تستعد مدينة /سرت/ الليبية لاحتضان القمة العربية في دورتها الثانية والعشرين يومي 27 و28 من الشهر الحالي. وها أن بشائر الوفاق العربي بدأت تهل علينا الواحدة تلو الأخرى حيث رفض لبنان تسلم الدعوة التي وجهت له عبر دمشق كما تعالت أصوات شيعية من داخل لبنان مطالبة الرئيس "ميشال سليمان" بمقاطعة القمة نظرا للقطيعة بين البلدين على خلفية الجدل الليبي_الشيعي حيث يتهم الشيعة العقيد "معمر القذافي" بضلوعه في اختفاء رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الإمام "موسى الصدر" حيث ذهب الأخير للقاء الزعيم الليبي ولم يعد حتى يومنا هذا تاركا وراء غيابه نقاط استفهام كثيرة تبحث عن إجابة مقنعة. زد على ذلك توترت العلاقة بين ليبيا والسلطة الفلسطينية حيث طلب الجانب الليبي إدراج عناصر من حماس ضمن الوفد المشارك في القمة الشيء الذي رفضه الرئيس "عباس" بشدة واعتبره تدخلا في شؤون السلطة لأنها وحدها المكلفة بتحديد المشاركين. ومن المنتظر أن تكون القمة المقبلة خاصة من نوعها فالعقيد "معمر القذافي" شهير بتدخلاته الطريفة خلال الملتقيات العربية والإفريقية فما بالك وهذه القمة تعقد في عقر داره. ولعل اكبر التحديات التي تواجهها القمة تكمن في الخلافات العربية_العربية إذ يوجد خلاف بين مصر وسوريا وآخر بين مصر وقطر بسبب قناة الجزيرة وفتور بين "أم الدنيا" والجزائر على خلفية مبارتي كرة قدم جمعتا البلدين بالقاهرة والسودان إضافة إلى الخلاف بين سوريا والعراق حيث تتهم سوريا بدعم البعثيين في العراق وصراع مغربي_جزائري حول البوليساريو دون أن ننسى خلافات ليبيا مع دول عديدة كاليمن التي تتهمها بدعم الحوثيين والخلاف الليبي_السعودي الذي انتهى السنة الفارطة ولكن الفتور بين البلدين لم ينته... فالعقيد رغم ما يبدو عليه من قوة شخصية وجنوح للقيادة فانه ابعد ما يكون عن لعب دور "حمامة السلام" بين هؤلاء "الإخوة الأعداء" الذين عوض أن يهتموا بالصراع العربي_الإسرائيلي: غزة تحترق, الجولان تغتصب والجنوب اللبناني لا يهدا اهتموا بصراعاتهم الداخلية التي يبدو أنها في حاجة لمعجزة إلهية تقدم لها الحل وبدل أن تهتم القمة بالوضع في العراق والحرب الطائفية فيه والسودان والصراع الفلسطيني_الفلسطيني والزحف الإيراني تهتم بأمور غاية في السطحية وكان القيادات العربية تعمل من حيث لا تدري لصالح جهات معينة تتخذ من مبدأ "فرق تسد" شعارا لها وثمنا بخسا مقابل الثروات العربية... فالقمة العربية أصبحت مجرد مادة إعلامية غير ساخنة للفضائيات والصحف ومناسبة روتينية غير مرغوب فيها للقاء في ظل غياب رغبة حقيقية في العمل العربي المشترك والسعي للبحث عن شريك أوروبي أو أمريكي أو حتى... وبدل أن تساهم القمة في إلغاء الحدود بين الدول العربية فإنها لا تملك حتى أن توقف بناء الجدران والأسوار بينها. فهل من مراجعة لمثل هذه الملتقيات العربية فإما أن تكون ذات استراتيجيا واضحة وقرارات مجدية غير قابلة للبقاء مجرد حبر على ورق أو..... أن الشعوب العربية أولى بملايين الدولارات التي تهدر بمناسبة عقدها.