عطلة الصيف ومتطلبات رمضان وملابس العيد والأدوات المدرسية، كلها مواسم استهلاكية جاءت متتالية هذه السنة. وتزامنها بشكل استثنائي لا يترك فسحة للتونسيين من التسوق والإنفاق. تقول روضة، موظفة "تصور كيف يمكن أن تقسم راتبك بين طفلين، يدرسان ومصاريف رمضان والعيد. الأمر يكاد يكون مستحيلا". هذا القلق لا يقتصر على المواطنين وحدهم. فمنظمة الدفاع عن المستهلك دعت الخميس الماضي الأسر التونسية إلى توخى سلوك استهلاكي يراعي ميزانية العائلة. في حين أطلق التلفزيون العمومي التونسي، حملات تحسيسية، لحث المواطن التونسيي على ترشيد استهلاكه وتوزين إنفاقه خلال هذه المواسم الاستهلاكية. فالأسواق التونسية تعرف هذه الأيام إقبالا مكثفا على اقتناء ملابس العيد والحلويات واللوازم المدرسية. المصاريف الموسمية تتصدر كل النفقات اليومية الأخرى. عادل إطار بنكي يضيف "الأسعار مرتفعة، والتونسي أصبح يفضل الاصطياف في الفنادق وشراء الماركات الأجنبية هذا إلى جانب الدروس الخصوصية وفواتير الهاتف والنت، وهي كلها مصاريف مستحدثة، لم تكن موجودة من قبل وتتطلب التريث والتفكير أكثر من مرة قبل الإنفاق في ما لا يعني". عماد صالحة، يتفق على ارتفاع تكاليف الحياة اليومية لأنّ أفكار التونسيين تغيرت حول ما يرونه ضروريا. وقال صالحة "ما كان يصنف من قبل في خانة الكماليات أصبح الآن ضروريات، مثل المكيف والسيارات والهاتف الجوال والنت، أضف إلى ذلك ارتفاع مستوى المعيشة، وضغط وسائل الإعلام والإشهار. نحن نحاول التوفيق لتلبية كل الحاجيات لكن ذلك صعب وفي الأخير لا بد من إيجاد مورد رزق آخر إلى جانب الوظيفة الأصلية". أما أمال عون، صاحبة متجر فتقول "لا بد من ترشيد الاستهلاك، هذا ليس سهلا أمام ضغط الأولاد وطلباتهم الملحة لكنني أحاول أن ألبّي بعض الحاجيات وأترك الأخرى لوقت آخر وأتجاهل تلك التي تفوق إمكانياتي". يقول عماد الرقيق المختص في الأمراض النفسية والعصبية "إنّ طريقة الاستهلاك تعكس شخصية الإنسان. فبقدر ما يكون الاستهلاك متوازنا ويتماشى وإمكانياته بقدر ما يكون الشخص سويا ومتوازنا. لأنّ التبذير والتداين يدفع بالشخص إلى عدم التوازن". وأضاف "إنّ الإشهار يؤثر على سلوك الفرد الاستهلاكي". وقال عماد "لا بد أن تكون هناك توعية من طرف المنظمات والإعلام بعدم الاستهلاك المفرط. يجب الاستجابة لرغبات الإشهار في حدود إمكانياتنا". التونسيون واعون بهذا الوضع، وكشف استبيان أجراه معهد الاستهلاك بتونس ونشر الثلاثاء الماضي، أنّ 79 بالمائة من التونسيين يقومون بالتخطيط لميزانيتهم. فتحي زهير النوري، أستاذ جامعي مختص في الاقتصاد يقول في هذا السياق "الاستبيان كشف أنّ المستهلك التونسي هو مستهلك واع، فنحن عندما نشاهد الازدحام نعتقد أنّ التونسي غير واع ويقبل على الاستهلاك دون ترشيد وهذا غير صحيح"
الاستبيان كشف أيضا أنّ 55 بالمائة من المستجوبين في مناطق الشمال الغربي والوسط والساحل على يقين بأنّ إمكانياتهم الذاتية غير كافية لمجابهة المصاريف العائلية والتقليص من الصعوبات المنجرة على الضغوطات الموسمية. لكن، وكما يقول علي الغربي مدير معهد الاستهلاك "المستهلك التونسي واع بتلاقي المواسم". وقال "إنه يسعى لإيجاد الحلول بالنسبة للميزانية". ويتوقع معهده معرفة المزيد من الاستبيان المقبل الذي سيشمل كافة المناطق التونسية.