خميس بن بريك-تونس واصلت أسعار السلع الاستهلاكية في تونس ارتفاعها مع دخول شهر رمضان، مما أثار سخطا شديدا لدى التونسيين، في وقت يقول فيه المسؤولون إن السلع متوافرة بأسعار "معقولة".
وارتفع سعر لحم البقر قبل فترة من 10 إلى 12 دينارا (من 6.7 إلى 8.1 دولارات)، ولحم الضأن من 12 إلى 14 دينارا، أما سعر لحم الدجاج فارتفع من 3 إلى 4 دنانير.
كما ارتفعت أسعار السمك إلى مستويات قياسية تتجاوز 15 دينارا (10 دولارات) في بعض الأنواع، لا سيما في هذه الفترة التي يحظر فيها الصيد البحري (من يوليو/تموز الماضي إلى سبتمبر/أيلول المقبل) بمحافظتي صفاقس وقابس الجنوبيتين حفاظا على الثروة السمكية.
وشهدت أسعار الخضراوات والغلال بدورها ارتفاعا كبيرا، مع أن وزير التجارة صرح قبل شهر رمضان بأن كل المنتجات الفلاحية متوافرة بأسعار "مناسبة"، وأن مراقبة الأسعار ستكون مشددة لوقف التلاعب بها.
حقيقة الوضع وترى منجية العياري (ربة بيت) أن هناك "فرقا شاسعا" بين ما يصرح به المسؤولون بشأن الأسعار وحقيقة السوق التي "اشتعلت فيها الأسعار غير مبالية بالقدرة الشرائية للمواطن وتعمّد بعض التجار التلاعب بالأسعار". أسعار الخضر في الأسواق التونسية قفزت إلى مستويات قياسية في رمضان
وأضافت للجزيرة نت أن "أسعار الأسماك وصلت إلى مبالغ لا تحتمل"، مشيرة إلى أن إمكانياتها المالية لا تسمح لها إلا باقتناء أنواع بخسة من السمك.
من جهته، يقول حسن الدهماني (موظف) إن موجة الغلاء التي تشهدها الأسواق حاليا هي "الأسوأ" بالنظر إلى الزيادات الأخيرة التي أقرتها الحكومة في عدد من السلع والخدمات.
وقررت الحكومة مؤخرا الزيادة في أسعار مشتقات الحبوب (الخبز والدقيق)، ورفعت أسعار النقل العام والخاص والرسوم المستوجبة على المياه الصالحة للشراب والتطهير.
أسعار السمك ارتفعت بشكل كبير في تونس خلال الفترة الماضية (الجزيرة نت) وبررت الحكومة الزيادات بكونها تسعى للحفاظ على توازناتها المالية، وقالت إنها أخذت بعين الاعتبار القدرة الشرائية للمواطن بإبقاء "دعم هام" لبعض المواد الأساسية (محروقات، مشتقات الحبوب، زيت نباتي، الورق المدرسي).
قلق نقابي لكن الاتحاد العام التونسي للشغل (منظمة نقابية) خرج عن صمته مؤخرا وعبر عن قلقه إزاء تدهور القدرة الشرائية للعمال والفئات ذات الدخل المحدود نتيجة الزيادات في الأسعار.
وكان الفقر وتدهور المقدرة الشرائية من بين أهم الدوافع التي أدت إلى انفجار مظاهرات بمحافظة قفصة (جنوب) صيف العام 2008, وقد أثارت جدلا كبيرا قياسا بالاحتجاجات التي عرفتها تونس عام 1984 في عهد الرئيس الراحل لحبيب بورقيبة ردا على الزيادة في سعر الخبز.
ورغم أن بعض المراقبين يرون أن الزيادة الأخيرة في أسعار مشتقات الحبوب "مبررة" بسبب تراجع إنتاج القمح هذا العام إلى 1.6 مليون طن (مقابل 2.5 مليون طن عام 2009)، فإنهم قالوا إن الزيادة في أسعار النقل "غير مبررة" لأنها "لم تكن مرتبطة بأي ظرف اقتصادي معيّن".
ويتوقع المراقبون أن تشهد الفترة المقبلة زيادات أخرى تشمل عددا من المنتجات مع احتمال الزيادة في سعر المحروقات وبعض السلع الاستهلاكية مثل السكر والقهوة لارتباطها بحركة الأسعار العالمية.
لهفة واستدانة الحكومة التونسية أقرت مؤخرا زيادة في أسعار الخبز ومشتقات الحبوب (الجزيرة نت) في سياق مواز، يقول الصحفي محرز الماجري إن "المستهلك التونسي يساهم بنسبة كبيرة في التهاب الأسعار من خلال إقباله بلهفة على اقتناء مختلف المنتجات مهما كانت أسعارها".
وأصبح ذوو الدخل المحدود يلجؤون إلى الاستدانة من البنوك للمحافظة على مستوى العيش، وهو ما يضعف فرصهم في الادخار، حسب رأي بعض الخبراء الاقتصاديين.
وكشفت دراسة حديثة أعدها مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة أن 85% من التونسيين مدينون للبنوك و32% للأقارب والأصدقاء