الميناء التجاري ببنزرت يتطلع الى تطوير حركة الحاويات لتصل الى 20 الف حاوية قياس 20 قدم العام الجاري في ظل استعادة بعض خطوط الشحن - مدير الميناء-    أول رد إسرائيلي على القرار الأممي بشأن "حل الدولتين"    أسامة حمدان.. محاولة اغتيال وفد حماس إطلاق نار مباشر على ورقة ترامب    بعد الهجوم على كاتس.. قراصنة "أتراك" ينشرون أرقام هواتف نتنياهو و11 وزيرا إسرائيليا    محامون يتهمون ...والعميد مزيو يستنكر .. انتخابات المحامين على صفيح ساخن    أخبار النادي الصفاقسي .. الكوكي يرفع التحدي وغموض حول معلول    الديوانة تحجز بضائع مهربة قيمتها تتجاوز 18 مليون دينار في شهر أوت    أولا وأخيرا .. انتهى الدرس    حمام الزريبة اختتام الدورة 35 للمهرجان الجهوي لنوادي المسرح بولاية زغوان    كارثة صحية في مصر.. إصابة جماعية بالعمى داخل مستشفى شهير    الدورة الأولى من مهرجان "سرديّات مُترابطة" من 19 سبتمبر إلى 15 نوفمبر بتونس    المتحف البحري ببنزرت تعيش داخل أحواضه البلورية قرابة 6 آلاف سمكة مياه عذبة- المشرف على المتحف-    توزر: توزيع إشعارات لتمكين شركات تعاونية من رؤوس إبل بغاية تحسين سلالة القطيع    وزارة التربية: يمكن للتلاميذ والأساتذة الاطلاع على جداول الأوقات الخاصة بهم على بوابة الخدمات الرقمية    العجز التجاري لتونس يصل الى 14640 مليون دينار مع موفى اوت 2025    عاجل/ عملية سطو على فرع بنكي بهذه الجهة    عاجل/ بداية من أكتوبر المقبل: الترفيع في المنحة المُسندة لهؤلاء..    عاجل/ فرنسا تمنح تونس 3 قروض وهبتين.. وهذه قيمتها    الأمم المتحدة تعتمد بأغلبية ساحقة قرارا يؤيد "إعلان نيويورك بشأن تنفيذ حل الدولتين"    عاجل/ القبض على المشتبه به في قتل تشارلي كيرك    يهمّ التونسيين: شرط جديد لإداء العُمرة    كأس العالم 2026: أكثر من 1,5 مليون طلب شراء تذاكر مسبق خلال 24 ساعة (فيفا)    يوم 28 نوفمبر .. جمعية مالوف تونس باريس تقدم عرضا في صفاقس    مع نظرة مستقبلية مستقرة.. فيتش ترفع تصنيف تونس إلى "B‬-"    تحت شعار "نعدو من أجل تونس أكثر خضرة ": هذا موعد الدورة 38 لماراطون كومار تونس قرطاج الدولي..    الكرة الطائرة – مونديال 2025 : تونس تفتتح مشوارها بفوز على المنظم الفلبين (فيديو)    خطر على المستهلك: دعوة عاجلة لتسوية وضعيات محلات تعليب المواد الغذائية    تونس: حجز أكثر من 15 ألف كرّاس مدرسي    بطولة العالم للكرة الطائرة : المنتخب التونسي يستهل مشاركته بالانتصار على الفيليبين 0-3    سحب رعدية متوقعة في أشد مناطق الأرض جفافًا    وزارة الصحة تحذر من مخاطر السمنة وتقدم نصائح للوقاية    مجلس الأمن يدين الهجوم الإسرائيلي على قطر ويشدد على دعم سيادتها    الاحتفاظ بشاب صوّب سلاحا ناريّا مزيّفا نحو دورية أمنية بسيدي بوسعيد    كرة اليد: بعث بني خيار ينتدب الظهير الفرنسي عبد الله ماني    المنجي حسين رئيسا جديدا لمستقبل قابس    رباعي يمثل تونسي في بطولة العالم للكرة الحديدية الحرة بإيطاليا    بلاغ هام لوزارة الداخلية..    إلى الأولياء والمربين: دليل مكافحة التحرش الجنسي ضد الأطفال    لماذا تأجل خروج أسطول للصمود مجددا؟…عضو من الهيئة التسييرية يكشف..#خبر_عاجل    وزير الإقتصاد والتخطيط ونظيرته المصرية يؤكدان على توفر الفرص والإمكانيات للإرتقاء بالعلاقات الإقتصادية الى مستويات أرفع    المرصد التونسي للطقس: استقرار جوي إلى غاية 20 سبتمبر واحتمال    عاجل: إعادة فتح باب التسجيل لاطفال التحضيري    تحذير لكلّ إمرأة تونسية: مادة في طلاء الأظافر مسرطنة    خالد بوجمعة: انطلاق أسطول الصمود من ميناء بنزرت غدا بعد الظهر    هام/ تسليم 8 مساكن لعائلات شهداء المؤسسات العسكرية والأمنية بهذه الولاية..    وزارة الثقافة تبحث تحضير ملف إدراج قرية سيدي بوسعيد في لائحة التراث العالمي لليونسكو    عاجل/ "FBI" تعرض مكافأة قدرها 100 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات عن قاتل تشارلي كيرك..    القيروان: قرب دخول محطة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بحيز الإنتاج    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    خطبة الجمعة .. مكانة العلم في الإسلام    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    أبراج 12 سبتمبر: يوم يحمل فرصًا جديدة لكل برج    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان التشكيلي والفوتوغرافي وديع المهيري    وزارة الصحة تمنع تصنيع أو توريد طلاء الاظافر الذي يحتوي على مادة "TPO" المسرطنة    مهرجان المناطيد الدولي يرجع لتونس في التاريخ هذا...وهذه تفاصيله والأماكن المخصصة    مواطنة أمريكية لاتينية تُعلن إسلامها في مكتب مفتي الجمهورية    تطوير جراحة الصدر واستعمال أحدث التقنيات محور لقاء بوزارة الصحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منع القتل
نشر في الحوار نت يوم 24 - 12 - 2009


منع القتل

تمتاز منطقة مطماطة بطيبة ناسها وشهامة رجالها وجمال طبيعتها وصفائها ونقاوة هوائها... وهي إلى ذلك تمثّل بسلسلتها الجبلية حاجزا طبيعيّا مهمّا من حيث قيمته العسكرية ومن حيث صرامته في الوقوف أمام التصحّر القادم عليه من منطقة بئر السلطان المستضيفة للطريق الصحراوية الرّابطة بين الحامّة والدويرات الواقعة في مشارف تطاوين جنوب مدنين... وتتميّز المنطقة بالمحافظة على الأصالة وبالحرص على التحديث دون خلط، وهو ما جعل المدن فيها تنتشر على موقعين متخذة القديم والجديد صفة تمييز، فيجد الزّائر مطماطة القديمة ومطماطة الجديدة وتوجان القديمة وتوجان الجديدة وهكذا... ولست في هذه السانحة بصدد التعريف بالمنطقة من أجل اقتراحها أمام الحركة الساحية، فهي لا تشكو نقصا في عدد السيّاح، ولكنّي أردت إبراز خطورة المنعرجات في تلك السلسلة ما يدعو السائقين وخاصّة قليلي الخبرة والتجوال فيها إلى توخّي الحذر الشديد للمحافظة على النّفس... ولقد انتبه أهل السلطة في مقرّ الولاية بقابس (وقابس تبعد 40 كلم عن مطماطة القديمة) إلى ذلك العامل فطوّعوه في خدمة الغرض للمحافظة على الانسجام في تنفيذ المهامّ وتوحيد الكلمة من أجل المصلحة العامّة التي تفرضها الوطنيّة ويتطلّبها الإخلاص في بذل الجهد لرصّ الصفّ... فقد حدّثني – خلال فترة تواجدي بالمنطقة ما بين 1982 و1985- مَن أثق فيه ويثق فيه كلّ محترم للذّات البشريّة، أنّ رجالات الحزب الحاكم الكبار كانوا يستدعون بعض أصحاب الرّؤوس العامرة بالأفكار "المنحرفة" من الصغار ممّن يطمعون في إيجاد الرّأي الآخر داخل الحزب إلى مرتفعات مطماطة، فيترجّونهم أن لا يثيروا الشغب داخل المؤسّسات الحزبية المحترمة كي لا يضطرّوهم إلى تعليمهم التزحلق على شواهق لم يخبروا بُعدَ سفوحها...

تذكّرت هذا المشهد وأنا أقرأ يوم 21 ديسمبر 2009 خبر اختفاء المناضل الحقوقي لسعد الجوهري، أخِ الشهيد – نحسبه ولا نزكّيه على الله سحنون الجوهري، الذي كان قد تُوفّي داخل السجن في العاصمة التونسية سنة 1995 في ظروف ما زالت غامضة إلى حدّ الآن -، خوفا على نفسه من القتل؛ خاصّة والرّجل قد تلقّى تهديدات خلال الأيّام الماضية وفي مناسبات متكرّرة... والحقيقة أنّه لا بدّ للسعد – وهو يعيش بين أناس فقدوا الخوف من الله سبحانه وتعالى - أن يخاف... فقد همّوا بدحرجة زملائهم وأكلة موائدهم هناك بمطماطة في الدهاليز الغارقة العميقة... بل لقد قتلوا الكثير منهم وهم يناضلون... وقتلوا الكثير منهم وهم يتنافسون في "الوطنيّة" ويفدون الوطن بالرّوح وبالدم، كما بيّنت جلسات الذاكرة الوطنيّة في مؤسّسة الدكتور عبدالجليل التميمي... وهتكوا أعراض التونسيات - وهم يزايدون بحريّة المرأة واحترام حقوقها ومساواتها بالرّجل – فقذفوهنّ (وفي القذف حدّ من حدود الله) لمّا سلّطوا عليهنّ كلابهم وسفهاءهم يعملون فيهنّ أقلامهم المسمومة وألسنتهم الحداد، كما فعل هذا الوضيع الجريدي الذي تصلنا الأخبار عن سقطاته وسفالاته مع الأستاذة المناضلة الحقوقية سهام بن سدرين وعائلتها، وقبلها وبعدها خلق كثير قد لا يؤبه لهم من المتحجّبات وغير المتحجّبات... من حقّ لسعد أن يخاف على نفسه ويخشى على سلامته وهو يرى زميله الحقوقي علي السعيدي يقتل ذات يوم من شهر ديسمبر 2001 (12 ديسمبر) بدم بارد من طرف دمويين ساديين، وهو الذي كان قد نجا منهم بداية تلك السنة لمّا افتغلوا له حادث سيّارة قاتل...

أقول: إذا داس حاكم البلاد على القانون وعلى القضاء فلا بد أن يتدارك الأهالي أمورهم بأنفسهم من أجل فعل شيء يؤمّنهم ضدّه وضدّ تجاوزاته وضدّ مظالمه وانحرافاته، وليأمنوا كذلك غضب الله فإنّه تعالى لا يحبّ الظلم ولا يحبّ الرّضاء به او التسليم بالاستضعاف... وأعيد هنا كلاما قلته أكثر من مرّة: لن يقلع الفاسد عن فساده ولا الظالم عن ظلمه - خاصّة إذا مات في داخله ما يساعده على الأوبة - إلاّ إذا وُجد في المجتمع مَن وما يُشعره بسوء تصرّفه... تصوّروا مثلا لو أنّ الذي فكّر في قذف سهام بن سدرين علم أنّ ذلك سيكلّفه بعض المتاعب أكان يقدم على قذفها؟!... لو أنّ الذي فكّر في الاعتداء بالعنف الشديد على لسعد الجوهري أو غيره من المواطنين علم أنّ مجموعة ستعنّفه بالقدر الذي سوف يعنّف به ضحيّته أكان يقدم أيٌّ كان على تعنيف أيٍّ كان... لو علم رأس النّظام الحاكم أنّ استرساله في سجن الأحرار بدون بيّنة ولا حجّة مقنعة - كما الحال مع الدكتور الصادق شورو مثلا – سوف يكلّفه تراجعا في شعبيته وحرصا شعبيا على عدم تولّيه الحكم ثانية أكان يمتهن الظلم أو يسخّر القضاء لإشباع ساديته؟!... أقول لن تحلّ مشاكلنا بالعريضة ولا بالبيان ولكنّها تحلّ باستعمال الوسيلة النّاجعة للترويض، ترويض من تخلّوا عن مهمّة العقل!... ولست أراني قد دعوت بهذا إلى عصيان مدني – كما قد ينتبه "وطنيّ" إلى ذلك فيطالب بمحاكمتي كما فعل من قبل - ولكنّي قد دعوت إلى تصرّف هدفه تمدين من حاد عن المدنية... وبدون ذلك سنظلّ نعايش الخوف ونوفّر الأرضية الصالحة لانتعاش الظالم والفاسد حتّى يعمّ الخبث!...

عبدالحميد العدّاسي، الدّانمارك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.