عبر اليوم كمال العبيدي الرئيس السابق للهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام و الاتصال خلال ندوة صحفية نظمها حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد حول "الإعلام والسلطة بعد الثورة" عن أسفه لما يواجهه قطاع الإعلام في هذا الظرف من ضغط تفرضه الحكومة على الصحفيين مضيفا أنه يجب على الصحفيين تبعا لذلك تنظيم صفوفهم للتصدي للمحاولات المتكررة لتدجينهم و تركيع الإعلام و الحد من حرية التعبير. و أشار العبيدي إلى أن الاهتمام بالإعلام لم يأت من فراغ بل لأنه إحدى ركائز النظام الديمقراطي و لذا و أمام تكرر الإعتداءات و التهديدات التي تستهدف الصحفيين فالصحفيون في حاجة إلى وقوف المجتمع المدني إلى جانبهم. و قال العبيدي إن معركة السلطة و محاولات الهيمنة على الإعلام انطلقت عبر تعيين رؤساء على المؤسسات الإعلامية بنفس الطريقة التي اعتمدها النظام السابق مثلما حدث مع دار الصباح و رغم الرسائل التي توجهت بها الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام و الاتصال فإن الحكومة اختارت أن تركب رأسها و أن لا تكترث بأصوات المنظمات المهتمة بالإعلام و القائمة على تشخيص الواقع الإعلامي التونسي كما لم تأخذ الحكومة أي توصية بعين الاعتبار فضلا عن تجاهل الإضراب العام الذي نفذته نقابة الصحفيين و إلى اليوم لم يتم تفعيل المرسومين 115 و 116. و انتقد العبيدي في معرض حديثه تعامل الحكومة مع قضية ألفة الرياحي التي قامت بعمل إعلامي من أجل الإشارة إلى التجاوزات التي حصلت من طرف وزير الشؤون الخارجية فقوبل مجهودها بالمحاسبة و المقاضاة مؤكدا على أن "قضاء اليوم هو قضاء بيد السلطة في وقت يجب أن يكون فيه القضاء مستقلا حتى لا يستحيل الى قضاء دكتاتوري ". أما بشأن سلسلة المفاوضات مع رئاسة الجمهورية المسؤولة عن تفعيل المرسومين 115 و 116 فقد أشار كمال العبيدي إلى أن رئيس الجمهورية المؤقت كان قد أكد أنه سيتم تفعيل المرسومين و الإعلان عن تكوين الهيئة العليا لإصلاح الإعلام و الاتصال لكن العملية دخلت في لعبة المحاصصة الحزبية إذ سعت الأحزاب السياسية إلى السيطرة على هذه الهيئة مضيفا أن حركة النهضة تتحمل المسؤولية في الهيمنة على الإعلام لأنها حاولت فرض بعض الأشخاص من بينهم وجوه من النظام السابق. و صرح العبيدي أن رئيس الجمهورية المؤقت هو المسؤول عن تعيين رئيس الهيئة العليا لإصلاح الإعلام لكن يبدو واضحا أن حركة النهضة تريد أن تلتهم ما تبقى من صلاحيات رئيس الجمهورية لذلك فمن المنتظر أن تولد هيئة محدودة الاستقلالية كما أكد على أن هناك من يسعى إلى تعطيل تفعيل المرسومين 115 و 116 لمزيد استباحة المشهد الإعلامي و فتح المجال أمام بعث إذاعات و تلفزات خاصة خارج إطار القانون حسب رايه . و أشار كمال العبيدي إلى أن الفصل 128 و الذي ينص على إنشاء هيئة مستقلة للإعلام من صلاحيتها الإشراف على قطاع الإعلام و تنظيمه يتم انتخاب أعضائها من طرف أحزاب سياسية هو أمر خطير و يعد ضربا لاستقلالية الإعلام و إذا لم يتم تعديل هذا الفصل فسيكون وصمة عار على جبين المجلس الوطني التأسيسي لأنه يمهد لقيام وزارة إعلام أخرى مثل التي اكتوى بنارها الصحفيون في العهد السابق مؤكدا على ضرورة أن يكون الإعلام مرآة صادقة تعكس طموحات المواطن و مشددا على أهمية استقلاليته حتى لا يكون بوق دعاية للسلطة الحاكمة . و عبر العبيدي عن رفضه قيام مؤسسة رئاسة الحكومة بتنظيم دورة تدريبية للصحفيين على التواصل السياسي دون العودة إلى المنظمات و الهياكل المهنية المهتمة بالشأن الإعلامي.