تعتبر الديموقراطية أفضل أساليب الحكم في عصرنا الحالي رغم بعض المؤاخذات عليها ورغم كيل زعماء هذه الدول أحيانا بمكيالين من مثل الإنقلاب على شرعية صناديق الإقتراع التي تأتي بالإسلامين كماحدث مع جبهة الإنقاد في الجزائر ومع حركة حماس في فلسطين أو مساندة الأنظمة العربية الجائرة لمصالح اقتصادية أو مآرب سياسية. لهذه الديموقراطية مظاهر إيجابيةعديدة منها : - خضوع الكل للمساءلة والمحاسبة سواءا كان المعني بالأمر في الحكم أو خارجه وليس هناك شخص فوق القانون. - التقاء الحاكم مع المحكوم في العديد من المناسبات والمواقع دون ضجة أوشوشرة . فالحاكم ينزل إلى السوق لقضاء بعض أغراضه ويحتك بالمواطن العادي أيام العطل ( ويقف في الطابور منتظرا دوره ) ويذهب إلى الملعب لمشاهذة مباراة في كرة القدم ويجلس وسط الجماهير، وأثناء الحملات الإنتخابية تجده يزور المواطنين في بيوتهم وفي حقولهم وفي متاجرهم وفي مصانعهم وفي مدنهم دون حراسة تذكر. - سلاسة انتقال السلطة ، فاليوم يحكم المحافظون والعمال في المعارضة وغدا العكس دون تزوير ولا غش ولا إرهاب دولة. - المواطن مكفول الحقوق والحريات ومصان الكرامة حتى وإن كان أجنبيا. - وجود إعلام نزيه يكشف الحقائق للرأي العام ويترصد مظاهر الخلل لينبه إلى ضرورة معالجتها. - بوليس مؤدب في خدمة أمن المواطن لا في خدمة أمن الحاكم . - قضاء مستقل ينصف من كان له حق بغض النظر عن جنسيته أو هويته. - إدارة متطورة لا مجال فيها للرشوة والمحسوبية والمحاباة وتعطيل مصالح الناس. - التشجيع على البحث العلمي والتقني وحرية الفكر والإبداع ( تقريبا في كل مدينة حتى وإن كانت صغيرة جامعة أو أكثر). - لا تتصدر صور الرئيس الصفحات الاولى للجرائد والمجلات ولا تعلق في الشوارع ولا في الدكاكين ولا في الملاعب أو في الملتقيات الثقافية أو السياسية. يقابل هذا النوع من الحكم الديموقراطي المتطور الحكم الإستبدادي الدكتاتوري المتخلف المتغول المتوحش ، هذا النوع من الحكم خرب كل شيء في الدولة وفي المجتمع . وكما أن للديموقراطية مظاهر فإن للديكتاتورية كذلك مظاهر منها : - أن الحاكم والحاشية المحيطة به لا تراهم إلا في التلفزيون أو في الصور يعيشون في المنطقة الخضراء على شاكلة ائتلاف الأحزاب الحاكمة في العراق. - صور الرئيس المقرفة تتصدر يوميا صفحات كل الجرائد والمجلات وتوضع في كل مكان حتى في المراحيض أكرمكم الله ، ياخذها المنافقون معهم للتظاهرات الثقافية والرياضية حتى الحج لم يسلم من ذلك. - أن الإستبداد هوقرين الفساد فحيثما وجد الأول رافقه أوتوماتكيا الثاني لا يفترقان أبدا.، لذلك قل وندر أن تجد في مثل هذه الأنظمة شريفا واحدا نظيف اليد ( عصابات كلها تنهب وتغطي على بعضها إلا ما رحم ربي ). - أن هذه الأنظمة تخاف من كل شيء ، تخاف من الكلمة الصادقة ، تخاف من الإعلام الحر ، تخاف من القضاء المستقل ، تخاف من التنظم داخل أحزاب أو جمعيات ، تخاف من خروج الناس للشارع ، تخاف من الإنتخابات النزيهة لذلك تزورها على الدوام ، تسوق للداخل والخارج أنها أنظمة قوية ومستقرة ومتماسكة وترتعب وتنزعج وتغلق سفارات وتقطع علاقات مع الدول لمجرد ظهور معارض في قناة فضائية تحدث عن فساد العائلة الحاكمة أوعن التعذيب أوعن الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان. - محاربة الدين وأهله بكل الوسائل وبالمقابل فتح الباب على مصراعيه لكل أنواع الإنحطاط الأخلاقي والإباحية والشذوذ والجريمة والمخدرات والسطو والنهب. - العداوة البغيضة للبحث العلمي وحرية الفكر والإبداع لذلك تجد في كل مدينة سجنا وتجد عبقريا مثل منصف بن سالم تحت الغقامة الجبرية. - التشجيع على الرشوة وغض الطرف عن آخذيها حتى لا تقع الزيادة في الأجور. - لا يتنحى الحاكم الدكتاتورالعربي إلا بإحدى ثلاث ، الموت أو القتل أو الإنقلاب عليه وعادة ما يكون خلفه أسوأمنه مات كلب في القرية فاسترحنا من عواه فخلف جروا فاق في النبح أباه - أن الوطنية عند هذه الأنظمة هي الكذب هي الخيانة هي شهادة الزور هي التمعش ، هي الإستيلاء على أملاك الغير بالقوة ، هي تزييف وقلب الحقائق ، هي الخضوع للظلم والتصفيق له ، هي الصمت على المنكر والعمالة ، هي الرضا بالذل والهوان ومن لا يقبل بهذا فهو عميل وخائن وإرهابي ولا وطني. - عسكرة وبولسة كل شبر من تراب البلد ، فالتعامل مع كل الملفات السياسية والإقتصادية والإجتماعية يتم عن طريق البوليس أولا والبوليس ثانيا والبوليس ثالثا. لذلك ترى الإعتقالات والإنتهاكات والمضايقات والمحاكمات الجائرة لا تتوقف أبدا. تجد عدد البوليس في الدولة الظالمة التي لا يتجاوز عدد سكانها العشرة ملايين يفوق عدد البوليس في البلاد العادلة ذات المائة مليون نسمة. هذه الأنظمة توصد أبواب الرزق أمام الشباب وتترك لهم فقط باب واحدا هو الأمن . وقد صعقت وأنا ألتقي مجموعة من أصدقاء الأمس أواسط وأواخر الثمانينات فوجدت أن أغلبهم يشتغل في سلك الأمن السياسي . - كنت أصلي الجمعة سنة 88 خلف الشيخ الأخوة رحمه الله بمونفلوري وإذا بشخص يجذبني من الوراء مباشرة بعد انتهاء الفريضة ، التفت فإذا هو زميل دراسة عزيز صار لي زمان لم أره كان يلبس ثيابا فاخرة سعدت للقاءه ، تجاذبنا أطراف الحديث حول الماضي وذكرياته الجميلة ثم سألته بعدها عن مهنته الحالية فأخبرني أنه يشتغل بالداخلية فتيقنت حينها أن المسكين كلف بالإندساس داخل المصلين للتجسس عليهم وعلى الخطيب والخطبة ثم كتابة تقرير مفصل حول ذلك كله. خرجنا خارج المسجد فإذا مجموعة مكونة تقريبا من 15 عنصرا من الأمن السياسي ترابط قبالة المسجد تراقب كل شاردة وواردة. قال لي انظر مليا في ذاك الشخص المتواجد وسط المجموعة والذي يرتدي ملابس كذا والنظارة السوداء هل عرفته ؟ قلت لا قال إنه زميلنا فلانا. تأسفت لحاله ونصحته أن يبحث له عن شغل آخر وحذرته من أن يتورط في تعذيب أو قتل للأبرياء فالعقوبة الإلاهية كبيرة في الدنيا والآخرة وافترقنا على أمل اللقاء في مناسبات أخرى. - كنت مارا في إحدى الأمسيات من أمام حديقة الباساج وإذا بشخص يستوقفني تصفحت ملامحه فإذا هو زميل دراسة قديم وللأسف كان في حالة سكر واضح ورائحته تزكم الأنوف سلمت عليه وسألته عن سبب تواجده في هذا المكان فقال أنه يشتغل مع فرقة مقاومة الإجرام وأنهم ينصبون كمينا لمجرم خطير. ( لا أدري هل أن هذا المجرم الخطير من الإسلاميين أم لا فهم عند بن علي أخطر المجرمين ) . - اشتغلت بالإدارة التونسية لفترة تزيد عن عشر سنوات وصادف أن جاء أحد الأشخاص إلى مكتبنا لاستخراج وثيقة ، تفرست في ملامحه ثم سألته ألست فلانا قال نعم هو بذاته ، تعانقنا طويلا واحتسينا القهوة معا ودردشنا قليلا لأكتشف من خلال هذا اللقاء أنه يشتغل بالأمن السياسي وصارحني أنه مكلف بمتابعة الناشطين . - التقيت والد أحد أصدقاء الدراسة القدامى بأحد الأسواق فسألته عنه فأخبرني أنه يشتغل بالداخلية. - سنة 90 كنت معلقا في أحد بيوت الأشباح بمسلخ بوشوشة والكلاب تنهشني من كل جانب إذ دخل شخض يبدو أنه كما يقال بالتونسي واصل ارتبك لما رآني وتغيرت ملامحه دققت النظر فيه فإذا به صديقي وجاري العزيز فلان ابن الحاج فلان ذلك الرجل الطيب.( كان يخفي انه يشتغل جلادا ). أشكر له أنه طلب إنزالي وفك قيودي ومكنني من استراحة ثم غادر ولم أره بعد ذلك. المعذرة من القراء على هذه المقارنة التي لا تجوز.