تونس – الحوار نت - علمت شبكة الحوار نت أنّ حالات من انفلونزا الخنازير ظهرت بالمستشفى الجهوي بالقصرين حيث اتخذت الإدارة عدّة خطوات وقائية، وقامت بإجلاء بعض المرضى وتفريغ أجنحة كاملة من نزلائها، هذا وقد خضعت الكثير من الأقسام إلى عملية تعقيم واسعة وتوقفت لمدة عن استقبال الوافدين إليها.. الحالات التي اكتشفت أدخلت ذعرا كبيرا بين المرضى وارتباكا بين القائمين على المستشفى، يبدو أنّ حالة الارتباك هذه مردّها إلى أنّ الحالات المكتشفة لم تكن ضمن المواطنين القادمين للتوّ، بل من المتواجدين على عين المكان منذ مدّة بدعوى الإصابة بأمراض أخرى، وكالعادة لم تُجرَ عليهم الفحوصات اللازمة، وتمّ إدخالهم المستشفى ليقع التفطن إلى إصاباتهم في وقت متأخر وذلك عند ظهور علامات الإصابة بفيروس H1N1 بطريقة جليّة لا تخفى على المواطن العادي ناهيك عن أهل الاختصاص.
يبدو الأمر عاديا في وهلته الأولى، فهذا المرض اجتاح أعتى المنظومات الصحيّة في العالم، فما بالك بمستشفى بالكاد يلبي بعض الحاجيات البسيطة والأوليّة للمواطن، لكن المثير للدهشة هي هذه التوصيات التي صدرت لأعوان الصحة العاملين بالمستشفى المذكور تحثّهم على التكتم وتورية الانفلونزا بأمراض أخرى، حتى أنّ المرضى احتاروا نتيجة المبررات المبهمة والمترددة التي ساقتها الإدارة.
العزوف عن التصريح بالأسباب الحقيقية لما حدث في المستشفى بان بالكاشف أنّه لم يأتِ نتيجة اجتهادات ظرفية إنّما هي توصيات مسبقة من السلطات المشرفة على المنظومة الصحيّة في البلاد.
ومن دواعي الاستغراب أنّ عدوى انفلونزا الخنازير حملت معها عدوى متجددة متجذّرة وهي سياسة اللفّ والدوران وقلب الحقائق... هذه السياسة التي تهدف إلى تغييب المواطن عن الكبيرة والصغيرة، فحتى الطاعون القاتل أصبح ورقة سياسيّة تستخدم على حساب أرواح الناس. وأصبح يشبه نِسَب المشاركة والفوز، والفقر والبطالة وغيرها من النسب المتلاعب بها ومن أفشاها فقد أفشى سرّا من أسرار الدولة.
ورغم أنّ التصريح بالإصابات يساعد على الوقاية ويُحسّن سبل التصدّي لهذا الطاعون إلا أنّ سلطات الإشراف في تونس وعلى خلاف منظمة الصحة العالمية وأمريكا وفرنسا وإيطاليا وغينيا الاستوائية.. تأبى التصريح بالرقم الحقيقي، بل اختارت أن يصارع المواطن انفلونزا الخنازير ولا يدري، حتى إذا مات سجلوا في الخانة المخصّصة لسبب الموت: وفاة نتيجة هبوط حادّ في الدورة الدمويّة "الله يرحمو"... بهذا تكون سلطاتنا الموقّرة قد برّأت الحلوف واتهمت الدم... لا غرابة فدماء الناس في بلادنا ليس لها ثمن، لأنّها مازالت دون الحدّ الأدنى الذي يُمكّنها من الولوج إلى سوق التعيير.
الشيء الوحيد الباعث على السرور هو أنّ التكتم على المرض لا يخضع لعملية انتقاء فالكلّ على حدٍّ سواء، من المواطن البسيط إلى أعلى هرم السلطة!!! الكلّ تحت سياسة التعتيم، والحمد لله أنّنا وجدنا شيئا يلتئم فيه شمل الحاكم على المحكوم.