علمت "الصباح" من مصادر أمنية وحقوقية مختلفة أن التحقيقات القضائية في العملية الإرهابية التي استهدفت عشرات الأجانب والتونسيين خارج وداخل نزل إمبريال بالمنطقة السياحية القنطاوي منتصف نهار يوم 26 جوان 2015 باحت بالمزيد من أسرارها وانكشف معها بعضا من خيوط الهجوم المسلح، وما سبقه من تحضيرات ورصد ودعم لوجستي وما تلاه من تدخل للقضاء على الإرهابي سيف الدين الرزقي منفذ الهجوم.. إضافة إلى مكامن التقصير الأمني في التعاطي مع العملية الإرهابية و"تهاون" بعض الأمنيين من سلكي الأمن والحرس الوطنيين في التدخل، ما دفع قاضي التحقيق المناب إلى إصدار أمس الأول بطاقة إيداع بالسجن في شأن ضابط أمن برتبة محافظ شرطة أول وهو رئيس فرقة الأمن السياحي زمن الهجوم الإرهابي وأذن بالاحتفاظ بخمسة أعوان أمن آخرين فيما ينتظر أن يتم اليوم استنطاق عوني حرس بحري واستنطاق أمنيين آخرين لاحقا. ووفق المعطيات التي تحصلت عليها "الصباح" حصريا فإن حاكم التحقيق اعتمد على عدة قرائن مادية من بينها كاميرا المراقبة المثبتة أمام مقر منطقة الأمن الوطني بسوسة الشمالية مرجع نظر موقع العملية الإرهابية، والتسجيل الهاتفي لقاعة العمليات بنفس المنطقة الأمنية والتي بينت أن دورية لفرقة الأمن السياحي بسوسة الشمالية كانت متواجدة بمنطقة القنطاوي بحمام سوسة عندما تلقت اتصالا من قاعة العمليات في حدود الساعة منتصف النهار و45 دقيقة يطلب فيه منها التوجه على جناح السرعة نحو نزل أمبريال، ولكن أعوان الدورية عادوا إلى مقر المنطقة وصعدوا إلى قاعة العمليات ثم نزلوا نحو السيارة الأمنية وفتحوا صندوقها الخلفي حيث نزعوا الواقيات الصدرية وأعادوا ارتدائها ثم فككوا مخازن أسلحتهم من نوع "شطاير" وأعادوا تركيبها دون موجب قبل أن يتحولوا بعد ما بين 11 إلى 13 دقيقة إلى موقع العملية، وهو ما اعتبر على الأرجح إضاعة للوقت. وصول دون تدخل كما كشفت المعطيات التي تحصلنا عليها مشاركة عون وحيد من هذه الفرقة إلى جانب رائد من الحرس الوطني ومدير إقليم الأمن الوطني السابق ومدير إقليم الحرس الوطني السابق في إطلاق النار على منفذ الهجوم والقضاء عليه، كما كشفت عن وصول رئيس منطقة الأمن الوطني بسوسة الشمالية الذي كان متحوزا بمسدس إلى النزل رفقة ثلاثة أعوان مسلحين بشطاير ولكن دون التدخل أو الدخول في تبادل لإطلاق النار مع المسلح أو حتى محاولة تشتيته عن هدفه. هكذا تصرف عونا الحرس البحري وفي سياق متصل وتأكيدا لما انفردت بنشره "الصباح" سابقا فقد تبين فعلا أن عوني حرس بحري بسوسة كانا موجودين زمن العملية قبالة شاطئ نزل إمبريال دون أن يتدخلا بالكيفية والسرعة والنجاعة المطلوبة رغم تحوزهما بسلاح ناري من نوع «شطاير». ووفق مصادرنا فان عوني دورية للحرس البحري بسوسة كانا زمن العملية الإرهابية على متن زورق مطاطي من نوع "زودياك" على بعد بضعة أمتار (تترواح بين العشرة و15 مترا من اليابسة)، ولكنهما لم يتدخلا في الإبان رغم أن الإرهابي على مرمى نيرانهما- وفق ما يتردد، إذ ان أحدهما- وبعد ان قدم الإرهابي إلى الشاطئ ووضع حقيبته اليدوية على التراب ثم سحب سلاحه الحربي من المظلة الشمسية وألقى بالأخيرة وفتح النار مباشرة على عشرات السياح الذين كانوا على الشاطئ صرخ بعض المواطنين وطلبوا النجدة- حاول النزول من الزورق وكان مسلحا ببندقية "شطاير" الا انه فقد توازنه وسقط في الماء، حينها صرخ شاب تونسي وهو جندي سابق في وجهه وافتك منه السلاح وشغله ثم التحق بمنفذ الهجوم الذي توجه إلى مسبح النزل حيث أطلق نحوه عيارا ناريا واحدا دون ان يصيبه فيما تعطب السلاح ولم يتمكن هذا المواطن من مواصلة إطلاق النار على الإرهابي او تعقبه والذي رد عليه بإلقاء قنبلة صوتية نحوه لذلك عاد أدراجه نحو الشاطئ وأعاد السلاح للعون. أما عون الحرس البحري الثاني فقد فر من المكان، وحسب مصادرنا فان هذا العون توجه حال نزوله من الزورق المطاطي نحو عون حماية مدنية حيث نزع مريوله الذي يحمل شعار الحرس البحري وأطلق ساقيه للريح خوفا من تعرضه لنيران رشاش الإرهابي المهاجم على ما يبدو، وبناء على ذلك من المنتظر أن يجري التحقيق معهما اليوم. كتيبة الفرقان وراء الهجوم الإرهابي إلى ذلك علمت "الصباح" أن كتيبة الفرقان المورطة في قضية قتل عون الأمن بسوسة في أوت الفارط ومحاولة اغتيال رئيس النجم الرياضي الساحلي رضا شرف الدين في أكتوبر الفارط والمخططة لعدة عمليات إرهابية أخرى أحبطتها مصالح الحرس الوطني هي التي تقف وفق ما يتردد- وراء الهجوم المسلح على نزل أمبريال، إذ وخلافا لما تردد من أن منفذ الهجوم الإرهابي سيف الدين الرزقي ذئب منفرد وأنه جاء في صباح ذات اليوم من ولاية سليانة على متن سيارة، فقد تبين أنه تخفى قبل العملية طيلة خمسة أيام بلياليها في منزل بشط مريم مرجع نظر الحرس الوطني دون التفطن إليه، حيث كان بعض المتشددين يأتونه بالطعام قبل أن يغادر المنزل الذي يتصرف فيه أستاذ متشدد ديني(موقوف) في حدود الساعة الحادية عشرة وعشرين دقيقة من صباح يوم 26 جوان 2015 على متن سيارة أوصلته إلى مسلك يؤدي للشاطئ وعادت أدراجها إلى نفس المنزل فيما ترجل الرزقي مسافة 300 متر على الشاطئ قبل تنفيذ العملية. ووفق مصادر مطلعة فإن أعوان الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب للحرس الوطني بالعوينة عثروا داخل المنزل المذكور على كمية من الأسلحة والمتفجرات ومخازن الأسلحة مدفونة في الحديقة، بعد تفكيك كتيبة الفرقان وهو ما يؤكد أن السلاح المستعمل في هجوم سوسة كان من بين الأسلحة المحجوزة في هذا المنزل. بطاقة إيداع.. احتفاظ واستدعاءات قضائيا قال الكاتب العام للنقابة الجهوية لقوات الأمن الداخلي بسوسة نعيم في اتصال هاتفي أمس مع "الصباح" أن حاكم التحقيق المناب استدعى عددا من الأمنيين للتحقيق معهم في قضية الهجوم الإرهابي على نزل أمبريال بسوسة، قبل أن يصدر أمس الأول بطاقة إيداع بالسجن في شأن رئيس فرقة الأمن السياحي بمنطقة الأمن الوطني بسوسة الشمالية سابقا ويقرر الاحتفاظ بخمسة أعوان أمن على ذمة التحقيق، مضيفا أن عوني حرس بحري تم استدعاؤهما أيضا وسيمثلان اليوم الجمعة أمام قلم التحقيق بالقطب القضائي لاستنطاقهما في نفس الموضوع. وذكر أن عددا من أعوان قوات الآمن الداخلي تجمعوا أمس الخميس أمام مقر إدارة إقليم الأمن الوطني بسوسة احتجاجا تلقائيا على الإجراءات القضائية المتخذة في شأن زملائهم، مشيرا إلى النقابة في اجتماع مفتوح على خلفية هذه التطورات، مطالبا وزارة الداخلية بتوفير التجهيزات لعون الأمن للتصدي للإرهاب لا محاكمته قضائيا-على حد تعبيره-. ترقية وإعفاء إداري وفي سياق آخر، والذي يعتبر أمرا غريبا ومازال يتداوله الأمنيون فيما بينهم أن وزير الداخلية السابق محمد ناجم الغرسلي قام بترقية مدير إقليم الحرس الوطني بسوسة زمن الهجوم بتعيينه مديرا لإقليم حرس وطني بتونس الكبرى رغم أن الإرهابي ومنفذ الهجوم ظل متخفيا بمرجع نظر إدارته طيلة خمسة أيام دون التفطن إليه فيما "عاقب" مدير إقليم الأمن الوطني بسوسة زمن الهجوم بإعفائه من مهامه رغم أنه كان من الامنيين القلائل الذين تبادلوا الطلق الناري مع الإرهابي دون أن يكون حاملا لصدرية مضادة للرصاص ورغم أن المخطط وتواجد الإرهابيين لم يكونا بمرجع نظر إدارته إضافة الى ماعرف به بين زملائه من حنكة وكفاءة والأكيد أن الأبحاث القضائية ستكشف المزيد من الحقائق حول هذا الملف الشائك والمترامي الأطراف.