الحوار نت تلتقي الداعية الكويتية أم عمر (السيدة سنان الأحمد) أثناء زيارتها إلى ألمانيا، حيث قامت بالعديد من المحاضرات في مدينة برلين وكارلسروه، وتجري معها هذا الحوار. 1 الحوار نت: السيدة أم عمر أهلا وسهلا بك في ألمانيا بين أخواتك كما نرحّب بك في شبكة الحوار نت ويسعدنا أن تقدمي نفسك للسادة القراء. ام عمر: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أنا أختكم سنان الأحمد، من دولة الكويت، حاصلة على ديبلوم محاسبة، وطالبة في العلم الشرعي، متخصصة في مشاريع تنموية، وإغاثية، وتأهيلية. ومتفرغة للدعوة، وأم لثلاثة أبناء نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدي أولادنا، وأولادكم، وأن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم.
2 الحوار نت: السيدة سنان الأحمد تعرفنا عليك كداعية فما هي اهتماماتك وأدائك في هذا المجال وغيره؟ - ام عمر: أنا مهتمة أساسا بالنشاط الإغاثي، ولي نشاط تقريبا في خمس عشرة دولة إسلامية وغير إسلامية، بهدف إغاثي بحت. كما أنّ لي أنشطة في مجال دعوة الشباب، في المراحل العمرية من خمس عشرة سنة فما فوق، وبحكم أنني عملت تقريبا أربع سنوات في وزارة الأوقاف، فكانت لي بفضل الله تعالى هذه التجربة في مدارس الثانويات والمتوسط، فتدربت على طريقة التعامل مع هذه الشريحة من الشباب. أيضا أنشط في مجال الوعظ و الارشاد في أوساط النساء، سواء في داخل الكويت أو خارجها. نسأل الله سبحانه و تعالى أن يعيننا و إياكم على كل خير.
3 الحوار نت : أردنا كذلك أن نتعرف على مساهمة المرأة الكويتية في المجال الدعوي، هل المجال مفتوح لكل الكويتيات ونسبة مشاركتهنّ في حمل هذه المهمة؟ - أم عمر: الحمد لله سبحانه وتعالى أنّ الكويت بلد منفتح، نجد أنّ الأداء في هذا المجال واسع ورحب للنساء، بل نجد الآن رغبة في أوساط الشباب والفتيات، في الانخراط في العمل التطوعي وممارسة هذا النشاط بأنفسهم، وهذا شيء جديد بالنسبة لنا، وتتم هذه الأنشطة في داخل الكويت في دور الرعاية والشؤون الاجتماعية والتأهيلية، أو خارج الكويت في مجال الإغاثة، سواء في الدول المنكوبة، أو في بعض الدول النامية. أيضا أنشط في مجال الوعظ والارشاد في أوساط النساء، سواء في داخل الكويت أو خارجها. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا وإياكم على كل خير.
4 الحوار نت: ماذا تقصدين بأنهم يباشرون العمل التطوعي؟ هل من أمثلة؟؟ - أم عمر: مثلا التجربة التي قمنا بها منذ سنتين، حيث أننا نسافر بأنفسنا إلى الدول الفقيرة، برفقة الشبان والشابات في مجال الإغاثة أو باب التطبيب، فعندنا أطباء وطبيبات يزورون معنا هذه المواقع أيضا. ويكون هذاالعمل تطوعي يتحمل فيه المشاركون التكاليف كاملة، ليس لهم من رغبة سوى رضى الله عزّ وجلّ. فهم بعد الرحلة يعبرون عن ارتياحهم لما أنجزوه وعن السعادة التي يستمدونها في الحقيقة من فرحة الناس وسعادتهم بما قدموا لهم ويقولون: إننا نشعر بنعمة الله تعالى علينا وفضله ونحن نباشر بعض حالات العجز الصحي فنحمد الله تعالى أن منّ علينا بالصحة والعافية أولا وأن سخرنا لخدمة المحتاجين من عباده. نشعر أننا حققنا نقلة نوعية، ونحاول أن نمضي فيها مع من ساهم معنا من البنات والشباب ونعمل على فتح أبواب أخرى للمشاركة معنا بأعداد أكبر. ونسال الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا في هذا الأمر.
5 الحوار نت: تميزت الكويت بالعمل الخيري فما هي أهم المشاريع الخيرية عندكم الآن؟ - أم عمر: هناك أعمال إغاثية كبيرة في الكويت، ولكنّنا الآن نباشر نوعا جديدامن أعمال الخير، نؤسس لعمل متكامل غايته التغيير الكامل في منطقة احتياج معينة بطريقة مركزة، وذلك عبر تسيير قوافل الخير من الكويت فتنتقل من مكان إلى مكان. وشرعنا الآن في تجربة كبيرة في منطقة احتياج في اليمن، حيث نقوم بتهيئة قرية متكاملة المرافق، فنحدث بذلك نقلة نوعية، تربوية, تنموية, تأهيلية. يتوفّر في هذه القرية كل ما يحتاجه الإنسان من حاجيات لنجعل منه إنسانا فاعلا منتجا وإيجابيا، يستفاد منه كفرد في المجتمع. 6 الحوار نت: نسأل الله العلي القدير أن يتقبلها منكم..، كما هو معلوم المشاركة في الحياة الاجتماعية متنوعة ورغم أهمية الدور الإغاثي وكذلك المهمة الدعوية، غير أننا غالبا ما نجد ضعفا في مشاركة المرأة في المجال السياسي، فكيف الأمر عندكم؟ هل للمرأة الكويتية من دور في الحياة السياسية؟ - أم عمر: الحمد لله هذه الرغبة بدأها "سمو الشيخ جابر" رحمه الله تعالى، واستكملها صاحب السمو صبا ح الأحمد. لاحظنا وجود وعي في الدورتين الانتخابيتين الأخيرتين، من خلال إقبال المرأة على المقرات الانتخابية، والرغبة في معرفة حقوقهن وواجباتهنّ، وما لهنّ وما عليهنّ، وكما هو معلوم فالمرأة عندما تقتنع بشيء، تأخذ الأمر بجدية، وتتفانى في خدمته، والحال أنّ الأمر يخصها من قريب. فمن المؤكد أنها ستوفر له كل أسباب النجاح بإذن الله تعالى. وهذه السنة دخلت البرلمان أربع نائبات.
7 الحوار نت: أردت أن أعرف ما هي التحديات التي تجعل مشاركة المرأة في المجال السياسي بالذات على أهميتها أضعف بكثير من غيرها من المجالات؟ أم عمر: في الجانب السياسي، أظنّ أنّ على المرأة أن تقتحم وتبادر، فالمجال مفتوح، وأعتقد أنّ المشكلة مشكلة وعي واقتناع في أوساط النساء أنفسهنّ، فمنهنّ من يرين عدم جواز مشاركة المرأة في العمل السياسي. وهذه العقلية من شأنها أن تعرقل تقدمها بعض الشيء. ولكن مع ذلك فها هو المجال قد فتح، ورغم بساطة تجربتها، عليها أن تواصل وتقتحم هذا المجال، وتشارك ولا تتردد، وسوف تحقق فيه بإذن الله تقدما وإنجازا في المستقبل القريب، خاصة وأنّ الحكومة تشجع هذا الأمر، فقد عينت وزيرتين تعيينا، مع وجود أربع نائبات، فالمرحلة سهلة وميسورة وسنتجاوز مرحلة الضعف هذه بإذن الله تعالى ..
8 الحوار نت : هذا بالنسبة للمرأة في البلاد العربية، فما الذي تنتظرونه من المرأة المسلمة كأداء دعوي وغيره في أوروبا؟ - أم عمر: فعلا أنا انتظرت هذا السؤال بالذات. حقيقة أنا فوجئت بعدد المسلمين في أوروبا، وبالذات في الجالية العربية. ولا أخفيك سرا، توقعت أن يكون للمرأة المسلمة بالذات، مكانة على مستوى التعليم والتكوين، والوعي بدورها في المشاركة في المجتمع، بحسب ما تتوفر عليه من فرص الدعم، والتأهيل، والتشجيع لها. وأيضا بحسب ما عهدته فيها من إقدام، وسعي للتطوير، والتحدي للظروف، والثبات. لكن للأسف لم أجد إلا قلة منهنّ من تحمل مسؤوليّة هذا الأمر. ولست أدري ما هي الأسباب، أهي تراكم المسؤوليات الأسرية عليها، أم ماذا؟؟ ولكن مهما تكن هذه المشاغل، هناك رسالة لا بدّ للمرأة أن تؤديها، فالله عزّ وجلّ خلقنا في هذا الكون لنكون فعّالين، قادرين على التغير والفعل. وبالنسبة لمن يعيش في ألمانيا مثلا، أعتقد أنه يتوفر على تسهيلات في المعيشة، وفي غيرها من المجالات التي ما كان الفرد ليتحصل عليها في بلاده، أو في بعض البلاد العربية. فما كان على المرأة بالذات إلا أن تحسن الاستفادة من هذه الإمكانيات المتاحة، للتطوير من أدائها في هذه البلاد، على جميع المستويات، وتعطي المثال الحسن على المستوى العلمي، والاقتصادي، وعلى المستوى التنموي، وعلى المستوى السياسي. وأنا أعتقد أنّ مجرد تحديد الهدف ووضوحه، وترتيب الأولويات، ورسم الخطة الواضحة، مع حسن إدارة الوقت، سيجعلنا منتجين ومؤثرين، وهذا يتحقق بإذن الله تعالى، إذا خرجنا من التعلل بالمسؤوليات، وتخلينا على السلبية، فلتأخذ ولو أخت واحدة فقط بزمام المبادرة، ولتبادر بالتغيير من ذاتها، ومن طريقة حياتها، وسترى أنّ الحياة أصبحت أفضل، بالنسبة لها ولأسرتها، وبالنسبة للجالية باعتبارها قدوة، وبالنسبة للمجتمع الذي تعيش فيه وتتمتع فيه بحقوقها. فما أسعد أن يكون الإنسان منتجا وفعالا، يطوع ظروفه لصالح العطاء والفعل والإيجابية. 9 الحوار نت: كما تعلمين تدور هذه الأيام في ألمانيا محاكمة لقاتل الدكتورة "شهيدة الحجاب" مروى الشربيني التي قتلت في المحكمة الألمانية، أمام أعين القاضي ومن معه من الأمن، وبمرأى ومسمع من زوجها وابنها، بل وقد أصيب زوجها أيضا، فما رأيك في هذه الجريمة البشعة، وما هي تداعياتها على الجالية المسلمة بالذات؟؟ - أم عمر: طبعا نحن سمعنا بالحادثة وفعلا حزنا كثيرا، لأنّ هذا يعطي مؤشرا خطيرا. يجعل الإنسان يتساءل: هل حقا يوجد تعايش، وتقبل للأجانب والذين هم من أصول إسلامية،؟؟ إذ القاتل على حد ما بلغنا، كان يقيم في نفس المنطقة التي تسكن فيها الأخت الدكتورة وعائلتها الصغيرة، بل يبدو أنه يسكن في نفس البناية. فالعلاقة علاقة جيرة، يعرف بعضهم البعض، وما حدث لا يعبر أبدا عن وجود تعايش سلمي، فالحقد لا يمكن أن يصل إلى هذا الحد، هناك شيء غير واضح صراحة. أشعر أنّ هناك غبش في القضية وعدم وضوح، كيف تتم هذه الجريمة في واضح النهار، وفي مكان محترم فيه تسترد الحقوق المغصوبة، ومن المفروض أن يقام العدل بين الناس فيه. فإذا بها سبع عشرة طعنة، بسكين يدخلها في جسدها ثم يخرجها، ثم يعيد الكرة كل تلك المرات المتتالية، والقاضي وأعوانه ينظرون دون أي تدخل، أو إشارة إنذار، أو نجدة من أي أحد حتى أتم جريمته. والتدخل الوحيد الذي حصل من أحد الأعوان أصاب فيه زوجها. في حادث أبسط من هذا بكثير يستطيع الفرد أن يجد الناس حوله. لكن أمام القاضي حيث بإمكانه أن يضغط على زر يطلب النجدة يحصل كل هذا، هذا غير مقبول، وأين الأمن وأين.!!!..وكيف يحدث هذا؟؟ كيف تعرف أنّ هناك مجرما هددها من قبل بالقتل، ويحضر معها إلى المحكمة دون أن تتوفر أي حماية؟؟؟. في دولنا العربية، بأمور أبسط من هذه بكثير، تتوفر الحماية ومشددة. وجريمة مثل هذه بهذه البشاعة، وبهذا التسيب؟ أعتقد أنه مهما تكن الحريات، فلا بدّ أيضا أن يحكم الدخول لقاعة المحكمة، على الأقل ما يحكم أبسط مكان في الأسواق، لماذا لا توجد هذه الآلات التي تصدر أصوات تنبه عند وجود أي مشكل؟، فكيف بأمر مثل هذا؟ والقاضي يعلم أنّ القضية بدأت عرقية واضحة أو دينية، ولنقل دينية. وأنا أعتقد أنّه لا بد من أن تكون هناك التفاتة لكل هذه الحيثيات على مستوى القضاء والإعلام. وأنا أعلم أنّ قضية مروى الشربيني ما كانت لتأخذ هذا الحجم لو لا الوقفة الجادة التي قامت بها الجالية المسلمة في الغرب. في النهاية أنا لا أخفيك سرا، لو لم تكن هذه الوقفة، لما تحرك العالم، بل حتى الحكومات سواء المصرية أو غيرها، لم تكن لتتحرك لولا الضجة التي قامت بها الجالية في الخارج. هي التي أعطت للقضية حجمها الحقيقي، فلذلك لا بد من أن تتوحد الجهود وتتظافر الأيادي لوقف مثل هذه الجرائم إلى الأبد. وأرى أن يكون للمرأة المسلمة، مستوى عالٍ من الثقافة والعلم، ومن الرؤية الواضحة، حتى تستطيع أن تعيش في المجتمع، في أي مجتمع حتى وإن كان غير متفق معها في الدين أو اللغة، إذا توحدت العقول أعتقد أنّ الغلبة لمن يملك الحجة فيها. 10الحوار نت: تعاني المرأة المحجبة من التضييق كذلك في بلاد الإسلام، وهذا مؤلم أكثر مما تعانيه في غيرها، ففي تونس مثلا ممنوعة من حقها في اللباس الشرعي في المؤسسات التعليمية وفي الشغل فما رأيك - أم عمر: لا بدّ للمرأة من أن تحافظ على لباسها الشرعي فهذا حق شخصي تضمنه القوانين والدساتير والأعراف وفي نفس الوقت لا تتخل عن حقها في التعليم، ولا ترض إلا بالمستوى العالي جدا. حينها تجد الدولة نفسها مضطرة للقبول بها في أي موقع لأنها لا تملك البديل وسوف لن تأتي بكفاءات خارجية مثلما هو الحال عندنا اضطرت الدولة لأن تعين المحجبة لأنها ليست لها البديل للمترجمة للفرنسية إلا هذه المحجبة المتميزة وهكذا في العديد من المواقع. فنحن نريد أن نجعل من يرفضنا حتى وإن لم يقتنع بحقنا في اللباس الشرعي ولم يحترم القوانين إلى الاضطرار لتقبل هذا الأمر واقعا. لأنّ هذا اللباس في الحقيقة حق إنساني وشرعي تقره كل الشرائع والدساتير.. 11 الحوار نت: نحن نعاني من هذا المشكل في بلادنا, وكنا ننتظر من علماء المسلمين ومن تصدر المنابر أن يكون سندا لهذا - الحق على اعتبار اختصاصه وقربه من الموضوع، فما راعنا في الأيام السابقة الماضية إلا أن اندلعت مشكلة فريدة من نوعها في مصر، ومن شيخ الأزهر، بمنعه طالبة منقبة من مزاولة التعليم، وقد أثار هذا الموضوع ضجة في العالم الإسلامي فما رأيك؟ - أم عمر: أبدا ما هكذا يعالج الخلاف الفقهي بل هو تعدي صارخ على حق شخصي، تعترف به كل الشرائع. وهذا ليس بغريب عن أعرافنا العربية، وحتى وإن كان البعض منّا لا يعتبره واجبا، فهو ستر للمرأة وليس فيه ما يخدش الحياء ولا ما يقلق أحد أبدا. والنقاب متعارفا عليه في أعرافنا العربية، بقطع النظر عن الاختلاف الفقهي، أو عن وجوبه أو عدمه. وإن كان هناك أي مشكل، فليحل خارج مثل هذه القوانين الزجرية. وأنا أهيب بكل العلماء أن يوقفوا هذا المنع للمرأة للمنقبة لأنه ظلم لها ولمجتمعاتنا وأعرافنا. وأتوجه لكل من اختارت أن ترتدي النقاب ألا تتنازل عليه تحت الضغط، فهذه حريتها الشخصية وحقها، وهي وحدها التي تقرر فيه، وليس لأحد الحق في منعها من التعليم كذلك.
12 الحوار نت: نشكر الأخت سنان الأحمد على هذه الجولة الطيبة، وفي الختام هل من رسالة تتوجّهين بها، ولمن؟ - أم عمر: أشكركم على هذه الفرصة الطيبة وبالنسبة لي أتوجه إلى الجالية العربية والمسلمة بأن تعطي المثال الحسن والإيجابي والفعالية وإعطاء صورة طيبة عن الإسلام والمسلمين، وخاصة الشباب فهم المستقبل وهم الأمل، فلا يضيعوا العمر في الملذات واللهو، وليسعوا لتصدر المواقع الأمامية في مجال المعرفة، والعلم وفي كل خير، ولتكن مواطنتهم في الغرب إضافة إيجابيّه لهم وله. رسالتي للمرأة المسلمة أن تعي مسؤوليتها في الأسرة وفي المجتمع، لأنّ نظرة الأجانب للإسلام بيدها على اعتبار أنها محجبة، والأنظار كلها متوجهة لها فلتسع لتطوير نفسها وأسرتها، ولا تبتئس من بعض موجات الرفض لها، فما تفتأ أن تندحر إذا أثبتت وجودها ولم ترض سوى بالدرجات العلى من كل معرفة وعلم. دمتم جميعا في رعاية الله وحفظه والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. حاورتها السيدة: رشيدة النفزي / ألمانيا