دون ريب أن الذي يجري في مصر خطير، فلم يعد مقبولا بعد شهرين من الخروج المتواصل للناس ضد الجنرال السيسي وعدم استطاعته السيطرة على ميادين مصر فضلا عن نجوعها وكفورها؛ أن نعتبر هدا الحراك هو مغالبة بين خصمين أو متنافسين سياسيين لها ضوابط سياسية وأخلاقية، ذلك أن هذه المدة من عدم قدرة الدولة التي يمسكها الجيش إنفاذ أوامرها على الناس أفرزت إضافة إلى هذا العجز البين للقوة المسلحة على إخافة الناس؛ مايأتي: 1 - بداية انهيار الدولة المصرية لأول مرة في التاريخ وعلامات ذلك:
- أ - الجنرال السيسي الذي لم يخض أي حرب في تاريخه العسكري، وحصل على رتبته بالأقدمية ولدراسته في المعاهد العسكرية الأمريكية، يفشل حتى في فرض النظام العام، مما يوحي بأن الجنرال وجيشه في حالة عجز شامل.
وأن هذه الرتب العسكرية مصطلحات لامضمون لها كما هو الحال عند معظم كل جنرالات الجيوش العربية الفاشلة داخليا وخارجيا.
- ب - انهيار القضاء المصري الذي انكشفت جميع عوراته ولم يعد يصلح للتفاخر والتباهي حتى أمام الدول العربية التي ينعدم فيها القضاء الحر والمستقل، فالقضاء المصري في حوزته رئيسان سابقان لمصر لم يستطع أن يقول في حق منهما أية كلمة مقنعة، مما يعني أنه مرتهن بالكامل للسياسة.
- ج - الإعلام المصري الذي عطل الجيش الرأي الآخر منه بهجمة شرسة على المؤسسات الإعلامية والإعلاميين، وأطلق لسان مجموعة من الجهلة في إعلامه لم يستطيعوا الدفاع عنه، فكانوا دببة يصادقون الجيش، فخسر هذا الجيش صوته وعقله كنتيجة حتمية لصداقة الدب، فبعض هؤلاء الجهلة تحدثوا عن أشخاص قالوا عنهم أنهم أحفاد سيد قطب وأعطوا رأيهم في الإخوان المسلمين المتوافق مع رأي نظام السيسي الذي تحت التأسيس، بينما يعرف القاصي والداني أن زعيم اإأخوان المسلمين الذي أعدمه جمال عبد الناصر في ستينيات القرن الماضي لم يكن له أولاد فضلا عن أن يكون له أحفاد. إضافة إلى اعتماد النظام على ساقطات وساقطي شارع الهرم للدفاع عن خطابه السياسي.
- د - تداعي الاقتصاد المصري على مختلف المستويات حتى السياحة التي قيل أن مرسي وجماعته الإسلامية - الإخونجية - تقاومها، انهارت والبورصة انهارت والشركات الدولية انسحبت ولم تفد حقن الإنعاش الضخمة والسريعة القادمة من الخليج في إنقاذ هذا الاقتصاد والسبب واضح، فالناس التي تنتج هي الآن في الشارع تتظاهر.. وبالتالي فإن الحقن لاتفيد سوى في دفع رواتب جيش لم يستطع أن يسيطر عليهم طوال الشهرين الماضيين.
- وهنا نسأل إذا كان الاقتصاد والقضاء والإعلام والجيش عماد أية دولة معاصرة، فماذا يبقى من الدولة المصرية وهذا هو حال عمادها!؟
2 - بداية انهيار واسع في المجتمع المصري وعلامات ذلك تظهر في:
أ - تمترس ديني واضح لقيادات الكنيسة القبطية يجر معه تمترسا للمسيحيين في خندق قومي ديني ضد المسلمين.
ب - فقد الأزهر مصداقيته لدى غالبية الشعب المصري السني المسلم، وهي عودة واضحة للمؤسسة الدينية الفرعونية التي كانت تطلب من الناس أن يكونوا على دين الفرعون التي يأمرها الفرعون بان تكون على دينه.
ج - انفصال يكاد يكون واضحا بين فلاحي وصعايدة مصر عن الدولة. فلم يتمكن الإعلام الموالي من حشد قواه في هذه المناطق التي بدأت تشهد مؤشرات لعمليات عسكرية أو شبه عسكرية ضد المؤسسة الأمنية العسكرية، وليس بالضرورة أن تكون تابعة لجماعة الإخوان، ففي مصر الملفات مفتوحة والفرص مواتية لكل من يرغب في تحقيق طموحات سياسية أو اقتصادية أو حتى شخصية.
د - وإذا كانت النكتة السياسية هي إحدى الوسائل الأقوى في المجتمع المصري للتعبير عن الراهن، فإن النكات المتداولة في مصر الآن هي نكات يقولها الجميع ضد الجميع ليضحك الجميع على الجميع.. أي أن انكسارا في حرمة العائلة والمرأة والدين والطائفة؛ بدأ في الاستقواء على منظومة القيم التقليدية التي كثيرا ما ادعت جماعة الإخوان أنها تحافظ عليها وتحتمي بها عبر تحالفاتها مع النظام العشائري التقليدي.. وهدا ما يعني أن جماعة الإخوان بدأت تخسر المجتمع الذي عاشت في بحوره ثمانين عاما كما يعيش السمك في الماء
وهنا مادام النظام يخسر الدولة وما دام أهل الدين يخسرون المجتمع، ألا يحق لنا أن نقول إن الدولة في مصر تنهار والمجتمع يضيع!؟