الدّين، دين الجميع كما يقول "التونسيون"، وهو عند "التونسيين" "مقدّس"، ولذلك فإنّه لا يصحّ أن يتكلّم باسمه أحد دون آخر أو مجموعة دون مجموعة!... هو - كما يقولون - ملكٌ للجميع!... وما مُلِك نُوزِع لا محالة!... وإذا مات - كما حال الدّين في تونس زمن الدكتاتوريّة - تنازعه ورثاؤُه؛ وأغلب القضايا لدى المحاكم التونسيّة حول الإرث والميراث!... ومن تفقّه في الدّين في تونس؛ خُشي عليه أن يكون "رجل دين"، يُنظر إليه كما يُنظر إلى رجل الدّين، ذاك الإقطاعي الكريه الذي عرفته القرون الوسطى في أروبا، يستأثر لنفسه بخمس المنتوج ويستعبد النّاس من أجل الإكثار من المنتوج، ذلك الذي دأب في بعض البلدان على الوقوف مع الحاكم ضدّ أبناء الشعب، ذلك الذي عوقب بعد النّهضة بالحرمان من المشاركة في الحياة السياسيّة ثمّ بالمقاطعة شبه التامّة حتّى ما عاد يقاسمه ظلمةَ كنيستِه إلّا قناعتُه بعدم الزواج التي أوغلت به في الظلمة حتّى رشح شذوذا كشفته وسائل الإعلام تفضحه على رؤوس الخلائق!... فرجل الدّين الذي يُسمّى عند المسلمين العالمَ بشؤون الدّين، والذي هو عندهم طليعتهم ومرجعهم ومساعدهم على الفهم، يُلزم في تونس - كما يزعم بعض القاصرين - بالمكوث في مسجده ويُحرم من الإدلاء برأيه في الحياة العامّة ويُمنع من اختيار ما يراه أنفع له ولأهله!... "رجل الدّين" - كما هو الدّين - ملك للجميع لا يستفيد منه أحد دون أحد ولا يقف إلى جانب أحد دون أحد!... "رجل الدّين" - كما هو الدّين - "مقدّس"، وهو مجمّد إلى حين، من أجل المحافظة على السلم الاجتماعيّة والدّولة المدنيّة التي لو صلّى أهلها أو صاموا خُشي عليهم وعليها ألّا يكونوا أو تكون مدنيّة!...
كان بينهم البارحة في "تونسيتهم" "رجل دين"، بادر بلفظ لقبه مبيّنا نقائصه، فزادهم ذلك إصرارا على استعماله خوفا منهم على فقدان "رجل الدّين" وعدم الاستفادة من منافعه في صرف النّاس عن الدّين، فقد كره النّاس في الغرب ببشاعته الدّين!... خاطبوه بلغة لا تليق بمخاطبة رجل دين وجادلوه بمنطق متخلّف لم يسبق إليه حتّى "رجل الدّين" آكل الأخماس!... كانوا بشعين وهم يغتصبون صناعة السلطة الرّابعة حتّى خاطب "رجل الدّين" أبشعهم ووصفه بأنّه دكتاتور، تجب علينا مقاومته ويجب إبعاده بدل أن يظلّ بالأموال القذرة يسخّر الأقمار الصناعيّة فتنقل سمومه ورداءته وسواد قلبه تذهب بها عمار علاقاتنا الاجتماعيّة!...
لا خير في عالم الإسلام إن لم يتزعّم النّاس ويدافع عن قضاياهم ويتخيّر لهم خيارهم ويكتشف أشرارهم يحذّر النّاس من شرورهم وأشرارهم!... لا خير فيه إن لم يكن فقيها عالما بما يدور حوله متفطّنا بما يُحاك ضدّ أمّته!... لا خير فيه إن لم يكن من خيرة السياسيين ولا خير في السياسة إن لم تفرز للنّاس أفضلهم لسياستهم!... وأمّا ما ذهب إليه سكّان "التونسيّة" والإذاعات السمعيّة من محاولات لمنع أفاضل المجتمع (الشيخ البشير بن حسن مثالا) من المشاركة في الحياة السياسيّة فهي محاولات دنيئة بغيضة، وقد كان يمكنها أن تسمع لو وجدناهم يتزاحمون على حلقة البشير بن حسن وأمثاله من الدّاة الأفاضل داخل المسجد يتفقّهون في العبادات، بادئين بفقه طهارة تنزع عنهم رجسهم ونجاستهم ونجاساتهم، ولكنّهم دافعوا عن الدّين "المقدّس" وعن صورة "رجل الدّين" "المقدّس" كي لا تطأ أرجلهم أبدا أرض مقدّس وكي لا تنطق ألسنتهم بكلّ ما هو مقدّس!...
أناس قد امتهنوا - دون تقيّة - الحرب على الله وأوليائه، وعلى كلّ محترم للمقدّس أن يدوس أن ينتبه إليهم فيلزمهم حدودهم كي لا يتطاولوا أبدا على المقدّس!...
عبدالحميد العدّاسي، الدّانمارك 15 نوفمبر 2014
مصدر الخبر : بريد الحوار نت a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=26884&t=" التونسيبون" والمقدّس&src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"