الشيخ راشد الغنوشي بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى:"وقضينا الى بني اسرائيل في الكتاب لتفسدن في الارض مرتين ولتعلن علوا كبيرا، فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي باس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا" وأخرج أحمد والطبراني عن أبي أمامة الباهلي أنه عليه الصلاة والسلام قال : " لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من جابههم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ". قالوا : أين هم؟ قال عليه الصلاة والسلام : " ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس ".
بعد أسبوع كامل من القصف الصهيوني الهمجي المنصب ليل نهار على غزة مدمرا كل شيء بشرا وحجرا دون تمييز بين كبير وصغير وطفل ولا بين مدني وعسكري ، دخل العدوان طورا جديدا من التصعيد والتدمير واقتراف أوسع المجازر ، وكأن مقصدا من مقاصد هذه الهجمة الشاملة هو تدمير كل مقومات الحياة في غزة و خفض عدد سكانها بالقتل والترويع عل ذلك يدفعهم إلى الهجرة، مضافا إلى الهدف الأصلي المعلن ألا وهو تصفية حماس وتسليم غزة إلى محمود عباس، بما يعنيه ذلك من تصفية المقاومة أشخاصا و بنية تحتية وثقافة وحاضنة اجتماعية وسياسية، ومحصلته الحيلولة دون وصول المقاومة في جنوب الكيان الصهيوني والوصول إلى حالة توازن قوة مع الكيان الصهيوني يعزز حالة التوازن التي حققها حزب الله على الحدود الشاملة وهو ما تزال العسكرية الصهيونية تخطط للانقضاض عليه مرة أخرى لأن صموده وتطوره يمثل خطرا وجوديا على الكيان الصهيوني الذي يستمد معنى وجوده من قدراته على ردع كل قوة في المنطقة والتصميم على منع كل قوة صاعدة من الوصول إلى حالة توازن قوة مع الكيان الصهيوني وهي الحالة التي بدت ملامحها تتشكل بعد هزيمة الكيان الصهيوني في حربه مع حزبالله فيتموز 2006، ويخشى الكيان بعد الحسم الذي أنجزته حماس وطهرت القطاع من سلطة أوسلو وأجهزتها الأمنية الموكولة بحراسة الكيان وتصفية المقاومة ، يخشى من تحول غزة قلعة أخرى للمقاومة. وهو نموذج له امتداد وعمق على امتداد عالم الإسلام ولا يراد له لا إقليميا ولا دوليا أي نجاح واستمرار ، بما أوجد أرضية مشتركة بين الكيان الصهيوني وما يسمى بدول الاعتدال التي قدمت غطاء عربيا ودوليا للهجمة الجارية على غزة ، ظهر سافرا في الزيارات واللقاءات الحميمة بين مسؤولين عرب وأسرائليين ، كما تجلى في رد الفعل العربي الرسمي تجاه العدوان المدمر إذ كان بطيئا متثاقلا لم يخرج بغير إحالة الملف إلى مجلس الأمن الذي لا يشك أحد في أنه من نوع المستجير من الرمضاء بالنار، وكان مفهوما مقابل ذلك ما قابلت به الأنظمة غضب شعوبها من توتر وعنف وعسكرة للبلاد والإصرار على منع التظاهر قي شوارع دول الاحتلال. ولقد تعرضت القوى الشعبية في دول الاعتدال العربي ومنها تونس لضروب التصدي الصارم لها من قوات الأمن بلغ حد التعنيف والاعتقال وقطع الشوارع بما صعد التوتر العام والغضب ضد السلطة والحال أن شاشات التلفاز تنقل مشاهد مسيرات مليونية تجتاح الشارع في العالم من واستراليا إلى موريطانيا، لم تستثن حتى الكيان الصهيوني. ورغم امتداد الغضب الشعبي الى كل أنحاء البلاد حتى لم تخل قرية أو مدينة من محاولات للتظاهر، جوبهت عموما بالحصار والقمع، وهو ما يفسر ظهور مسيرات بمئات الآلاف والملايين كما حصل في دول أخرى. وإزاء كل ذلك فإن حركة النهضة: 1- نعبر عن تضامننا الكامل مع شعب فلسطين المظلوم حيثما كان وقواه المقاومة وبالخصوص في غزة ارض العزة والبطولة والشرف ونعتبر دعمهم بكل ما هو متاح فريضة دينية وواجبا قوميا وإنسانيا وهو ميزان لتعيير معادن الأشخاص والأحزاب والدول.فلا يخذلهم إلا كافر أو منافق. 2- نعتبر ما اقترفه ومستمر في اقترافه الكيان الصهيوني العنصري ليل نهار من مجازر ودمار جرائم حرب يجب أن يحاكم بها القائمون عليها باعتبارهم مجرمي حرب ومرتكبي جرائم إبادة ضد الإنسانية 3- تحمّل الولاياتالمتحدة مسؤولية فيما يرتكبه ربيبها الصهيوني، فلولا السلاح الأمريكي والمال الأمريكي والفيتو الأمريكي بل لولا الضوء الأخضر الأمريكي المعطى لهذه الهجمة الوحشية ما كانت لتنطلق. 4-نحمل النظام العربي مسؤولية كبيرة على شلال الدم والدمار الجاريين في غزة بسبب الغطاء الذي أعطي للمعتدي ورفض استعماله ما بيده من وسائل ضغط سواء منها المباشر لكف العدوان من مثل قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية كتصدير الغاز ، أوغير المباشر كالضغط على الولاياتالمتحدة والدول الغربية مصدر قوة الصهاينة. لم يفعل النظام العربي شيئا من ذلك .بل تعدى ذلك إلى التواطئ ، فكانوا طرفا في الحصار وتباطئوا في اجتماع وزراء خارجيتهم الذي تمخض عن لا شيء مكتفين باللجوء الى مجلس الامن الجهة التي أقطعت الصهاينة فلسطين. 5- ندد أشد التنديد بما تعرضت له الجماهير العربية الغاضبة من قمع في محاولة التعبير عن غضبها في الشارع وبالخصوص في تونس ومصر والجزائر. 6- وإذ تحمد للقوى الشعبية على اختلاف اتجاهاتها على امتداد العالم تحركاتها العارمة الاحتجاجية ضد العدوان الصهيوني الغاشم ونخص جماهير البلاد ذات الانظمة البوليسية مثل تونس، فقد كانت جهودهم جبارة لممارسة حقهم بل واجبهم في التعبير عن تضامنهم مع اخوانهم الفلسطينيين، فإننا نحث الجميع على تصعيد التحرك وتحويله الى أشكال من الاضرابات عن العمل والاعتصام المتواصل في الساحات العامة الى أن يتوقف العدوان ويرفع الحصار ويتحقق وعد الله بالنصر لعباده المومنون وهو متحقق حتى الآن ما دامت المقاومة صامدة والصواريخ تنطلق، فكيف لو كان معبر رفح والدعم الواجب موصول وهو واجب القوى الشعبية وبالخصوص في مصر. قال تعالى"وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم" لندن 2009 جانفي 5 رئيس الحركة حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي