بقلم الصحفي المختص في القطاع السياحي هادي حمدي نقلاً عن موقع [ destinationtunisie.info] رغم الأرقام الرسمية التي تُسجل فقط عدد الوافدين غير المقيمين إلى تونس منذ بداية السنة، إلا أن المهنيين العاملين على الميدان يتحدثون عن موسم صيفي بطيء، بعيد عن الوعود الكبرى التي رُوّج لها. في أوساط المهنيين، من أصحاب النزل والمطاعم ووكلاء الأسفار، تتردد أصوات استياء وقلق، معبرة عن خيبة أمل بسبب أن الفترة الممتدة بين شهري جوان وجويلية كانت أقل بكثير من التوقعات. فماذا حدث بالضبط؟ فيما يلي جملة من التوضيحات في منتصف الموسم، مع الإشارة إلى أن الوضع يختلف من سوق إلى أخرى: 1) تراجع الإنفاق السياحي انخفاض القدرة الشرائية، سواء لدى السياح المحليين أو الأجانب، أدى إلى تقليص مدة الإقامات أو حتى إلغائها بالكامل. 2) ارتفاع ملحوظ في أسعار النزل شهدت أسعار الإقامة الفندقية ارتفاعاً كبيراً طال الزبون التونسي والأجنبي على حد سواء، نتيجة التضخم، وغلاء أسعار المواد الغذائية، والزيادات في الأجور والتكاليف الاجتماعية، إضافةً إلى كلفة الطاقة. كما ساهمت ضريبة 3% على رقم معاملات النزل، المُقرّة في قانون المالية لسنة 2024، في تفاقم العبء، وهي ضريبة تضاف إلى جملة من الأعباء الجبائية الأخرى. 3) تأثير خاص على السياحة الداخلية ارتفاع الأسعار وتآكل القدرة الشرائية، بالإضافة إلى إلغاء العمل بالصكوك كوسيلة دفع بالتقسيط، أدى إلى تراجع كبير في عدد الليالي السياحية للمقيمين التونسيين، ما جعل الموسم يسجل أسوأ انطلاقة له محلياً منذ سنوات. 4) تراجع حجوزات "اللحظة الأخيرة" وفق شهادات عدة وكلاء أسفار، فقد تم تسجيل تراجع واضح في حجوزات اللحظة الأخيرة، بسبب إجبارية جواز السفر لدخول تونس، بعد أن لم تعد بطاقة التعريف كافية، ما أعاق قدوم بعض الفئات. 5) تأثير الضرائب الجديدة على الإقامة تعميم جدول الضرائب الجديد على الإقامة السياحية بدايةً من 1 جانفي 2025، بالنسبة للوافدين ضمن الرحلات المنظمة، أثّر على قدرة تونس التنافسية. فقد تم مضاعفة الضرائب ثلاث مرات مقارنة بسنة 2024، دون أن يُقابل ذلك أي تحسّن في مستوى الخدمات أو النظافة، ما زاد من حدة الانتقادات. 6) كلفة النقل الجوي المرتفعة أسعار تذاكر الطيران، خصوصاً من السوق الفرنسية – الأولى من حيث عدد السياح – اعتُبرت مبالغ فيها وردعية. وبالإضافة إلى الطلب المرتفع مقارنة بالعرض، فقد دخلت ضرائب الكربون الجديدة حيز التنفيذ منذ 2024 (تتراوح بين 40 و60 ديناراً)، ما فاقم التكلفة. 7) منافسة قوية من وجهات أخرى في بداية الموسم، قامت وجهات سياحية منافسة بتخفيض أسعارها، مما قلل من جاذبية تونس، وأثّر على ميزة "الجودة مقابل السعر" التي كانت دائماً نقطة القوة في العرض السياحي التونسي. ومع ذلك، لوحظ خلال شهر أوت وجود تخفيضات في الأسعار من طرف وكلاء الأسفار لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه واستقطاب الحجوزات المتأخرة. 8) إشكال النقل الجوي يعيق النمو الهدف المعلن من قبل السلطات والمتمثل في استقطاب 11 مليون سائح لا يمكن تحقيقه بالاعتماد على الأسواق التقليدية المرتبطة أساساً بالنقل الجوي، في ظل محدودية الطاقة الاستيعابية المتوفرة حالياً. ومع ذلك، فإن الأسواق الأوروبية الوسطى والشرقية تبدو في حالة جيدة وقد تُعوض بعض الخسائر، رغم وجود توفر كبير في مقاعد الطائرات وعدم تسجيل "إيقاف البيع" لدى العديد من النزل، ما يعني أن هناك طاقة شاغرة لم تُستغل. وفي الختام، وبما أن القطاع السياحي كان أيضاً ضحية لتصريحات متسرعة من قبيل "موسم الأرقام القياسية"، فقد نسي البعض أن الواجب في مثل هذه الحالات أن نقول: "ربي يوصل بالسالم". الهادي حمدي www.destinationtunisie.info