ذكرت مصادر دبلوماسية ليبية في القاهرة أن الزعيم الليبي معمر القذافي حسم مكان انعقاد القمة العربية ليكون في مدينة سرت في 27 و28 اذار (مارس) المقبل، بعد أن أدى تأخير إعلان مكان القمة إلى إرباك الوفود العربية، التي لم تعرف أين ستعقد القمة، وجعل المسؤولين عن ترتيب انتقال القادة في حيرة من أمرهم. وقال السفير هشام يوسف، رئيس مكتب أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى، لصحيفة 'الشروق' إن القمة العربية تعقد بمن يحضر، مشيرا الى أن قمة لبنان حضرها عدد قليل من القادة العرب لا يتجاوز النصف، غير أنها خرجت بقرارات مهمة. وأوضحت الصحيفة أن القمة العربية المقبلة تواجه 'ألغاما' منها مصير مشاركة لبنان فيها والقضايا العالقة بين ليبيا والسعودية والأزمة بين مصر والجزائر وسورية ومصر، غير أن يوسف يرى أن هناك متسعا من الوقت حتى انعقاد القمة للتعامل مع العديد من هذه القضايا. وأوضح يوسف قائلا: 'إننا لا نراها ألغاما ولكنها تحديات وصعوبات تواجه العديد من الاجتماعات العربية'، مؤكدا أن قمة سرت ستخرج إلى بر الأمان ، و'هو ما نعمل على تحقيقه وما نأمله'. وقالت مصادر عربية رفيعة ل'القدس العربي' ان الامين العام للجامعة عمرو موسى نجح بتذليل عقبة كبيرة امام القمة، اثر اقناعه العقيد القذافي بعدم الاصرار على حضور الزعماء العرب. واضافت المصادر قولها ان العقيد القذافي كان يعتزم الاعلان عن استقبال ليبيا للزعماء العرب بالقمة، والامتناع عن استقبال اي ممثلين لهم ،الا ان موسى نجح باقناع القذافي بان غياب اي زعيم عربي لن يقلل من اهمية القمة، كما ان قمة سرت لن تكون الوحيدة التي قد يتغيب عنها بعض الزعماء. وقالت مصادر عربية اخرى ل'القدس العربي' ان القاهرة ذللت عقبة اخرى من امام القمة بعد نجاحها باقناع القذافي بالتراجع عن فكرة عقد لقاء مصالحة بين حركتي فتح وحماس على هامش القمة. وكان اعتزام ليبيا عقد هذا اللقاء سيثير غضب مصر. واكد موسى الخميس ان لبنان سيشارك في القمة في ليبيا، تاركا موضوع مستوى المشاركة الى 'الوضع اللبناني'. وقال موسى للصحافيين اثر لقائه الرئيس اللبناني ميشال سليمان 'الحديث تطرق الى موضوع المشاركة اللبنانية في القمة، ولبنان سيشارك في هذه القمة ولا نزاع على هذا الامر'. واضاف 'اما كيف ومستوى التمثيل وغيرهما من الامور فمسألة متوقفة على الوضع اللبناني ولدينا الوقت الكافي لهذا الامر'. وترتبط مسألة مشاركة لبنان فيها بالموقف اللبناني من ضلوع الزعيم الليبي معمر القذافي في تغييب الامام الشيعي موسى الصدر قبل ثلاثين عاما. وكان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري حمل في اب (اغسطس) 2008 الزعيم الليبي 'مسؤولية شخصية' عن اختفاء الصدر. وقال بري في الذكرى الثلاثين للاختفاء الغامض للامام الشيعي 'نقول لرأس النظام الليبي معمر القذافي، ان اخفاء الامام الصدر ورفيقيه مسؤوليتكم الشخصية ولن يسكت هذه المسؤولية (...) كل سياسات الانفتاح'. وتمثل القمة بالنسبة للزعيم الليبي حدثا غير مسبوق، لكونها المرة الأولى التي ستعقد فيها قمة عربية رسمية في بلاده التي يتولى فيها السلطة منذ نحو أربعين عاما. وقالت 'الشروق'، نقلا عن مصادر دبلوماسية عربية مقيمة في ليبيا، إن العقيد القذافي يعمل جاهدا وطاقم خصصه للإعداد للقمة، برئاسة أحمد قذاف الدم، على إنجاح أول قمة عربية رسمية تستضيفها الجماهيرية، خاصة وأنه عميد الحكام العرب وأطولهم بقاء في السلطة. وأفادت المصادر بأن القذافي يستكشف حاليا إمكانية تقريب وجهات النظر بين مصر وقطر وسورية، وذلك لتأمين حضورهم القمة ومشاركتهم فيها. وقالت مصادر دبلوماسية عربية في القاهرة ل'الشروق' إن الزعيم الليبي لم يبادر حتى الآن بتبديد الفتور بين بلاده وبعض الدول العربية لتأمين نجاح القمة وحضور زعماء تلك الدول للقمة، ومنها تونس والأردن، حتى أنه لم يسدد حصة ليبيا في موازنة الأمانة العامة للجامعة العربية حتى الآن. وتعتبر سرت من المدن التي تتوسط الساحل الليبي، والذي يعتبر الأكثر امتدادا على ضفاف الشاطئ الجنوبي للبحر المتوسط، وهي من المدن الأكثر أهمية داخل الجماهيرية لما تتميز به من موقع حيوي بالنسبة للمناطق الأخرى، وكذلك لوجود بعض المناطق الحيوية بداخلها، وبينها مجمع الأمانات وجامعة التحدي. كما تتميز المدينة بأكبر مجمع للمؤتمرات بالجماهيرية (مجمع مؤتمرات سرت) ، مما يجعلها ذات أهمية كبيرة للغاية ، بالمقارنة بالمدن الأخرى، فضلا عن وجود أكبر قاعة للمؤتمرات في شمال إفريقيا داخل مجمع المؤتمرات.