زيارة الدكتور عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية إلى قطاع غزة 3/2
" فذبحوها وما كادوا يفعلون " - وجه الشبه بين زيارة عمرو موسى إلى قطاع غزة وذبح بني إسرائيل البقرة: فبقدر ما ذبح بنوا إسرائيل على عهد موسى عليه السلام البقرة لمعرفة قاتل أحد رجالهم من موقع المضطر جدا وبعد لأي شديد وتهرب من إدراك الحقيقة ومواجهتها لما كانوا عليه من باطل وظلم حتى لبعضهم بعضا، كانت زيارة عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية لقطاع غزة من موقع الحرج الشديد ومن مواقع الإضطرار، بعد أن فقدت الزيارة كل معنى لها وكل دلالة سياسية واضحة في الإنحياز لعدالة القضية الفلسطينية عموما، ولبطلان الحصار الجائر الظالم الذي يفرضه العالم الظالم على قطاع بدون أي موجب قانوني، وبدون سبب مقبول ولا مبرر معقول. فبعد أحكام خطة القتل الممنهج المختلف والمتنوع الوسائل لأكثر من المليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة، وبعد سقوط الآلاف من الشهداء والجرحى جوعا ومرضا وقتلا بواسطة أكثر الأسلحة فتكا في العالم. وفي الوقت الذي يمنع فيه العالم عن المقاومة المدافعة عن نفسها وعن أبناء شعبها الصامد في وجه الإحتلال من التزود بالسلاح، يتزود الكيان الصهيوني بكل أنواع الأسلحة وبآخر الإبتكارات منها ليقصف بها العزل هناك برا وجوا وبحرا. وفي الوقت الذي يمنع فيه العالم على هذا الشعب هناك الغذاء والماء والهواء والوقود والدواء واللباس والغطاء والإيواء، يتزود فيه الكيان الصهيوني المعتدي العنصري الغاصب بكل ضروريات وكماليات الحياة، وكان من الجهات المزودة له بذلك، الكثير من النسخ الفاسدة من النظام العربي و" الإسلامي "، وخاصة النظام المصري الذي كان يخنق الذين من المفروض أنهم رعاياه من الفلسطينيين، والذين من المفروض أن يكون عونا ومساعدا لهم، وأن لا يكون شريكا في الجريمة إلى جانب الرباعية الدولية ومن ساندها في القبول بالحصار والموافقة عليه، على قتلهم وتجويعهم، والذي كان، إضافة إلى الكثير من المساعدات والدعم والتأييد لعصابات القتل والإجرام اليهودية الصهيونية يضخ النفط المصري والغاز المصري باتجاه العدو الذي كان يحرق به أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. فلم يكن عمرو موسى مقتنعا تماما بالزيارة ولم يكن حريصا عليها، ولم يكن من خلال سلوكه العام مرتاحا لها، مثلما لم يكن اليهود على عهد موسى مقتنعين بذبح البقرة لإخراج ما كانوا يكتمون. ولو أنه لم يتلق أوامر أو عروضا أو إيحاءات من الطرف الصهيوني ومن الديمقراطيات الغربية والأمريكية الإرهابية في هذا الظرف الصعبة على عصابات القتل الصهيونية، ولم لم يكن النظام التركي والشعب التركي في الواجهة، ما كان عمرو موسى ليزور قطاع غزة، لأن وقت الزيارة حين كان يمكن أن تكون ذات معنى قد انتهى، ليس بعد الحرب على القطاع، والتي كان الرسميون العرب بما لا يدعو مجالا للشك طرفا فيها، وليس بعد المعاناة الطويلة التي كان يعيشها الفلسطينيون في القطاع تحديدا طيلة مدة الحصار، ولكن كان يمكن أن تكون هذه الزيارة من عمرو موسى تحديدا، لو كان حرا حقا ولو كان يريد أن يكون حرا، منذ حصول الإنشقاق الفلسطيني الفلسطيني بعد أزمة تشكيل الحكومة المنتخبة وبعد الإنقسام مباشرة، وقبل قرار ضرب الحصار الذي كان المستهدف فيه المقاومة ونهج المقاومة وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" تحديدا. فعمرو موسى ليس حرا ولا يمكن بحكم تكوينه الثقافي والسياسي وتجربته في الدور الذي كان له في نظام صناعة الموت المصري الإستبدادي أن يكون حرا ولا ديمقراطيا. وكان يمكن أن تكون زيارته هذه قد تمت منذ وقت طويل. وأن يكون قد أعاد الكرة إذا لزم الأمر مرارا وتكرارا مثلما تكررت زياراته للبنان إبان أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية في سنه 2008 2009 مثلما لم يكن مطلوبا من اليهود أكثر من ذبح بقرة، حتى انتهوا لتعقيدهم للموقف وللقضية إلى دفع وزنها ذهبا على حد بعض الروايات من أجل ذلك. وقد تمت الزيارة، فقد بدا من الدكتور عمرو موسى من التعبيرات ما يفيد بكل وضوح عدم صدقه فيها، وحساباته الضيقة والحالة المرضية التي كان عليها، والسلوكات التي يريد أن تحسب له ولا تحسب عليه، والعالم كله يراقبه فيها وأنظاره مشدودة إليه، ولكل حركة وسكنة حساباتها ودلالاتها بالنسبة له وبالنسبة للمراقبين وبالنسبة لموضوع الزيارة. فعمرو موسى زار قطاع غزة وما كاد يفعل، مثلما ذبح اليهود البقرة وما كادوا يفعلون. وقد كان ذلك واضحا من ما نقلته الصحافة في الكواليس. فقد رافق هذه الزيارة غير المرغوب فيها من طرفه ومن طرف العديد من أنظمة الحكم العربية والإسلامية وخاصة النظام المصري الذي يهمه كثيرا أن لا تكون الزيارة لحركة المقاومة الإسلامية " حماس " بالرغم من أن حكومة الحركة في قطاع غزة هي الحكومة الفلسطينية الشرعية المنتخبة من قبل الشعب الفلسطيني. وهي التي من المفروض أن لا تكون زيارة أي كان لفلسطين إلا لها. ولكن حركة الكواليس قبل وأثناء الزيارة تفيد بأن عمرو موسى قد كان محملا في الزيارة بالموقف الرسمي المصري وبالموقف الأمريكي الصهيوني الرسمى العربي إجمالا، وبالموقف الصهيوني الأمريكي الغربي الذي لا يريد أن تكون الزيارة لحركة المقاومة الإسلامية " حماس، ولا للحكومة الشرعية المنتخبة من قبل الشعب الفلسطيني كله هناك. فقد " ألمح مساعده هشام يوسف لقيادي فلسطيني يوم الخميس الماضي خلال اجتماع التحضير للزيارة إلى وجود استياء مصري من الزيارة والخشية من أن تعطي مزيدا من الغطاء الشرعي لحكومة المقاومة الإسلامية " حماس ". فبحكم طبيعته غير الشرعية، لا يعير النظام العربي اهتماما ولا يعطي قيمة للشرعية، وكذلك الشأن بالنسبة للنظام الغربي، بالرغم من طبيعته الشرعية ومن إيمانه بها، إلا أنه يكون دائما على خلاف ذلك عندما يتعلق الأمر بالمستعمرات وبدول الأطراف. فقد قيل لعمرو موسى من أكثر من طرف شعبي وحقوقي وإعلامي وحتى رسمي أحيانا، كان عليك أن تكون قد زرت قطاع غزة بصفتك أمين عام الجامعة العربية أكثر من مرة، وأنت من يمكن أن تكون محايدا، وأن تتعامل مع كل الأطراف والمكونات على قدم المساواة. فكان لسان حاله يقول كيف يمكن أن تكون هذه الزيارة بتلك الصفة وأنا من أنا في ذلك الموقع على المستوى الدولي والعربي الإسلامي والإقليمي؟ قالوا يمكن أن تكون الزيارة في أي وقت ومنذ البداية للشعب الفلسطيني في القطاع، والذي لا تستطيع في الحقيقة أن تقوم بذلك إليه إلا بالتنسيق مع قياداته السياسية والأمنية والعسكرية في المقاومة أحب من أحب أو كره من كره. وكان يمكن أن لا تكون معنيا فيه بمن يستقبلك وبصفته السياسية، طالما أن قيادة هناك تتمتع بالشرعية الشعبية الحاصلة عليها من خلال صندوق الإقتراع، وبشرعية المقاومة والصمود. وكان عليك أن تفعل ما كانت تدعوك إليه الجماهير ويطالبك به أحرار الأمة والعالم، وفي ذلك شرف كبير لك وللجامعة العربية. فكان لسان حاله يقول دائما كيف يمكن أن تكون زيارتي لجهة أهلها منقسمون على أنفسهم، وكل طرف فيها يدعي الشرعية لنفسه، وأنا مسؤول عن منظمة تحظى باحترام العالم وقبوله بها وملتزمة بالمواثيق الدولية، وعليها مسؤوليات أمام الأنظمة الممثلة لها وأمام العالم، ولا تكون الشرعية عندي من خلالها إلا بمن يعترف له العالم بالشرعية. فالشرعية عندي ومن خلال موقعي هي الشرعية الدولية أولا وليست الشرعية الشعبية. فقد كان يقال له كما كان يقال لغير إن الثقافة الديمقراطية التي يتغنى بها العالم ليست الشرعية الدولية فقط ولكن الأهم من ذلك الشرعية الشعبية، فالأصل في العالم نفسه أن لا شرعية دولية لمن لا شرعية شعبية له. فكان يمكن، بل يجب أن لا تكون مع الشرعية الدولية إلا حين تكون مع الشرعية الشعبية. أم أن الأمر هنا يجب أن يكون على خلاف القاعدة، وقد تعلق بالعرب وبالعروبة بالإسلام والمسلمين؟ وقد كان لسان حاله يقول دائما وأي معنى لهذه الزيارة المدعو للقيام بها منذ بداية المشكل الفلسطيني الجديد، وقد اختلط عندي الأمر ولم يعد الحليم يعلم أين الصواب وكيف يمكن أن تسير الأمور وإلى أين؟ وهو الذي كان يقال له جماهيريا ونخبويا أكثر من مرة، أن الأمر على قدر كبير من الوضوح ولا لبس فيه. فالوضع الفلسطيني معلوم والشرعية الشعبية والدولية معلومة لمن، وكان يمكن أن لا تعقد الأمور إلى هذا الحد، وقد توافد على القطاع الكثير من الأحرار ومن الرسميين، والتقوا بالقيادات السياسية هناك، و" حماس " ليست في حاجة كبيرة لمن يعترف أو لا يعترف بها. فالذي يهمها هو الإعتراف الشعبي الفلسطيني. وهي موجودة ومسيطرة وصاحبة اليد الطولى والكلمة الأخيرة هناك. ويكون واهما وكاذبا على نفسه من يعتبر زيارته لقطاع غزة بعيدة عن حركة المقاومة الإسلامية " حماس " لأنها هي التي تستطيع القبول بمن تقبل فيدخلها، وهي التي تستطيع رفض من ترفض دخوله فلا يدخلها. فإذا كان عمرو موسى قد زار قطاع غزة، فإن زيارته لها لا تكون، أحب أم كره، إلا اعترافا بشرعية الحكومة الشرعية هناك، والتي تمثلها حركة " حماس " صاحبة الشرعية الشعبية والدولية. وإذا كان بنو إسرائيل قد أدركوا الحق في النهاية وقبلوا به وجاؤوا له مذعنين بعد مكابرة ومراوغة وعناد وذبحوا البقرة وما كادوا يفعلون، فإن عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية لم يستطع أن يدرك الحق ولم يقبل به وظل متجاهلا له، وكانت الزيارة وما كاد ليقوم بها، لما كان يمكن أن تكون كلفتها وخوفا من استمرار الفضيحة في حقه، أمام وجود قوة دولية أخرى ذات تطلع حديث للساحة العربية الإسلامية، تتمتع بالشرعية الشعبية والدولية مازال الرسميون العرب لم يحسموا أمرهم في كيفية التعامل معها، وهي التي لها علاقات أوثق بالغرب وبأمريكا وبالكيان الصهيوني نفسه.
علي شرطاني تونس مصدر الخبر : بريد الحوار نت a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=7672&t="فذبحوها وما كادوا يفعلون" ح 2 &src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"