تبنت الحكومة الفرنسية مشروع قانون يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، وتنص مسودة القانون الذي سيدرسه البرلمان في تموز/ يوليو المقبل على تغريم المخالفين ب 150 يورو أو إخضاعهم لفترة تدريب على المواطنة. تبنت الحكومة الفرنسية اليوم الأربعاء (19 مايو/ آيار 2010) مشروع قانون يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، رغم تحفظات قانونيين وممثلي مسلمي فرنسا على هذا النص الذي سيعكف البرلمان على دراسته في تموز/يوليو القادم على أن يجري التصويت عليه في الخريف. وأعلن الرئيس نيكولا ساركوزي خلال الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء لبحث هذا المشروع أنه "في هذه القضية تسلك الحكومة، وهي مدركة تمام الإدراك، طريقا صارما لكنه عادلا". وأضاف "نحن أمة عريقة مجتمعة حول فكرة معينة عن كرامة الإنسان ولاسيما كرامة المرأة وحول نظرة معينة بشأن الحياة المشتركة. إن النقاب الذي يخفي تماما الوجه يطال تلك القيم التي نعتبرها أساسية وجوهرية في ميثاق الجمهورية".واعتبر ساركوزي أن "الكرامة لا تفرق (...) وأن المواطنة يجب أن تمارس بوجه ظاهر وبالتالي فانه لا مفر من حظره (النقاب) بالنهاية في الأماكن العامة بأسرها".
عرض مشروع القانون
وكانت وزيرة العدل الفرنسية ميشيل اليو ماري عرضت اليوم مسودة القانون على مجلس الوزراء. وإذا تم التصديق على قانون منع النقاب فان أي امرأة ترتدي النقاب أو البرقع في الأماكن العامة سوف يتعين عليها دفع غرامة تبلغ 150 يورو (184 دولارا) أو تحضر دورسا في المواطنة أو الاثنين معا. وبالإضافة لذلك فان أي شخص يجبر امرأة على تغطية وجهها فسوف يواجه عقوبة قصوى تصل للسجن لمدة عام و دفع غرامة تبلغ 15 ألف يورو.
وأعلن مجلس الوزراء في بيان رسمي أن "ارتداء ملابس تهدف لتغطية الوجه بأكمله تتحدى القواعد التي تشكل ميثاق الجمهورية". وسوف يسرى القانون بعد ستة أشهر من تصديق مجلسي الشيوخ والنواب في البرلمان الفرنسي.
في انتظار التصديق ازدياد حدة الجدل في فرنسا بشأن مشروع قانون حظر ارتداء النقاب جدير بالذكر أن الحكومة الفرنسية لم تأخذ برأي مجلس الدولة، وهو أعلى هيئة قضائية إدارية في البلاد والذي نصح بأن يقتصر هذا الحظر في بعض المرافق العامة كالإدارات ووسائل نقل واعتبر أن حظر النقاب في الشارع "يفتقر إلى أساس قانوني لا يرقى إلى الشك". ويتوقع بعض الحقوقيون أن يرد المجلس الدستوري هذا القانون ويعرض فرنسا للإدانة من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي ستؤكد أنه يحق لكل فرد أن يعيش وفقا لقناعاته طالما أن ذلك لا يضر بالآخرين.
بيد أن المراقبين يتوقعون التصديق على مشروع القانون، إذ أن حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية الحاكم و حلفاءه يحظون بأغلبية في المجلسين. لكن سيكون من الصعب التوصل إلى إجماع على هذا المشروع في البرلمان لان قسما كبيرا من المعارضة اليسارية يعتبر المشروع غير قابل للتنفيذ ويدعو إلى احترام رأي مجلس الدولة.
من ناحية أخرى أعرب ممثلو مسلمي فرنسا عن معارضتهم لهذه الممارسة التي تنفرد بها "أقلية قليلة جدا" وكذلك قانون حظرها الذي اعتبروه "مثيرا للعداوة".ولا يتجاوز عدد النساء اللواتي يحملن النقاب أو البرقع ألفين في فرنسا (بحسب مصادر رسمية) من أصل خمسة إلى ستة ملايين مسلم. وفي حال تصديق البرلمان على المشروع القانون تكون فرنسا ثاني بلد أوروبي بعد بلجيكا يحظر فيه النقاب في الفضاء العام.