شنوّا صار في تونس نهار 15 أكتوبر 1963؟    عاجل : اخر أجل لإيداع التصريحات الضريبية يوم الخميس 16 أكتوبر    عاجل ولأوّل مرة في تونس: مشروع وطني لإنتاج أمهات الدواجن    نسور قرطاج في مواجهة قوية قبل كأس العرب: البرازيل والأردن في الطريق!    عاجل: محرز الغنوشي يُبشّر بالأمطار اليوم    مرصد الطقس والمناخ يُحذّر: المنخفض الجوي يقترب من الأجواء التونسية!    الرصد الجوي: تونس على موعد مع الامطار مساء اليوم    الدكتور ذاكر لهيذب يحذّر: فيروسات الشتاء قد تُفجّر أزمات قلبية قاتلة!    بعد إنجازه مع منتخب البرتغال.. رئيس "فيفا" يوجه رسالة إلى كريستيانو رونالدو    رياض دغفوس: تسجيل حالات كوفيد-19 محدودة ولا تهدد النظام الصحي    عاجل/ إسرائيل تتراجع عن هذا القرار..    تونس.. من الجلاء إلى الإجلاء    حالة الطقس: خلايا رعدية وأمطار بهذه المناطق..#خبر_عاجل    الزهروني : الاطاحة بعصابة السطو على المنازل    بين الأسطورة والذكاء الاصطناعي: قصة جواز سفر من دولة لا وجود لها تهزّ الإنترنت    المعهد العربي لرؤسات المؤسسات ينظم يوم 18 أكتوبر منتدى الحوكمة 2025    في ذكرى عيد الجلاء: قراءة تاريخية مع د عبد الواحد المكني - "معركة بنزرت بين الدم والدبلوماسية"    بداية من اليوم..انطلاق حملة التلقيح ضد "القريب"..    يوم مفتوح لتقصي هشاشة العظام لدى المرأة يوم 18 أكتوبر بالمتشفى الجامعي بالرابطة    توزر على إيقاع مهرجان "مسرح الجنوب": عروض في المعتمديات.. قطار المسرح ..وندوة مع بيت الحكمة    عاجل : من اليوم المطاعم والمقاهي لازم يسجّلوا كل حاجة: تفاصيل مهمة !    عاجل : 7 منتخبات عربية تتأهل إلى مونديال 2026 وتونس في الموعد    عاجل : أمريكا تلغي تأشيرات دخول ل6 أجانب من هذه الجنسيات    وزارة الفلاحة:جلسة عمل حول مقاومة الحشرة القرمزية في ولاية القصرين    خلف القضبان.. ماذا ينتظر الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي؟    تصفيات إفريقيا لمونديال 2026: السنغال وكوت ديفوار وجنوب إفريقيا تكمل عقد المنتخبات المتأهلة إلى النهائيات    الهند: حريق في حافلة يودي ب20 شخصا على الأقل    تونس تُحيي الذكرى ال62 لعيد الجلاء    فرنسا.. الاشتراكيون يرفضون سحب الثقة من الحكومة الجديدة    ترامب: تحدثت إلى حركة حماس وطالبتها بالتخلي عن سلاحها ووافقوا وإذا لم يلتزموا سنتكفل بذلك    ترامب: بوتين لا يريد إنهاء حرب أوكرانيا    من الإبادة الصاخبة المكثفة إلى الإبادة الباردة عبر ومضات تدميرية    صندوق النقد الدولي يتوقع ان تبلغ نسبة النمو في تونس 2،5 بالمائة سنة 2025    الفريق المشترك لوزارتي الصناعة والبئية يستمع لحلول مقترحة لإيقاف مشكل الثلوث في قابس    منتجو التفاح بفوسانة يعبّرون عن استيائهم من مداهمات المراقبة الاقتصادية المتكرّرة لمخازن التبريد وحجز محاصيلهم    سوسة: وكر دعارة داخل مركز تدليك    الفنان الملتزم سمير ادريس ل«الشروق» فلسطين هي محور الكون والقضايا    الترجي يعلن عن نتائج الفحص الطبي للاعب يان ساس    المنتخب التونسي تحت 23 عاما يجدد فوزه على نظيره العراقي وديا 3-0    لقاء إعلامي للتعريف ببرنامج "أوروبا المبدعة"    عاجل: غدا...تغيير في قطار صفاقس -تونس    وزارة الصحة تحذّر من السّمنة    تكريم الدكتور عبد الجليل التميمي في نوفمبر المقبل خلال حفل تسليم جائزة العويس للثقافة    إنفانتينو: الفيفا ستساعد غزة في استعادة البنية الأساسية لكرة القدم    معز الشرقي يودع بطولة أولبيا الإيطالية من الدور الأول    باجة: رئيس اتحاد الفلاحة يدعو الى توفير الاسمدة مع تقدم عمليات تحضير الارض بنسبة 85 بالمائة    الكاف: يوم تنشيطي بدار الثقافة بالقصور بمناسبة الاحتفال بالذكرى 62 لعيد الجلاء    عاجل/ بشرى سارة بخصوص صابة زيت الزيتون لهذا العام..    غرفة التجارة والصناعة لصفاقس تستعد لإطلاق المنصّة الرقمية لإصدار شهادات المنشأ    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    وزارة التربية تصدر روزنامة المراقبة المستمرة للسنة الدراسية 2025-2026    بنزرت.. في الذكرى 62 لعيد الجلاء .. خفايا معركة الجلاء محور لقاءات فكرية    مهرجان الرمان بتستور يعود في دورته التاسعة..وهذا هو التاريخ    أولا وأخيرا .. البحث عن مزرعة للحياة    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    وقت سورة الكهف المثالي يوم الجمعة.. تعرف عليه وتضاعف الأجر!    يوم الجمعة وبركة الدعاء: أفضل الأوقات للاستجابة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان والسلفيون... الإجهاض التبادلي... حتى متى؟ بقلم عصام عبد العزي
نشر في الحوار نت يوم 23 - 03 - 2010


عصام عبد العزيز
في زيارتي لمعرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام توقفت في الجناح الخاص بمجلة البيان وكما هي عادته أهداني أخي الكريم الأستاذ عادل حزين نسخة من التقريرالارتيادي "الاستراتيجي" الذي تصدره مجلة "البيان" وهو من الإصدارات الهامة التي لا غنى لأي باحث مهتم بالشأن العربي والإسلامي عن اقتنائها لتناوله العديد من القضايا الأساسية التي تواجه الأمة بالرصد والبحث والتحليل مشخصاُ للعلة وأصل الداء واصفاً الناجع من الدواء وفق متطلبات الحاضر وآفاق المستقبل... في هذا السياق صدر الإصدار السابع من هذا التقرير هذا العام بعنوان "الأمة في مواجهة مشاريع التفتيت" ليعكس واقع الأمة العربية والإسلامية وما يحاك لها من مخططات وما يستهدفها من استراتيجيات تفتيتية ذي أبعاد فكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية ودينية وعرقية حاضراً ومستقبلاً.
ومن هذا المنطلق تأتي أهمية الدراسة التي قام بها الباحث السياسي والعالم الشرعي الأستاذ أحمد فهمي والتي جاءت تحت عنوان "العلاقة بين الإخوان والسلفيين... أسباب التباعد واحتمالات التقارب" والذي يناقش فيها بعداً مهماً من أبعاد "تفتيت" الأمة... ومما يزيد من أهمية ومصداقية هذه الدراسة أن الباحث جمع بين صفتين هامتين الأولى: المعايشة والملاحظة بشكل مباشر فهو من أبناء الحركة الإسلامية، والثانية: التخصص العلمي في الظاهرة أو القضية التي تناولها.
يرى الباحث أن التعدد داخل بنية الحركة الإسلامية تضمن جوانب إيجابية وأخرى سلبية وأنه يجب التعامل معه كحقيقة واقعة نقر بها ولا نرفضها مع وجوب العمل على تلافي آثارها السلبية وفي مقدمتها العداء والخصومة بين فصائل العمل الإسلامي ...
ولما كان الإخوان والسلفيون يمثلون غالب مكونات الحركة الإسلامية فإن مناقشة أوجه وجذور الخلاف الفكري والممارساتي بين الفصيلين الرئيسين لتعظيم مساحة المشترك بينهما والتقليل من آثار التباين... يُعد أمراً مهماً لتوحيد جهودهما لصالح الإسلام والمسلمين.... لأن التنافس والخصومة بين التيارين الكبيرين قد أفقدهما الجانب الأكبر من جهدهما وقوتهما التي هي قوة للأمة... الأمر الذي سّهل على خصومهما إخضاعهما لسياسة "الإجهاض التبادلي" بكفاءة وفاعلية عبر تسكين أحد التيارين تفرغاً لمواجهة الآخر أو من خلال دفع أحدهما للمشاركة في حصار الطرف الآخر وإجهاض قوته.
بدأت الدراسة بمناقشة وتحليل العلاقة بين الإخوان والسلفيين من خلال محورين هما: أسباب التباعد، واحتمالات التقارب وصولاً إلى تنقية التعدد من آثاره السلبية... وطبيعي أننا هنا لن نستعرض كل ما جاء في الدراسة إلا بالقدر الذي يخدم احتمالات التقارب والتعاون في إيجاز غير مُخل...
أولاً : أهم أسباب التباعد بين الفريقين كما تشير الدراسة:
1- المآخذ الشرعية للسلفيين على الإخوان قائمة طويلة منها قلة الاعتناء بالعلوم الشرعية، وترك الدعوة إلى نبذ الشرك ومظاهره في المجتمع، ضعف الولاء والبراء، الاستهانة بالسنن، التميع في الفتوى... ويختلف السلفيون فيما بينهم حول طرق التعبيرعن هذه المآخذ... منهم من يعلنها عداوة وخصومة بلا هوادة، ومنهم من يعرضها في سياقها العلمي العام، ومنهم من يتجنب الحديث عنها في الملأ ووسائل الإعلام.
2- تفسير الواقع ومنهج التعامل معه: حيث يعد تشخيص الواقع وتحديد مواطن الخلل وكيفية معالجتها من أبرز مواطن الخلاف بين الفريقين... فالسلفيون ينظرون إلى المجتمع بعين الباحث عن الانحرافات لتقويمها مباشرة وخاصة الانحرافات العقدية، أما الإخوان فينظرون إلى المجتمع بعين الباحث عن أدوات ووسائل السيطرة والتحكم في إدارة هذا المجتمع بهدف إصلاحه... وكنتيجة مباشرة لهذين النهجين فإن السلفيين يرتفع عندهم الخطاب النقدي الوعظي للمجتمع، بينما يؤثر الإخوان الخطاب التصالحي الاحتوائي الذي يميل إلى غض الطرف عن كثير من الانحرافات.. فالزمن جزء من العلاج... لكن ما يقلل من تأثير هذا العامل نسبياً في اتساع الهوة بين الفريقين هو الاختلاف الداخلي بين السلفيين أنفسهم حول هذه المسألة تحديداً وهي تفسير الواقع والتعامل معه... مثال ذلك المشاركة في الانتخابات النيابية يعدها بعض السلفيين مخالفة عقدية تصل في بعض ممارساتها إلى حد الإشراك بالله بينما ينظر إليها بعضهم بوصفها وسيلة دعوية للإصلاح والتغيير كما حدث في الكويت والبحرين والجزائر...
ثانياً : سيناريوهات التقارب بين الإخوان والسلفيين
يعرض الباحث عدداً من السيناريوهات لعل أهمها وأكثرها واقعية هي:
أولاً: سيناريو التحالف
جزئياً أوبصورة دائمة ويتطلب من كل تيار تقديم بعض التنازلات من أجل التوافق على تحقيق هدف مرحلي مشترك كالدخول في الانتخابات البرلمانية والنقابية أوتكوين حزب سياسي...والعقبات في طريق هذا السيناريو ليس من العسير تجاوزها... وأظن أنه يمكن استغلال الانتخابات القادمة في مصر في تطبيق هذا السيناريو بتشجيع الإخوان لبعض السلفيين على دخول الانتخابات البرلمانية القادمة ودعهم فيها مقابل دعم السلفيين للإخوان في الانتخابات.
ثانياً: سيناريو الشراكة
يتم التوافق على تنفيذ أو تأسيس مشاريع مشتركة تخدم أجندة الطرفين كتأسيس مؤسسة إعلامية أو خيرية أو دعوية أواجتماعية... ولا يشترط أن تنطلق هذه المشروعات من اتفاق رسمي بين التيارين ولكن يكفي أن يحصل الأتباع على الضوء الأخضر وعادة ما تكون المبادرات الفردية لتحقيق تقارب جماعي أكثر فاعلية وتأثيراً... وما أحوج المجتمعات لمثل هذه المشاريع خاصة في مصر التي تخدم أبناء المجتمع بعيداً الحزبية.
ثالثا: سيناريو التأييد
تتقلص العلاقة في هذه الحالة لتصل إلى مستوى الاكتفاء بالتأييد والنصرة في مواطن البلاء والشدة كتقديم الدعم المادي أو المعنوي لبلوغ مستويات أعلى من التقارب وإزالة الحواجز النفسية وبواعث التعصب.
رابعاً: سيناريو كف الأذى
وهو الحد الأدنى من التقارب والمستوى المطلوب من المسلم العادي... الأمر الذي يتطلب توقف كافة الحملات الدعائية والإعلامية المهاجمة للتيار الآخر.
متطلبات النجاح
يُعد التفاهم والتقارب والتعاون بين الفريقين على المستوى العربي والإسلامي عامة والمصري بصفة خاصة فريضة شرعية وضرورة بشرية..!! الأمر الذي يتطلب ما يلي:
أولاً : دراسة تجارب التيارات الإسلامية التي أشار إليها الباحث في دراسته في بعض دول الخليج ومصر والجزائر والمغرب باعتبارها نموذجاً راقياً في التعامل مع الجماعات المخالفة لها في الرأي والاجتهاد بعيداً عن التعصب ونجحت في تحقيق مستويات مقبولة وليست منشودة من تخفيف حدة التأزم البيني بين أبناء الأمة الواحدة، ومن ثم فإن النماذج قابلة للاقتداء بها وتحتاج إلى تفعيل تجاربها على كافة المستويات لتجميع جهود الأمة ومواجهة مشاريع ومخاطرالتفتيت...
ثانياً: أهمية تشجيع ثقافة الحوار بين أبناء الفريقين ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ)، ووضع آليات كما أوصى الباحث لحل الخلافات الميدانية وتأسيس لجان متخصصة لمتابعتها وحل الإشكالات الناجمة عنها بصورة فورية جماعية أو فردية حسب متطلبات الواقع مع الاتفاق على مرجعية تحكيم للفصل في النزاعات المشتركة تضم علماء ودعاة من الطرفين مشهود لهم بالاعتدال وعدم التعصب.
ثانياً: جمهرة الأمة وتوحيد جهود أبناءها في مجابهة أعداء الأمة بصفة عامة والحركة الإسلامية ومشروعها الحضاري بصفة خاصة... وأولهم: هوالتحالف الأمريكي الصهيوني وسعيه للهيمنة على المنطقة... بتذويب الهوية والوطنية والقومية وفي الوقت نفسه إبراز منطق الأقليات الإثنية والدينية... الأمرالذي يهدد وحدة الأمة وتماسكها... والأمثلة على ذلك كثيرة فهي واقع معاش في العراق وأفغانستان والصومال والسودان... والثاني: هوالأنظمة السياسية الحاكمة الفاسدة التابعة لهذا التحالف والتي أهلكت الحرث والنسل فلا أبقت لنا دنيا ولا أبقت لنا ديناً... أما الثالث: فهم الليبراليون الجُدد والتيارالعلماني المتطرف الداعي والحارس الأمين لأجندة هذا التحالف الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية... ويجري التمهيد له على قدم وساق لكي يمسك بمقاليد السلطة والثروة في الكثير من بلدان المنطقة خلفاً لتلك الأنظمة التي انتهت صلاحياتها قاطعاً بذلك الطريق أمام سيطرة القوى الوطنية والإسلامية على السلطة في تلك البلاد.
كلمة أخيرة :
قد ينال حزب أو فريق شرعية التمثيل نيابة عن طائفة أو تيار ما في مرحلة ما.. لكن الشرعية التمثيلية لا تكفي لديمومة البقاء في هذا الدور إذ أنها بحاجة إلى أن تتعزز بنوع آخر من الشرعية هو”شرعية الانجاز“، المستمدة من قدرة هذا الحزب أو ذاك الفريق على إنجاز وتحقيق طموحات وأهداف التيار الذي يمثله على أرض الواقع ... وبناء على”شرعية الانجاز“ يمكن أن تتعزز شرعية التمثيل ومن ثم ديمومتها، أما إذا أخفق هذا الفريق في تحقيق الإنجاز فلا يوجد بديل آخر سوى الاستبدال... قال تعالي: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) ويالها من عقوبة مؤلمة أن تُستبدل وأنت حي، فهي أشد مرارة بكثير من أن تستبدل بموت أو هلاك!! ...
هل وصلت الرسالة ... أم أنني أخاطب نائماً يسمع أحلامه ولا يسمعني؟

نقلا عن منتدى الإخوان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.