تأثير مغاربي قوي في حقول الفكر والفلسفة العربية صوت مغاربي ذو خصوصية إفريقية أمازيغية موسومة بثقافة عربية إسلامية مؤثرة بالذائقة العربية في حقول الفكر والأدب والفلسفة. فالمنطقة المغاربية ليست "ذيل الطائر" بل إنها فاعلة. تحليل إبراهيم مشارة.
الثقافة العربية في شمال إفريقيا منذ النصف الثاني من القرن العشرين صنعت الحدث وأثرت الذائقة العربية في حقول الفكر الفلسفة والأدب، ولم تعد بلاد المغرب العربي "كم الثوب" أو" ذيل الطائر" كما أطلقت عليها ذلك الوصف الكلاسيكيات المشرقية استصغارا لقدرها وإنكارا لفضلها، وتم تجاوز تلك الجملة المأثورة للصاحب بن عباد لما تأمل كتاب "العقد الفريد": بضاعتنا ردت إلينا. الصوت المغاربي كان قويا ومعبرا عن الخصوصية الإفريقية والأمازيغية إضافة إلى الميسم العربي والإسلامي الذي وسمت به الثقافة المغاربية. من تونس صدح الشابي برومانسيته في "أغاني الحياة" التي أعجبت "أبولو"، ومن تونس طلع المسعدي برواياته حول الوجودية الإسلامية التي أعجبت طه حسين فوضع مقدمة لرواية "السد"، ومن المغرب طلع صوت المهمشين والصعاليك مع محمد شكري وخبزه الحافي وزفزاف و"محاولة عيش" تلك الرواية التي كرست غلبة الواقع المتعثر على المثالية، ومن نفس البلد جاءت إعادة قراءة التراث للجابري وفهمه على ضوء مقتضيات العصر ومتطلبات الحداثة، ونازلت المرنيسي الفكر الذكوري عبر هندسة الجنس في المجتمع العربي كإدانة لغياب حضور الأنثى حضوريا رئيسيا لا ثانويا وصرخة ضد الهيمنة الذكورية التي أقصت الأنثى واعتبرتها ظلا للرجل وآلة للإنجاب وشغالة في أحسن الأحوال. الهيمنة الاستعمارية - خصوصية جزائرية في الثقافة العربية {لا تحظى قراء المفكر الجزائري محمد أركون بقابلية لدى قطاع عريض من المثقفين العرب، بسبب طرحه الذي يلح على التاريخانية في الفكر الإسلامي نصا وفهما. وربما للجانب السياسي دور في ذلك، فالأنظمة الشمولية والاختلال الطبقي وهيمنة الأحادية السياسية والاقتصادية والفكرية تشجب مثل هذا الفكر الذي يدعو إلى الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحرية الإنسانية كشرط للوجود الإنساني.} الخصوصية الجزائرية في الثقافة العربية هي الهيمنة الاستعمارية التي جعلت من الجزائر حالة خاصة في المغرب العربي، فالحماية التي خضعت لهما تونس ومراكش أيسر بكثير من الاستعمار الذي خضعت له الجزائر طيلة 130 سنة، حاول فيها الاستعمار تدمير الروح الوطنية والخصوصية العربية والأمازيغية في نفس الوقت لصالح دوغمائية كولونيالية مزورة لا علاقة لها بالحقيقة التاريخية "الأمازيغ أحفاد الأوربيين".
يكتب إبراهيم مشارة أن الثقافة العربية في شمال إفريقيا منذ النصف الثاني من القرن العشرين صنعت الحدث وأثرت بالذائقة العربية في حقول الفكر والأدب والفلسفة. ومن ثمَّ كان الصراع من أجل تقويض تلك الأوهام عبر الكلمة واللحن والسلاح أخيرا، فكانت البدايات أدبية فرنسية اللسان جزائرية الملمح أمازيغية البصمة في روايات كاتب ياسين "نجمة"، وثلاثية محمد ديب" الحريق" و"النول" و"الدار الكبيرة" تلك الثلاثية التي تؤرخ للتهميش والعزلة والفقر الذي خضعت له الأسرة الجزائرية في المحيط الاستعماري في الأربعينيات وبداية نشوء وصعود الحركة الوطنية التي بدأت النضال سياسيا وختمته بالسلاح في الخمسينات. البصمة الأمازيغية حاضرة في الأدب الجزائري، فالبعد الأمازيغي بعد رئيسٌ في الشخصية الجزائرية، وهذا ماتكرسه روايات مولود فرعون "ابن الفقير" ورائعة محمد ديب" الدروب الوعرة" التي أثنى عليها طه حسين كثيرا وكتب عنها. نفس الروح الأمازيغية والوفاء للمكان ظلت قارة في أدب بعض الذين التحقوا بالضفة الأخرى وعاشوا في فرنسا حتى مماتهم كجان عمروش وطاوس عمروش. أدب جزائري مكتوب بلسانين: فرنسي وعربي كثيرا ما طرح سؤال هل يمكن اعتبار هذا الأدب الجزائري المكتوب باللسان الفرنسي أدبا عربيا كونه يتناول هموم جزائرية في زمان ومكان جزائريين لكن اللسان فرنسي؟ بعضهم لا يرى مانعا في ذلك وبعضهم له اعتراضات فاللغة طاقة شعورية وإيحاءات ورموز تاريخية لا يمكن لغيرها نقلها، ويصر على أنه أدب جزائري أو عربي بلسان فرنسي.