باريس – الجزائر – كشف استعمال الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة بفرنسا علم الجزائر في أحد ملصقاتها للانتخابات البلدية عن ظاهرة ما فتئت تتنامى؛ وهي الخوف من الجزائر والجزائريين بفرنسا والتي ازدادت حدة مع الاحتقان السياسي بين باريس والجزائر في الأشهر الأخيرة بالنظر إلى عدم تسوية ملفات الماضي الاستعماري. ففي الوقت الذي اعتبرت فيه السلطات الجزائرية أن الأمر يعد "مسا بأحد رموز السيادة الوطنية" فإن الموقف الرسمي الفرنسي الصامت لم ينقذه إلا قرار محكمة فرنسية بمنع نشر الملصقات. فقد قررت محكمة النقض في مدينة مارسيليا الجمعة 12- 3- 2010 منع نشر ملصقات الجبهة الوطنية ملغية قرارا أول برفض الدعوة التي رفعتها الرابطة الدولية لمكافحة العنصرية ومعاداة السامية من أجل إلغاء هذه الملصقات. وجاءت عملية استعمال العلم الجزائري من قبل الحزب اليميني المتطرف في فرنسا بعد أقل من عام من إدراج الخارجية الفرنسية للجزائر ضمن قائمة البلدان التي لا ينصح بالتوجه إليها من قبل رعاياها والتي تعتبر "مصدر خطر"، في الوقت الذي أثار خروج الآلاف من الفرنسيين من أصول جزائرية لشوارع فرنسا ابتهاجا بتأهل المنتخب الجزائري لكأس العالم في شهر نوفمبر من العام الماضي تصريحات تشكك في انتماء هؤلاء لفرنسا. وفي تصريحات خاصة لشبكة "إسلام أون لاين.نت" اعتبر عبد الرحمن دحمان المستشار التقني للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لشئون الجمعيات المسلمة "أن الإليزيه يعتبر أن استعمال العلم الجزائري في الحملة الانتخابية للجبهة اليمنية المتطرفة أمر مؤسف". غير أن الإليزيه -كما يضيف دحمان- "لا يملك سلطة على القضاء ولا على الجبهة الوطنية لأننا في بلد ديمقراطي والفيصل فيما عمدت إليه الجبهة الوطنية هو القضاء الفرنسي". وقال دحمان: "إن واقعة استعمال العلم الجزائري تضاف إلى الصورة السلبية التي ارتبطت بالجزائر بالقرار الفرنسي بضم الجزائر ضمن قائمة البلدان التي لا ينصح بالتوجه إليها بالنسبة للمواطنين الفرنسيين وهي مفارقة عجيبة؛ لأن الدول التي تتخوف من المواطنين الجزائريين هي ذاتها تستقبل النفط والغاز الجزائري بكل ترحاب". ورد دحمان على الذين يعتبرون رفع الأعلام الجزائرية في باريس والمدن الفرنسية بمثابة علامة على عدم ولاء قائلا: "لماذا لا تثار نفس التصريحات النارية على الفرنسيين اليهود الذين يلوحون بالأعلام الإسرائيلية في التظاهرات المساندة لإسرائيل بفرنسا"؟!. ونشرت الجبهة الوطنية المتطرفة ملصقا انتخابيا يصور خريطة فرنسا مغطاة بالعلم الفرنسي وعليها سبع مآذن في شكل صواريخ مع امرأة منقبة بالسواد وشعار فوق الملصق تحت عنوان "لا للإسلاموية". "الجزائر فوبيا" من جهته، أدان عميد مسجد باريس دليل أبو بكر الذي يعود إلى أصول جزائرية كذلك الملصقات الانتخابية وقال: "إن (الإسلاموفوبيا) و(الجزائر فوبيا) التي يحتوي عليها ملصق الجبهة الوطنية المتطرفة ليس مقبولا استخدامها كأداة لتشويه ديننا وبلادنا، فالمآذن تمثل رمزا للإسلام وليس مقبولا أيضا استخدامه كوسيلة للترهيب والتخويف من الإسلام وتغذية نزعة الإسلاموفوبيا ومزجه –فضلا عن ذلك- بنوع من الجزائروفوبيا". واستدلت الجبهة الوطنية المتطرفة على خروج الفرنسيين من أصول جزائرية بآلاف في شوارع باريس والمدن الفرنسية الأخرى رافعين للأعلام الجزائرية عقب نجاح المنتخب الجزائري في التأهل لدورة كأس العالم وشكك جون ماري لوبن زعيم اليمين المتطرف في انتماء هؤلاء لفرنسا وقال إنهم "فرنسيون على الورق فقط". ويشكل الجزائريون والفرنسيون من أصول جزائرية أكبر أقلية عربية ومسلمة بفرنسا بحوالي المليون ونصف المليون مواطن ويعتبرون من أوائل المهاجرين الذين استقروا بفرنسا قبيل وبعد استقلال الجزائر عن فرنسا سنة 1962. وفي سياق متصل، قال عبد الرحمن دحمان: "بوصفي من أصول جزائرية ومسئول فرنسي في قصر الإليزيه فإنه يؤلمني أن أرى أحد رموز الشعب الجزائري يستعمل من قبل حزب متطرف من أجل غايات انتخابية ضيقة كما يؤلمني أن يقع التشكيك والتخويف من الجزائريين". غير أن دحمان انتقد كذلك موقف السلطات الجزائرية قائلا: "إن السلطات الجزائرية أصدرت موقفها بشكل متأخر جدا وكان يجب على بعض الجمعيات الفرنسية التي ينشط فيها جزائريون أن يتحركوا حتى تسمع سلطات الجزائر صوتها في المسألة وهو أمر غريب". وقدم وزير الخارجية الجزائرية مراد مدلسي احتجاجا رسميا إلى السلطات الفرنسية حول استعمال العلم الجزائري في الحملة الانتخابية الفرنسية وقال: "إن على فرنسا أن تتخذ الإجراءات المناسبة "لوقف الإساءة لرمز بلد أجنبي". من جهته، قلل عبد القادر حريشان رئيس القسم الدولي في صحفية الخبرالجزائرية في تصريحات خاصة لشبكة "إسلام أون لاين.نت" من أثر هذه الحادثة وقال: "لا أعتقد أن في ذلك إهانة للدولة الجزائرية بقدر ما هو استهتار من حزب سياسي معروف لا يكن أي محبة للمسلمين والجزائريين خصوصا". وأضاف حريشان: "إن ذلك لن يؤثر في شيء على العلاقات بين البلدين، غير أنه فتح الشهية لآخرين من الأغلبية الذين ينتهزون الفرض". واعتبر حريشان" أن الأمر يتعلق بالتوظيف الانتخابي في فرنسا وقال: "بالنسبة للجزائر فقد بلغت رشدها وتعودت على مثل هذا التعبير الظرفي في المواسم الانتخابية".. وأضاف المحلل السياسي: "إن الأمر في الواقع يمس عمق المجتمع وأفكار بعض السياسيين الفرنسيين الذين عاشوا كابوس تحرير الجزائر ولم يهضموه إلى يومنا هذا". "تجريم الاستعمار" وزادت العلاقات الفرنسية الجزائرية سوءا عقب مصادقة البرلمان الجزائري الشهر الماضي على قانون "تجريم الاستعمار الفرنسي" الذي أحاله البرلمان الجزائري إلى الحكومة لتعطي رأيها فيه ومطالبة فرنسا بالتعويضات وهو القانون الذي اعتبر ردا على قانون 2005 الذي سنته الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي) الذي يتحدث عن "الدور الإيجابي للاستعمار". وترفض فرنسا حتى الآن الاعتذار للجزائر عما وقع في فترة الاستعمار؛ وهو رفض عبر عنه الرئيس الفرنسي في أكثر من مناسبة معتبرا أن الأجيال الحالية لا يمكن أن تتحمل مسئولية ما وقع من قبل الآخرين في الماضي. وبالنظر إلى الطريق المسدود للملفات التي تتعلق بتسوية الماضي الاستعماري رفضت الجزائر منذ أواخر العام الماضي إلى غاية هذا الشهر استقبال ثلاثة وزراء، كان آخرها إلغاء زيارة وزير الخارجية برنارد كوشنير في أوائل شهر مارس الجاري.
مصدر الخبر : اسلام أونلاين نت a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=5082&t="الجزائرفوبيا" كوابيس الماضي تطارد حاضر فرنسا! &src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"