تعدّدت أعمال العنف في الأسابيع التي تلت الإعلان عن الاستقلال التام، من اختطافات واعتقالات واغتيالات، ونذكر على سبيل المثال، ما جدّ في بداية شهر أفريل 1956: ٭ في صبيحة يوم الأحد غرّة أفريل اختطفت جماعة مسلّحة علي بن محمد المسعودي بينما كان بمحلّ عمله ونُقل إلى مكان مجهول، كما هجمت المجموعة على ابنه الحبيب... ٭ في صبيحة يوم الاثنين 2 أفريل تقدّمت مجموعة إلى دكّان عمر بن سدرين واختطفت الجيلاني بن أحمد فارس وحملته على متن سيارة من نوع «تراكسيون»... ٭ في مساء الثلاثاء 10 أفريل تقدّمت مجموعة ومعها الجيلاني إلى محلّ سكناه شاهرين سلاحهم على النساء والأطفال مروعين، مهدّدين وحملوا معهم أحد إخوان الجيلاني وهو البغدادي بن أحمد فارس... ٭ مساء [...] أفريل اختطفت مجموعة الشاب الشاذلي بن عاشور من مطبخ بباب الخضراء... ووقع اختطاف الأستاذ يوسف القادري من العاصمة... وهاجمت مجموعة مسلّحة منزل أحمد بن محمد العويني الشهيدي واختطفته بعد إجراء تفتيش دقيق بالمنزل وذهبت به إلى مكان مجهول... ٭ أطلق مجهولون يوم 9 أفريل، عيارين ناريين على بيت محمد غريب بمشيخة العلاونة من سليانة... اختطافات في ندوة صحفية عقدها يوم 28 أفريل 1956 بمكتب المغرب العربي بالقاهرة أشار صالح بن يوسف إلى «اختطاف غالبية القادة اليوسفيين» وسلّم إلى مندوبي الصحف «قائمة بها 50 اسما لشخصيات تنتسب إلى المعارضة اليوسفية وقع القضاء عليهم بعد اختطافهم من قبل جماعات مسلحة في المدّة المتراوحة بين 1 و16 أفريل 1956 وأنّ أسماء جديدة تضاف إلى تلك القائمة كلّما مرّ يوم». المحكمة الجنائية العليا وأعلنت الصحف يوم 20 أفريل 1956 عن «إنشاء محكمة جنائية عليا تختص بالنظر في الجنح والجنايات ذات الصبغة السياسية يترأسها حقوقي وسبعة أعضاء من غير رجال الحقوق، أحكامها لا تقبل الاستئناف ولا التعقيب». وأخبرت الصحف يوم 10 ماي 1956 بما يلي: «المحكمة الجنائية العليا تعقد أولى جلساتها وتصدر أحكاما بالإعدام والأشغال الشاقة والسجن، وقد اجتمعت المحكمة للنظر في القضية الأولى المرفوعة لديها وهي قضية اغتيال علي الباهي من سكان سوق الأربعاء وأصدرت أحكامها على المتهمين الثلاثة: - الطاهر البوخاري شُهر «الذّباح» الإعدام شنقا. - عثمان المناعي الأشغال الشاقة المؤبدة. - محمد السكوري 3 سنوات سجنا. ويذكر المناضل الطاهر عبد اللّه أنّ من بين الذين «تمت تصفيتهم سواء كانوا قادة لفرق جيش التحرير أم مناضلين سياسيين»، الطيب الزلاق - الهادي قدورة - الحبيب بلحاج - عبد اللّه الشتوري - علي بن أحمد الهمامي - سعد بعر - البشير قريسيعة - الساسي بالهادف - عبد اللّه الغرايري - صالح الغرايري - حسن شندول - محمد قرفة - محمد حسين بالرحومة - الصادق بوعروة - محمد الخضيري - مبروك زغدود - محمد الناصر بالتطاويني - أحمد الأزرق التطاويني - الهادي الأسود الحامي (شقيق الطاهر الأسود) - أحمس بن حسونة الحامي - عبد اللّه البنقرداني - علي بالشعر المرزوقي - حسين الحاجي - عبد اللّه البوعمراني - علي الحويوي. وبلغ عدد مساجين الحركة اليوسفية فيما بين 1955 و1958 ألف ومائتي مناضل فيما بلغ عدد من سقطوا في المعارك ضد الجيش الفرنسي أو من شملتهم التصفيات أكثر من خمسمائة. ومن الذين مثلوا أمام «المحكمة الشعبية» مثقفون مرموقون أمثال الطاهر عميرة (رئيس نقابة المهندسين)، جابر قاسم (مهندس)، الصادق الشايب (دكتور في القانون الدولي)، وغيرهم أمثال الصادق العبيدي، أحمد صوة، الشاذلي دحمان، أحمد الرحموني، فرج بالحبيب، فتحي الزليطني، عبد العزيز عمران، عبد الملك الورتاني، الهادي الورتاني، محمد بن أحمد الأبيض، عبد السلام الرويسي، موسى الرويسي، عبد العزيز العكرمي، حسن فرحات، عبد الرحمان بن خليفة، يونس درمونة، وحوكم آخرون غيابيا مثل الحبيب اللمسي وحسن النوري. ومن الذين استهدفهم الاغتيال الحاج علي بن خذر أحد رواد الحركة الوطنية وكان يموّل جيش التحرير في الحامة وهو والد المناضل اليساري الرّاحل نور الدين بن خذر.