سلام الله عليكم أحبّتي في مشارق الأرض ومغاربها تحيّتي إلى الأحباب والأصحاب بدون استثناء تحيّتي إلى كلّ المُبعدين عن الوطن والأهل والأحباب وشوق جارف يدفعهم دفعا كيْ يعودوا إلى البلاد ورؤية العباد بعد طول البعاد لكنّهم آلوْا على أنفسهم ألاّ يعودوا عودة ذليلة دنيّة وإنّما عزيزة عليّة تشرّف تاريخهم وتحفظ كرامتهم وآلوا على أنفسهم ألّا ينحنوا لظالم أراد أن يملي شروطه عليهم... أبعد كلّ هذه السّنين من الغربة والمعاناة يتنازل المناضل ببساطة عن حقّه وتاريخه وأفكاره؟!.. وكلّ ذلك من أجل ماذا؟ من أجل عودة إلى الوطن!.. فحتّى الوطن لا يرضى عودة كهذه!.. إنّ المشكلة ليست متى نعود؟ ولكنّ المشكلة كيف نعود؟ أنعود عودة الأبطال أم عودة الإذلال!.. هذا هو السّؤال واللّه أعلم بالنّوايا والأعمال، أنا لا ألوم من عاد بدون تنازلات فالعودة حقّ مشروع وليس منّة يمنّها علينا النّظام متى يشاء وكيف يشاء، فكلّنا عائدون إن شاء ربّ السّماء سواء موتى أم أحياء فكلّ مغرّب سيؤوب يوما إذا رُزق السّلامة والإيابا لكنْ كلّ عائد يسأل نفسه أقدّم تنازلات ثمن عودته أم لا؟ وحين يجيب على هذا السّؤال فلا ينسى أنّ اللّه عليه شهيد وأنّ التّاريخ لا يرحم طال الزمن أم قصر وأنّ الحقيقة ثابتة لا تتغيّر وأنّ الحقّ يعلو ولا يُعلى عليه وأنّ الله يعلم ما تُخفي الصّدور ومن أراد أن يُقنع غيره بأنّ الوطن الجريح قد التأمت جراحه فهذا كلام لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يقتنع به سفيه ولا لبيب فما بالك بمن عاش المحنة من كلّ جوانبها: - محنة الإيقاف - محنة السّجن - محنة المراقبة - ومحنة الغربة وسأحاول أن أسلّط الضّوء ما استطعت على كلّ محنة في مناسبات أخرى إن شاء اللّه تعالى، ولكنّ الأخوّة والمحبّة لن تمحى مهما عصفت ريح وزمجرت رعود فهي في القلب راسخة رسوخ الجبال الرّواسي متجذّرة كما الزّيتونة في أرضها ولولا هذه المحبّة والأخوّة ما خطّت يدي هذه الكلمات وما نظمت جوارحي هذه الأبيات لا تعذلوني إن كشفت مواجعي وجه الحقيقة ما عليه نقاب إنّ هذه الحركة مثل الوطن فهل يستطيع أحدكم أن يستقيل من الوطن؟؟؟ وهل يستطيع أحدنا أن ينزع عن الآخر وطنيته؟؟؟
عتاب
اسّاقطت أوراقها الصّفراء وتمسّكت بغصونها الخضراء النّهر يجرف ما تقازم من حصى وتظلّ فيه الصّخرة الشّماء زمن يغربل أهله بتفنّن فالغثّ يُرمى والسّمين بقاء زيتونة بدوامها مخضرّة عبر الفصول فعزّة وإباء أعمارنا قد أحرقتها غربة وزماننا ما عاد فيه وفاء دربان ليس ثلاثة بخيارنا فالغدر غدر والوفاء وفاء أحبابنا في القلب يكمن حبّهم والحبّ ليس له ردى وفناء لكنّ حبّي لن يقيّد صرختي صرخات قلبي عزّة وفداء ولئن صرخت على الأحبّة ذلكم زفرات قلب هدّه الإعياء ولئن قسوت على الّذين أحبّهم فلكي تدوم محبّة وإخاء كلّ العصافير الّتي قد هاجرت ستعود يوما إنّه لقضاء فربيعنا آت وشمس أشرقت واخضوضرت أشجارنا الصّفراء إنّ السّلامة في التّأنّي عادة فلما التّسرّع أم هي الأهواء إن كان عيل الصّبر صبرك صامد والصّابرون بصبرهم أحياء ضعف الأنام وهدّهم إبعادهم وملا الفؤاد تخوّف ورجاء طال المسار وظنّ بعض أنّه باق وليس له مدى وفناء أعلمت غيب اللّه كيف وغيبه في علمه وكثيرنا جهلاء ثقة الرّجال تزعزعت فتبخّرت وحصانهم قد هدّه الإعياء ولقد بدأنا والطّريق مليئة شوكا ودرب المؤمنين بلاء والكلّ يعلم أنّها أقدارنا قدر المناضل محنة وعناء فلما التّراجع بعد طول مسافة لو كنت أعلم أنّكم جبناء لكنّ علمي أنّكم أُسد الوغى وبأنّكم في النّائبات عزاء أوَ هدّكم تعب الحياة وهمّها إنّ الحياة سعادة وشقاء وشموعكم ذابت وغاب ضياؤها بالأمس أنتم للجميع ضياء أمل الرّجوع لكلّ قلب مُبعَد كيف الرّجوع وأرضنا أرزاء كيف التقينا يا ترى لولا الهدى ومحبّة في ديننا وإخاء كيف افترقنا والفراق مرارة سهم القلوب تحسّر وبكاء من كان يحسب أنّه سيعيش في منفى وغابت رجعة ولقاء لكنّنا ندري الرّجوع وكيفه عوْد بعزّ لا بذلّ أو بقاء