باريس - بحضوره للعشاء الرمضاني الذي نظمه المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ليلة البارحة الإثنين، بدا "بريس هورتفي" وزير داخلية فرنسا لكثير من الفرنسيين أنه يحاول إنقاذ صورته أمام الرأي العام بعد الجدل الذي أثاره شريط فيديو على الإنترنت تفوه فيه الوزير بجمل اعتبرت عنصرية ضد العرب. يأتي ذلك في الوقت الذي اعتزمت فيه إحدى المنظمات الحقوقية رفع دعوى قضائية ضد "هورتفي" بتهمة العنصرية وسط دعوات عديدة من قبل المعارضة اليسارية باستقالته من منصبه. ففي قاعة عمومية غصت بممثلي مسلمي فرنسا بمناسبة العشاء الرمضاني السنوي الذي ينظمه المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية حرص "بريس هورتفي" وزير داخلية فرنسا مساء يوم 14 – 9 – 2009 على التأكيد على حرصه الشخصي وحرص "الجمهورية" على مقاومة كل أشكال العنصرية والإسلاموفوبيا الموجودة في فرنسا. وقال "هورتفي": إن الإسلاموفوبيا (ظاهرة الخوف من الإسلام) لا مكان لها في بلادنا، كما أكد الوزير بحضور "محمد موساوي" رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية "رفضه لكل أشكال الجدل النابع من سوء الفهم". وأضاف أنه "يأسف لهذا الأمر ويحترم كل الفرنسيين الذين يعيشون على التراب الفرنسي مهما كانت انتماءاتهم العرقية ومهما كانت ديانتهم". واعتبرت كلمة وزير الداخلية الفرنسي وحضوره العشاء الرمضاني ردا على الاتهامات التي وجهت له بالعنصرية على إثر واقعة حدثت في أثناء حضوره لتجمع طلابي صيفي في وسط فرنسا نظمها التجمع من أجل الحركة الشعبية الحاكم. ففي يوم 5 – 9 – 2009، وأثناء زيارة لهذا التجمع الطلابي، طلب شاب من أصول مغاربية يدعى "أمين" من وزير الداخلية الفرنسي أخذ صورة معه وهو الطلب الذي لباه وزير الداخلية الفرنسي بكل ترحاب وأثناء الحديث إلى الشاب "أمين"، تلفظ وزير الداخلية الفرنسي ضاحكا بعدة جمل من قبيل "إنه (أمين) لا يستجيب للصورة المعروفة عن العرب"، في إشارة إلى كونه "يدخن ويشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير"، بحسب إحدى زميلات أمين. وقال وزير الداخلية الفرنسي أيضا: "يجب دائما أن يكون واحدًا (عربيا) ولكن إذا كانوا كثيرين (عرب) فستقع العديد من المشاكل"، وهي الجملة الأخيرة التي أثارت الكثير من الجدل ودفعت أحزاب المعارضة الفرنسية، كما المنظمات الحقوقية إلى دعوة وزير الداخلية إلى الاستقالة. دعوى قضائية وعلى الرغم من إصدار الشاب "أمين" تسجيل فيديو بثه على الإنترنت برأ فيه وزير الداخلية من التوجه إليه بجمل عنصرية، وبالرغم من التوضيحات العديدة التي رددها وزير الداخلية على وسائل الإعلام بكون جمله لا تحمل أي خلفيات عنصرية، فإن المطالب باستقالته ومطالبته بالاعتذار لم تتوقف طوال الأيام الأخيرة. وفي آخر ردود الفعل على جمل بريس هورتفي وبعد اجتماع مكتبها التنفيذي الموسع يوم الإثنين 14 – 9 – 2009 قررت "الحركة ضد العنصرية ومن أجل الصداقة بين الشعوب" رفع دعوى قضائية ضد وزير الداخلية الفرنسي بتهمة "التحريض العنصري"، هذا في الوقت الذي طالبت فيه منظمة "النجدة من العنصرية" الفرنسية "هورتفي" بالاعتذار. أما أحزاب المعارضة وأبرزها الحزب الاشتراكي فقد دعت وزير الداخلية الفرنسية إلى الاستقالة من منصبه. وفي تعليق له على الضجة المثارة ضد وزير داخليته طالب الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي" بالابتعاد عن "الجدل العقيم" حول تلك الواقعة، فيما تضامن جل وزراء الحكومة مع "بريس هورتفي" نافين عنه صفة العنصري. وتقلد "بريس هورتفي" منصب وزير داخلية فرنسا منذ حوالي شهرين في التعديل الوزاري الأخير، وكان أول وزير يتقلد منصب وزارة الهجرة والهوية الوطنية التي استحدثها الرئيس نيكولا ساركوزي منذ وصوله إلى قصر الإليزيه سنة 2007. وعرف "بريس هورتفي" بتصريحاته المثيرة للجدل وخاصة أنه كان من أكبر المساندين لقانون فرض شرط التحقق من "الجينات الوراثية" من أجل جلب المهاجرين لأقاربهم من بلدانهم الأصلية، وهو القانون الذي اعتبرته المعارضة ومنظمات حقوق الإنسان منافيا لمبادئ فرنسا الإنسانية.