إثر فشل مفاوضات جنيف برلمانيو التحالف الدولي يقررون مواصلة مقاومة "منسقة" للتلوّث البلاستيكي    مرصد شاهد يلاحظ ضعف إقبال فئة الشباب على الانتخابات الجزئية بدائرة دقاش من ولاية توزر    تقديم مطالب السكن الجامعي وتجديد السكن بالنسبة لديوان الخدمات الجامعية للجنوب ينطلق بداية من 20 أوت إلى غاية 30 سبتمبر المقبل    أفروبسكيت 2025 – المجموعة الثانية: نيجيريا تحسم الصدارة أمام الكاميرون    تطاوين: انطلاق صيانة الطريق المحلية عدد 994 ضمن برنامج وزارة التجهيز السنوي لصيانة الطرقات المرقمة    وكالة السلامة السيبرنية تدعو إلى الانتباه عند استعمال محركات البحث بالذكاء الاصطناعي    العداءة مروى بوزياني تغيب عن سباق 3000 متر موانع في لوزان    بن عروس : أنشطة متنوعة وعروض فرجوية في الدورة الجديدة لمهرجان الشباب    كورنيش المحرس.. مجسم حديدي متآكل يثير القلق والبلدية تتحرك    عاجل/ إيقاف المعتدين على حافلة وعربة المترو 6..    المقاومة اليمنية تستهدف مطار اللد بصاروخ باليستي فرط صوتي    عدد من المصابين في إطلاق نار بحي يهودي في نيويورك    أم كلثوم حاضرة بصوت مي فاروق في مهرجان قرطاج الدولي    استعدادات حثيثة لانجاح الدورة 32 للمهرجان الدولي بسيدي علي بن عون    بعد اصطدام قوي: فهد مسماري يخضع لفحوصات طبية تطلب راحة لهذه المدة    نفقة مليونية وقصر فاخر.. اتفاقية طلاق تسبق زواج رونالدو وجورجينا    عاجل/ القبض على 67 متهما بتصنيع وترويج المواد الكحولية التقليدية في الكويت..    من قصر هلال إلى العالم: منتجات نسيجية تونسية تهزم المستورد وتغيّر حياة ذوي الإعاقة    تفاصيل مقترح روسيا لإنهاء الحرب.. ماذا طلب بوتين من ترامب؟    عاجل: مهرجان ڤرمدة يعلن إلغاء عرض صوفية صادق ...الأسباب    نبتة رخيصة الثمن تحمي من السرطان وتخفض ضغط الدم: تعرف عليها    أكثر من 804.8 ألف تونسي تحصلوا على قرض من مؤسسات التمويل الصغير    عاجل: أزمة جديدة بين البرازيل وأمريكا بسبب رسوم على العنب    الترجي الرياضي: البرازيلي رودريغو يرحل و الجزائري بوعالية يقترت و سان يواصل المشوار    هل السباحة ممكنة خلال اليومين القادمين؟..    صادرات تونس من الغلال تجاوزت 96 مليون دينار مع منتصف شهر اوت    عاجل: إنهاء مهام مسؤول في تنظيم الحج والعمرة    مخبر النسيج بمعهد الدراسات التكنولوجية بقصر هلال يقوم بتسجيل 40 براءة اختراع 3 منها خلال السنة الجارية (مديرة المخبر)    كميات الأمطار المسجّلة في تونس خلال 24 ساعة الأخيرة    تيمور تيمور غرق وهو ينقذ ولدو... وفاة صادمة للفنان المصري    حمزة شيماييف بطل العالم للفنون القتال المختلطة    تاكلسة: وفاة شاب في حادث مرور    أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي يسلّط الضوء على دلالات الأرقام الجديدة للنمو والتشغيل    ورشات في التحليل السينمائي من 20 الى 23 اوت القادم بمنزل تميم    قبل ما ترقد، تستعمل التليفون.. أما تعرف شنوّة تأثير الضوء الأزرق عليك؟    جربة: انطلاق اشغال ترميم جامع بن معزوز    عاجل: الصوناد توفرلكم خدمة رسائل قصيرة لمتابعة فواتير الماء    النادي الافريقي: راحة بيومين للاعب فهد المسماري    الحرارة بين 29 و40 درجة: تقلبات جوية مرتقبة بعد الظهر...بهذه المناطق    عاجل: اضطراب في حركة المرور نحو جربة والوزارة توضّح الطرق الممكنة    نقل تونس: فتح محضر في حادثة تهشيم بلور إحدى الحافلات الجديدة    دقاش توزر: مواطنون يستغيثون: محطات النقل .. معاناة في الصيف والشتاء    مرتضى الفتيتي في حفل بمهرجان سوسة الدولي...فقدت الوعي فعواطفي هي التي غنّت الليلة    تاريخ الخيانات السياسية (48) .. انقلاب على المقتدر بيومين    نابل: انتهاء موسم جني وتحويل الطماطم بإنتاج حوالي 260 ألف طن    عاجل/ جمعية القضاة تدعو إلى الإفراج عن المسعودي..    ناج من حادث الجزائر يروي لحظات الرعب : تفاصيل صادمة    عاجل/ ارتفاع ضحايا التجويع في غزة إلى 251 شهيدا..    حجز 4 محركات ضخ وقوارير غاز منزلية بمنطقة الزقب بأوتيك..    احذر.. النوم المفرط قد يدمّر صحتك بدل أن يحسّنها!    عاجل/ الرصد الجوي يصدر نشرة متابعة..وأمطار منتظرة بهذه المناطق..    حملة وطنية لمراقبة ''الكليماتيزورات'' تسفر عن حجز آلاف الوحدات غير المطابقة...شنيا لحكاية؟    عاجل: قمة بوتين وترامب بألاسكا.. محادثات مثمرة بلا أي اتفاق رسمي    طقس اليوم: خلايا رعدية مصحوبة بأمطار أحيانا غزيرة بهذه الجهات    تاريخ الخيانات السياسية (47) ..وزراء و أمراء زمن الخلافة العباسية يحتكرون السلع    خطبة الجمعة...التوسّط في الإنفاق ونبذ الإسراف والتبذير    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سواق التاكسي وحرب الإشاعة ضد إجرام النهضة
نشر في الحوار نت يوم 08 - 02 - 2019

كثيرون كتبوا تدوينات قصيرة أو مقالات عن حوارات سياسية جرت بينهم وبين سائق تاكسي في أحد المدن التونسية وخاصة منها تونس الكبرى مما يجعل السامع أو المحاور يعتقد أو على الأقل يتوقع أن لا تكون المسألة مجرّد صدفة وإنما هي عمل هادف وممنهج ذلك أن أغلب آراء سوّاق التاكسي تصب في اتجاه واحد وهو تحميل كل مشاكل تونس الجديد منها والقديم وفشل النهوض الإقتصادي والتشغيل وإخفاق الثورة لحزب النهضة.
فالتاكسي عبارة عن "وكالة أنباء" متنقلة وسائقها هو محرر الأخبار أو مذيعها.

والغريب أن اعتبار سائق التاكسي مصدرا للأخبار موجود حتى في الثقافة الألمانية خاصة لدى كبار السن، فحين يستقلون "التاكسي" في الصباح يفتتحون الحوار مع السائق بالسؤال عن جديد الأخبار أو ما خفي منها عن المصادر الرسمية للأنباء. هذا ما لاحظته بحكم عملي عدة سنوات في المجال.
أوقفت يوم 2 فيفري 2019 تاكسي قرب محطة منصف باي باتجاه حيّ الانطلاقة، وسائق التاكسي في تونس عموما يشعرك بأنه صاحب فضل عليك وأنه "عمل مزية" إذ أركبك سيارته! وانطلق الحوار من اللحظة الأولى بعد ركوبي حيث أعلمني السائق أنه سيحسب سعر "باقاج" أي حقيبة ولم يكن معي حقيبة سفر وإنما كان معي حقيبة يدوية أصغر من تلك التي يصعد بها المسافر داخل الطائرة وحقيبة حاسوب محمول، تساءلت فقط من باب حب الإطلاع ومن باب "الزمالة" في المهنة! وبقصد المقارنة حيث أنه عندنا في ألمانيا يحق لسائق التاكسي أن يحسب معلوما إضافيا إذا كان الراكب يحمل معه أكثر من حقيقة سفر ولو أن ذلك نادرا ما يحصل!
لم أحصل على جواب واضح وفهمت من كلام السائق أنه من حقه قانونا أن يضيف دينارا إذا كان مع المسافر "باقاج" وتشعب النقاش!
سائقي حسب ما فهمت، هو مالك السيارة والرخصة وليس مجرد أجير على سيارة غيره وهو في عقده الرابع من العمر تقريبا، له قدر من الثقافة، تنقل من مشاكل القطاع ومن "الظلم" المسلط عليهم من الدولة والحكومات الفاسدة والمواطن، وطلب منّي أن أكتب عن مشاكلهم، عن الدخلاء عن القطاع والذين هم أساسا حسب ما قال من أعوان الأمن الذين يعملون دون رخصة ولا يدفعون أداءات مثل أهل القطاع، وذكر أن من أكبر الظلم أن الرخصة تعتبر ملكا للدولة فلا يحق لصاحبها بيعها أو توريثها خلافا لما هو في بلاد الغرب!
كنت أحاول أن أسمع أكثر مما أتكلم وقد كانت أمور أخرى تشغلني أكثر من الحديث معه
استرسل صاحبنا في الكلام محللا للوضع السياسي ولأداء الحكومة ولمسار الثورة!
تحدث عن الذين سرقوا البلاد ونهبوها، احتملت أنه يتحدث عن أقارب المخلوع وأصهاره ولو أن بوصلة الكلام في غير ذلك الاتجاه، استمر يتحدث عن النهب والسرقة والفشل والإندساس في مفاصل الدولة وتوزيع المهام والوظائف على الأبناء والأنصار!
ثم قال ندمت أشد الندم لأنني انتخبتهم يوما أو تعاطفت معهم بسبب ما تعرضوا له من ظلم وقهر! ... ولكنهم الآن يمارسون الظلم والقهر ولا أدري لماذا يكرهوننا؟! ... أغرقوا البلاد بالديون وغرفوا التعويضات دون رقيب أو حسيب وزعوا ميزانية الدولة على أنفسهم والمناصب المهمة وتركوا الشعب يعاني! ... ساندناهم وتعاطفنا معهم أيام محنتهم وانتخبناهم بعد ذلك فانتقموا منّا كأننا نحن المسؤولون عن اضطهادهم!
ولم يبق إلا أن يضع النقاط على الحروف ويسمي من يتهم بالضبط، ترددت كثيرا في خوض النقاش معه ثم سألته "عمّن تتحدث بالضبط لم أفهمك"؟ قال "جماعة النهضة" قلت "وهل أنت واثق من معلوماتك وما تقول"؟ قال بكل وثوق " أنا عندي المعطيات الدقيقة ومعلوماتي غير قابلة للنقاش أو التشكيك، أنا أعرف ابن جيراننا أخذ تعويضات والآخر أصبح مديرا كبيرا ولم يكن قبل الثورة شيئا، وعلي العريض جاري وقل لي أين ابنه الآن؟
فهمت من سياق كلامه أنه يعتبر العودة إلى العمل أو التشغيل بعد العفو التشريعي العام نوع من أنواع التعويض!
لاطفته ولم أغلظ عليه وقلت له إن معلوماته "الأكيدة والموثقة" كلها كذب حشى به المضللون رأسه وأنه وقع ضحية "لإعلام العار" إعلام سامي الفهري ومن لفّ لفه!
قال لي "أنا لا أشاهد التيليفزيونات البوبال"! ... قلت هذا جيّد، ثم ليأكد لي أنه ليس خصما إيديولوجيا للنهضة وأنه مقتنع بما يقول أنه من خلفية إسلامية! ... قلت لا تعنيني الخلفية بقدر ما يعنيني الصدق والحيادية!
أكّدت له أنني وأهلي وأصدقائي وإخواني الذين أعرفهم و ما أكثرهم المعنيون بالعفو التشريعي والعدالة الإنتقالية لا أحد أخذ مليما واحدا تعويضا أو جبر ضرر! وأن الحديث على أنه ليس من حقّ ضحايا الإستبداد أن يعودوا لأعمالهم أو يُوظّفوا أو ينصبوا في مواقع إن كانوا أهلا لها بصفتهم مواطنون مثل غيرهم هو جريمة في حقهم وحق الوطن!
بالملخص أعتقد أنني بعد النقاش وربّما نبرة الصدق أحدثت ثغرة في جدار قناعاته غير القابلة للنقاش! وختمت نقاشي معه بنكتة حيث كان ثمن السفرة ست دنانير ونصف سلمته عشرا وقلت له احتفظ بالباقي رغم أنني فقير ولم آخذ تعويضات أو ثمنا لنضالي! وأعلمته أنني سأوثق ما دار بيننا في مقال!

بقي السؤال الذي وجب أن يُطرح على الفاعلين في النهضة هل تقدّرون حجم إخفاقكم الإعلامي وحجم فشلكم في التواصل مع شعبكم لتبرئة ذمتكم أولا ولإظهار الحقائق ثانيا!
وتوعية الناس بما تحقق من نجاحات وما حصل من إخفاقات وما هي أسبابها.
ملفات كثيرة يعمل عليها خصوم النهضة ويخططون ويمكرون بالليل ثم ينفذون بالنهار لحشر النهضة في الزاوية وتقزيمها انتخابيا وحفر هوة بينها وبين جمهورها ومن وثق بها يوما، أو يعملون على استئصالها من المشهد السياسي بأكمله!
والنهضة في أغلب الأحوال صامتة لا تردّ ولا تُكذب، لا تُدافع ولا تُهاجم، ورغم أن لهذه السياسة بعض ميزات ولكن سلبياتها بدأت تطغى وبدأت الإشاعات تفعل فعلها في الجماهير المستغفلة التي تحولت هي بذاتها إلى مصادر لترويج الإشاعات.
خصوم النهضة يحددون ملفات حساسة يهاجمون من خلالها النهضة فيما يشبه الوشاية الكاذبة لدى القوى الدولية! ملفات من قبيل "تغيير النمط المجتمعي الحداثي" أو "التمكين الإخواني" أو "الإغتيالات السياسية" أو "الجهاز السري" أو "دعم الإرهاب" أو "قبض ثمن النضال" وغيرها من الملفات الحارقة التي يفتعلها الخصوم بخبث ومكر وتصمت عنها النهضة لأسباب واهية! ثم تصبح بعد ذلك "حقائق" يتناقلها سواق التاكسي وسيارات الأجرة والجماهير المستغفلة!
فمتى تنفر فرق مختلفة متخصصة للتعامل مع هذه الملفات لكشف الكذب وتوعية الناس وإظهار الحقائق حتى يذهب الزبد جفاء ويمكث ما ينفع الناس في الأرض!
طه البعزاوي
8 فيفري 2019


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.