عاجل-المهدية: كانك تُسكن في المناطق هذه..حضر روحك لانقطاع الضوء    شنيا الفصلين الي ''أسقطهم'' مجلس الجهات و الأقاليم من مشروع قانون المالية؟    وزير الفلاحة يكشف: زيت الزيتون التونسي ضمن الأفضل عالميًا... وهذه الأسباب    وزير النقل: الموانئ الذكية أصبحت ضرورة في ظل التنافسية الإقليمية والتطور التكنولوجي    بومرداس: وفاة تلميذين وإصابة اثنين آخرين في حادث مرور فظيع    الجمعة القادم: سفارة ليبيا بتونس تنظم احتفالية بمناسبة افتتاح المتحف الوطني بطرابلس    الاعلان عن انضمام مدينة سوسة رسميا الى عضوية الشبكة العالمية لمدن التعلم التابعة لليونسكو    قابس: انطلاق توزيع المساعدات الاجتماعية لمجابهة موجة البرد    مدينة الثقافة تحتضن يوم 08 ديسمبر الجاري "ملتقى مشروع المنظومة الوطنية للفرصة الجديدة"    الدورة الثالثة من ملتقى تونس للرواية العربية من 11 الى 13 ديسمبر 2025 بمدينة الثقافة    وزارة التجهيز: جلسة عمل لمتابعة المسار العام لإعداد المخطط التنموي للفترة 2026-2030    اليوم وغدا: توقّف كلّي لجولان الخط الحديدي تونس -حلق الوادي-المرسى    غدوة الدخول مجاناً لكل المتاحف والمواقع التاريخية في تونس!    فيلم "سماء بلا أرض" لأريج السحيري يفوز بجائزتين في بروكسال    إسماعيل الغربي يغادر مقر تربص المنتخب الوطني    الليلي ، الدريدي ، الكوكي : "مجموعة المنتخب الوطني في المونديال صعبة للغاية و لكن الأمل قائم"    العلا: آس أو آس تنظم يوما توعويا " عيش بأمان عيش فرحان"    عاجل/ غارات وقصف مدفعي مُكثّف على غزة..    مناظرة خارجية لانتداب 280 عريفاً بسلك الحماية المدنية..#خبر_عاجل    حادث مرور قاتل بهذه الجهة..#خبر_عاجل    عاجل/ اطلاق نار في فندق بهذه المنطقة..    مونديال 2026 – المنتخب التونسي يستهل مشاركته بملاقاة المتأهل من الملحق الاوروبي الثاني في هذا التاريخ..    آخر فرصة في كأس العرب 2025 : وقتاش ماتش النسور؟ و كيفاش ينجموا يتأهلوا للربع النهائي ؟    كأس التحدي العربي للكرة الطائرة: خالد بن سليمان يتوّج بجائزة أفضل لاعب وأحسن موزع    سوسة: ندوة علمية حول الكتابة للأطفال واليافعين    مصادر: الإعلان عن هيئة دولية لإدارة غزة في هذا الموعد    شركة تكافئ موظفيها بسيارات ورحلات : شكون باش يربح العام هذا؟    رسميا.. هذا أول المتأهلين إلى ربع نهائي كأس العرب 2025    مفزع/ ارتفاع حالات ومحاولات الانتحار في تونس..    عاجل: مع اقتراب رأس العام، حجز أطنان من المواد الغذائية الفاسدة بعدة ولايات    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أستراليا تفرض عقوبات على أفغانستان بسبب حقوق المرأة    كأس العرب قطر 2025: شوف برنامج مقابلات اليوم السبت    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. ودمشق ترحب    اللجنة المنظمة لكأس العرب 2025 تصدر بيانا بشأن فيديو أغاني لصدام حسين    الداخلية.. تفكيك شبكة دولية لترويج المخدرات وحجز كميات كبيرة من الكوكايين و"الزطلة" والحبوب المخدرة    استراحة الويكاند    مع الشروق : حقّ المواطن في الدواء .. أولوية    عاجل/ حجز قرابة ألف قطعة مرطبات وأطنان من المنتجات الغذائية غير صالحة للاستهلاك    فتح باب الترشح لتظاهرة "رمضانيات القصر السعيد" لسنة 2026    بعد منعه لأكثر من عام: فيلم "المُلحد" في قاعات السينما..    ترافل اند تور وورلد" تصنف تونس ضمن أفضل الوجهات لقضاء" عطلة رأس السنة الميلادية الجديدة    معبر رأس جدير: احباط محاولة تهريب مبلغ كبير من العملة الأجنبية وأكثر من 14 كلغ من الذهب    Titre    عاجل/ السفارة الأمريكية بتونس تعلن عن هذا القرار..    وزارة الشؤون الدينية الجزائرية: الأضرحة والزوايا جزء من هويتنا    غدوة اخر نهار للأيام البيض.. اكمل صيامك واغتنم الثواب    شويا ثوم وطماطم وبرشا بصل...وصفة من دكتورة تونسية    تظاهرة علمية لتسليط الضوء حول التحديات الحالية وآفاق مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية في تونس    حلا شيحة: "القرآن هو السبيل الوحيد للنجاة"    المنسنتير: المؤتمر الدولي الثاني للتغذية الدقيقة في هذا الموعد    بشرى سارة للحوامل المصابات بالسكري.. تقنية جديدة تعيد الأمل..    رحيل ساحر "مورتال كومبات"    عاجل: اليوم.. 18 ولاية تحت اليقظة الصفراء... أمطار، رعد ورياح قوية    تحسّن العجز الجاري إلى 1،6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في 2024    فانس يتهم الاتحاد الأوروبي ب"مهاجمة حرية التعبير" بسبب غرامة على "إكس"    خليفة "أبو شباب": سترى حماس الوجوه الحقيقية التي كان يجب أن تراها منذ وقت طويل    خطبة الجمعة .. التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيٌّ سياسي اللغة بريئة منه- جعفر عباس
نشر في الحوار نت يوم 13 - 10 - 2019

وقعت الصحافة العربية في حيص بيص فور أن قررت نانسي بيلوسي زعيمة الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب الأمريكي، الشروع في إجراءات محاسبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تمهيدا لإزاحته من منصبه على ما يعتبره ممثلو الحزب الديمقراطي في الكونغرس مخالفات جسيمة ينبغي أن تكلف ترامب منصبه، ومثل هذا الإجراء يسمى بالإنجليزية impeachment.

دلالات سياسية أمريكية للمحاسبة
وهذه هي الكلمة التي أوقعت الصحافة العربية في حيص بيص، فكان أن تحدث بعضها عن عزل ترامب، وبعضٌ عن التحقيق معه، وبعض ثالث عن سحب الثقة منه، وفي الكلمة شيء من هذه وتلك وهاتيك، ولكن تعذَّر التوصل إلى تعريب موضوعي دقيق ومتفق عليه، ليس لعيب أو قصور في اللغة العربية، أو لبؤس حصيلة الصحفيين العرب اللغوية، ولكن لأن القاموس السياسي العربي فيما يتعلق بالممارسة الديمقراطية محدود للغاية لأنه في عمومه "مستورد".
Impeachment التي عنتها بيلوسي، تتعلق بتوجيه تهمة لمسؤول حكومي رفيع ارتكب خطأ جسيما يستوجب محاسبته، للنظر في إمكان إبعاده عن منصبه في حال إدانته، أما في بريطانيا فالكلمة تستخدم عند توجيه تهمة الخيانة العظمى لأي شخص، وبما أن محاسبة رئيس الدولة على خطأ كَبُر أم صغر، غير متعارف عليه عربيا، فلا تثريب على الصحافة العربية وهي عاجزة عن الوصول إلى إجماع حول تعريب موحد للكلمة.

مسؤولون عرب فوق المساءلة
كل من يشغل منصبا تنفيذيا أو دستوريا رفيعا في العالم العربي يصبح فوق المساءلة ومحصنا ضد المحاسبة القانونية، طالما النظام الذي هو جزء منه قابض على مقاليد الأمور، بل إنه إذا تجاسر أحدهم ورمى زوج بنت رأس الدولة بالفساد مثلا، فإنه يعتبر متطاولا على الذات الرئاسية، وتنهال عليه تهم الخيانة والعمالة (لإسرائيل أو لإيران؛ ولم يعد أي جهاز مخابرات في العالم العربي يتهم خصوم الحكم بالعمالة للولايات المتحدة، كما كان الحال قبل عقدين ونيف في بعض الدول "المتحررة").
أنظر ما يجري في العراق هذه الأيام: خرج آلاف المواطنين في مواكب للمطالبة بتحسين الخدمات والأحوال المعيشية وتوفير فرص العمل للشباب ومحاربة الفساد، واعتبر حكام العراق الذين يفترض أنهم منتخبون ديمقراطيا، ذلك تطاولا وقلة أدب، يستحق عليها المتظاهرون الموت فكان أن حصدت ماكينة العنف الرسمي أرواح العشرات (مائة وأربعة قتيل حتى يوم الخميس الماضي) وألحقت بالآلاف إصابات متفاوتة الجسامة، وما كان ذلك إلا لأن العصبة (وإن شئت قل العصابة) الحاكمة ترى في تلك المطالب قدحا من الحفاة العراة في ذمة أهل الحظوة السياسية وتلك في تقديرهم من علامات الساعة، ولا يمكن إرجاء عقابهم إلى يوم الساعة.
والشاهد هو أنه ما من سلطة في أي دولة عربية، بمن فيها تلك التي بها برلمانات تمارس قدرا من الديمقراطية الحقّة، تملك صلاحية التحقيق مع رأس دولة ولو لمجرد العتاب، ولا يعرف التاريخ إلا استثناءات ممعنة في القِلّة لرؤوس دول عرب تنحوا عن مناصبهم طوعا او انصياعا لبنود الدستور، فغالبيتهم يرحلون عن الكراسي قسرا، إما بالموت على سرير أو بالإعدام، أو هربا من القصر في وجه ثورة شعبية أو انقلاب عسكري.
الإجراء الذي شرع فيه الحزب الديمقراطي الأمريكي (impeachment)، على أمل الإطاحة بدونالد ترامب، المنتخب بموجب النظام الرئاسي الذي يقضي باختيار الرئيس بالانتخاب الحر المباشر، ومنحه سلطات تنفيذية واسعة، ذلك الإجراء، يعادله في النظام البرلماني سحب الثقة من رئيس الوزراء وبالتالي من كامل حكومته، ولا أعرف برلمانا عربيا نجح في سحب الثقة من حكومة ما، رغم أن بعض النواب يطرحون الأمر من باب "تسجيل مواقف" لا غير.

حكم العسكر
بعد الاستقلال في مطلع عام 1956، خضع السودان لحكم ديمقراطي، وفي تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 1958 كانت هناك حكومة ائتلافية، وفي إطار لعبة الكراسي المعهودة، قرر غالبية النواب الإطاحة بالحكومة القائمة وتشكيل حكومة جديدة، فما كان من رئيس الوزراء، وبحكم شغله أيضا لحقيبة الدفاع، إلا أن مارس ضغوطا هائلة على قيادة الجيش كي تستولي على السلطة، على أن تعيدها إليه بعد فترة قصيرة، ولكن وبعد جلوسهم في قصر الرئاسة، استمرأ العسكر الحكم، وتمسكوا به حتى أطاحت بهم ثورة شعبية عام 1964.
لم يغادر أي من رؤوس الدولة العرب هؤلاء مناصبهم طوعا: جمال عبد الناصر، وأنور السادات، وحسني مبارك، وإبراهيم عبود، وجعفر نميري، وعمر البشير، ونوري السعيد، وعبد الكريم قاسم، وصدام حسين، وحافظ الأسد والحبيب بورقيبة، وزين العابدين بن علي، وأحمد بن بيلا، ومعمر القذافي وعبد الله صالح، والقائمة تطول، وبالتالي فلا عتاب ولا ملامة على الصحافة العربية إن لم تكن في قاموسها مفردات متعارف عليها لممارسات الحكم الديمقراطي، بما فيه إزاحة رأس الدولة عن السلطة سلميا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.