"العدالة والمساواة".. كلمتان فقط لكنهما تختصران بدقة مجمل مطالب مسلمي ألمانيا من الحكومة الجديدة التي ينتظر تشكيلها برئاسة المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل"، زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، إثر فوزها بولاية ثانية في الانتخابات التي جرت الأحد 27-9-2009. وضمن إطار هاتين الكلمتين، وجه مسلمو ألمانيا سواء على مستوى النخب أو الجماهير، رسائل عبر "إسلام أون لاين.نت"، إلى الحكومة المنتظرة تضمت عددا من المطالب كان من أهمها: اعتراف رسمي بالإسلام، نظرة إيجابية غير متشككة للوجود الإسلامي، احترام تقاليد ومعتقدات المسلمين، تفعيل تدريس الإسلام في المدارس، السماح ببناء مساجد في وسط المدن.
رئيس مجلس أمناء المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، الدكتور "نديم إلياس"، أشار إلى أن المستشارة ميركل قالت فور إعلان فوزها مباشرة بأنها مستشارة لكل الشعب الألماني وليس لمن انتخبها فقط، مضيفًا: "في ضوء هذا التصريح، نرجو من المستشارة أو الحكومة الجديدة القادمة أن تشعرنا بالعدالة وأنها بالفعل حكومة لكل من يعيش في ألمانيا، من مواطنين ووافدين رغم اختلاف أديانهم ومنشأهم وثقافاتهم". وتابع إلياس: "يجب أن يشعر هؤلاء جميعا بأن الحكومة الجديدة توليهم الاهتمام وأن يشعروا بأن مصالحهم مصانة في هذا البلد"، وفي هذا الصدد، طالب الحكومة المنتظرة بعدم التعامل مع مسلمي ألمانيا "من باب درء المفاسد؛ بحيث لا ينظر لهم كمصدر خطر أو زعزعة للأمن وألا ينحصر تفكير الحكومة في وضع القوانين التي تضيق الخناق عليهم وتشوه هويتهم وخصوصيتهم". وأكد ضرورة أن تتحول النظرة للوجود الإسلامي في هذا البلد "إلى نظرة إيجابية تسعى إلى تنميته والاستفادة منه في بناء الدولة الألمانية"، ورأى أن ذلك يمكن أن يتم عبر توعية المسلمين بحقوقهم المدنية والدينية والسماح لهم بممارسة هذه الحقوق وعدم التمييز بينهم وبين باقي المواطنين، إضافة إلى إتاحة الفرص أمامهم للمشاركة الاجتماعية والسياسية بأكبر قدر ممكن. أطروحات المتطرفين وحذر إلياس من مخاطر تبني الأحزاب الكبرى في ألمانيا أطروحات اليمين أو اليسار المتطرفين طمعا في كسب أصوات أنصار التطرف، ورأى أن مثل هذا الظلم الاجتماعي قد يهدد أمن المجتمع بكامله ويضيع عليه إيجابيات التبادل الحضاري والاندماج البناء. من جانبه، طالب "إبراهيم الزيات" رئيس التجمع الإسلامي الألماني الحكومة المنتظرة بتحقيق المساواة والعدالة على جميع المستويات عند تعاملها مع المسلمين، وأوضح ذلك قائلاً: "القيادات الإسلامية في ألمانيا تتمنى من الحكومة الجديدة اهتماما أوسع بشئون المسلمين وأن تعمل على تفعيل دورهم ومشاركتهم في المجتمع بشكل عام". وأضاف: "نطلب أيضا تأمين المساواة في فرص الحصول على الوظائف"، مشيرا إلى أن هناك وظائف نوعية عديدة ما زالت عصية على المسلمين في ألمانيا إما لأنهم غير مؤهلين لها أو بسبب وجود نوع من العنصرية تجاه أفراد الأقلية المسلمة. وطالب كذلك رئيس التجمع الإسلامي الألماني، وهو من أكبر وأقدم الكيانات الإسلامية العربية في ألمانيا، الحكومة بإيلاء اهتمام أكبر بقضية توظيف المسلمين وبصفة خاصة في دوائر الدولة، وبانتهاج سياسة تقوم على تشجيع البلديات على قبول منح تراخيص لبناء مساجد في وسط المدن الألمانية. كما دعا الحكومة إلى تحقيق العدالة عند التعامل مع الدين الإسلامي كما يتم تحقيقها لبقية الأديان الأخرى في هذا البلد مثل اليهودية والمسيحية؛ بحيث يشمل ذلك الاعتراف بالدين الإسلامي كدين رسمي وتفعيل تدريس الإسلام في المدارس وتخصيص أوقات للدين الإسلامي في وسائل الإعلام. احترام معتقدات المسلمين ولم تختلف مطالب المسلمين العاديين في ألمانيا عن مطالب النخبة المسلمة في هذا البلد كثيرا، حسبما أظهر ذلك جولة قامت بها مراسلة "إسلام أون لاين.نت" في مدينة بون الألمانية في أعقاب إعلان نتائج الانتخابات مساء الأحد. فقد طالب "علاء"، من أصل مصري، ميركل بتبني سياسات أكثر فعالية لتحقيق اندماج المسلمين في المجتمع الألماني، بحيث يتم تفهم واحترام تقاليد المسلمين ومعتقداتهم بدلا من النظر لهم على أنهم أعداء. وأوضح ذلك، قائلا: "يجب أن تراعي ألمانيا العادات والمعتقدات الإسلامية ولا تجبر التلميذات على حصص السباحة أو تحثهن على إقامة علاقات جنسية مع أصدقائهن". وطالبت "أمينة"، من أصل تونسي، ألمانيا باتباع سياسة تراعي مطالب المسلمين واحتياجاتهم سواء في الدوائر الرسمية أو المدارس. وتمنى "عادل مصطفى"، رجل أعمال من أصل مغربي، أن تضع ميركل خططا إيجابية للخروج بأقل الأضرار من الأزمة الاقتصادية التي تضرب العالم حاليا، خوفا من أن يؤثر ذلك على عمله وأعمال غيره من أصحاب الشركات الخاصة. رؤى غير متفائلة أما "تسنيم"، من أصل ليبي، فقد طالبت ميركل باتباع سياسة خارجية مغايرة عن السياسة التي اتبعتها خلال فترة رئاستها السابقة وذلك بسحب القوات الألمانية من أفغانستان ولعب دور إيجابي في حل المشكلة الفلسطينية، لكنها شككت في إمكانية حدوث ذلك، معتقدة أن تعامل الحكومة الألمانية الجديدة مع المشكلة الفلسطينية لن يختلف عن الحكومة السابقة؛ حيث سيقتصر دورها على التحرك في إطار أوروبي موحد مع بذل جهود متزنة تتماشى مع الثوابت الألمانية، وهي الحفاظ على أمن إسرائيل ومساعدة الفلسطينيين ماديا والعمل على التوصل إلى حل على أساس دولتين متجاورتين، فضلا عن الوساطة في ملفات الأسرى بين إسرائيل من جانب واللبنانيين والفلسطينيين من جانب آخر. وفي نفس السياق حمل "ماجد السعيد"، من أصل لبناني، رؤية غير متفائلة للحكومة المنتظرة، وقال إن التحالف الفائز في الانتخابات العامة الأخيرة يقلق كثيرا من المسلمين بسبب تخوفهم من عدم مراعاة العدالة الاجتماعية. وتوقع تجميدًا للأوضاع الحالية للمهاجرين والمسلمين في ظل الفترة الجديدة لحكومة ميركل وذلك بالاستمرار في عدم تحقيق المطالب العادية لملايين المهاجرين والمسلمين؛ "بل إن الأمر قد يصبح أصعب وسنشهد مزيدا من المماطلة". ومع ذلك طالب السعيد الحكومة المنتظرة بأن تخيب ظنه، وأن تتبنى "سياسات إيجابية تجاه المسلمين والمهاجرين". وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، قد تمكنت من الفوز بولاية ثانية في الانتخابات التشريعية التي أجريت الأحد 27-9-2009، وهو ما سيمكنها من التحالف مع الحزب الديمقراطي الحر لتشكيل حكومة جديدة. فقد حصد حزب ميركل المسيحي المحافظ الذي يعد تحالفا من الاتحاد المسيحي الحر والاتحاد الاجتماعي المسيحي على نسبة 33.5% من أصوات الناخبين، فيما حصل الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار وسط) الذي كان شريكا بالحكم في الفترة الماضية على أسوأ نتيجة له منذ الحرب العالمية الثانية (1939-1945) بنسبة بلغت 23%، حسب آخر الإحصاءات من قناتي "إيهار دي" و"زد دي إف" الألمانيتين. في المقابل استطاع الحزب الديمقراطي الحر أن يحقق نسبة 14.5% من الأصوات مسجلا ارتفاعا كبيرا عن نسبة 9.8% التي حصل عليها قبل أربعة أعوام ما يمكن ميركل من تشكيل ائتلاف قوي معه في الحكومة المقبلة