فيما تتجه أنظار الغالبية الساحقة من المصريين إلى مقابلة "دربي" الأهلي والزمالك التي تنظم مساء اليوم في نسختها ال104.. وتتجه أنظار الساسة إلى جولة الرئيس حسني مبارك في صعيد مصر وسلسة القرارات التي يعلن عنها يوميا.. فاجأ الرئيس المصري الرأي العام ونسبة كبيرة من المراقبين بتصريح دعا فيه مساء اول أمس الأحد إلى احتواء الزوبعة الإعلامية و"الحرب الكلامية" التي اندلعت الشهر الماضي على هامش تصفيات كأس العالم.. وأحداث العنف بين أنصار المنتخبين الجزائري والمصري.. الرئيس مبارك تحدث بحزم خلال جولته في الأقصر والمنيا في الصعيد مخاطبا مسؤولي وسائل الإعلام وجمهور الكرة قائلا: "لا أريد مشاكل مع الجزائر لأنها دولة شقيقة".. فيما صرح وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط في نفس اليوم من الخليج حيث يقوم بجولة بأنّ "مصر حريصة على علاقتها التاريخية مع الشقيقة الجزائر"..
في نفس الوقت دخل عدد من كبار الشخصيات السياسية المصرية على "خط التهدئة ومسار المصالحة".. فقد أبرزت وسائل الإعلام المصرية تصريحا أمس الاثنين للدكتور مفيد شهاب وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية جاء فيه أنّ "علاقات مصر والجزائر أقوى من العمليات الهمجية البعيدة عن القيم الرياضية"..
بطرس غالي.. والحكماء وقد وقع التمهيد لبوادر وقف الحرب الكلامية ومعارك وسائل الإعلام بين مصر والجزائر بعدة "تصريحات حسن نية".. صدرت عن عدد من "الحكماء" في مصر والجزائر.. من بينها تصريحات أدلى بهما السيد بطرس غالي رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر والأمين العام للأمم المتحدة سابقا.. دعا فيهما مبكرا إلى وقف الحملات الإعلامية.. وأعلن أنه يساند أي جهد يقرب بين الشقيقتين الجزائر ومصر.. بعيدا عن "تهريج ملاعب الكرة"..
وقد صرح الأستاذ بطرس غالي في حديث ل"الصباح" (نوافيكم به في عدد لاحق) أنه "بعد أكثرمن 50 عاما من العمل الديبلوماسي والصحفي وطنيا وعربيا ودوليا لا يمكنه أن ينخرط في تيارات التهريج الكروية.. وأنه مع المصالحة مع الشقيقة الجزائر..ومع وقف الحروب الكلامية والإعلامية بينهما فورا"..
وقد تزامنت تصريحات بطرس غالي بمواقف واضحة جدا معارضة للتصعيد الكلامي و"الحروب الإعلامية " عبر عنها مرارا الأستاذ عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية منذ مقابلتي القاهرة والخرطوم بين منتخبي البلدين الشقيقين.. استعدادا لنهائيات جنوب إفريقيا..
«رسالة تهنئة» عيد الاضحى "مبادرات الحكماء" انطلقت في نفس الوقت من الجزائر الشقيقة في اتجاه الشعب والحكومة والرئاسة في مصر.. فقد أجرت الصحفية المصرية الشهيرة سوسن أبو حسين نائبة رئيس تحرير مجلة "أكتوبر" المصرية ومراسلة جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية السعودية حديثا مع وزير خارجية الجزائر مراد مدلسي.. وقع بثه في "الشرق الأوسط" ثم في كبرى الصحف اليومية المصرية حرفيا.. وقد تقدم رئيس الديبلوماسية الجزائري بالمناسبة "بالتهنئة بعيد الإضحى المبارك للإخوة في مصر".. وجاء في حديث الوزير الجزائري بالخصوص "أحيي مصر من خلال جريدتكم كوسيط حب واحترام.. ونتمنى كل الخير لمصر ونرغب في طي الصفحة".. وأكّد وزيرالخارجية الجزائري في نفس الحديث بأنّ حكومته "ملتزمة بالتهدئة وانتهاء الحملات الصحفية".. وأشار أنه "لا يمكن معالجة المواقف عبر تصريحات صحفية".. لأنّ "الجزائر تكنّ كل تقدير واحترام لمصر وشعبها وحكومتها"..
وقد ذهب رئيس الديبلوماسية الجزائري بعيدا في تصريحه الذي وقع ترويجه بالبنط العريض في الصفحات الأولى للجرائد المصرية.. فقال ردا على سؤال حول الوساطة التي قامت بها كل من ليبيا والجامعة العربية بين القاهرةوالجزائر "نحن نقدر لهما مبادراتهما.. لكن العلاقة بين مصر والجزائر قوية ولسنا في حاجة لوساطة مع الإخوة في مصر ونقدر كل من يقرب بين الشعبين"..
«باقة الورود» المصرية الأولى وقد جاءت "باقة الورود" المصرية الجوابية الأولى على تصريحات وزير خارجية الجزائر.. بعد يومين من بث تصريحات السيد مراد مدلسي.. إذ أدلى رئيس الحكومة المصرية أحمد نظيف بتصريح لصحيفة "الأهرام" المصرية بعد عيد الإضحى نوه فيه بأهمية العلاقات الجزائرية المصرية.. وبالصبغة الاستراتيجية لعلاقات البلدين وللمصالح الاقتصادية المشتركة بينهما.. وكانت "باقة ورود" الدكتور أحمد نظيف مزينة برسالة كتب عليها بالبنط العريض.. بلون وردي جميل: "إنّ مصر لن تقطع علاقاتها مع الشقيقة الجزائر بسبب مقابلة في كرة القدم"..
التعويضات وقد بدأت الصحف المصرية تهيئة الرأي العام المصري لطي صفحة "الحرب الإعلامية غيرالمسبوقة" بين مصر والجزائر.. وجاء في تعليق بلسان وزير الخارجية الجزائري ردا على سؤال حول "الأجواء التي لازالت مشحونة" بين البلدين: "نحن مسؤولون عن الأجواء في الجزائر ووزارة الخارجية المصرية مشكورة على تهدئة الأجواء في الجزائر"..
وتعقيبا على موضوع "التعويضات" التي سبق أن طالب بها وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط.. وعما إذا كانت الجزائر مستعدة لدفعها تعويضا عن الأضرار التي لحقت ببعض المنشآت المصرية في الجزائر أورد مراد مدلسي للصحافة المصرية: "إنّ هذه القضايا يتم بحثها في مستويات أخرى.. وهناك شركات لها تأمين ويمكن معالجة ذلك عبر التأمين وفي إطار القانون المعمول به في مصر والجزائر في هذا الشأن".. بما يفهم منه استعدادا لطي صفحة كل الخلافات.. ومعالجة ذيولها بالطرق الديبلوماسية.. "بعيدا عن مزايدات المقابلات الكروية"..