نفرح كثيرا عندما نسمع بافتتاح مؤسّسات تُعنى بتعليم ، نشر و التعريف بالدّين الإسلامي في بلاد الغرب حيث هناك توجّهات أخرى و تيّارات أخرى فيها ماهو رافض للإسلام و فيها أيضا يسارٌ... لكن بين كلّ هذا الزّخم هناك ديمقراطيّة حقيقيّة و حراك ثقافي و سياسي ناضج و مجاميع من الأحزاب و الجمعيّات تشغل وقتها بالعمل النّافع و تبني أواصر التعاون مع كلّ فكر و عقيدة تشاركها في ذات الأهداف و القيم و الأخلاقيّات ،،، قلت نفرح بذلك ، لكن يبقى فرحا مشوبا بالعجب وممزوجا بشيء من – الحزن – على ما يقع في بلاد الإسلام و المسلمين ، نعم نحزن أن تكون لنا جمعيّات هدم و رفض و استهتار بالقيم و الأخلاق و الدّين ، و لنا أحزاب تختصّ في القطع مع الهويّة و الدّين يبرع شخوصها في الترويج للمفاسد و محاربة دين الشّعب و تجتهد في – تشليك – هويّته و الطعن في حاضنته الطبيعيّة ، بينما تعمل كلّ جهودها لاستجلاب الشذوذات الفكريّة و الجسديّة و الترويج لها بكلّ الوسائل ... في ألمانيا – بلاد الديمقراطيّة و حقوق الإنسان و احترام عقائد الآخرين ، تمكّنت الجالية المسلمة هناك بتظافر الجهود الخيّرة و تحت سماء بلاد الغرب هذه من افتتاح معهد للتربية الإسلاميّة لتحفيظ القرآن و إسناد الإجازة في القراءات ، كذلك لتدريس اللغة العربيّة و تكوين الأئمّة و إعداد الكفاءات و القيادات الإسلاميّة والقيام بأنشطة تواصل و ورش عمل حول التربية و الزّكاة و غيرها ، و لكن الأجمل من كلّ ذلك هو احتواء هذا المشروع على رياض قرآنيّة للأطفال في سنّ ال( 05 ) سنوات ...! هذا يقع في ألمانيا برغم كلّ الظروف التي يمرّ بها الغرب عموما من تدفّق المهاجرين و الأزمات الإقتصاديّة و كذلك مخاطر الإرهاب ،، لكن برغم كلّ ذلك بقيت ألمانيا و غيرها من بعض بلاد الغرب على عهدها مع الديمقراطيّة و احترام الحقوق و الحريّات و مراعاة و قبول الإختلاف العقدي ، بقيت كذلك حكومة و أحزابا و جمعيّات برغم الإختلافات الجوهريّة ، بقيت كذلك لأنّها فقط لا تحوي يسارا استئصاليّا متطرّفا – لا يشبه كلّ يسارات العالم - و ليس فيها شخوص يحملون حقدا دفينا على الإسلام و أهله ، و لا يختلقون الأباطيل لتبرير محاربة الإرهاب بمحاصرة و تغليق بيوت الله و الرّياض القرآنيّة و بإقصاء الأئمّة و العلماء و بإعلان الحظر على كلّ فكر تنويري قوامه الدّين و الهويّة و على كلّ دعوة للرجوع إلى الأخلاق و القيم العربيّة – الإسلاميّة ....