بسم الله الرحمان الرحيم اليوم وبعد أن انقضى موسم الزيارة الى البلاد و عاد كل الى سالف عمله فانه حري بالجميع أن يلتفتوا وراءهم للتوقف عند اختياراتهم و جدواها رافضوا العودةما لم تكن عنوانا لإصلاحات سياسية واسترجاعا لحقوق مسلوبة واعترافا بمظالم سلطت وحقوقا انتهكت (عليهم) ان يجددوا العزم على رفع الظلم وافتكاك الحقوق و قد آن أوان رفعها فرافضها على غير ما ذكرنا صار لزاما عليه آن يجدد عزمه على افتكاكها و آن يعملوا على تنويع اساليبهم في مغالبة الدكتاتورية من جهة و على دعم الصامدين بل و المقاومين في الداخل بكل ما توفر لديهم من فظاءات و أخيرا استنهاض من كان على موقفه في الخارج استعدادا لسنة سياسية جديدة نحسب انها ستكون البداية الحقيقية لسعي النظام التونسي لتهيئة الراي العام الوطني لقبول المقولة المتكررة لطغاة العصر بان الشعب و شرائحه هم من يرغبون في التمديد و التجديد له و لو اقتضى الامر تغييرا و تحويرا للمادة 40 من الدستور ,لذلك فنحن ندعوا كل المنخرطين في مقاومة نظام بن علي و تعريته ان يقطعوا الطريق امامه و ان تتكاتف جهودهم سياسيين و حقوقيين لكي ترجح كفة المجتمع على النظام (الدولة),و من لم يعد يؤمن بمعارضة السلطة و مغالبتها عليه الا يصبح اداتها لتنفيذ مشاريعها. أما الذين عادوا أو لنقل زاروا البلاد لان الزيارة هي المصطلح الأكثر تعبيرا عن الحالة التي نحن بصددها,فان الكل يعرف آن أوضاعهم اختلفت و تنوعت (عند استقبالهم في قنصليات تونس في بلد الإقامة)بحسب ما تعتقد أجهزة الأمن الخارجي أنها ستحصل على فائدة منه وكل ردود أفعال القنصليات أو بالأحرى الماسكون بهذا الملف محددة حسب المتقدم و موقعه و ما يمكن آن يقدمه ولذلك فالبعض طلب منه الاستقالة و الآخر طلب منه فقط آن يحبر في الإعلام ما يضفى شرعية على السلطة و مشاريعها و بين هذا وذاك و بشئ من الحس الأمني والاستخباراتى لأعوان السلطة يسهل جمع ما كان مطلوبا من معطيات تنقصهم عن خارطة الخارج ,أما الأخطر في تقديري من كل هؤلاء هم الذين جعلوهم أداة لنشر ثقافة التسليم بشرعية السلطة و آن لا جدوى من مقاومتها فالواقعية تقتضى العيش في كنف الدكتاتورية و القبول بكل قوانينها( فكم من حقوق ضيعت باسم الواقعية ) و لعل هذه الثقافة أو هذه القنا عات المعلنة منها والضمنية هي التي تجمع كل الذين عادوا فهم ضمنيا اقروا لبن علي بشرعية تزويره للانتخابات و بشرعية كل الاعتداءات التي مارسها أعوانه بأمره المباشر و لا زالوا يمارسونها و بشرعية سنين حكمه و ما جرى فيها من جرائم ناهيك عن شرعية نهبه لخيرات الفئات المستضعفة فيها بإطلاق يد العصابة (العائلة الحاكمة) تحكما و تصرفا في مقدرات البلاد(ملاحظة هذا أمر لن يضيرهم كثيرا فرزقهم و من والاهم من الأقربين ارتبط ببلاد إقامتهم).أمر آخر جمع هؤلاء هو آن كل الذين عادوا أو سيعودون على النحو الذي ذكرنا يذهبون إلى القنصليات و هم عاقدون العزم على الخضوع و القبول بقواعد اللعبة في البلاد و التي تقتضى آن يعيشوا و يتنقلوا و هم صامتون لا يجاهرون برأي مخالف و لا يقوموا بأمر دعوة و لا يساهموا بأدنى منشط لا سياسي ولا ثقافي بعبارة أوضح سيكون المواطن الذي اعتزل السياسة منذ زمن أكثر منهم قدرة على قول لا و على رد مظلمة أو اخذ موقف و لو في أدنى مستوياته و لعل الشجاع منهم من حافظ على ارتياده المسجد الجامع لأداء الصلاة في وقتها و تحية بعض من عرفهم سابقا على خوف من وشاية الواشين .بالجملة ما يجمعهم هو التنازل عن الرسالة التي حملوها و عاشوا ردها من عمرهم تحكم فكرهم و سلوكهم و ترجموها في جملة من الشعارات كالمطالبة بالحرية لهم ولشعبهم و حق المشاركة السياسية لحركتهم و آن يسود البلاد حكم القانون.....الخ. نحن لا نقول آن النضال لا يكون إلا بهجر البلاد و لكن من أراد العودة فليعد و ليستعد لان يمارس حقه في التعبير و آن يقوم بواجبه الشرعي في التوجيه و النصح و لعمري هذا أمر دونه و عصى الجلاد التي ربما لايعرفون شراستها و لكنهم يعرفون أنها مشرعة إلى اليوم و لذلك احسب انه أمر مسقط من حساباتهم.فتونس لديهم لم تعد كما نراها و رأوها سابقا وطنا يستحق التضحية ليتخلص من طغيان و دكتاتورية يدركها جيدا و يدرك وطأتها لا من ذهب سائحا أو زائرا في عطلة استجمام كسادتنا هؤلاء ولكن من يقطن البلاد و يقيم فيها إقامة دائمة فالبلاد عندهم إذا أضحت –كما عند الأجانب-موضوع نزهة و سياحة و لربما قرر بعضهم استثمار أموال هناك و هيا نفسه لان يقبل بأخلاقيات من يتحكمون في سوق العمل و الاستثمار ر هناك من رشى وعطايا حتى يامن غائلتهم.رغم إيماننا بأنه نعم المال الصالح عند العبد الصالح إلا أننا ناسف لهكذا نهاية لمسيرة نضالية امتدت لعقود عند بعضهم و قد كانت مليئة و حافلة بالنشاط السياسي و الثقافي و العلمي الرفيع للبعض الآخر و إذا كان قائلهم راض بعودة يحافظ فيها على صفته فهذا لعمري اقل من الفتات الذي يمن به الطاغي إضافة إلى آن الحفاظ على الصفة لم ولن يغير واقعا بل سيكون علامة ضعف و خضوع و هذا ما لا يرضاه لهم لا رفاق الدرب و لا حتى أبناء شعبهم الذين يختزنون في داخلهم كره الدكتاتور و أعوانه بل و أيضا يحتقرون من يضعف أمامه و يذل. بقي أن نؤكد أن المؤسسة الأمنية و هي الماسكة بكل الملفات في البلاد و على رأسها كبير الأعوان بن علي ترى في هؤلاء المتهافتون على العودة دون قيد أو شرط ثوريون انهاروا أو لنقل مناضلون يئسوا و عليه فلا بد من إنهائهم بجعلهم أرقاما و عدم إعارتهم أي اهتمام مهما علا شانهم العلمي أو الوظيفي بل ربما استغلال استعدادهم لتقديم العطاء اللازم و نحن نتمنى أن لايكونوا كلهم أو بعضهم الحلقة القادمة من مشروع تزكية بن علي لرئاسة أخرى خاصة و أننا لا زلنا نذكر بيان افريل الذي سبق أخر انتخابات رئاسية . وأخيرا أيها السادة هل بعد ما قلنا بقي لعودتكم هذه من نفع للبلاد أو تحرير للعباد أو خدمة لصحوة ادعى بعضكم انه لا بد من ترشيدها أو حلحلة لملف حركة أقصيت لما يقارب العقدين أو إعانة لسجناء سابقين لاسترجاع حقوقهم ....لاشئ من هذا وقع ولن يقع ما دمتم رضيتم بهكذا موقع و مكان . أما الآن فإننا لم نعد نريد سماع ما تروجون ولا رؤية ما تفعلون لأننا مندرجون في نضال شعبنا ونخبه في التصدي لانتهاك الدستور والتمديد لبن علي وفي الطليعة من شعبنا واقفين في الصف الامامي مقومين للظلم مقاومين للطغاة,و لأننا لازلنا نريد لكم الخير فإننا ندعوكم أن تنظروا في عاقبة أمركم بعد الزيارة أو الزيارات. حفظناالله و إياكم من شرور أنفسنا وكل عام والعائدون وغير العائدين بخير. الحبيب غيلوفي باريس فى 13/9/2010