ما يُلفت الانتباه في تونس هي كثرة الدراما... فقد كان رمضان زمن ابن علي مصيبة والعيد كذلك مصيبة خاصّة على الزوّالي كما يقولون (يرونه زوّالي ولا يساعدونه لأنّه زوّالي)... ثمّ تطوّر الأمر بعد الثورة زمن حكم الإسلاميين كما يقولون، فأظهروا للنّاس الحجّ مصيبة، والعمرة مصيبة والمساجد من أكبر المصائب!... غير أنّ الذي حصل اليوم كان مصيبة بلا سابقة، فقد وفد الوافدون على جامع الزيتونة المعمور، من أجل رؤية شعرة نسبت للرّسول صلّى الله عليه وسلّم، سوّق لها الإمام والصوفي والتجّار والمهرّبون ربّما وقناة نسمة (سبحان الله تعتدي على الذات الإلهيّة وتهتمّ بشعرة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم)!...
تساءلت بمرارة: مَن من هؤلاء الوافدين قرأ ولو كتابا واحدا من سيرة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم... مَن منهم حفظ أوصافه أو نسبه أو شمائله!... من منهم اتّبع هديه صلّى الله عليه وسلّم وحاول أن يكون كما كان قرآنا يمشي بين النّاس!...
لمت: أتحرّككم شعرة (لا ندري أهي شعرته صلّى الله عليه وسلّم أم شعرة غيره) ولا تحرّككم توجيهاته وتعاليمه!... أتتعلّقون بالله ورسوله أم تتعلّقون بالشعرة... أتحبّون الله ورسوله أم تحبّون الشعرة!... ألا تخجلون تجمعكم شعرة ولا يجمعكم من نسبت إليه الشعرة صلّى الله عليه وسلّم!...
أعلم أنّ مشهد الشعرة لن يتوقّف ههنا، بل سوف تنصب له الموائد المستديرة على الفضائيات التي لا تتحمّس كثيرا للذي نسبت إليه الشعرة، وسوف تحرّض الشعرة "المبدعين" على الإنتاج المسرحي الساخر، وهو لعمري ما من أجله آثرت الوطنيّة إبراز حبّ التونسيين لرسولهم صلّى الله عليه وسلّم عن طريق الشعرة!...
وأمّا عن نفسي فإنّي لا أثق في هذه الأمور في دنيا سيطر على محاور السير فيها الوصوليون أبدا!... وليس محبّا للرّسول صلّى الله عليه وسلّم مَن تاجر بشعرته أو تاجر بشعيرته!...
حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوّة إلّا بالله!...