(16 ماي 2003 – 13 نونبر 2015) أجمع خبراء القنوات الفضائية الإخبارية الفرنسية الذين شاركوا بتعليقاتهم حول العمليات الإرهابية المتزامنة التي ضربت، خلال ليلة الجمعة 13 نونبر 2015، ثمانية (08) مواقع من تراب الدائرتين 10 و 11 من العاصمة الفرنسية، بأنها عمليات غير مسبوقة و أنها قذ احتاجت من أجل التهييئ لتنفيذها أكثر بكثير من سنة من التدريب و الرصد و التنسيق. و أنها لا تخلو من بصمات تنظيم القاعدة. و فيما يبدو أن هذا الإجماع قد يكون، من الناحية النظرية، مصيبا بالنسبة لساكنة باريس، إلا أن ساكنة مدينة الدار البيضاء المغربية لن تتقاسم معهم نفس التحليل أو المقاربة و ذلك، على الأقل، بخصوص عدة نواحي منها أن ما حدث الجمعة 13 نونبر 2015 كان، بصفة عامة، بمثابة نسخة لما حدث قبل ذلك بحوالي 13 سنة في مدينة الدار البيضاء، ليلة الجمعة 16 ماي 2003. حيث في كل من المدينتين غادر مجموعة من الشباب المتمنطقين بأحزمة من المتفجرات من مكان ما، كان هو الحي الصفيحي طوما بالنسبة للانتحاريين المغاربة. و توجهوا نحو مواقع متعددة لكنها متقاربة، حيث قاموا بتفجير أنفسهم، بشكل متزامن، و عبر ذلك قتلوا عشرات من الضحايا و أصابوا أخرين بشكل متفاوت الخطورة. و لأن الحياة الثقافية و التوقيت و تأثير أحوال الطقس،،، هي عوامل تلعب دورا رئيسا في حركات و تجمعات ساكنة المدينتين، فقد اختار الإرهاب في تلك الجمعة السوداء من يومية الدار البيضاء الهادئة ستة (06) مواقع بعضها ذات هوية دينية. من هذه المواقع: دار إسبانيا (casa de espana)، فندق فرح، المقبرة اليهودية، المركز الاجتماعي اليهودي و مطعم إيطالي قرب القنصلية البلجيكية. أما في باريس، فقد اختار الإرهاب في هذه الجمعة المشؤومة ضرب ثمانية (08) مواقع، من أبرزها و أشدها تجمهرا و أكثرها دلالة كل من مطعم كمبوديا، (stade de France) الذي كان يستقبل مبارة دولية بين فرنسا و ألمانيا مستوعبا قرابة 80 ألف متفرج من بينهم رئيس الجمهورية الفرنسية فرانسوا هولاند و وزير الداخلية الفرنسي، و مسرح باتاكلان الذي كان يستقبل حفلا موسيقيا، راقصا، يستضيف 1519 شخص. و كما حدث في مدينة الدار البيضاء، حيث كان معظم الضحايا من زبناء مطعم "دار إسبانيا" ، حيث تم قتل 21 من مجموع 45 شخص و إصابة ما يتعدى 100 شخص بجروح متفاوتة الخطورة. فإن معظم ضحايا و مصابي باريس هم من زبناء مسرح باتاكلان. و قد قضى من مجموع ضحايا باريس 132 شخص و نقل إلى المستشفيات 352 آخرين من بينهم 96 شخص في حالة خطيرة. و في حين لم تعلن، إلى حد الآن، أية جهة إرهابية مسؤوليتها عما حدث ليلة الجمعة 16 ماي 2003 في الدار البيضاء، و باستثناء نسبتها، بشكل مبهم، إلى "الجماعة السلفية" و ذلك رغم اعتقال شخصين(02) من مجموع الإرهابيين ال 14 الذين قتل 12 منهم، أثناء تنفيذهم لأجندتهم الانتحارية، بل و اعتقال، بعد ذلك، حوالي 2000 مشبوه و إصدار أحكام قضائية تراوحت بين الإعدام و السجن المؤبد و عشرين سنة سجنا استفاد أغلبهم، بعد ذلك، من العفو. فإن سبعة (07) أفراد من إرهابيي باريس قد قتلوا هم بدورهم جراء تفجير أنفسهم . و في حين كان معظم المحللين السياسيين و الخبراء العسكريين و غيرهم من المعلقين الذين تابعوا مجريات الأحداث الإرهابية، في باريس، عبر قنوات فضائية فرنسية و لفائدتها قد تبنوا، تبعا للأسلوب الذي تمت به الهجمات الإرهابية، فرضية أن تنظيم القاعدة و ليس داعش هو المسؤول عن هذه المجازر، فإن إعلان تنظيم داعش يوم السبت 14 نونبر 2015 مسؤوليته عن قيام 8 انتحاريين يرتدون أحزمة ناسفة و يحملون بنادق رشاشة بتنفيذ الهجمات إياها، و هو ما لم "يتحفظ" حوله رئيس جمهورية فرنسا نفسه، قد جعل الجميع يعيد النظر في الخلفية و المعايير و زوايا النظر السابق اعتمادها،،،، و يدرك بأن الأمر أصبح يتعلق بشبه فرع محلي، فرنسي، لنتظيم داعش، قد يكون بعدد مدن فرنسا، لا تجمع بين أفراده أو مع التنظيم المركزي في سوريا أو العراق أو في مكان آخر من العالم، غير علاقة البيعة، أية علاقات أفقية أو تنظيمية أخرى. *كاتب و باحث من المملكة المغربية