يستمر تدفق المهاجرين الذين يحاولون عبور البحر المتوسط إلى أوروبا في محاولة يائسة للهرب من الحرب والاضطهاد. وفيما يخاطر عشرات الآلاف من اللاجئين، ومعظمهم سوريون، بعبور البحر في قوارب مطاطية ومتهالكة من الساحل التركي إلى جزر اليونان الشرقية، يواجه المئات شبح الموت والغرق على أيدي تجار الهجرة غير الشرعية بينما تكتب حياة أخرى لآلاف الآملين بحياة أفضل عبر تركيا واليونان والمجر والبلقان. وشهدت أزمة المهاجرين هذا الأسبوع تطورات ملحوظة بعد أن أيد الاتحاد الأوروبي خطة لتقاسم 120 ألف لاجئ بين البلدان الأعضاء بهدف تخفيف وطأة الهجرة على اليونان وإيطاليا والمجر. إلا أن جبهة جديدة في أزمة الهجرة انفتحت يوم الأربعاء بعد أن أغلقت المجر الطريق البري الرئيسي للمهاجرين، الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي مع صربيا، في أقوى إجراء تتخذه دولة أوروبية لوقف التدفق. كما اغلقت حدودها في وجوه المهاجرين، واضعة جدارا حديديا يشمل الحدود الهنغارية-الكرواتية وتصدت وحدات من عناصرها للمهاجرين بقسوة وفصلت تسعة أشخاص، بمن فيهم ما لا يقل عن أربعة أطفال، عن أهاليهم أثناء خرقهم لسياج حدودي، في منطقة روسزكه. وبحسب ما ذكرت منظمة العفو الدولية فإن أكثر من 1000 شخص بمن فيهم العديد من الأسر التي فرت من الصراع في سوريا وأفغانستان والعراق، لا يزالون عالقين في ظروف بالغة السوء وسريعة التدهور على طول طريق سريع في صربيا بعد أغلاق السلطات الحدود. وتعليقا على هذه الخطوة، قالت منظمة العفو الدولية إن المجر بإغلاقها التام لحدودها أمام اللاجئين، فإنها «تظهر الوجه القبيح لأوروبا في تعاملها غير المنظم مع أزمة اللاجئين المتنامية». ووسط هذه الإجراءت، قالت كرواتيا الجمعة أنها لن تستقبل المزيد من اللاجئين محذرة الإتحاد الأوروبي من أنها سترحل اللاجئين الذين يدخلون البلاد إلى دول مجاورة. وقال رئيس الوزراء الكرواتي زوران ميلانوفيتش «إننا لا نستطيع مواصلة تسجيل الناس وتقديم الملاجئ لهم.. لدينا قلوب لكن لدينا عقول أيضا». ويعتقد أن أكثر من 6 آلاف لاجئ دخلوا كرواتيا عن طريق صربيا مؤخرا، بعدما أغلقت المجر حدودها الثلاثاء. ووصل إلى ألمانيا الأربعاء أكثر من 7 آلاف، أي ضعف عدد الذين وصلوا في اليوم الذي قبله فيما قالت الشرطة الكرواتية إن 5650 مهاجرا عبروا الحدود إلى البلاد منذ الأربعاء. كما تضاعفت مآسي المهاجرين بعد أن أمرت ألمانيا هذا الإسبوع بإعادة فرض قيود حدودية طارئة لإبعاد المهاجرين عن مدينة ميونيخالجنوبية التي استقبلت عشرات الآلاف من اللاجئين في غضون أيام. وقالت النمسا وسلوفاكيا إن القرار الألماني لم يدع أمامهما خيارا سوى فرض قيود مماثلة. وقالت الشرطة الألمانية إن نحو ستة آلاف من طالبي اللجوء وصلوا إلى ولاية بافاريا الجنوبية الثلاثاء رغم تشديد القيود على الحدود مع النمسا. إلا ان برلين أعلنت الأحد إعادة فرض «رقابة» مؤقتا على حدودها إزاء تدفق اللاجئين كما تم تعليق كل رحلات القطارات بين النمسا والمانيا مما ترك آلاف المهاجرين عالقين في النمسا. وقالت المنظمة الدولية للهجرة هذا الإسبوع إن أكثر من 473 ألف لاجئ ومهاجر عبروا البحر المتوسط إلى أوروبا هذا العام، بينهم 182 ألف سوري على الأقل أو نحو 40٪ من إجمالي عدد المهاجرين، الذي يزيد بنحو 9000 عن الرقم الذي أعلنته المنظمة ومقرها جنيف يوم الثلاثاء، لكن معدل الزيادة في أعداد اللاجئين تباطأ. وكانت المنظمة قالت، الثلاثاء، إن عدد المهاجرين الذين يعبرون المتوسط قفز بأكثر من 32 ألفاً منذ يوم الجمعة الماضي. وقال نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي فيتور كونستانسيو إن المجتمع الأوروبي المسن يرتكب «انتحارا سكانيا» وإنه بحاجة إلى مهاجرين للحيلولة دون انكماش القوى العاملة فيه بشكل أكبر. وفيما يستمر تدفق اللاجئين إلى أوروبا، تستمر مآسي الغرق والموت الذي عادة ما يكون أقرب إلى أوروبا. وشهد هذا الإسبوع حوادث غرق عديدة كان من ضحاياها عشرات الأطفال. فقد غرق 34 لاجئا بينهم أربعة رضع وستة صبية وخمس فتيات عندما انقلب قاربهم الخشبي قبالة جزيرة يونانية وهو أكبر عدد تقريبا يلقى حتفه من اللاجئين في حادثة واحدة في مياه يونانية منذ بدء الأزمة. وتمكن خفر السواحل من انقاذ 68 راكبا بينما نجا 29 آخرون عندما سبحوا حتى شاطىء الجزيرة الواقعة جنوب شرق بحر إيجة. وكانت منظمة الهجرة الدولية ذكرت ان أكثر من 2700 مهاجر لقوا حتفهم في البحر المتوسط منذ بداية العام من أصل 430 ألفا قاموا بعبوره بحثا عن حياة أفضل في أوروبا. كما غرقت طفلة سورية في الرابعة من العمر قبالة السواحل التركية في مركب كان يحاول الوصول إلى اليونان، وذلك بعد أسبوعين من موت الطفل إيلان وعثر على جثتها في منطقة تشيسما (غرب) في مقابل جزيرة كوس اليونانية. وسيجتمع وزراء داخلية في الدول ال28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بعد غد الثلاثاء لمحاولة التغلب على معارضة مجموعة من دول أوروبا الشرقية الخطة التي أقرها نواب الإتحاد بعد أن إمتنع 54 عن التصويت لصالحها مقابل 124 مؤيدا. وشكر نائب رئيس المفوضية، فرانس تيمرمانز، البرلمان، وقال إن حال اللاجئين الطارئة تمثل تحديا لأوروبا «على المستوى السياسي، على المستوى الإنساني، بل وأود أن أقول على المستوى الأخلاقي». ويذكر أن الوزراء فشلوا في إبرام اتفاق بشأن اقتراح المفوضية الأوروبية الذي يوصي بإعادة توطين 120000 شخص، وتم تأجيل الموضوع حتى موعد اجتماع المجلس المقبل في شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل، بحسب ما ذكرت منظمة العفو الدولية هذا الإسبوع.