مع اقتراب جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة في تونس، بدأت الحملة الانتخابية لزعيم حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي والرئيس السابق منصف المرزوقي تأخذ نسقا تصاعديا، مما ينبئ بأن معركة الرئاسة ستكون حامية الوطيس. وتنطلق عملية الاقتراع داخل البلاد الأحد القادم، في حين تنطلق عملية في الخارج أيام الجمعة والسبت والأحد القادمة. وعلى غرار الجولة الأولى، كثف المرزوقي من تحركاته الميدانية، لكنّ تنقلاته هذه المرّة تركزت في مناطق الشمال الغربي التي صوتت في الجولة الأولى لفائدة منافسه. المرزوقي ركّز في حملته على حماية الحريات ومنع عودة الاستبداد وتحقيق التوازن السياسي وإنعاش الاقتصاد وتنمية المناطق المحرومة ومكافحة الإرهاب. أمّا السبسي فتوجه إلى زيارة مدينة توزر الجنوبية في بداية حملته سعيا لامتصاص حالة الغضب ضده في الجنوب، كما سعى لمقابلة الشباب لإبراز تعاطفه مع مشاغلهم. وركّز في حملته على صون هيبة الدولة وتحقيق الأمن ودفع الاستثمار وتنمية المناطق المهمشة وتمتين وحدة المجتمع والدفاع عن حقوق المرأة والشباب. اتصال مباشر وعن حملة المرزوقي الانتخابية، يقول مديرها عدنان منصر، إن "هناك تقدما مهما في الاتصال المباشر بالناس على عكس حملة السبسي الذي يعولّ على الإعلام في حملته". ويقول منصر للجزيرة نت إن ما حققه المرزوقي من حشد شعبي في هذه الحملة لا يُقارن مع ما حققه في الجولة الأولى، مؤكدا أن هناك زخما والتفافا أكبر حوله. لكنّ القيادي في نداء تونس، بوجمعة الرميلي، يؤكد أنّ "حملة السبسي تشهد حركية كبيرة واتصالات كثيفة مع المواطنين في الشمال والجنوب، واجتماعات مع الشباب والفنانين". ويتابع للجزيرة نت، أنّ السبسي استطاع مع انطلاق هذه الحملة أن يكسب دعم الكثير من القوى السياسية إضافة إلى مساندة المواطنين في الكثير من الجهات والمناطق. وبحسب نتائج الجولة الأولى، يتركّز الثقل الانتخابي للسبسي -الذي جاء في المركز الأول (39.46%)- في الشمال والشمال الغربي والوسط، أمّا المرزوقي -الذي حلّ في المركز الثاني بفارق ضئيل (33.43%)- فيحظى بتأييد قوي في الخارج وفي الجنوب والجنوب الغربي للبلاد، وهو مدعوم من أنصار حركة النهضة. تجاذب وتراشق ولا تختلف أجواء الحملة الانتخابية عن الجولة الأولى، فقد اتّسمت بكثير من التجاذب والتراشق والاتهامات بين الفريقين، إلى درجة أن هيئة الانتخابات حذرت المتنافسيْن من مخاطر التجاذبات والتجييش. إلا أنّ عدنان منصر يقول إنّ "حملة المرزوقي كانت أخلاقية على عكس حملة السبسي التي قال إنها تركز على التشويه وشيطنة المرزوقي ومغالطة الرأي العام". ويضيف منصر أنّ أنصار المرزوقي يتخوفون من حدوث تزوير خلال الجولة الثانية، وأكد أنّ القضاء الإداري قبل طعون المرزوقي شكلا خلال الجولة الأولى وأقر بوقوع تزوير جزئي. أمّا بوجمعة الرميلي فيقول إن السبسي تعرّض لحملة شيطنة من قبل المرزوقي الذي قال إنه "بلغ ذروة افتعال التجاذبات بتشكيكه في نزاهة الانتخابات الرئاسية". ويضيف أن التزوير أمر مستحيل في ظلّ رقابة هيئة الانتخابات ووجود مكثف للملاحظين المحليين والأجانب، معتبرا أن "فريق المرزوقي يستبق خسارته بهذا الاتهام". ويرى المحلل السياسي رضوان المصمودي أنّ الجولة الثانية ستكون ساخنة، متوقعا أن يكون الفارق في النتائج بين المرشحين محدودا جدا باعتبار أن كلا المنافسين "لهما حظوظ وافرة". ويقول للجزيرة نت إن نسق الحملة الانتخابية سيزيد من تصاعده مع اقتراب الانتخابات، لافتا إلى أن استقطاب الناخبين سيكون عنصرا حاسما في معركة الرئاسة.