السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    عاجل/ البحر يلفظ جثثا في صفاقس    شبهات فساد: قرار قضائي في حق وديع الجريء ومسؤولين آخرين.. #خبر_عاجل    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    مصنف خطير محل 18 منشور تفتيش في قبضة الأمن.. #خبر_عاجل    أعلن المعهد الوطني للتراث عن اكتشاف أثري جديد بمدينة سبيبة من ولاية القصرين    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    بطولة الكويت : الدولي التونسي طه ياسين الخنيسي هداف مع فريقه الكويت    سيدي بوزيد: انقطاع الكهرباء في هذه المناطق    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    التوقعات الجوية لليوم السبت    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    سعيّد يُسدي تعليماته بإيجاد حلول عاجلة للمنشآت المُهمّشة    الهند تحظر واردات كافة السلع من باكستان    افتتاح مهرجان ربيع الفنون الدّولي بالقيروان    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    الاستعداد لعيد الاضحى: بلاغ هام من وزارة الفلاحة.. #خبر_عاجل    علماء يحذرون.. وحش أعماق المحيط الهادئ يهدد بالانفجار    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    دعما للتلاميذ.. وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    تحسّن وضعية السدود    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    البنك المركزي التونسي: معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية يستقر في حدود 7،50 بالمائة في أفريل 2025    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس : حملات المناشدة أم كوابيس الذعر ؟
نشر في الحوار نت يوم 20 - 08 - 2010

مرسل الكسيبي*- صحف - الوسط التونسي
في أول رد فعل واضح على عريضة وطنية تدعو الى القطع مع مخططات التمديد والتوريث , قام ألف شخص يتقدمهم السيد صخر الماطري صهر الرئيس التونسي والهادي الجيلاني رئيس اتحاد الصناعة والتجارة بتوجيه نداء الى بن علي , حثوه فيه على "قبول الترشح للفترة الرئاسية 2014-2019 " ليواصل على حد قولهم "الطريق التي بدأها مع شعبه".
وقد قال الموقعون بحسب وكالة رويترز , بأنهم يطالبون بن علي بالاستمرار , ترسيخا لما أسموه ب "الارداة الشعبية التي هي أساس كل نظام ديمقراطي" ونظرا لما وصفوه ب"الدور التاريخي للرئيس زين العابدين بن علي في الارتقاء بتونس الى مراتب متقدمة على كل المستويات".
وبالمقابل جاء في نص عريضة لاللتمديد لاللتوريث, والتي انطلقت حملة توقيعاتها قبيل أيام فقط :
"نحن التونسيون من كل التوجهات السياسية والإيديولوجية والفكرية .. ومن كل جهات البلاد .. ومن داخل الوطن وخارجه .. نعلن رفضنا المطلق لأي محاولة لتحوير الدستور من أجل تمكين زين العابدين بن علي من التقدم للانتخابات الرئاسية القادمة .. ومن ثمة لمواصلة الحكم في إطار حكم مؤبد أشبه ما يكون بملكية مقنعة.
كما نعلن رفضنا القطعي، غير القابل للنقاش أو التفاوض، لأي مسعى لتوريث الحكم لأي شخص من محيط الرئيس الحالي الأسري، كزوجته أو أحد أصهاره، أو من إحدى الدوائر المتنفذة المحيطة به.
ونعلن، مسبقا، عدم اعترافنا بأي خطوة تصب في أحد هذين التوجهين، التمديد أو التوريث، المخالفين لأبسط قواعد الديموقراطية والمنتهكين لكرامة التونسيين ولحقهم في اختيار من يحكمهم.
عاشت تونس حرة مستقلة .. وعاشت الجمهورية الحقيقية لا المزيفة."
توجهان مختلفان أو متضادان يتقاطعان هذه الأيام اهتمامات اعلاميين وسياسيين تونسيين بارزين , اذ تنقسم الساحة ولأول مرة بين موالاة مذعورة ومهمومة بالحفاظ على مصالحها عبر تمديد وتوريث الحكم , وبين معارضة اجتمعت بأطيافها السياسية المختلفة على الخروج وفي وقت مبكر بموقف وطني يرفض مصادرة قيم التداول الحر والتفويض الشعبي ومبادئ الجمهورية...
تبدو السلطة مذعورة وبشكل غير مسبوق , اذ باتت عمليات التمطيط في ولايات الرئيس بن علي مسألة غير دستورية , علاوة على ماتحتويه من مخاطر سياسية وأمنية حقيقية مع وصول الرئيس الحالي لسن 78 مع حلول موعد الاستحقاق الرئاسي القادم ...
وضع السيد محمد صخر الماطري على رأس قائمة الموقعين على بيان المناشدة الأخير , يبدو في نظرنا محاولة لشق صفوف الاسلاميين تجاه موضوعة تمديد الحكم وتوريثه , اذ قد يرى البعض في هذا الأخير نافذة أمل , قد تنهي معاناة عقدين كاملين من المنافي والسجون في عهد الرئيس الحالي ...
واذا كان الرئيس الحالي قد ثبت سلطانه بحملات أمنية متتالية دشنها منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي , فانه يجد اليوم نفسه في مواجهة معارضة متصاعدة , باتت تؤكد قدرتها على المناورة والمقاومة برغم ماأحدثته قبضة الرئيس من حالة ذعر في صفوف النخب والجماهير ...
تبدو تونس اليوم ومباشرة بعد طي ملف انتخابات أكتوبر 2009 في مواجهة حالة من التململ والقلق , فبرغم ماضخته السلطة من أموال لشراء النخب , وبرغم مااقتطعته من مال عام قصد تلويث المناخ الاعلامي وتثبيت حالة الاستبداد , فانها تبدو ضعيفة جدا في مواجهة قدرة الاعلام الالكتروني والشبكات الاجتماعية على التحفيز والتوجيه وتشكيل الرأي العام .., اذ بات أسلوبها الوحيد في مواجهة الاعلام الحر البديل : حجب المواقع وتلغيم الفضاء الاجتماعي العالمي بأسماء وكنى مستعارة احترفت التشكيك الدائم في الفعل المعارض...

حالة سلطوية مرضية , يزيد في تعقيد انهيار مناعتها جشع وفساد بات يستولي على أكبر مقدرات الدولة وامكاناتها المالية , فالمال العام بات مساحة واسعة للالتهام الخاص من قبل محيط عائلي متشعب المصاهرات ...
واذا كانت الحالة المصرية المعارضة قد وجدت ضالتها في البرادعي والجمعية الوطنية للتغيير سبيلا لمحاصرة السلطة , وقطع الطريق على مهالك التمديد والتوريث , فان الحالة التونسية المعارضة مازالت تفتقد الى شخص جامع تلتقي عليه منظومة أطياف 18 أكتوبر أو مادعوت الى تسميته بالجمعية الوطنية لصيانة الجمهورية ...
دعونا نتحدث بصراحة , اذ أن ترشح البرادعي في مصر لم يلغ ترشح أيمن نور ولا حمدين صباحي أو غيرهم ممن رأوا في أنفسهم القدرة على تحمل مسؤوليات أعلى منصب دستوري , وهو مايعني تونسيا أن المطلوب في أفق قريب هو الاعلان عن ترشحات حقيقية للاستحقاق الرئاسي القادم مع العمل ومن اليوم على تنقيح الدستور بما يضمن التقيد بالسقف العمري للمرشح الرئاسي - أي عدم تجاوز سن الخامسة والسبعين - , مع ضمان الغاء كل البنود اللادستورية المفصلة على مقاس وأهواء السيد زين العابدين بن علي ...
بوضوح لابد من القطع مع المعارضة الجزئية التي استنزفها الرئيس الحالي بمطالب اطلاق سراح المساجين السياسيين وعودة المنفيين وتحسين وضع الفقراء والمساكين وتشغيل بعض العاطلين .., ومن ثمة الانتقال الى مرحلة المعارضة الجذرية الجادة , عبر المطالبة بتغييرات شاملة على شاكلة ماتطرحه المعارضة اليوم في مصر ...
بعبارة أخرى لابد أن نرتفع بافاق هذا الشعب , فقد مللنا أخبار السرقات الكبرى من المال العام وأنباء الاعتقالات والتعذيب وووضع اليد على الجوازات , وتكميم الأفواه وافتكاك الأراضي وغرق القوارب وهروب الشباب الى الضفة الأخرى من المتوسط ... , والحل لن يكون الا عبر التوافق على عقد وطني حقيقي قوامه قيم المواطنة واحترام حقوق الانسان والتقيد بمقتضيات الجمهورية والشفافية في التعاطي مع المال العام ...
تحقيق ذلك سيكون ممكنا بمشيئة الله في الأفق القريب , مااستطاعت المعارضة الخروج بخطاب وطني جامع قوامه التجرد من القماقم الحزبية والانفتاح على تطلعات ضمائر هذا الشعب ...
هي نقلة شجاعة في الخطاب والممارسة , وتنسيق حثيث بين مكونات الطيف السياسي والتوجه الى الجماهير بدل التوجه الى اقناع بعض القوى الخارجية , فمفتاح التغيير الوطني يمر بالتأكيد عبر ضمان التفاف التونسيين والشارع حول خطاب وطني مشترك وجامع ...
المعركة تنطلق من الارادات , والعزيمة والتفاؤل شروط القطع مع الميكيافيلية الفاسدة للبقاء في الحكم بأساليب الحكم الجبري , وأحسب أن الانخراط في مشروع العريضة الوطنية لاللتمديد لاللتوريث , مقدمة أساسية للانتقال الى أبجديات الفعل الشبابي والجماهيري في انتظار الاعلان عن تأسيس جمعية وطنية لحماية الجمهورية , تكون وعاء لاحتضان بديل وطني يمر الفرز فيه عبر صناديق الاقتراع الحرة والنزيهة ...
وحين نتأمل اليوم في التجربة المصرية التي سبقتنا في الفعل ثلاثة أشهر أو أربع , فان المنجز الى حدود يوم أمس 770 ألف توقيع , وزيارات ميدانية احتضنت عشرات الالاف من المصريين , وفعل شبابي عنكبوتي وفايسبوكي غير مسبوق , ومجموعات عمل تتوالد يوما بعد يوم , والنتيجة ذعر فرعون واصابته بالعلل وعجز ابنه عن استيعاب تطورات حراك الشارع المصري...
ليس التونسيون والتونسيات أقل ذكاء أو دهاء أو فطنة أو كياسة من أشقاء مصر الكنانة , ولكنهم اليوم في حاجة الى اخراج جديد لتشكلات المشهد مع تدشين لحظة تاريخية ديمقراطية قوامها المسؤولية والحس الوطني والتعالي عن الجراح ...
أمام شعبنا ونخبتنا أربع سنوات تاريخية فاصلة , فلا تخدعنكم مناشدات الألف والعشرة الاف وربما سيقال لنا مئة ألف أو حتى نصف مليون , فقد دشنها هؤلاء بنكسة كبرى حين أعادوا البلاد الى لحظات بورقيبية سابقة , كان شعارها وتعيش حتى الماية والصحة هي هي ! , فماأشبه الليلة بالبارحة... !
كتبه مرسل الكسيبي* بتاريخ 10 رمضان 1431 ه - 20 أوت 2010
*كاتب واعلامي تونسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.