بعد شهر على رحيل رئيسهم هوغو تشافيز، ينتخب الفنزويليون الأحد خلفا له في اقتراع تدور المنافسة فيه بين نيكولا مادورو الذي اختاره قبل وفاته لتولي القيادة، وزعيم المعارضة هنريكي كابريلس، في بلد غني بالنفط ومنقسم بعد 14 سنة على "الثورة الاشتراكية". ودعي نحو 19 مليون ناخب للتوجه إلى صناديق الإقتراع، بعد حملة قصيرة لم تتجاوز عشرة أيام، هيمنت عليها ذكرى تشافيز الذي خطفه الموت بعد صراع مع مرض السرطان في الخامس من مارس الماضي، على خلفية تبادل للشتائم والكلام الحاد. ويشرف نحو 150 ألف عنصر من قوات النظام على أمن مراكز التصويت في سائر أرجاء البلاد التي أغلقت حدودها منذ بداية الأسبوع بأمر من السلطات التي نددت ب"مخططات لزعزعة الاستقرار" مدبرة من الخارج. وقد حث مادورو، الذراع اليمنى للرئيس تشافيز الذي اختاره خلفا له قبل وفاته، مناصريه على تحقيق آخر رغبات "القائد" و"متابعة إرثه" في وجه "البرجوازيين" و"الفاشيين". وأكد أليخندرو ألميدا وهو عامل متقاعد في السابعة والستين من عمره "أن صوتي سيكون لمادورو لكن قلبي سيكون مع تشافيز"، ملخصا بذلك شعور غالبية الموالين الذين ما زالوا شديدي الحزن على زعيمهم الراحل. وينطلق مادورو (50 عاما) من موقع قوة مدعوما بتقدمه الكبير في استطلاعات الرأي على منافسه كابريلس (40 عاما) حاكم ولاية ميراندا (شمال). وتتراوح نسبة تقدمه على خصمه ما بين 10 و20 نقطة بحسب الاستطلاعات. وارتقى مادورو القادم من الأوساط النقابية وكان في السابق سائق حافلة، بسرعة أعلى المراتب في النظام ليصبح وزيرا للخارجية اعتبارا من العام 2006 ثم نائبا للرئيس في 2012 قبل أن يتولى الرئاسة بالوكالة. وقدم نفسه أثناء الحملة على أنه "الضامن الوحيد" للبرامج الاجتماعية الممولة من الثروة النفطية للبلاد التي تملك أكبر احتياطي للخام في العالم، ففي خلال أربعة عشر عاما تراجعت نسبة الفقراء بصورة مذهلة من 50 إلى 29% بحسب اللجنة الاقتصادية في الأممالمتحدة. وأوضح الخبير السياسي لويس فيسنتي ليون مدير معهد داتانانلايسيس "أن استراتيجية مادورو تقوم على تجسيد كل ما يرمز إليه تشافيز وعلى تحقيق رغبته الأخيرة". أما المعارضة الملتفة حول هذا الحاكم الطموح لولاية ميراندا (شمال)، فتعهدت من ناحيتها بعدم حصر مساعدة الحكومة ب"المدعومين". وتعهد كابريلس المحامي المؤيد لاقتصاد السوق، بوضع حد ل"الهدايا" المقدمة إلى كوبا والحلفاء الآخرين للنظام الذين يستفيدون من أكثر من 100 ألف برميل من الخام يوميا، في "دبلوماسية بترولية" بنت عليها فنزويلا نفوذها الإقليمي. وقد سبق وواجه كابريلس تشافيز في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في أكتوبر الماضي وخسر فيها بفارق 11 نقطة (55% مقابل 44%)، مسجلا أفضل نتيجة للمعارضة في مواجهة زعيم اليسار في أميركا اللاتينية. وشدد كابريلس الذي يأخذ على خصمه بأنه "يختبىء" وراء ظل مرشده، على الآفات الاجتماعية التي يعيشها الفنزويليون يوميا، من انعدام أمن قياسي مع 16 ألف جريمة قتل ل29 مليون نسمة العام الماضي وانقطاعات في التيار الكهربائي ونقص متكرر في المواد الغذائية. وقال ألكسي تشاكون وهو صاحب شركة في الرابعة والسبعين من عمره "انظر إلى فنزويلا مع كل هذا النفط وما يحدث اليوم، إن ذلك يحزنني"، آملا في رؤية نهاية "كابوس هوغو تشافيز". وكانت الحكومة الفنزويلية أعلنت السبت أنها أحبطت مؤامرة لتعطيل الانتخابات الرئاسية، ما يندرج ضمن سلسلة ادعاءات سخرت منها المعارضة، معتبرة أنها محاولات لصرف أنظار الناخبين عن مشكلات البلاد، وشابت سابقا حملة الانتخابات ادعاءات كثيرة مثيرة، إذ أعلن مادورو في مارس الماضي أن مسؤولين أميركيين ينسقون مؤامرة لقتل مرشح المعارضة هنريك كابريليس، من أجل إثارة انقلاب. وفضلا عن خلافة مثقلة بالمهمات الشاقة فإن الرئيس المقبل سيرث أيضا اقتصادا ضعيفا مع ديون توازي نصف إجمالي الناتج الداخلي، وأكبر تضخم في أميركا اللاتينية تجاوز معدله 20%.