بقرار قضائي.. هيفاء وهبي تعود إلى الغناء في مصر    فيضانات وزلازل وحرائق.. شوف الكوارث اللى صارت في العالم سنة 2025    كيفاش نقصوا في L'impôt بش نزيدوا في الشهرية؟    كيفاش تقرى fiche de paie متاعك؟    معارض الكتاب فضاءات تجمع بين التجارة وتنمية عادة المطالعة    دواء معروف طلع ينقص الرغبة في التدخين والكحول... نتائج مفاجئة من دراسة جديدة    ليلة رأس العام بداية من ال 8 متع الليل: ميساج بش يوصل ل 3 ملاين تونسي    سامي الطرابلسي يحسمها: لا لعب على التعادل أمام تنزانيا    الدورة 40 لمعرض الكتاب: تواصل قبول الأعمال المرشحة لجوائز الإبداع الأدبي والفكري والنش    نابل: الشروع في استغلال السوق الاسبوعية بقرمبالية مطلع الأسبوع القادم    كتائب القسام تنعى السنوار وأبو عبيدة    دبي تستضيف حفل جوائز الفيفا للأفضل العام المقبل    مدرب تنزانيا: مستعدون لخوض "حوار كروي قوي" ضد المنتخب التونسي    حوالي 40 بالمائة من المساحة المحترثة مخصصة للزياتين وتونس تساهم عالميا ب30 بالمائة من التمور    عاجل/ هذا ما قرره القضاء بخصوص الاعتراض الذي تقدم به أحمد نجيب الشابي..    ماجول يؤكد ان ما تحقق بين تونس والسعودية يظل أقل من الامكانيات، ووكالة النهوض بالاستثمار الخارجي تدعو السعوديين الى الاستثمار في تونس    تونس تحتضن اشغال ملتقى قرطاج الثامن عشر للتامين واعادة التامين من 1 الى 3 فيفري 2026    وزير التربية يعلن 2026 سنة مطالعة    عاجل: إلغاء انتخابات الرابطة المحترفة وإقرار إعادتها    وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي تدعو السعوديين الى الاستثمار في تونس    رياض دغفوس : المتحوّر "K" المتفرّع عن فيروس H3N1 لا يشكّل خطورة أكبر من غيره ويجب الالتزام بالإجراءات الوقائية    الأمطار ترجع : شنيا يستنى فينا الأيام القادمة؟    مدرب تنزانيا :'' أنا فرحان برشا بالتجربة وبالأيامات اللي عديتها في تونس''    تتزعمها ستينية: تفاصيل تفكيك شبكة دعارة..#خبر_عاجل    عاجل/ الاشتباكات مع "داعش": وزير الداخلية التركي يكشف حصيلة الضحايا في صفوف الشرطة..    الأونروا: انهيار 17 مبنى وتضرّر أكثر من 42 ألف خيمة في غزة جراء المنخفض الجوي    إدمان قطرات الأنف؟...سرّ خطير علر صحتك لازم تعرفه    عاجل: شحنات لحوم مبرّدة ملوثة كانت ستباع للتوانسة ...تفاصيل تكشفها غرفة القصابين    عاجل: تركيا.. اعتقال ملكة جمال ومغني راب في قضية مخدرات    عاجل:الابن الي قتل والده الطبيب في فرنسا...أخفى الجثة في حديقة المنزل...تفاصيل مرعبّة    حصيلة أبرز الأحداث الرياضية لسنة 2025... الثلاثي الثاني (أفريل – ماي – جوان)    سليانة: تقدم موسم البذر بنسبة 94 بالمائة    جريمة دامية بالقاهرة.. طعنة غادرة تنهي حياة شاب وسط ذعر المارة في المقطم    ديوان البحرية التجارية والموانىء ينتدب تونسيين    التوانسة في فرنسا يتصدّروا قائمة الحصول على الجنسية الفرنسية    هام/ 6 مؤشرات أساسية لتطمئن على صحة قلبك..    غلوب سوكر 2025: نجم باريس سان جيرمان يتوج بجائزة أفضل لاعب في السنة    اتصالات ومهلة وزيارة سرية: "كواليس" تكشف لأول مرة عن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال..#خبر_عاجل    برشا ماتشوات اليوم: اليك شكون ضدّ شكون الوقت والقنوات الناقلة مباشرة    لحظات صادمة في كأس الأمم الإفريقية.. حارس السودان ينهار على أرض الملعب    أسعار الخضر واللحوم والأسماك في أسواق العاصمة اليوم    مصنفان بالخطيران جدا ... "مونتيتي" و"الزبراط" في قبضة عدلية سيدي حسين    QNB ينظم ورشة مالية لتلاميذ مدرسة "الشاذلي خزندار" الابتدائية بالزهراء    عاجل/ وفاة طفلة دهستها حافلة قرب شلالات بني مطير..التفاصيل الكاملة للحادث..    عاجل/ بعد جريمة الأسبوع الماضي: "براكاج" جديد يستهدف سائق تاكسي..وهذه التفاصيل..    جدل واسع بعد حفل رادس : تذاكر مرتفعة وشكاوى من سوء التنظيم    شوف شنوا تاكل باش تقوي مناعتك في الشتاء    16 قتيلا و3 مصابين بحريق مدمر في دار مسنين بإندونيسيا    المكسيك: 13 قتيلا وعشرات المصابين بعد خروج قطار عن مساره    القيروان: اعتداء جديد على سائق تاكسي فردي يثير مخاوف مهنيّي القطاع    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    البنك الوطني للجينات يقوم بتركيز ثلاث مدارس حقلية بولايات سوسة وصفاقس وبنزرت    عاجل/ ايقاف صاحب مطعم..وهذا هو السبب..    وفاة الممثلة الفرنسية بريجيت باردو عن عمر يناهز 91 عاما    استراحة الويكاند    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب العربي.. سؤال محيّر
نشر في الحوار نت يوم 23 - 01 - 2010

عندما احتضنت بيت الحكمة، يوما دراسيا حول شاعر وحدة المغرب العربي الجزائري مفدي زكريا، كان من الطبيعي أن يحتلّ موضوع عن المغرب العربي الكبير حيّزا هاما من أحاديث الحاضرين.. وقد اتفقت المداخلات والآراء المذكورة في هذا السياق على أن جذوة المشروع الوحدوي المغاربي لم تخمد نيرانها، وقد حان الوقت اليوم لإزالة الرّماد الذي يحجبها حتى يعمّ نورها على بلدان المغرب العربي الكبير..
فيما تتجه مختلف دول العالم اليوم نحو بناء تكتّلات وتجمعات لتكون أكثر قوّة وحضورا تسير بلدان المغرب العربي عكس التيار؛ وبعد أن كانت من أوائل الدول التي انتهجت هذا المسلك الوحدوي تباعدت ليبقى "اتحاد المغرب العربي.. خيار استراتيجي"** مجرّد شعار مناسباتي وصفحة في كتاب تاريخ هذه البلدان.
وكان هذا الموضوع جوهر كلمة الدبلوماسي الجزائري الأخضر الابراهيمي، خلال اليوم الدراسي الذي احتضنه المجمع التونسي للعلوم والاداب والفنون - بيت الحكمة-. وقد تحدّث الدبلوماسي الجزائري باسهاب عن المشروع المغاربي والجدوى من الخطاب حول "ضرورة بناء الغرب العربي والمصير المشترك"، متساءلا: لماذا نجحت تكتّلات عالمية فيما فشلت الدول المغاربية في لمّ شمل هذه الوحدة المبعثرة.. ولماذا بقي هذا الخيار الاستراتيجي من الغيبيّات التي لم تتحقّق بعد على أرض الواقع بالشكل الذي يجعل من الدول المغاربية مجتمعة قوة عالمية؟
استهلّ الأخضر الابراهيمي كلمته بالحديث عن الشاعر الجزائري مفدي زكريا "الذي عاش منضلا من أجل تحرير الجزائر ومن أجل تحرير بلاد المغرب العربي الكبير من الاستعمار الفرنسي، كما آمن بضرورة تحقيق وحدة المغرب العربي ووحدة شمال إفريقيا، وقد حمل على عاتقه همّ القضية العربية وتحرير فلسطين.. وقد سعد مفدي بتحقّق هدفه وحلمه الأول وذاق سعد باستقلال الجزائر وطرد المستعمر منها، إلا أنه لم ير، كما لم نر نحن، إلى الآن أيا من الأحلام الأخرى تتحقق".
ويرى الأخضر الابراهيمي أن "ما يخجلنا جميعا اليوم في المغرب العربي، وفي بقية أنحاء العالم العربي أننا نرى العالم من حولنا يتقدّم ونحن نتراجع وفي أحسن الظروف نراوح مكاننا، بل حتى تقّدمنا كان خاطئ لأنه اقتصر على مجالات تقليدية كنا نظن أن التقدم فيها ضروري".
وخلال تساؤله عن "حقيقة المغرب العربي" أكّد الأخضر الإبراهيمي "أنه سؤال كبير ومحيّر"، فحين نرى دولا "أضعف" من بلدان اتحاد المغرب العربي الكبير نجحت في أن تتجاوز مشاكلها السياسية والحدودية وغلّبت مصلحتها الجماعية فإن الإجابة عن هذا السؤال "لا تسرّنا، بل ولا تشرّفنا كثيرا"..
ولأن الحديث عن الأوضاع الحالية للمغرب العربي بات أمرا تقليديا ولا جديد فيه رأى الأخضر الإبراهيمي أن المفيد في مثل هذه الحال "أن نوجّه أنظارنا إلى مناطق أخرى من العالم عالجت وتعالج بعض المسائل المماثلة لتلك التي نواجهها في المغرب العربي الكبير"، متحدّثا عن تجربته كدبلوماسي عاصر نشأة أقوى التكتّلات العالمية اليوم، وهو "اتحاد آسيان"، حيث يقول: "في أواخر الخمسينات وبداية الستينات كان هناك خلاف حاد بين أندونيسيا وجارة، المفروض أنها صديقة لها هي ماليزيا.
وكان بين الجارتين ما سماه الزعيم الإندونيسي أحمد سوكارنو في ذلك الوقت ب "konfrontasi"، "وهني كلمة ولّدها من المصطلح الاتجليزي "Confrontation""، فالعلاقات بينهما كانت متوترة جدا وعلى حافة التصادم، إلا أنه وبعد سنوات قليلة تمّ تجاوز كثير من المشاكل بين أندونيسا وماليزيا عبر بناء اتحاد دول شرق آسيا "آسيان".. هذا الاتحاد الآسيوي الذي أرست قواعده وأسسه دول لا تجمع بينها لا وحدة لغة ولا دين ولا حتى تاريخ مشترك، وقد نجح في جعل هذه الدول قوة متكاملة لها ثقل على مستوى العالم"؛ وهنا يتساءل الأخضر الإبراهيمي من جديد: "كيف نجحت هذه الدول فيما فشلنا نحن في تفعيل دور اتحاد مغربنا الكبير؟".
منذ أن ظهرت اللبنة الأولى لوحدة المغرب العربي كمشروع بناء إقليمي، بداية من مؤتمر طنجة 1958 وإلى غاية إعلان قيام اتحاد المغرب العربي بمراكش سنة 1989، سجّل الاتحاد المغاربي فشلا في أن يتحوّل من حبر على ورق إلى أرض الواقع كاتحاد فاعل يستفيد منه أكثر من 90 مليون نسمة يسكنون في منطقة استراتيجية هامة تشرف بسواحلها على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الاطلسي، وتشكل أقرب رابط بين الإتحاد الأوروبي والقارة الأفريقية.. ورغم ذلك فإن الأمل يبقى قائما في أن تتعامل بلدان المغرب العربي مع بعضها ك"شريك وسند وداعم قوي" لا ك"جار يتوجّس منه خيفة"..
فالهند والصين مثالا، حسب الدبلوملسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي، "عرفا توترا حادا بينهما سنة 1962، خاصة عندما قامت حرب حول الحدود الشمالية الشرقية بين البلدين، وكانت الحرب قد اندلعت حين رفضت الهند الاستجابة إلى طلبات الصين المتكررة بإعادة النظر في الحدود.. لكن رغم أن التوتّر بين البلدين استمر لزمن طويل إلا أن العلاقات بين الهند والصين لم تنقطع كما لم تمنع المشاكل الحدودية التواصل بينهما"..
ويضيف الإبراهيمي: "شاءت الأقدار أن أزور سنة 2005 نيودلهي، بعد زيارة إلى أندونيسيا بمناسة الاحتفال بمرور خمسين سنة على مؤتمر باندوغ، وتزامنت الزيارة مع زيارة رئيس وزراء الصين إلى الهند، وقد فوجئ المسؤولون في الهند حينها بهذه الخطوة التي فتحت المجال أمام تعاون وتواصل مستمر ومثمر بين البلدين اللذين اتفقا حينها على أن المشاكل الحدودية القائمة بينهما لن تعيق العمل المشترك بين الهند والصين..
وبناء على ذلك قفز التبادل التجاري بين اللبدين في السنة الماضية من 5 مليارات دولار إلى حوالي 12 مليار دولار، ومن المتوقع أن يرتفع هذه السنة إلى ما يزيد عن 40 مليار دولار"؛ ومرة أخرى يكرّر الأخضر الإبراهيمي السؤال "لما لا تتحقق مثل هذه التجربة بين بلدان المغرب العربي الكبير؛ كيف يبقى التعاون بين بلدان تتشارك في الحدود والدين واللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا هزيلا جدا"، ف "إذا كانت الحدود ببين الجزائر والمغرب غير مفتوحة، لماذا ننتظر، مؤكد أن الوضع لن يستمر على هذه الحال طويلا، ولكن إلى أن تفتح الحدود فإن التنقل بين البلدين ليس ممنوعا، هو متاح للطرفين، مثلما هناك حرية التنقل بين مختلف دول المغرب العربي.. إذن لنتواصل ونتحدث عن المغرب العربي، ونفكر في تطوير العمل المشترك بين بلدانه وتفعيل العلاقات بينها حتى يغدو قوة ذات ثقل".
وفي نفس هذا السياق تحدّث الإبراهيمي عن مثال الهند وباكستان، "فقد عصفت الخلافات بالبلدين منذ أن أعلنت باكستان انقسامها عن الهند وقامت بينهما حروب، ولكن البلدين أنشآ ما يسمونه ب"Track II diplomacy" وتوسّعت العلاقات مستمرة بين البلدين بهدف بناء مستقبل قوي في ظل الوضع العالمي الحالي"..
ومن أحد مظاهر شلل اتحاد المغرب العربي، الذي يبلغ من العمر اليوم 21 سنة، القطيعة الإقتصادية بين البلدان الأعضاء، ف"التعامل الاقتصادي مزدهر بين كلّ بلد من بلاد المغرب العربي وبقية دول العالم، إلا فيما بينها، فمثلا علاقات التبادل التجاري بين الجزائر والأرجنتين أكثر بكثير مما يتبادله أي بلد مغاربي مع جاره وأخيه القريب جدا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.