نجد في ديننا الحنيف نظام محكم أغفلناه حتى لا اخصص ,الصلاة لها أوقاتها وفرائضها و سننها مندوبها و مستحبها, و قبلها الوضوء فرائضه و سننه , النية و الترتيب و الموالاة, فالجماعة و الصلاة لها إمامها ,و المجموعة لها أميرها و قد قال صلى الله عليه و سلم , ما من جماعة فوق اثنين إلاّ و كان لها أميرها و إلاّ كان أميرها الشيطان او كما قال ,كانت متبعة إلى بداية الاستقلال ,وهذا كان موجودا على الأقل عندنا في الجنوب, أمّا اليوم و بعد حكم الطواغيت المقبور و المخلوع فقد اختلطت المفاهيم و افسدوا تركيبة القبيلة و العرش و سرى التفكك إلى العائلة الصغيرة, وكانت الانتفاضة هدية و منحة من الله لهذا الشعب المسحوق, وما كان انتحار البوعزيزي إلاّ غضبا لنفسه , فاغتنم الشعب تلك الفرصة التي كانت منتظرة أصلا للكبت في الحريات و التجويع و الحرمان ,و لم ترقى إلى درجة الثورة و خطفت أو سرقت أو وقع استلابها ليسطو عليها , و على كلّ من يبررون الأحداث الأخيرة و ينتقدون غضب الشعب و سخطه و اعتباره عاطفي و نرجسي , فليوفروا على أنفسهم ذلك ,فالسياسة لا تعرف بالعواطف و لا الأخلاق ,فمن دخل سرداب الحكم ينسى من هم في انتظاره كمهدي الشيعة , الذي قيل أنه دخل السرداب في سامرا و لم يخرج منه فهم لا يزالوا ينتظرون , عندما أخرجت النهضة و بقي من يمثل المؤتمر و التكتل ,خرست الالسنة و الضجة التي كانت سائدة , و لم تستمع النهضة لنداءات انصارها و المتعاطفين معها و لم تشرح شيئا تقريبا , حسبتنا من المغيبين كما قال أنصار السيسي و فلول البارك عن الإخوان , فما تمّ أخيرا من اعتراف بالتجمع و القدوم الصهيوني بجوازات سفر و تأشيرات الكيان الغاصب , هو باطل لم نستسغه رغم التبريرات , و قد انتفض الشعب ضدهم و ضدّ دخول الصهاينة من قبل لما حطّت بهم طائرة العال بجربة , فهم الذين اعتدوا على تونس عدة مرات و اغتالوا ابا جهاد , نعم اصابتنا غصة و وحلت في الحنجرة لا تكاد تخرج,ولم يقنعني أيضا حديث العجمي لوريمي في مقال قرأته اليوم ,منذ أكثر من سبع سنوات متواصلة تصل الليل بالنهار كتابة عبر الافتراضي,لفضح النظام و أساليبه القمعية والكيان الصهيوني بما يقوم به ضدّ إخوتنا في فلسطين ,وحروب أمريكا الصليبية و و نفضح ما يجري في فرنسا من عنصرية ضد العرب و المسلمين ,فرنسا حيث أعيش و قد أمضيت فيها زهرة شبابي و خلفت فيها ابنائ و احفادي, رساتي التي بعثتها عبر الحوار نت للشيخ الغنوشي و السيد وليد البناني لا تزال موجودة ,استنهضهما لمواجهة حملة التخذيل و الرجوع المشروط لمّا كان الخوف ضاربا أطنابه ,والتي كادت تنجح لولا حكمة الله و ارادته و قد رجع العديد ليكتب في الصحف و المواقع استقالته من النهضة و ثلبها و منهم من يجلس اليوم ضمن نواب الحركة , و لا نقبل بتهريج العديد من المعارضين الذين يتهمون البعض بعدم اشتراكهم في(الثورة) عفوا الانتفاضة, كانت كتاباتي يومها عن الزين بوبالة و أصهار الرمّة في القمة و غيرها ,كانت تقرأ في أقصى الجنوب التونسي و منهم من حذرني عاقبة ما أكتب , و واكبنا انتفاضة بن قردان و الرديف عن بعد , و وساهمنا في إخراجها للعلن و هناك من أوقف في المطار و حكم عليه بالسجن,و حوصرت الرديف بالجيش و الأمن و تمّ غمّها و اطفائها , أبعد ما وهبنا الله وحدة و فّقنا للوقوف صفّا واحد نردد نفس الشعارات نرتدّ ارتداد الجيش المهزوم ,و تتفرق الكلمة و تتفكك أواصر القرابة و الأسرة و كلّ حزب بما لديهم فرحون , و بعد انتخابات حرة و نزيهة , يقع الانقلاب فجأة من معارضة للنظام إلى مساندة للفلول و الأزلام ؟ هنا يجب أن نبحث عن المرض الحقيقي الذي أصاب المجتمع التونسي و كيف يسهل اختراقه و خلق البلبلة داخله , فالقضية ليست عقدية و لا مذهبية و لا مسألة يمين أو يسار,و لكنها حصيلة ما زرعه النظام على مدى نصف قرن من الحكم الفردي, فالوطنية و القومية والحداثة دعاية لها ادعياء وصوليون ماديون و أنانيون , و ربما تكون قد وصلت المجال الديني التعبدي بما يسمى النفاق نعوذ بالله منه , و من لم تنهه صلاته عن الفحشاء و المنكر ,فلن تزده من الله إلاّ بعدا , فليتقي الله من تولّوا أمرنا في التأسيسي و الحكومة و الأحزاب , و منهم من جرّ الخراب للبلاد و صنع الكساد للمعامل و المؤسسات,عطّلوا و حرقوا و نهبوا و هم لا يخشون الله في وطنهم و شعبهم و أمّتهم,هناك من يتحامل على الدين و اللغة و الاحزاب الاسلامية و الاخوان خاصة, و تلك كانت ظاهرة محتشمة منذ عهد عبد الناصر و بورقيبة , ولكنها استفحلت اليوم بتحريض صهيوني مندس ظهر للعلن و تمّ التنفيذ بالإجرام الذي رأيناه في رابعة و النهضة , و العديد من الجهات بالقطر المصري,و هناك اعدادات و استعدادات تجري في تونسصفاقس بالذات , و قد استعمل بعضها في الشعانبي و بوحجلة و علي بن عون و دوارهيشر و غيرها , بقي لنا حق النقد دون تجني و لا افتراء و لا غمط لحقوق أحد و للتنبيه و التحذير و النصح , فلا خير في قوم لم يتناصحوا و لا خير في قوم لا يقبلون النصيحة. كتبه أبوجعغر العويني في 01ماي 2014