عبد النبي العوني إلى الذين قبضوا على الجمر أيام المحن ، رفقا بنا وبشعبنا فلسنا نحن من كنا ننفخ على اللهب، كي يحترق الجلد قبل العظم ، فإن صمتنا يوما على ذلك، فلم يكن جبنا أو خوفا،وإنما لأننا لم نستقبل جيدا، مبرراتكم وتحليلاتكم، آو لم تكونوا انتم ،على قدر من الوضوح والصفاء، حتى تقنعوا اغلب شعبكم برؤاكم . وإن ساهم بعض منا، مع حمالي الحطب، ليشتعل الفرن أكثر، لتكوى بها الجباه والأنامل والعضد، وإن فتح بعض آخر، كوة في جدار الفرن، كي يزداد اللهب، فقد كان غباء منهم، وسعيا حثيثا للقرفصة قريبا من الكرسي، يترصدون فرصة للجلوس عليه، ولو من باب التمني، لان العسل في نظرهم ،سهل الحصول عليه، من مؤخرة جعل اسود. فرغم الجحود والاتهام والارتياب،من بعض فعاليات شعبي تجاهكم ، ورغم حرصهم على نفيكم من الوطن من قبل، والآن، ومن بعد ،حتى وان أدى ذلك لاستنساخ سيناريو جديد للاستبداد، فان القطاع الأكبر من هذا الشعب الأصيل، أعطاكم صوته واعترف لكم بتضحياتكم، واقتنع، بما قدمتموه من قبل، في مواجهة استبداد جاهل وغبي،و منحكم تفويضا لقيادته مؤقتا، وهو ينتظر منكم الألفة والرفق والمحبة، وهو ويسألكم السمو والتجاوز، والنظر للمشروع الحضاري الذي بشرتموه به، وان تستنوا بسنة نبيكم ونبيهم ٳبن عبد الله عليه ٲزكي الصلاة وأزكى التسليم بما مارسه يوم فتح مكة وبما حدثكم به في حجة الوداع . إليكم والى شركائكم، الوطن أمامكم والظلم وراءكم، فان عبرتم بأخف الأضرار، من الاستبداد إلى الوطن، فقد ربحتم مشروعكم وربحتم الوطن، وعندها نبدأ في صنع مجد الوطن، وٳن أخفقتم في العبور، فقد خسرتم مشروعكم وخسرتم الوطن. إلى المتعبين المنهكين ،الصابرين المصابرين،الكاظمين والعافين،الحالمين دائما بوطن جميل،يحصلون فيه على معاشهم ، وكرامتهم فوق رؤوسهم،إلى الذين كانوا دائما، ضحايا التجارب والمشاريع المسقطة والفاشلة، إلى الذين دفعوا ويدفعون، ضريبة الاستبداد والاستئثار والمخططات التغريبية ،من قبل ثورة ابن غذاهم إلى ثورة المستضعفين الحديثة،إلى الذين يسهرون الليل ويعملون النهار وينفقون من الفقر، لكي يتمتع أصحاب السلطان ،إليكم جميعا وبكل أصنافكم وطبقاتكم ،التحية والوفاء ،فانتم ضمير الوطن وسؤدده،وانتم مشاريع حضارة ، انتم البناة ،والصناع ،والتجار ، والفنانون، الإبداع يولد من أصلابكم، وأصواتكم مثاقيل درر، وآهاتكم ترانيم وطن، فانتم حراس المسار،فحذار من الغفلة والاستسهال ،فالسياسي غالبا ما يخبئ في جيبه التمادي والاستئثار ويخرج من حلقه الألحان،فان أعطيتموه صكا على بياض، سرقكم، وان أظهرتم له الصرامة والحزم، احتاط واتزن،وخذوا حذركم من حمالي الحطب ،وصعاليك الديمقراطية و الحداثة،و متكلمي الزمن الرديء ،ومنتج من منتجات ثروة ما بعد الثورة، فهم خدم قديما وحديثا،عند أول اسكافي أصبح وزيرا، فهم من نافخي النيران إن خسروا،وان ربحوا فالطبل والمزمار مهنتهم ،والحرباء تخلت عن تميزها وتركتها لهم بعد أن أبدعوا فيها،إذا انتم الأمل، وانتم الجسم العريض الذي يحافظ على توازن الوطن، وانتم الوسط، الذي تنموا فيه براعم العدل والعمل، من اجل غد أجمل. إلى المتحسسين، والمتوجسين، والطارقين لكل الأبواب، في الصباح والمساء وعلى عجل، إلى الراقصين على رجل واحدة، كل يوم على إيقاع، ينتظرون الإعجاب، وينظرون خلسة إلى ثروات الوطن، إليهم والى أمثالهم ومن على شاكلتهم، الآن... وهنا، نسألهم: الم تتعبوا بعد، من كثرة اللهث، من الجري على النهب، الم تيأسوا بعد، من التلون، والتزين، والحضور في كل المواكب من غير سبب، ألن تشفقوا على أنفسكم، وعلى الوطن، الذي أتعبتموه ،بمشاريعكم وبإنتاجياتكم الوفيرة، التي أزكمت أنوف الأطفال والولدان وحتى الحجر ، الم يحن الوقت بعد، كي تستقروا على مشروع واحد، لمجلس موازي، يجمعكم، تتذكرون فيه، فحولتكم ،بطولاتكم ،أمنياتكم، وتمارسون فيه عاداتكم السرية، دون أن يراكم أو يسمع أخباركم عشاق الوطن، ألن تستحوا بعد، بعد أن رأينا سوأتكم على شاشاتكم وعلى صناديق الأمل، ألن ترحموا حناجركم، من الصياح صباحا مساااااااء، ويوم الأحد... ولم يسمعكم إلى الآن أحد. ألن تترفقوا بأقدامكم، من كثرة الوقوف أمام الأجهزة، لتبلغوا رؤاكم السوداء، بالحبر الأسود وعلى الأثير، كل مساء. ألن تشفقوا بعد على مؤخراتكم ،من التيبس، من كثرة الجلوس على الكراسي المقلدة، على منابر الهواء ،والتي انقلبت إلى الثورة، بعد عقود من خدمة الأحذية عوض خدمة الوطن . إليكم، و إليكم جميعا أبناء الوطن، تحية التاريخ، و الحاضر، والقادم من الزمن، فإما وطن نبنيه جميعا، يسعد به الأطفال والأبناء والأحفاد والفراشات وينبت الزهر، آو ارض، يرتع في خيراتها، الضبع، والجوارح، والكواسر، والعفن،وينبت في ثناياها ،الشوك و"الدفلة"، وتنتج الحطب. فأيهما نختار...