بلخامسة الذي تحدث باسم الترجي عليه أن يتحمّل مسؤولية كل ما قاله وما صرح به في حصة الأحد الرياضي لأننا نحن كمسؤولين في الترجي الرياضي ملتزمون بعدم الإدلاء بتصريحات تمس من الأشخاص ورغم كون كلامنا يكون نتيجة طبيعية لما تعرض له فريقنا من أحداث تسبق يوم المباراة. هنا يجب على الجمعيات أن تحدد اسم الناطق الرسمي كما يتحمل مسؤوليته في كل تصريح وعليه تجنب الانفعال ومجاوزة تلك التصريحات المسيئة للغير وفي هذه الحالة يمكن القول أنّ الإعلام هو كذلك طرف فيما يجري فهناك من يتعمّد استفزاز المسؤول واستجوابه في أوقات يكون فيها هذا الشخص منفعلا وذلك للبحث عن الإثارة. محمد الحبيب مقداد (الناطق الرسمي للنادي البنزرتي): على المسؤول أن يزن كلامه أجواء البطولة أخذت منحى جديدا في المدة الأخيرة وكثرت التصريحات وردود الأفعال، بعض التأويلات والقراءات كانت بعبارات قوية اقتحمت بيوتنا وزدات في توتير الأجواء من جهتنا نعتبر ونعتقد أنّ من حق المسؤول أن يدافع عن جمعيته وأن يبين موقف الهيئة من حكم أو قرار أو ما شابه ذلك لأنّ تلك هي المسؤولية لكن يجب أن تكون في إطار عقلاني رصين يتخير الألفاظ ولا يعمد البتة إلى المس بجمعيات أخرى منافسة أو حشرها في تفسيراته وقراءاته لأنّ هذا ما يؤثر على الأجواء بين الفرق وبين الجماهير. قد يذهب البعض لحشر الإعلام في هذه المسألة ويتهمه بتوتير الأجواء وهذا ليس صحيحا فمن واجب الإعلام متابعة المجريات ونقل التصريحات لكن على المسؤول أن يكون مسؤولا على كلامه كما أن للجامعة وللهيكل المنظم دورا كبيرا في ما يجري من خلال ما يقال حول التعيينات الخاصة بالحكام وطريقة الاختيار التي قيل حولها الكثير وقد تكون هي من بين أسباب البلية. الدكتور بشير الجباس (المندوب العام للرياضة سابقا) العبارات النابية التي أطلت علينا من خلال أجهزة الإعلام وخاصة في التلفزة أصبحت ظاهرة انتقلت من الشارع ولا بد من التصدي لها قبل أن تستفحل ويصبح الانفلات اللغوي أمرا مقضيا بما أنها لا تتماشى وقيم مجتمعنا.. إنّ تسرب هذه الألفاظ عبر جهاز التلفزة أمر خطير للغاية باعتبار انعدام المراقبة خاصة على مستوى التصريحات الفورية والتي عادة ما تكون انفصالية صادرة عن لاعب أو مدرب أو مسؤول وهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلا ونتاج خاطئ للاحتراف المغلوط الذي لا مجال فيه إلى أنّ الغاية تبرر الوسيلة... هذه الظاهرة لم تكن موجودة عندما كانت كرتنا هاوية. أما عن كيفية التصدي لهذه الظاهرة وإيقاف هذا النزيف فلن يكون إلّا عبر العودة إلى الثوابت والقيم التربوية التي تنبثق أساسا من التكوين العائلي والمدرسي إلى جانب التكوين الرياضي السليم الذي يعتمد على القاعدة المثلى التي تقول «الرياضة أخلاق أو لا تكون» باعتبار أنّ الرياضة أصبحت مرآة لمختلف المجتمعات إلى جانب القولة الشهيرة «إنّما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هُمُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا». الهادي الحوار (رئيس أمل حمام سوسة): يجب أن نتحلى بالروح الرياضية من غير المعقول أن نسمع بعض الكلمات النابية على وسائل الإعلام ولا يمكن لأي مسؤول أن يلفت الانتباه بعبارات مرفوضة خاصة وإنّ من عادات التونسيين متابعة البرامج الرياضية مع العائلة لذلك يجب احترام الآخرين وإذا كان هناك رسالة نريد إبلاغها فهي أن تكون عباراتنا مدروسة ونتحدث في كنف الأخلاق. وأعتقد أنّ هذه الظاهرة تعود إلى الرغبة الملحة للجميع لتحقيق الانتصارات ورفض النتائج السلبية.. كما يجب أن نبحث عن أسباب هذه الظاهرة ومعالجتها وأؤكد أنّ ضغط النتائج أهم عوامل الكلمات النابية لذلك لا بد أن نتحلى بالروح الرياضية ونقبل أخطاء الحكام ونتائج المباريات ويجب أن تكون عقلية المسيرين محترفة ونقلد الغرب في ذلك. رشاد الكراي (الناطق الرسمي للنادي الصفاقسي): نقمة «المافيولا» الكلمات النابية في الساحة الإعلامية وخاصة في التلفزة يتحمل مسؤوليتها من يصرح بها وأعتبرها شخصيا شكلا من أشكال الاعتداء على الأخلاق الحميدة فالمطلوب منع منعا باتا التدخل المباشر عبر التلفزة مهما كان الموضوع ومهما كان السبب وعلى «الأحد الرياضي» مثلا تعميم ذلك على جميع الفرق دون تمييز بين فريق وآخر حتى نبتعد عن سياسة المكيالين. فالمطلوب من المسؤولين عن التلفزة أن يوقفوا هذه المهازل والتيار الجارف الذي لم تجن منه كرتنا إلا المشاكل.. فبرنامج الأحد الرياضي مجعول من أجل تحيين المباريات وليس من أجل انتقاد الحكام ومناقشة أخطائهم وتصرفاتهم فهناك مكتب جامعي يعود له بالنظر في الهفوات التحكيمية فعلى مسؤولي الأندية الالتجاء إلى المكتب الجامعي ومقابلته لمناقشة هفوات الحكام. فالتدخلات المباشرة في التلفزة أعتبرها شخصيا غير مقبولة باعتبار أنّ هناك من يتسلح بضبط النفس وهناك من يتعمد الاستفزاز. المسؤولية تتحملها «المافيولا» والأحد الرياضي ومن الأفضل حذف «المافيولا» التي أصبحت غامضة وتجانب اليوم الحقائق ومادمنا لسنا مجهزين بالآلات اللازمة من كاميرا التي تفوق عددها الثمانية في الملعب في جميع الاتجاهات فلا فائدة في المافيولا وليس لها أي جدوى سوى عدم سرد الحقائق كاملة وهي من الأسباب التي تشنج الأعصاب وتؤثر على الحكم الذي يخرج أحيانا تحت تأثير المافيولا عن إطاره التحكيمي. لقد كنا في نعمة قبل «المافيولا» وقبل التدخلات المباشرة فاتركوا هذه النعمة تعم الجميع. الأستاذ فتحي المولدي (إعلامي ورجل قانون): الإعلام متّهم... وهذه هي الحلول في البداية أشير إلى أنّ تصريحات المسؤولين تتناقض مع الالتزام المعنوي في بداية الموسم مع الوزارة وعندما «اشتعلت» البطولة عدنا إلى المدار الطبيعي من التصريحات المثيرة. هنا فإنّ الإعلام يتحمل مسؤولية كبرى فيما يحصل لأنّ أغلب ما قيل في وسائل الإعلام التي تعتبر وسائل نشر عمومية يعتبر جريمة ثلب لذلك فالإعلام هو كذلك متهم. الحلّ هنا يتمثل في كون المسؤولين مطالبون بالترفيع من مستواهم وعدم لعب أدوار البطولة أمام جماهيرهم بالتهجم على الغير والمس من الأشخاص. أما بالنسبة للإعلام فهو مطالب بأن يقوم بتقنين عملية اختيار التصريحات، فلا يمرّر مثل تلك العبارات المسيئة وهنا عليه أن يقوم ب«الغربلة»، أما الحل الثاني فيتمثل في تمرير مثل تلك التصريحات كاملة ثم التنديد بها على الفور حتى يعلم المسؤول أنه يمتلك الحرية الكاملة للتعبير لكنه مطالب بتحمل مسؤولية ما يقول ولا يجب أن نقف عند الكلام بل يجب التعليق عليه. رجاء السعداني (إعلامية): المسيّرون بيت الداء... «إن الكلمات والتصريحات الهابطة التي اقتحمت بيوتنا عبر شاشات تلفزاتنا المحلية سببها الأول تهافت المسيرين نحو الإدلاء بآراء غير مسؤولة ذلك أنّ الإعلامي لا ناقة له ولا جمل في الكلام الذي قد يصدر عن المسيرين، فالإعلامي يسعى بدرجة أولى إلى إنجاح برنامجه وهو على وعي بأنه يخاطب مسيرين رفيعي المستوى ولكن ذلك لا ينفي عن الإعلامي ضرورة الالتزام بما ورد في الندوة الوطنية للإعلام الرياضي المنعقدة في 24 جويلية الماضي حيث تعهّد الإعلاميون بالارتقاء بالخطاب الإعلامي مع مراعاة القيم الاجتماعية السائدة وتجنب الاستجوابات الفورية وتصوير ونقل تصرفات اللاعبين وهيئات التسيير وتصرفات الأحباء والتي يمكن أن تكون سببا مباشرا في تهييج الجماهير الرياضية».