بعد أزمة الكلاسيكو.. هل سيتم جلب "عين الصقر" إلى الدوري الاسباني؟    آخر ملوك مصر يعود لقصره في الإسكندرية!    قرار جديد من القضاء بشأن بيكيه حول صفقة سعودية لاستضافة السوبر الإسباني    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    قيس سعيد يستقبل رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم    قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى    ل 4 أشهر إضافية:تمديد الإيقاف التحفظي في حقّ وديع الجريء    جهّزوا مفاجآت للاحتلال: الفلسطينيون باقون في رفح    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    ماذا في لقاء رئيس الجمهورية بوزيرة الاقتصاد والتخطيط؟    أخبار النادي الصفاقسي .. الكوكي متفائل و10 لاعبين يتهدّدهم الابعاد    القبض على شخص يعمد الى نزع أدباشه والتجاهر بالفحش أمام أحد المبيتات الجامعية..    في معرض الكتاب .. «محمود الماطري رائد تونس الحديثة».. كتاب يكشف حقائق مغيبة من تاريخ الحركة الوطنية    تعزيز الشراكة مع النرويج    بداية من الغد: الخطوط التونسية تغير برنامج 16 رحلة من وإلى فرنسا    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    المرسى: القبض على مروج مخدرات بمحيط إحدى المدارس الإعدادية    منوبة: الاحتفاظ بأحد الأطراف الرئيسية الضالعة في أحداث الشغب بالمنيهلة والتضامن    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    هذه كلفة إنجاز الربط الكهربائي مع إيطاليا    الليلة: طقس بارد مع تواصل الرياح القوية    انتخابات الجامعة: قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    QNB تونس يحسّن مؤشرات آداءه خلال سنة 2023    اكتشاف آثار لأنفلونزا الطيور في حليب كامل الدسم بأمريكا    تسليم عقود تمويل المشاريع لفائدة 17 من الباعثين الشبان بالقيروان والمهدية    رئيس الحكومة يدعو الى متابعة نتائج مشاركة تونس في اجتماعات الربيع لسنة 2024    هذه الولاية الأمريكيّة تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة!    الاغتصاب وتحويل وجهة فتاة من بين القضايا.. إيقاف شخص صادرة ضده أحكام بالسجن تفوق 21 سنة    فيديو صعود مواطنين للمترو عبر بلّور الباب المكسور: شركة نقل تونس توضّح    تراوحت بين 31 و26 ميلمتر : كميات هامة من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    مركز النهوض بالصادرات ينظم بعثة أعمال إلى روسيا يومي 13 و14 جوان 2024    عاجل/ جيش الاحتلال يتأهّب لمهاجمة رفح قريبا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    سيدي حسين: الاطاحة بمنحرف افتك دراجة نارية تحت التهديد    بنزرت: تفكيك شبكة مختصة في تنظيم عمليات الإبحار خلسة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    ممثل تركي ينتقم : يشتري مدرسته و يهدمها لأنه تعرض للضرب داخل فصولها    باجة: وفاة كهل في حادث مرور    نابل: الكشف عن المتورطين في سرقة مؤسسة سياحية    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين في البحر الأحمر..    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته امام لاتسيو    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    نحو المزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي في ميناء رادس    فاطمة المسدي: 'إزالة مخيّمات المهاجرين الأفارقة ليست حلًّا للمشكل الحقيقي'    تحذير صارم من واشنطن إلى 'تيك توك': طلاق مع بكين أو الحظر!    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقائق للأمانة و للتاريخ : هؤلاء من اغتالوا مبادرة 18 أكتوبر للحقوق والحريات
نشر في الحوار نت يوم 19 - 10 - 2013







بقلم : لطفي هرماسي / ناشط سياسي وإعلامي
(1 )
وقفة تاريخية في الذكرى الثامنة



تمر اليوم ثماني سنوات عن أشهر مبادرة سياسية مشتركة جمعت أطيافا متعددة من أهم مكونات المعارضة السياسية التونسية الموجودة على الساحة خلال سنة 2005 شكلت معا هيئة “18 أكتوبر للحقوق و الحريات” التي تعتبر تجربة غير مسبوقة في تونس وفي المنطقة العربية ، وقد ضمت إسلاميين و ليبراليين وشيوعيين وقوميين وشخصيات مستقلّة على غرار الإعلامي لطفي حجيّ ( مدير مكتب قناة الجزيرة بتونس حاليا ) والحقوقيين العياشي الهمامي وخميّس الشماري،.
وجاءت تسمية الهيئة لتؤرخ لإضراب عن الطعام الذي خاضته ثمان شخصيات وطنية من أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني في أكتوبر 2005 تزامنا مع انعقاد القمة العالمية حول مجتمع المعلومات، وكمحاولة للفت أنظار القيادات والزعامات السياسيّة – التي توافدت على تونس حينها – إلى مسألة الحريات السياسيّة والمدنيّة المتدهورة.
وللتذكير فإن هذه الشخصيات قد خاضت إضرابا عن الطعام لمدة تزيد عن الشهر وهي :

المختار اليحياوي : قاض ( مستقل )

العياشي الهمامي : محام يساري ، عضو المنظمة التونسية لحقوق الإنسان

لطفي حجّي: صحفي مدير مكتب الجزيرة بتونس حاليا

محمد النوري : ناشط سياسي ، ترأس منظمة حرية وإنصاف

أحمد نجيب الشابي: أمين عام الحزب الديمقراطي التقدمي ( وعضو الهيئة التأسيسية للحزب الجمهوري حاليا )

حمة الهمامي : الناطق الرسمي لحزب العمال الشيوعي التونسي ) والناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حاليا )

عبد الرؤوف العيادي : نائب رئيس المؤتمر من أجل الجمهورية ( والأمين العام لحركة وفاء حاليا )

سمير ديلو عن حركة النهضة ( وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية حاليا ) .

وقد انتقدت الهيئة في بيانها التأسيسي الوضع العام في البلاد ودعت إلى “بلورة عهد ديمقراطي يكفل لكل المواطنين والمواطنات المساواة والحريات والحقوق الأساسية غير القابلة للتصرف أو الاستنقاص ويشكل قاعدة للمشاركة السياسية والتداول على الحكم على أساس تنافس البرامج والرؤى وهو عهد من شأنه أن يرتقي بمستوى وحدة العمل إلى إرساء أسس التغيير الديمقراطي”
انشأت الهيئة داخلها “منتدى 18 أكتوبر للحوار” للبت في المواضيع الخلافية خصوصا بين العلمانيين والإسلاميين . وقد ادّت النقاشات إلى إصدار سلسلة من الإعلانات “في العلاقة بين الدولة والدين” و”حول حرية الضمير والمعتقد” و”حول حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين” .
( 2 )
بين الأمس واليوم
في هذه اللحظة المفصلية في تاريخ بلادنا ، وقد تنادت الأطراف السياسية للجلوس إلى طاولة الحوار الوطني للخروج بالبلاد من الأزمة السياسية متعددة الأبعاد والسباب التي تعيشها ، يحتاج الوطنيون ، أكثر من أي وقت مضى ، إلى الروح والعقلية التي تجمعت بفضلها الأطراف السياسية التي شكلت هيئة 18 أكتوبر ، لهدف سام ، لامطمع فيه إلا في إنقاذ الوطن من الدكتاتورية ، وإيجاد أرضية للعيش المشترك والتداول السلمي على السلطة ، وإحداث تقارب تاريخي بين أطراف لم تجمع بينها قبل ذلك الموعد مع التاريخ سوى الصراعات السياسية والخلافات الإيديولوجية خاصة في الساحات الجامعية والنقابية .
روح ، وعقلية 18 أكتوبر ، هي التي يجب يستدعيها الفرقاء الآن الآن وليس غدا للمرور إلى السرعة القصوى في التوافق حول خارطة طريق تكفل للتونسيين اطمئنانا على مستقبل بلادهم السياسي عبر انتخابات ديمقراطية وشفافة ، وحصولهم على دستور طال انتظارهم له ، واختيار حكومة مستقلة لايترشح أعضاؤها للانتخابات القادمة .
18 أكتوبر ، كان من المفروض أن يكون عيدا وطنيا لأنه يوم من أيام تونس ، توحد فيه الفرقاء ، وخاضوا معركة البطون الخاوية ، وانتجوا نصوصا مرجعية كان بالإمكان توظيفها في توافقات من شانها ان توفر على التونسيين وقتا ثمينا وتجنبهم صراعات مملة نفّرتهم من السياسة والسياسيين .
(3 )
اغتيال المبادرة ( للامانة والتاريخ )



( أ ) نظام بن علي

لم تتمكن هيئة 18 أكتوبر منذ تأسيسها من ممارسة أي نشاط سياسيّ علنيّ، باستثناء بعض الندوات التي عقدت بمقرات الأحزاب القانونية المنضوية تحت لوائها كالحزب الديمقراطيّ التقدّمي والتكتل من أجل العمل و الحريات، إذ تعرضت كل أنشطتها للتضييق والمنع.
وظلّت الهيئة هاجسا مُخيفا لنظام بن علي الذي رفض الاعتراف بها، و تعرّض رموزها للملاحقة والتضييق والاعتداءات ومُنعت اللقاءات المشتركة بينهم ، كما ضرب من حولها حصار إعلامي جعل وسائل الإعلام التونسيّة تتجاهلها .
( ب ) اليسار الاستئصالي
وكأن التاريخ يعيد نفسه ، فاليسار الاستئصالي ممثلا في بعض الأحزاب المتطرفة ، أو بعض المثقفين اليساريين الذين كانوا يدورون في فلك نظام بن علي ، لم يحتملوا رؤية مبادرة تجمع أطرافا سياسية قريبة من مرجعيتهم الفكرية تلتقي حول مشتركات مع الإسلاميين ، الذين كانوا يعيشون محرقة حقيقة ، وشنوا حملة شعواء قرروا على إثرها ذبح المبادرة لقطع الطريق أمام هذا التقارب التاريخي وتوجوها ببيان أمضت عليه شخصيات سياسية نسرد أسماءها لاحقا تحت عنوان : حول انحراف داخل اليسار أو عندما يضلّ رفاق الطريق في شهر فيفري 2006 ( انظر موقع : مجلة نشاز ، الرقمية التونسية ) من أهم ماورد فيه :
( تشهد المعارضة التونسية إعادة تشكّل لم تعرف له مثيلا على مدى تاريخها الحديث. وهي تقف اليوم أمام انقسام عميق يشقّ المشهد الديموقراطي إثر “التّحالف” –غير المعلن صراحة- الذي أقامه جزء كبير من المعارضة مع التيّار الإسلامي لحركة “النهضة”.
ونحن الممضون أسفله، لئن ليست لنا ولاءات حزبية وإنّما يجمعنا انتماؤنا المشترك إلى عائلة اليسار الدّيموقراطي التّونسي، والاعتقاد في ديمومة هذا اليسار كأرضية لتأصيل ثقافة ديموقراطية في تونسنا، يهمّنا التعبير عن رأينا إزاء المستجدّات الطّارئة داخل اليسار وفي أوساط جميع المنتميات والمنتمين إلى الدّيمقراطية واللائكية في بلادنا :
* الحوار الديمقراطي شيء والتّحالف، أيّا كان الثّمن، شيء آخر. فنحن غير مقتنعين بوجاهة وصواب الاختيار الذي ذهبت إليه “مجموعة 18 أكتوبر للحقوق والحريات”
فأن تعلن حركة النّهضة قبولها بقاعدة التناوب الدّيمقراطي وإحجامها عن العنف، فذلك أمر لا يمكن أن يكون سوى مدعاة للارتياح، إلاّ أنّ حصول هذه الحركة على مكانتها ضمن العائلة الدّيمقراطيّة يستدعي تخلّيها عن مشروع الدّولة الإسلاميّة التي نعلم تمام العلم نتائجه الوخيمة على الدّيمقراطيّة وحقوق الإنسان. وعلى حدّ علمنا فإن حركة النهضة لم تتحوّل إلى شيء مغاير لحزب إسلامي.
.. وخلاصة، فإنّ الإسلاميّين التونسيين بقدر ما يعلنون قبولهم بمثل الأفكار الآنفة الذّكر، فإنّهم بالمقابل، لا ينزاحون قيد أنملة عن منظموتهم الفكرية العقائدية.و خلافا لما يعتقده البعض الّذين يؤاخذونهم على ازدواجيّة الخطاب لاعتباره من باب التكتيك، فإنّ الأمر يتعلّق، في الحقيقة، بسياسة مزدوجة يتبنّونها، بكلّ أريحية، في وجهيها المتناقضين:
انتحال الديمقراطية وفق مقتضيات الظّرف من جهة، والوفاء للهويّة الأصوليّة للإسلام السياسي من جهة أخرى
وهل من مجال لغير اعتباره عرضا من أعراض عاهات حديثة أو وراثية لدى اليسار ؟
… هكذا سارت الأمور وكأنّ “للحوار” التّعاقدي مع الإسلاميين الأولوية على غيره من الإلحاحات الأخرى كالدّفاع عن المجتمع المدني ومكتسباته الكونية واللاّئكية، والحرص على وحدة العائلة الديوقراطية مع الحفاظ على تنوّعها وثرائها.
… وليكن قولنا واضحا : فنحن قد شاركنا، بدرجات متفاوتة، في أحلام اليسار ومغامرته، وعشنا نكساته وصعوباته، ومن تعلّقنا به ينبع حرصنا عليه، وإليه تعود هذه التخوّفات التي أبديناها. ) / انتهى نص الوثيقة .
ومن أبرز الشخصيات التي أمضت على الوثيقة آنفة الذكر ، والفاعلة في الساحة السياسية بعد الثورة نجد :
شكري بلعيد ( الوطد ) ، سهير بلحسن ( حقوق الانسان ) ، سناء بن عاشور ( النداء ) ، نادية شعبان ( المسار ، نائبة منسحبة من المجلس حاليا ) ، سفيان الشورابي ( مدون ) ، محمد الطرابلسي ( نقابي ) ، عبد العزيز المزوغي ( النداء ) ، ورجاء بن سلامة ( غير مصنفة )
(ج )
الشابي وبن جعفر وانتخابات 2009




لعل أول شرخ داخلي في كيان هيئة 18 أكتوبر يتمثل في تمايز ، وتباعد في مواقف الأعضاء المؤسسين من انتخابات 2009 إذ أعلن ، أحمد نجيب الشابي مؤسس الحزب الديمقراطي التقدمي عن ترشحه منذ فيفري 2008 ليقرر الانسحاب في أوت 2009 بعد رفض النظام تعديل قانون سنه يفرض على المرشح أن يكون رئيسا منتخبا في حزبه وهذا مالا ينطبق على الشابي الذي ترك الأمانة العامة لحزبه عام 2006.
أما مصطفى بن جعفر، الأمين العام لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات أحد أهم أعضاء هيئة الدعم للمبادرة وقد قدم ترشحه للمجلس الدستوري في 24 سبتمبر 2009 إلا أنه رفض بسبب كونه لا يستوفي شرط أن يكون قائدا منتخبا لحزبه منذ عامين.
ورغم أن بن جعفر على رأس التكتل منذ 1994 إلا أنه لم ينتخب من قبل مؤتمر الحزب إلا عام 2009 . وفي 7 أكتوبر أعلن الحزب أن “التكتل من اجل العمل والحريات يدعم بكل حماس مرشح حركة التجديد أحمد إبراهيم للانتخابات الرئاسية ويدعو مناضلي الحركة إلى مساندته والتصويت لفائدته يوم الاحد 25 أكتوبر 2009 .
أما حركة النهضة المحظورة آنذاك فقد دعت إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية والتشريعية كما دعت “إلى حوار وطني حقيقي وشامل لكل القوى الوطنية”.
كما وصف المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يتزعمه الدكتور محمد المنصف المرزوقي الانتخابات بأنها “حلقة جديدة من مهرجان التزييف الذي تسميه انتخابات والذي دأبت عليه منذ انتصابها قبل 22 سنة” ودعاإلى رفض الاعتداء الجديد على سيادة الشعب .
ودعا حزب العمال الشيوعي التونسي غير المعترف به آنذاك من قبل السلطات إلى مقاطعة “الانتخابات المهزلة” وإلى النضال من أجل وضع حد للاستبداد .
أما الوحدويون الناصريون بتونس فقد أصدروا بيانا في 11 أكتوبر 2009 أعلنوا فيه مقاطعتهم لمهزلة الانتخابات الرئاسية والتشريعية لأن المقاطعة هي الحد الأدنى المطلوب لفضح العملية برمتها وتأكيد عزلة النظام .
هذا التباين في الآراء والمواقف ، من محطة انتخابات 2009 ، أحدث خرقا في المركب الذي كان ركابه أعضاء مبادرة 18 أكتوبر ، وبدأت بوادر البرود تدب إلى أوصال هذا التحالف التاريخي ، ليتم القضاء عليه نهائيا ، وعلى عكس المنظر ، قبل فرار المخلوع بيوم واحد .
( د )
أحمد نجيب الشابي ، وحمة الهمامي ، وتنفيذ حكم الإعدام في المبادرة




وجاءت الثورة المجيدة التي منّ بها الله على شعبنا وزعزعت عرش الطاغية الذي انبرى يطلق الخطاب تلو الخطاب مارا من الوعيد ( سيحاسبون ) إلى التذلل ( فهمتكم) ليلة 13 جانفي .
ليلتها أطل السيد أحمد نجيب الشابي على التونسيين وأعلن تصديقه لوعود المخلوع واستعداده للارتماء في أحضانه لتشكيل حكومة وحدة وطنية وذهب أبعد من ذلك إذ مثل وقتئذ دور الحمامة التي تمد قشة التبن للنملة التي توشك أن تغرق .
وسقط المخلوع ، فهرول صاحبنا للتموقع والارتماء في أحضان حكومة الغنوشي الأولى ليمنحها صك الغفران وليضفي عليها شرعية ثورية في حين أنها لاتعدو أن تمثل سوى امتدادا لحكم بن علي وانطلق يلعب دور المهرج في مسرحيات سيئة الإخراج مثل مسرحية قطع البث عن قناة حنبعل وإرجاعه ثم التبشير بإيجاد الحلول الملائمة للتنمية الجهوية وذلك عبرإغراق البلاد في مشروع الحضائر .كما كان لسان الدفاع عن حكومتي الغنوشي إبان اعتصامي القصبة 1 و 2 وظل في كل فرصة إعلامية تتاح له ( وكم كانت إطلالاته كثيرة) يدعو للتعجيل بانتخابات رئاسية في عزف منفرد فضح اطماعا دفينة أكدتها استقالته من الحكومة عندما عين كمال اللطيف السبسي تحت الضغط الشعبي المنادي بانتخاب مجلس وطني تأسيسي وكتابة دستور يستجيب لطموحات الثورة ويجسد أهدافها .
لم يكتف آنذاك بالاستقالة عندما كان شرط محافظته على العضوية في الحكومة التزامه بعدم الترشح في الانتخابات بل هدد في ندوته الصحفية الشهيرة بأن الجيش هو من سيستلم السلطة وبأن الحياة السياسية آيلة إلى الفوضى .
وماإن تم التوافق في هيئة بن عاشور حول خارطة الطريق لمرحلة مابعد حكومة السبسي حتى انخرط في بكائيات كانت أبرز شعاراتها التي لاتنسى : انه حزين على حل التجمع وأنه ليس مطمئنا لخطاب النهضة .
بهذه المواقف والسلوكات ، انكشفت عورة الانتهازية السياسية التي طالما أخفاها الشابي ، وأضاع بوصلته ، حيث حل الخصم مكان الحليف وغدا الحليف والرفيق في النضال خصما ، وذبح بالتالي مابقي من ود ، وماض جمعه بحلفاء المبادرة قربانا للأطماع في السلطة .
كما ان المتتبعين للشأن السياسي يتذكرون أن السيد أحمد نجيب الشابي ، هو من ابتدع مفهوم المعارضة في الوضع الانتقالي ، إثر انتخابات 23 اكتوبر 2011 في لحظة تاريخية كان من المفروض ان تكون مجمعة ، لامفرقة .
أما حمة الهمامي ، الذي طاله غضب وقطيعة اليسار الاستئصالي الممثل في الوطد والعود ، والوطج وغيرها من مشتقاتها ومرادفاتها ، وناله عار التحالف مع الإسلاميين ، وإنتاج وثائق تاريخية مشتركة معهم ، فما إن وضعت الثورة أوزارها حتى غالبه الحياء ، وتورد خداه ، وتصبب جبينه عرقا ، وبدا في سوق السياسة كالعذراء حين خطبتها حيال مبادرة 18 أكتوبر، وأطبق فمه كلما ذكرت ، بل أنه تبرم ، في حواره الشهير الذي وضعه وجها لوجه مع شكري بلعيد على قناة حنبعل أشهرا قليلة بعد الثورة ، وتبرأ من التجربة معلنا عن إطلاقه رصاصة الرحمة عليها ، معتبرا انها أرضية عمل مشتركة لمقاومة الاستبداد ، وان دورها غداة الثورة قد انتهى ، في إشارة إلى عودة الابن الضال لحضن اليسار الدافئ بعد جفوة مؤلمة ….
( 4 )
النهضة ، والمؤتمر : الاستثناء



وحدها النهضة ، وبدرجة أقل حزب المؤتمر من اجل الجمهورية ، ظلا يذكران ، ويحفّزان ، ويحاولان في محاولات جد يائسة إحياء المبادرة ، وروح التوافق التي سادت إبان انطلاقها ، وأثناء إنجاز وثائقها التاريخية بالإضافة إلى الوثيقة التأسيسية :
• حول الشروط الدنيا لانتخابات حقيقية
• في العلاقة بين الدولة والدين
• بيان حول حرية الضمير والمعتقد
• حول حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين
والتي صدرت في مؤلف واحد تحت عنوان : طريقنا إلى الديمقراطية ( خلاصة الحوار الوطني بين إسلاميين ويساريين وقوميين وليبراليين / رؤية تونسية مشتركة لأسس الدولة الديمقراطية ) (تونس 2010 )
وظلت بيانات وأدبيات هذين الحزبين تتحدث ، صراحة وضمنيا عن 18 اكتوبر كحركة تاريخية توافقية جامعة ومبادرة يجب العمل على إحيائها ، والاستفادة من إنجازاتها ووثائقها في بناء مرحلة انتقالية تنقل البلاد من وضع الاستبداد إلى عهد الحرية وتحقيق الأهداف التي قامت من أجلها الثورة التونسية .
لكن دعوات هذين الحليفين السياسيي الذين شكلا إثر انتخابات 23 أكتوبر 2011 ضلعي مايسمى بالترويكا رفقة التكتل من أجل العمل والحريات ، لم تجد آذانا صاغية ممن ولوا الأدبار للمبادرة وشركائهم فيها ، وشيئا فشيئا ، تلاشى ذكر 18 أكتوبر من أدبيات الأحزاب التي شكلت في الصائفة الماضية ماسمي بجبهة الانقاذ للانقلاب على اول سلطة ومؤسسات شرعية منتخبة .

( 5 )
في الذكرى الثامنة




وسط تهديد ووعيد مما يسمى بجبهة الانقاذ بالعودة إلى الشارع ، وتوظيف أبناء المعاهد والجامعات رهائن لحرب خاسرة على مؤسسات الدولة الشرعية ، يتزامن بشكل عجيب مع تصاعد لموجات العنف والإرهاب ، تنعقد الجلسات التمهيدية للحوار الوطني التي لئن لم تتقدم كما خطط له ، فإنها توصلت إلى التوافق حول تشكيل ثلاث ورشات تعنى على التوالي بالمسارات الثلاث ، الانتخابي ، والدستوري ، والحكومي ،
في هذا الظرف بالذات يحل تاريخ 18 أكتوبر ليذكر الفرقاء السياسين بأن الشان العام بالبلاد لايمكن أن يدار إلا بالتوافق ، وأن مبادرة الرباعي تشكل فرصة هامة لابد من استثمارها على الوجه الأفضل للخروج من الأزمة السياسية الحالية ، وانه كلما ادلهمت الأمور ، وتعمق الخلاف بين التونسيين وجب عليهم الجلوس للحوار والبحث عن الحلول والمشتركات .
القصرين في 18 أكتوبر 2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.