بإيجابيتها ونظرتها التفاؤلية.. أبت الاستسلام لواقع سلبي يدعو ل"فقدان الأمل".. فبالأمس رأت الإعلام الغربي يعرض صورة مشوهة للإسلام، فاخترقته ببرنامجها "بنات حلال".. واليوم لمست غياب مسلمي هولندا عن مساعدة منكوبي هاييتي فقررت اختراق ميدان العمل الخيري بحملة لجمع التبرعات ما زالت مستمرة حتى اليوم برغم ما واجهها من عقبات. إنها الشابة الهولندية أسماء الورياشي التي تؤكد في تصريحات خاصة ل"إسلام أون لاين.نت" أن ما حفزها لاختراق كل مجال، واقتحام كل ميدان، هو "الحرص على توصيل صورة الإسلام الحقيقية للغرب، وتوضيح أنه دين للتعايش بين أبناء الإنسانية جميعاً في سلام". تبدأ قصة مبادرتها الأخيرة في 21 يناير الماضي، حينما انتفضت هولندا بأكملها لمساعدة ضحايا زلزال هاييتي، من خلال الحملة الوطنية الواسعة التي شملت جميع أنحاء الدولة الأوروبية، وبينما تتابع أسماء فعاليات الحملة عبر التلفاز وتقرأ أسماء المتبرعين، فوجئت بأمرين، على حد قولها. "أولهما- توضح أسماء- أنني لاحظت عدم وجود أي أسماء إسلامية سواء لأشخاص أو مؤسسات خلال الساعات الأولى لانطلاق الحملة الوطنية، بينما تمثل الأمر الثاني في ظهور جيرت فليدزر صاحب فيلم فتنة المسىء للإسلام، وهو يتقدم صفوف جامعي التبرعات حاثًّا الناس على التبرع". مبادرة المليون تستطرد الفتاة العشرينية: "هالني الأمر، ورحت أفكر في الدور الذي علي القيام به كإحدى مسلمات هولندا، بينما أنا كذلك إذا بصديقتي ممثلة المسرح التركية (نيلغون يرلي) تطلبني على الهاتف قائلة: علينا القيام بشيء من أجل الإسلام". وقالت: "هنا نشأت فكرة إطلاق حملة تهدف لجمع مبلغ مليون يورو من مسلمي هولندا من أجل ضحايا هاييتي، ثم الإعلان عن حصيلة هذه الحملة في قنوات التلفزة حتى يكون لمسلمي هولندا دورا بارزاً وواضحاً أمام المجتمع ونؤكد للغرب أن الإسلام دين إنساني ورحمة وليس إرهابا كما يدعي البعض منهم". وتابعت: "على الفور أجريت عدة اتصالات بشخصيات مسلمة هولندية أيدت الفكرة، فشرعت في تنفيذها، لكن برغم الحماس فإن نقص الخبرة المسبقة مثلت عائقا كبيرا، تجلى في كيفية بدء الحملة والترويج لها، ما أثر على مردودها بشكل كبير". الحساب 555 تستطرد: "كنت حريصة على عدم لصق الحملة بي حفاظًا على نجاح الفكرة وشفافيتها، لذا رأيت أنه من الأسلم جمع تبرعات مسلمي هولندا عبر الحساب العام المعلن في الحملة الوطنية (555)، ولكن باسم الإسلام، حتى يعرف الجميع مشاركة مسلمي هولندا". وبهذا الاتفاق بدأت أسماء حملتها في 21/1/2010 الساعة الثانية ظهراً لجمع التبرعات عبر هذا الحساب، لكن ما حدث بعد ذلك مثل لها صدمة بالغة، وتواصل سرد ما حدث: "بعد وقت قصير؛ تلقيت اتصالا من القائمين على الحملة الوطنية يخبروني أنهم لم يتمكنوا من فصل التبرعات التي تأتي تحت اسم الإسلام عن التبرعات الأخرى". وتضيف: "هنا صرخت بكل غضب قائلة لهم: لقد ارتكبتم خطأً كبيراً؛ لأن مسلمين أغنياء كانوا قد تبرعوا خلال يوم واحد بنحو 56 ألف يورو، وطلبت منهم التوقف عن جمع تبرعات المسلمين بعد أن فقدت الأمل في تحقيق هدفي بجمع مليون يورو، لأن انتشار الحملة الوطنية والترويج لها واحتراف القائمين عليها يفوق ما يمكن أن أفعله وحدي كثيراً". حساب خاص وبعد المشكلة مع حساب 555 قامت أسماء على الفور بالاتصال بالبنك الذي فيه رقم حسابها البنكي الخاص وسألته إذا كان من الممكن أن تجمع التبرعات لصالح هاييتي على رقم حسابها، دون أن يسبب ذلك أي مشاكل مع الضرائب، فأجابوها بأنه لا مشكلة في ذلك شرط أن يقوم المتبرعون بتحديد المبلغ الذي يوضع بأنه لصالح هاييتي، فنقلت حملتها إلى رقم حسابها الخاص، بحسب قولها. "وللأسف- تروي أسماء- منذ بدأت الحملة على حسابي الشخصي وحتى اليوم وصلت التبرعات إلى 6 آلاف يورو فقط؛ لأن الكثيرين كانوا قد وجهوا تبرعاتهم بالفعل إلى حساب 555، ولضعف إمكانياتي الترويجية مقارنة بالحملة الوطنية، فضلاً عن وجود بعض منتقدي الحملة الذين اتهموني بالبحث عن الشهرة لا خدمة الإسلام". وتستطرد: "لكن عمل الخير لا يلتفت للعقبات ولا الانتقادات، ولذا استمررت في الحملة، ومازلت مستمرة حتى اليوم الذي أذهب فيه إلى هاييتي وأوثق عبر الصور والفيديو جميع خطوات تسليم هذه التبرعات وتوزيعها حفاظاً على سمعتي وشفافية الحملة أمام المتبرعين، وذلك عملاً بنصيحة بعض أئمة المساجد". وتلفت أسماء إلى أنها أجرت اتصالات بكل من منظمة الإغاثة الإسلامية ومنظمة الإغاثة التركية بحثاً عن من يساعدها لإيصال المساعدات إلى هاييتي، وقد وافقت الأخيرة على تأمين سفرها من وإلى هاييتي بداية مارس المقبل. وحول الرسالة التي تريد إرسالها عبر هذا النشاط، لمسلمي هولندا، قالت: "علينا أن نعطي للعالم صورة أجمل عن الإسلام"، بينما رسالتها للمجتمع الهولندي هي "لسنا كلنا إرهابيين ولسنا كلنا غير متعلمين". وحول نظرة المجتمع الهولندي لمبادرتها، تقول "كل من وصله الخبر من الهولنديين من غير المسلمين؛ أثنى على هذا العمل الخيري الذي يقوم به المسلمون"، وبنبرة حزن وتأسف تختتم: "لم يتحقق هدفي في جمع مليون يورو.. لو كان كل مسلم تبرع بيورو واحد، لجمعنا المبلغ كله، ولكانت ردة الفعل من قبل المجتمع الهولندي كبيرة وعظيمة نحونا". ويشكل مسلمو هولندا نحو مليون شخص من إجمالي 16 مليون نسمة هم عدد سكان البلاد، ومعظم هؤلاء المسلمين من أصل تركي ومغربي.