وكان 395 نائبا أمريكيا صوتوا بالتأييد، مقابل رفض ثلاثة، على مشروع قرار ينص على أن القمر الصناعي "نايل سات" الذي تشرف عليه الحكومة المصرية، و"عرب سات" الذي تشرف عليه جامعة الدول العربية، هما الأكثر امتلاكا لقنوات فضائية "تروج لأفكار إرهابية ضد الولاياتالمتحدة". وبعد مرور حوالي الشهرين من إصدار مشروع القرار طلبت جامعة الدول العربية من بعثتها ومجلس السفراء العرب في واشنطن بالتحرك لدي المسئولين الأمريكيين لإبلاغهم بالأثر السلبي الذي يمكن أن يحدث في حالة صدور قرار بفرض عقوبات على مشغلي القنوات الفضائية العربية، ومواصلة الحوار مع الجانب الأمريكي وموافاة المجلس بالتطورات حول هذا الموضوع والسعي لدى القنوات الفضائية الأجنبية لعدم بث برامج إعلامية تحريضية ضد العرب والمسلمين.
حيث يرى بعض المحللين أن هناك مؤامرة أمريكية غربية لتغييب العقل العربي وتسطيح الثقافة تمهيدا لمحو الروح الوطنية من قاموسنا، وبالتأكيد فإن الإعلام هو السلاح النافد لتحقيق هذه السياسة، حيث ترمي هذه السياسات إلى قصر وظيفة الإعلام على الترفيه وبث قيم أخلاقية شاذة على مجتمعاتنا المحافظة.
وقد استطلعت شبكة الإعلام العربية "محيط" آراء المختصين حول هذا القرار وذلك على النحو الآتي بيانه:
مخاوف من المتأمركين د. رفعت سيد احمد في البداية يصف د. رفعت سيد أحمد مدير مركز "يافا" للدراسات والأبحاث القرار الأمريكي ضد بعض الفضائيات العربية ب "العدواني" والذي يأتي ضمن حملة ضد المقاومة وهو أمر لا يثير الاستغراب بل على العكس يثبت قوة هذه الفضائيات، ولولا قوتها ما أصدرت الولاياتالمتحدة هذا القرار.
ويضيف أن قرارا عدوانيا كهذا يمثل اعتداء على حرية الإعلام العربي وتدخل في شئون منطقة من المفترض أنها ليس لها علاقة بأمريكا تلك الدولة المتغطرسة والمستعرضة قوتها دائما.
ويؤكد د. رفعت أن مشروع القرار لا يثير المخاوف كما تثيره احتمالية خضوع بعض الدول العربية للإرادة الأمريكية واستجابتهم لمطالبها ومنع هذه القنوات من البث داخل أراضيها، فالخوف ليس من أمريكا بل من "المتأمركين" .
ويعلق د. سيد على رد الفعل العربي على مشروع القرار بقوله إن الجانب العربي دائما هو الضعيف ؛ لأن حكامهم في الجانب الضعيف ولو أنهم أقوياء يقولون لأمريكا "لا" ولكان الوضع تغير، ولكنهم جبناء ومطيعين لواشنطن لذا تضربنا دائما على وجوهنا، موضحا أن ما يعكس ضعف العرب هو رد فعل جامعة الدول العربية الواهن على هذا القرار، والتي يمكن وصفها بأنها مكان للدردشة دون اتخاذ قرارات جريئة ووطنية.
وأخيرا أفاق العرب
ويلفت د. صفوت العالم أستاذ الإعلام السياسي بكلية الإعلام جامعة القاهرة الانتباه إلى أن هذا القرار يُعد له منذ خمسة أشهر وصدر منذ حوالي شهرين وأخيرا أفاق وزراء الإعلام وناقشوه في جلسة استثنائية وقبل هذه الفترة لم يتحرك أي سياسي عربي لمناقشة الإدارة الأمريكية حول تداعيات هذا القرار السلبية.
كما لم يحظ هذا القرار بتغطية إعلامية عربية جيدة، حيث لم تتعامل وسائل الإعلام العربية معه بشكل جاد رغم صدوره بأغلبية من مجلس النواب الأمريكي، مما يؤكد مصاحبته لحملة دعائية كبيرة في أمريكا، وعلى الجانب الآخر جاء تحرك الجامعة العربية متأخرا.
ويبين د. صفوت أنه من المفترض أن يتم التعامل مع هذا القرار على أعلى مستوى سياسي في جميع الدول العربية، لأن خطورته تكمن في كونه يبدأ بأربعة قنوات اليوم وبالتدريج يمكن أن يصل إلى عشرين قناة بعد ذلك، وبالتالي يصبح التعامي عن هذا القرار منافي للمنطق.
قنوات مؤثرة
د . صفوت العالم
ويبرر د. عمار على حسن رئيس قسم الأبحاث بوكالة أنباء الشرق الأوسط موقف أمريكا من قنوات "الأقصى" و"المنار" و"الزوراء" و"الرافدين" بأنها ترى أن الإعلام تحول في الفترة الأخيرة إلى قوة قادرة على التأثير والتغيير وقد أفلح أعداء واشنطن في استخدامه ضد إستراتيجيتها في الوطن العربي وآسيا ومن ثم سعت لتحجيم هذا الدور المهدد لمصالحها.
ويأتي هجومها على هذه القنوات ضمن حربها "ضد الإرهاب"، من وجهة نظرها، وهي الناطقة باسم أعدائها في المنطقة العربية، فقناة "القدس" ممثلة لحركة حماس و"المنار" ناطقة باسم حزب الله، بالإضافة إلى قناتين عراقيتين، وجميعها تعبر عن حركات مقاومة لمصالحها، ولا يقتصر هجوم واشنطن على هذه القنوات فقط بل يتخطاها إلى القنوات التي تستضيف مفكرين وكتاب مضادين لسياساتها.
ويؤكد د. عمار أن قرار أمريكا المضاد لبعض القنوات العربية يعتبر طبيعيا ولكن ما ليس طبيعيا أن الحكومات العربية والكتاب والمثقفين من الممكن أن يستجيبوا لرغباتها في إسكات صوت هذه القنوات.
ليست رسول حرية
ويبين د. على حسن أن أمريكا لا تتخذ في اعتبارها اتهامها بتقييد حرية الرأي والتعبير، حيث أن هذه سنة كل القوى العظمى منذ قديم الأزل ، حيث تستخدم خطابا إنسانيا قائما على تحرير الآخر ونشر الديمقراطية دون إيمانها بهذه المسألة، مثل ما حدث وقت دخول نابليون مصر حيث أدعى أنه يهدف إلى تحرير المصريين من حكم المماليك وهو نفس الإدعاء الذي رددته أمريكا وقت دخولها العراق.
والواقع دائما يثبت أن أمريكا ليست رسول حرية، وعندما تجد أن أسلوب الديمقراطية والحرية لا يحقق مصالحها تنقض عليه وتغيره.
ويشرح د. عمار خطة أمريكا في معاداتها للقنوات العربية التابعة لحركات المقاومة بأنها بدأت بحرب استباقية قامت خلالها باتهام القنوات المضادة لمصلحتها بالتطرف والإرهاب ونشر التفرقة والنزاعات داخل مجتمعاتها، وبالتدريج يتم نزع صفات الطهر والنزاهة والمصداقية عنها، ثم تقوم أمريكا بتحجيم دورها.
وأمريكا في حربها ضد القنوات الأربعة العربية لم تتحدث حتى هذه اللحظة بشكل سافر، حيث لم تصرح بأنها سوف تقاطع الدول التي تسمح ببثها على شعوبها، ولكنها تدعو هذه الدول إلى عمل تصور عن دور الإعلام في نشر الإرهاب وتطلب من بعض حلفائها أن يطرحوا هذه الفكرة للنقاش وبالتدريج تجعلها تتبنى هذا الاتجاه. د. عمار علي حسن
ويوضح د. عمار أن ضعف الرد العربي على هذا القرار قد يكون نابعا من سببين: أولهما: مصلحة بعض الدول العربية فى إجهاض تيار المقاومة والممانعة؛ لأنه يتهمها دائما بالعمالة والخنوع والتبعية وبأنها تمثل أبواقا للنظم الغربية وأمريكا.
ثانيهما: يحرج تيار المقاومة العديد من الأنظمة أمام شعوبها مثل حزب الله الذي أحرج إسرائيل أمام شعبها وكذلك تفعل حماس وأيضا المقاومة العراقية التي تظهر وجه الاحتلال الأمريكي السافر على شعب العراق مما يحرج أمريكا أمام مواطنيها ويثير ضدها الرأي العام.
وعلى الجانب الآخر، لا ينتفض العرب على القنوات المهاجمة لهم في أمريكا ووسائل الإعلام التي تشوه صورتهم، لأنهم غير منظمين وغير جادين وغير مدركين لتأثير الصور النمطية السلبية التي التصقت بهم وتأثيرها على مصالحهم ونظرة العالم لهم، بينما ما يهم الحكام هو البقاء في كراسيهم ويجمعوا ما يستطيعوا من ثروات. ويكفي أن تحركهم بعد صدور قرار اتهام القنوات الأربعة بالإرهابية كان تلبية لرغبة أمريكا في إحداث هذا التحرك.
القوي يفرض شروطه
بينما ترى د. نجوى كامل أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن دعوة أمريكا للديمقراطية وحرية الرأي والتعبير وتصرفها بشكل عكسي مع وسائل الإعلام العربية يكشف كذبها وحجتها الواهنة التي ترددها دائما وهي حماية أمنها القومي.
وتوضح د. نجوى أن أمن أمريكا القومي يأتي دائما في المرتبة الأولى قبل الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير وهي المبادئ التي تبخرت بعد أحداث بعد 11 سبتمبر، ودائما ما تتعامل أمريكا مع كافة القضايا بازدواجية المعايير، وهو شيء غير مستغرب.
أما الخطورة المتوقعة من قرار أمريكا المضاد لبعض الفضائيات العربية فيتمثل في أنه قد يتفق مع مصالح بعض البلاد العربية التي ترغب في إخماد هذه الأصوات.
وتؤكد د. كامل أن القوي دائما يفرض شروطه وأمريكا هي الأقوى ونحن الضعفاء، والتساؤل الذي يطرح نفسه الآن ماذا لو اعترضت الدول العربية على السياسات الأمريكية المعادية لها؟ ما الذي تملكه حتى تفعله ؟! ونحن العرب معتمدين عليها وعلى الدول الغربية اعتمادا كليا ونستورد منهم كل شيء.
ولو فرضنا بأن العرب قرروا المقاطعة لهذه الدول الغربية، فلن تتفق الدول العربية على هذه المقاطعة لأنه ببساطة لا يوجد موقف عربي موحد.
وتختتم د. نجوى كامل حديثها حول تأخر العرب في الرد على القنوات المعادية لهم في أمريكا والغرب، بأنهم لم يقدموا صورة إيجابية عن أنفسهم، مبينة أن الإعلام الغربي من جهة أخرى يتعامل بشكل مستفز مع كافة المواضيع ولا يحترم مبادئ أو قيم أو أديان ولذا نجد بعض الأفلام الغربية ليس بها أدب خطاب مع الذات الإلهية . مصدر الخبر : محيط a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=4026&t=الرقص والخلاعة.. دليل "براءة" الفضائيات العربية من تهمة الإرهاب&src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"