بدات العملية الارهابية الجبانة التي استهدفت عشرات الأجانب والتونسيين خارج وداخل نزل إمبريال بالمنطقة السياحية القنطاوي يوم الجمعة الفارط تبوح باسرارها وتنكشف معها بعضا من خيوط الهجوم المسلح، وما سبقه من تحضيرات ورصد ودعم لوجستي وما تلاه من تدخل للقضاء على الارهابي سيف الدين الرزقي منفذ الهجوم... فقد كشفت معلومات حصرية تحصلت عليها "الصباح" عن معطيات خطيرة تتمثل الاولى في عدم تدخل عوني حرس بحري كانا موجودين زمن العملية قبالة شاطىء نزل إمبريال بالكيفية والسرعة والنجاعة المطلوبة رغم تحوزهما بسلاح ناري من نوع "شطاير". ووفق مصادر مختلفة بينها شاهد عيان فان عونا دورية للحرس البحري بسوسة كانا زمن العملية الارهابية على متن زورق مطاطي من نوع "زودياك" على بعد بضعة أمتار (تترواح بين العشرة و15 مترا من اليابسة، ولكنهما لم يتدخلا في الابان رغم ان الارهابي على مرمى نيرانهما- وفق ما يتردد. عون يفر واخر يسقط في البحر! مصادرنا أكدت ان عوني الحرس البحري وبعد ان قدم الارهابي الى الشاطىء ووضع حقيبته اليدوية على التراب ثم سحب سلاحه الحربي من المظلة الشمسية والقى بالأخيرة وفتح النار مباشرة على عشرات السياح الذين كانوا على الشاطىء صرخ بعض المواطنين وطلبوا النجدة من عوني الحرس البحري، فحاول احدهما النزول وكان مسلحا ببندقية "شطاير" الا انه فقد توازنه وسقط في الماء، حينها صرخ شاب تونسي وهو جندي سابق في وجهه وافتك منه السلاح وشغله ثم التحق بمنفذ الهجوم الذي توجه الى مسبح النزل حيث اطلق نحوه عيارا ناريا واحدا دون ان يصيبه فيما تعطب السلاح ولم يتمكن هذا المواطن من مواصلة اطلاق النار على الارهابي او تعقبه والذي رد عليه بإلقاء قنبلة صوتية نحوه لذلك عاد ادراجه نحو الشاطىء وأعاد السلاح للعون. اما المعطى الثاني فيتمثل في فرار عون الحرس البحري الثاني من المكان، وحسب مصادرنا فان هذا العون توجه حال نزوله من الزورق المطاطي نحو عون حماية مدنية حيث نزع مريوله الذي يحمل شعار الحرس البحري وأطلق ساقيه للريح خوفا من تعرضه لنيران رشاش الارهابي المهاجر على ما يبدو، وهو ما يطرح اكثر من سؤال، حول جاهزية هذين العونين للتدخل في مثل هذه الحالات. "الصباح" تتحدث للمواطن ولتسليط الضوء على هذه الحادثة تمكنت "الصباح" من الوصول الى المواطن الذي حاول تعقب منفذ الهجوم مضحيا بنفسه وحياته، فتبين انه شاب في العقد الثالث من العمر، وبالاتصال به هاتفيا بعد ظهر امس قال باقتضاب "اللي عملتو من اجل بلادي" قبل ان ينقطع الاتصال بسرعة باعتبار ان مخاطبنا كان يعمل حينها في اعماق البحر، وتنم العبارة التي ادلى بها لنا عن وطنيته واستعداده للتضحية بالغالي والنفيس من اجل تونس. الوحدات الخاصة لم تتدخل المعطى الثالث الذي توفر لنا من مصادرنا المختلفة يتمثل في عدم تدخل اعوان الوحدات الخاصة رغم وصولهم الى موقع العملية، ويتردد انهم تأخروا في التدخل تحسبا لوجود عدة عناصر مسلحة قد تفاجئهم بإطلاق نار مكثف من عدة جهات في نفس الوقت، اضافة الى عدم تدخل اعوان الدوريات النشيطة والتي يتردد ان عددها بين الخمس والست دوريات وبقائهم بمحيط النزل رغم وصولهم السريع نسبيا(بعد عشرين دقيقة)، وهو ما يطرح اكثر من سؤال رغم تلقيهم تعليمات من القيادة بضرورة التدخل العاجل والناجع. مسؤولية من؟ في المقابل علمت "الصباح" ان مديري إقليمي الحرس والامن الوطنيين بسوسة هما من تدخلا وأطلقا الرصاص على الارهابي، ومثلما انفردنا بنشره فان مدير اقليم الحرس الوطني اصاب منفذ الهجوم بالرصاصة الاولى وأسقطه أرضا، قبل ان يصيبه مدير اقليم الامن بنحو خمس او ست رصاصات وأرداه قتيلا، وهو ما يبرز الدور الكبير الذي قاما به اثناء التدخل، ورغم ذلك فان بعض الأنباء راجت امس تتحدث عن إمكانية اعفائهما من مهامهما وهو ما نفته مصادر امنية رفيعة المستوى في اتصال مع "الصباح" واكتفت بالقول انها مجرد تخمينات، وان كانت ثمة قرارات فلن تتم الا بعد استكمال الابحاث وسيعلن عليها في الابان. خلية ارهابية "داعشية" في سياق متصل كشفت الابحاث الامنية التي تعهد بها اعوان الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الارهاب للحرس الوطني بالعوينة عن وجود خلية دعم لوجستي واسناد لمنفذ الهجوم على علاقة بما يعرف بتنظيم الدولة(داعش)، وقد تمكن الاعوان من القبض على عدد من المشتبه بهم يتردد ان عددهم يفوق الثلاثة مبدئيا فيما تتواصل المجهودات لايقاف اخرين، كما يعتقد وجود اطراف تونسية وربما ليبية متواجدة في ليبيا شاركت في العملية، ونظرا لسرية الابحاث وحفاظا على نجاحها نتجنب تقديم المزيد من المعطيات في انتظار تسجيل ايقافات اخرى وتقدم الابحاث. ضابط عسكري بين الضحايا الى ذلك علمت "الصباح" ان مصالح وزارة الصحة العمومية تمكنت اثر عمليات التشريح الطبي والتنسيق مع مختلف الاطراف المتداخلة من تحديد هويات عشرين قتيلا من بينهم ضابط عسكري بريطاني وهو جيم ماكير وزوجته آن ماكير اضافة الى جوال ريتشاردز حكم انقليزي في كرة القدم وأدريان إيفانز موظف بمجلس ساندويل و باتريك ايفانز (78 عاما) و لورنا كارتي وهي ممرضة انقليزية وكارلي لوفيت وبريس ويلكنسون (72 سنة) ولورانس هايز وليزا باربيدج وسوزان فلفورد وسكوت شالكلاي ومارتينا هايز. صابر المكشر جريدة الصباح بتاريخ 30 جوان 2015