عاجل-جبائياً: تونس تعتمد الفاتورة الإلكترونية رسمياً بداية 2026    لللمرة الثالثة.. تخريب مركز التربية المختصة "الحمائم 2" بنابل    خلال حملة مراقبة: حجز 100 خبزة مرطبات بهذه الولاية..#خبر_عاجل    عاجل/ بعد فضيحة اللحوم الفاسدة التي تم توريدها..الملف يحال الى القضاء والرابحي يفجرها ويكشف..    تونس تحدّد سقف الفوائد على القروض الصغيرة: شنوا يعني هذا للمواطن؟    كونكت تطالب وزارة التجارة بتخفيض سعر القهوة وتحذّر من سيطرة المهربين على القطاع    العليمي يمهل القوات الإماراتية 24 ساعة لمغادرة اليمن    عاجل : خبيرة أبراج تصدم هذا الاعلامي المشهور    المسدي تنشر إجابة رئيسة الحكومة في ملف الصحفيين القطاري والشورابي    عاجل/ التشكيلة المنتظرة للمنتخب في مباراته ضد تنزانيا..    كاس امم افريقيا (المغرب 2025) : برنامج مقابلات اليوم الثلاثاء    هذه هي فرص نسور قرطاج للتأهل إلى ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا 2025    السجن لمنفذ عملية "براكاج" لطالبة..وهذه التفاصيل..    كيفاش بش يكون الطقس أوّل أيام العام الجديد؟    أفلام عربية متفوّتهاش ليلة رأس العام    عاجل: شهر رمضان يتكرر للمرة الثانية في عام واحد    تونس من بين الدول المعنية به..تعرف على موعد أطول حالة ظلام دامس بالأرض خلال قرن..    غارات وقصف مدفعي على مناطق مختلفة من غزة    ساعة ماسية تخطف الأنظار.. معصم رونالدو حمل ثروة في حفل دبي... التفاصيل    جندوبة: رحلات مدرسية لتلاميذ المناطق الريفية    ابرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بوزير النقل..    حجز منتجات بحرية فاسدة بمطعم فاخر في سوسة: صاحبه ق يُواجه السجن    عاجل : 6 منتخبات تودع رسميا الكان ...شوف شكونهم    كأس أمم اقريقيا: شوف شكون ضدّ شكون اليوم ووقتاش    تونس تحتفل بكأس إفريقيا للأمم مع مبادرات TotalEnergies لتعزيز الإدماج والمشاركة    عاجل/ خلال لقائه وزير الفلاحة ومدير ديوان الزيت: رئيس الدولة يدعو للتصدي لهؤلاء..    هروب جماعي من مصحة لمعالجة الادمان..ما القصة..؟!    طقس اليوم: أمطار متفرقة مع انخفاض في درجات الحرارة    حادث كارثي في رحلة بني مطير: إنزلاق أم خلل في فرامل الحافلة؟...أم الضحية تكشف التفاصيل    عاجل: ''براكاج'' في البساج البارح...شنيا الحكاية؟    راس العام في الدار؟ هذي أفلامك باش تضحك وتفتح العام الجديد بالفرحة    حضور مميز لمندوبية التربية بجندوبة في احياء الخط العربي    عاجل: اليوم آخر أجل لتسوية سيارات ''ن.ت''    عاجل : وفاة أول امرأة تقود بنغلاديش خالدة ضياء عن 80 عاما    ڤريب الشتاء: كيفاش تتعدى، قدّاش يدوم، ووقتاش يلزم تمشي للطبيب؟    «صاحبك راجل» في القاعات المغربية    ترامب: "حزب الله" يتعامل بشكل سيئ وسنرى ما ستسفر عنه جهود نزع سلاحه    سامي الطرابلسي: سنواجه تنزانيا من أجل الفوز وليس التعادل    رئيس الجمهوريّة :الفلاحة جزء من الأمن القومي التّونسي، والواجب الوطنّي المقدّس يقتضي تذليل كلّ الصّعوبات خصوصا أمام صغار الفلاّحين    QNB ينظم ورشة مالية لتلاميذ مدرسة الشاذلي خزندار الابتدائية بالزهراء    حفل زفاف تيك توكر شهير يتحول لمعركة في مصر    الضحية طبيب نفسي تونسي مشهور في فرنسا .. يقتل والده ويدفنه في حديقة المنزل    طقس الليلة    "كان" المغرب 2025.. مصر تكتفي بالتعادل أمام أنغولا وتتصدر مجموعتها    بقرار قضائي.. هيفاء وهبي تعود إلى الغناء في مصر    الدورة 40 لمعرض تونس الدولي للكتاب: تواصل قبول الأعمال المرشحة لجوائز الإبداع الأدبي والفكري وجائزتي النشر إلى يوم 30 جانفي 2026    دواء معروف طلع ينقص الرغبة في التدخين والكحول... نتائج مفاجئة من دراسة جديدة    حوالي 40 بالمائة من المساحة المحترثة مخصصة للزياتين وتونس تساهم عالميا ب30 بالمائة من التمور    وزير التربية يعلن 2026 سنة مطالعة    رياض دغفوس : المتحوّر "K" المتفرّع عن فيروس H3N1 لا يشكّل خطورة أكبر من غيره ويجب الالتزام بالإجراءات الوقائية    مدرب تنزانيا :'' أنا فرحان برشا بالتجربة وبالأيامات اللي عديتها في تونس''    تتزعمها ستينية: تفاصيل تفكيك شبكة دعارة..#خبر_عاجل    إدمان قطرات الأنف؟...سرّ خطير علر صحتك لازم تعرفه    ديوان البحرية التجارية والموانىء ينتدب تونسيين    هام/ 6 مؤشرات أساسية لتطمئن على صحة قلبك..    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    استراحة الويكاند    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة ملتبسة
نشر في الحوار نت يوم 29 - 02 - 2016

الأصداء التى أحدثها خطاب الرئيس السيسى أمام مؤتمر رؤية مصر (فى 24/2) جعلتنى أسارع إلى الاستماع إلى نصه كاملا، وكان ذلك أول ما فعلته بعد العودة من السفر. ولست أخفى أن الخوف كان أكثر ما خرجت به من المحاولة التى كررتها مرتين لكى أستوعب ما سمعت. ذلك أننى فهمت أن الرئيس كان غاضبا بشدة وأنه وجه كلامه الذى جاء مسكونا بالتهديد إلى ناقديه فى داخل مصر وليس خارجها. وهو فى ذلك ذهب إلى ما هو أبعد من تنديده بما أسماه «حروب الجيل الرابع»، التى دأب إلى الإشارة إليها فى معرض حديثه عن الشائعات والمعلومات المغلوطة التى يجرى الترويج لها عبر وسائل الإعلام. هذه المرة دعا الرئيس الجميع لأن يسمعوا كلامه فقط، وطالب ناقديه بالتزام الصمت. وإذ استهجن موقفهم وتساءل: من انتم؟، فإنه نسب إليهم السعى «لتقطيع» مصر، وتحدث صراحة عن أنه لن يسمح بذلك، بل وسوف يسحق أى محاولة من ذلك القبيل، وكانت عبارته واضحة فى أن من يضرب فى مصر «هشيله من على الأرض».
كانت تلك هى المرة الأولى التى يتحدث فيها الرئيس السيسى بهذه اللغة، الأمر الذى يثير عديدا من الأسئلة عن الخلفيات التى دفعته إلى ذلك. هل هى التقارير الأمنية التى نقلت إليه صورة مبالغا فيها للنشطاء أزعجته؟ أم أنها قياسات الرأى العام التى تعدها الأجهزة المختصة وحذرته من تململ الشارع المصرى بسبب كثرة الحديث عن الغلاء والفساد؟ أم أنها الصراعات بين مراكز القوى فى السلطة؟ أم أنها الحساسية وضيق الصدر بالآراء الأخرى المتداولة فى بعض وسائل الإعلام؟
خلفية الكلام ليست واضحة، ولم يستطع المحللون والعارفون ببواطن الأمور أن يوضحوا لنا لماذا لجأ الرئيس إلى تبنى ذلك الأسلوب غير المألوف فى خطابه، بحيث يوجه رسالته محملة بكل تلك الإشارات الملتبسة والمثيرة للغط، قبل أن يغادر البلاد فى رحلته الآسيوية. إزاء ذلك تعددت أصداء الخطاب وتوزعت على اتجاهات عدة. إذ عمد البعض إلى التأويل والتخفيف من طابع الحدة فيه. فذكر هؤلاء أن الرئيس كان يقصد شيئا آخر غير الذى دل عليه ظاهر عبارات خطابه، فحين قال مثلا لا تسمعوا لأحد غيرى فقد كان يقصد لا تسمعوا لدعاة الهدم والإحباط (وهو تفسير سلبى بدوره لأنه يعنى أن كل من قال كلاما مغايرا لما يقوله الرئيس فإنه يعد من دعاة الهدم والإحباط). آخرون اتجهوا إلى التبرير بدعوى أن الكلام كان صادرا من القلب ومرتجلا، ولذلك فإن الرئيس أراد أن يكون صادقا فخرج منه الكلام شفافا دون تشذيب أو تجميل. فريق ثالث عبر عن صدمته وقلقه إزاء خشونة التعبيرات التى ذكر بعضهم أنها «نالت من صورة الرئيس بفداحة» وقال أحدهم إن كلام الرئيس عن أنه إذا لم تكن معنا فاسكت من فضلك يوحى بأن موجة اعتقالات جديدة قادمة فى الطريق، رغم أنه تحدث عن أنه لن تكون هناك إجراءات استثنائية قادمة. هناك أيضا فريق «الشبيحة» الذين التقطوا عبارات الرئيس وحملوها بأسوأ معانيها وأقساها، إذ اعتبروا أنه أراد أن يواجه أعداء الوطن وعناصر الطابور الخامس الذين يتربصون به. وأنه بعباراته الشديدة أظهر العين الحمراء للذين ينتقدون السلبيات ويرفضون رؤية الإنجازات التى حرص الرئيس على التذكير ببعضها. أخيرا فإن شبكات التواصل الاجتماعى حفلت بمستوى آخر من الأصداء، أخذ فيه الشباب حديثهم وذهبوا فى ذلك إلى أبعد مدى ممكن.
قلت فى البداية إن الخطاب سرب إلى شعورا بالخوف لأنه عبر عن قدر لا يستهان به من ضيق الصدر بالنقد، وأعطى انطباعا بأن النخبة مطالبة بأن تختار بين التأييد والموالاة أو الصمت، لأن كل كلام خارج تلك الحدود سيعد فى قبيل تمزيق الوطن وإسقاط الدولة، الأمر الذى سيقابل بمنتهى الشدة والحزم. هناك سبب آخر للخوف والقلق هو أن يكون الكلام موجها إلى جهات فى الدولة أريد تحذيرها من أى تحرك يحاول استثمار الفراغ السياسى الراهن، وهو ما أشار إليه زميل أفهمنا أنه مطلع ويعى ما يجرى وراء الكواليس. وأشار فى هذا السياق إلى وجود مراكز قوة جديدة خارج الشرعية الدستورية.
ما يثير الانتباه أن هذه اللغة التى لا توحى بالثقة والاطمئنان برزت إلى الأفق بعد الإعلان عن الانتهاء من استحقاقات خارطة الطريق (انتخابات مجلس النواب)، وكان الظن أن ذلك يفتح الأبواب أمام طور آخر من الاستقرار، إلا أن أصداء الخطاب أعطت انطباعا بأننا بصدد الدخول فى طور مختلف. كأن تكون الحرب ضد الإرهاب قد استنفدت أغراضها، وأننا بصدد الانتقال إلى مواجهة المعارضة التى تعد «تصفية» منظمات المجتمع المدنى من مقدماتها. وهو ما أرجو أن تكذبه الأيام المقبلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.