أمطار غزيرة تتسبب بمقتل العشرات في البرازيل    أوجيه ألياسيم يضرب موعدا مع روبليف بنهائي بطولة مدريد المفتوحة للتنس    طقس صاف الى قليل السحب على كامل البلاد    نابل: الاطاحة بمنحرف شوه وجه عضو محلي بواسطة ألة حادة    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    اليوم العالمي لحرية الصحافة /اليونسكو: تعرض 70 بالمائة من الصحفيين البيئيين للاعتداءات خلال عملهم    كفّر الدولة : محاكمة شاب تواصل مع عدة حسابات لعناصر ارهابية    اخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من المهاجرين الافارقة    كأس تونس لكرة القدم- الدور ثمن النهائي- : قوافل قفصة - الملعب التونسي- تصريحات المدربين حمادي الدو و اسكندر القصري    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة(السوبر بلاي اوف - الجولة3) : اعادة مباراة الترجي الرياضي والنجم الساحلي غدا السبت    الرابطة 1- تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    لجان البرلمان مستعدة للإصغاء الى منظمة "كوناكت" والاستنارة بآرائها (بودربالة)    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه    تفكيك شبكة مختصة في ترويج المخدرات بجندوبة ..وحجز 41 صفيحة من مخدر "الزطلة"    توننداكس يرتفع بنسبة 0،21 بالمائة في إقفال الجمعة    سليم عبيدة ملحن وعازف جاز تونسي يتحدث بلغة الموسيقى عن مشاعره وعن تفاعله مع قضايا عصره    مركز النجمة الزهراء يطلق تظاهرة موسيقية جديدة بعنوان "رحلة المقام"    قابس : انطلاق نشاط قاعة السينما المتجولة "سينما تدور"    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها (رئيس دائرة الإنتاج الحيواني)    86 مشرعا ديمقراطيا يؤكدون لبايدن انتهاك إسرائيل للقانون الأميركي    بوريل..امريكا فقدت مكانتها المهيمنة في العالم وأوروبا مهددة بالانقراض    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    إفتتاح مشروع سينما تدور    فتحي الحنشي: "الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية أصبحت أساسية لتونس"    تصنيف يويفا.. ريال مدريد ثالثا وبرشلونة خارج ال 10 الأوائل    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    منير بن رجيبة يترأس الوفد المشارك في اجتماع وزراء خارجية دول شمال أوروبا -إفريقيا    بداية من الغد.. وزير الخارجية يشارك في أشغال الدورة 15 للقمة الإسلامية    القصرين: تمتد على 2000 متر مربع: اكتشاف أول بؤرة ل«الحشرة القرمزية»    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    الاحتجاجات تمتد إلى جامعات جديدة حول العالم    المحمدية.. القبض على شخص محكوم ب 14 سنة سجنا    تالة: مهرجان الحصان البربري وأيام الاستثمار والتنمية    حالة الطقس هذه الليلة    عاجل/ قضية "اللوبيينغ" المرفوعة ضد النهضة: آخر المستجدات..    مجلس وزاري مضيق: رئيس الحكومة يؤكد على مزيد تشجيع الإستثمار في كل المجالات    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    توطين مهاجرين غير نظاميين من افريقيا جنوب الصحراء في باجة: المكلف بتسيير الولاية يوضّح    كرة اليد: بن صالح لن يكون مع المنتخب والبوغانمي لن يعود    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    قرعة كأس تونس 2024.    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركيبة الهيئة التعديلية للإعلام تحولت إلى محاصصة حزبية بين "الترويكا"
كمال العبيدي ل الصباح :
نشر في الصباح يوم 19 - 01 - 2013

انتقد السيد كمال العبيدي رئيس هيئة اصلاح الإعلام والاتصال المنحلة، بشدة حكومة "الترويكا" وحركة النهضة تحديدا بسبب ما اسماه غياب ارادة حقيقية في اصلاح الإعلام، وتفعيل المرسومين 115 المتعلق بالصحافة والنشر،
كمال العبيدي ل «الصباح»:
تركيبة الهيئة التعديلية للإعلام تحولت إلى محاصصة حزبية بين "الترويكا"
انتقد السيد كمال العبيدي رئيس هيئة اصلاح الإعلام والاتصال المنحلة، بشدة حكومة "الترويكا" وحركة النهضة تحديدا بسبب ما اسماه غياب ارادة حقيقية في اصلاح الإعلام، وتفعيل المرسومين 115 المتعلق بالصحافة والنشر، و116 المتعلق بالإعلام السمعي البصري، وخاصة في ما يتعلق بإحداث الهيئة المستقلة للإعلام السمعي البصري التي لم تر النور بعد بسبب هيمنة التجاذبات السياسية والحزبية على تركيبتها.
وحمّل الصحفي والحقوقي كمال العبيدي في حديث ل"الصباح" مسؤولية تعطل إحداث الهيئة، وعدم تفعيل المرسومين إلى الحكومة الحالية وخاصة حركة النهضة التي قال إنها تسعى إلى فرض وجوها بعينها على رأس المؤسسات الإعلامية العمومية والتدخل في تركيبة هيئة المستقلة للإعلام لفرض أسماء حسب منطق الولاءات الحزبية وليس حسب مقياس الكفاءة والاستقلالية.
ونفى العبيدي أن يكون مرشحا لتولي منصب رئاسة الهيئة، وقال إنه لا يرغب بتاتا في تقلد أي منصب منتقدا نشر بعض وسائل الإعلام ترشحه لرئاسة الهيئة دون التأكد من صحة الخبر..
يذكر أن الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام التي ترأسها كمال العبيدي اسابيع قليلة بعد ثورة 14 جانفي، أعلنت عن حلِّ نفسها في 11 جويلية من العام الماضي بعد مرور سنة أو تزيد من النشاط الذي أفضى إلى إصدار تقرير شخّصت فيه الوضع الإعلامي التونسي، وقدّمت من خلاله جُملة من التوصيات والمقترحات.
ويعرف عن العبيدي دفاعه الشرس عن حرية الصحافة والتعبير، وهو الذي طرد تعسفيا سنة 1994 من وكالة تونس إفريقيا للأنباء إثر كتابته لسلسلة من المقالات حول السياسة التونسية بصحيفة "لاكروا" الفرنسية التي كان يراسلها من تونس مما أغضب سلطات بن علي آنذاك التي ضغطت بعد ذلك على إدارة المؤسسة لطرده إثر إجرائه حوارا مع الدكتور المنصف المرزوقي بوصفه أحد المترشحين لرئاسة الجمهورية سنة 1994.
في ما يلي نص الحديث:
* لماذا تأخر الإعلان عن تشكيل الهيئة المستقلة للإعلام السمعي البصري؟
- هناك محاولة للالتفاف على الهيئة التعديلية المستقلة للإعلام السمعي البصري. فالقانون ينص على احداث هيئة مستقلة ذات كفاءات يتمتعون بخبرة واسعة مشهود لها بالنزاهة..لكن يبدو أن المسألة تحولت إلى عملية محاصصة بين الأحزاب الثلاثة وخاصة قيادة حركة النهضة كأنها تريد ان تلتهم ما تبقى من فتات الصلاحيات التي يتمتع بها رئيس الجمهورية.
فحسب الفصل 47 من المرسوم 116 يعين رئيس الجمهورية رئيس الهيئة وأعضاءها بعد التنسيق مع هيئة إصلاح الإعلام والاتصال مع الالتزام بالفصل 7 الذي يحدد تركيبة الهيئة، يعين رئيس الجمهورية الرئيس ورئيس المجلس التأسيسي عضوين، ونقابة الصحفيين تعين عضوين، وبقية الهياكل الأكثر تمثيلا للعاملين في قطاع الإعلام من بينها النقابة العامة للثقافة ونقابة المؤسسات الإعلامية، والهيكلة الأكثر تمثيلا للقضاة..
لكن ما حدث منذ بداية شهر نوفمبر حصول تجاذبات واختلافات بين اعضاء "الترويكا" على المرشحين لعضوية الهيئة، وخاصة حركة النهضة التي تريد ان تفرض بعض الأسماء على هذه الهيئة او أصبحت تمارس حق النقض او "الفيتو" ولها تحفظات على بعض الشخصيات المعروفة بكفاءتها العالية واستقلالها التام عن كل الأحزاب.
ويبدو ان كل من "تجرأ" أو نقد أداء الحكومة ومحاولة قيادة النهضة الهيمنة على مؤسسات الدولة يصبح غير مرغوب فيه للانضمام للهيئة او ربما حرمانه من خدمة بلاده في أي مؤسسة من مؤسسات الدولة وهذا امر مؤسف ولا يبعث على الاطمئنان على مستقبل تونس.
* وهل رفضت حركة النهضة أسماء بعينها مرشحة لعضوية الهيئة؟
- هناك التفاف ومحاولة فرض الأسماء ومعارضة اسماء اخرى حسب ما ينص عليه القانون، فبأي حق يتم الاعتراض على الزميل هشام السنوسي الذي رشحته النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين دون مبرر.
* ولماذا رفضته حسب رأيك؟
- المتابع لما يجري على الساحة السياسية يستنتج أن الجهة التي رفضت هشام السنوسي سكتت عن التصريح بمآخذها عنه، ربما لمشاركته في هيئة إصلاح الإعلام ونقده التعامل الخاطئ والسيئ للحكومة مع ملف الإعلام.
* هل تلمّح إلى أن الحكومة غير جادة في اصلاح الإعلام؟
- يعلم القاصي والداني أن الحكومة ارتكبت أخطاء كثيرة في ما يتعلق بملف الإعلام، بدءا بما حدث خلال جانفي الماضي حين تمت تعيينات على رأس مؤسسات عمومية مخيبة للإعلام، وكانت مؤشرا لعدم رغبة الحكومة في إصلاح الإعلام والبحث عن مسؤولين ومديرين عامين يتسمون بالطاعة والاستعداد للولاء للسلطة الجديدة، واستمر مسلسل التعيينات الخاطئة والسيئة التي تشكل اعتداء على حق المواطن التونسي في اعلام ارقي وأكثر مهنية..على غرار تعيين مدير عام على رأس دار الصباح لا تتوفر فيه الشروط الدنيا لإدارة مؤسسة إعلامية عريقة..وقبل ذلك ما سمي باستشارة حول اصلاح الإعلام في شهر أفريل من السنة الماضية، وعمدت الحكومة حينها إلى دعوة وجوه كانت في خدمة المنظومة الإعلامية التي كان يستعملها بن علي للسيطرة على المجتمع والتغطية على المؤسسات والأمثلة عديدة..
هذا اضافة الى تكرر الاعتداءات على الصحفيين وتعطيل وعرقلة عملية إصلاح الإعلام، مع استمرار مسلسل التعيينات على رأس المؤسسات العمومية لكن ليس بشروط ومقاييس عادلة مثل ما يحصل في الدول الديمقراطية وكذلك يستمر الإصرار على السيطرة على هذه المؤسسات الإعلامية وتمديد فترة الفراغ القانوني الى اليوم رغم اقرار الحكومة بوجوب تطبيق المرسومين 115 و116.
فلم يتم تطبيق المرسوم 115 بالكمال فلجنة اسناد البطاقة المهنية لم تتشكل بعد رغم وجود فصل ينص على أن يرأسها قاض. كما يتم تأجيل تطبيق المرسوم 116 دون مبرر ويتضح يوما بعد يوم ان عدم قيام الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري هو نتيجة إصرار على الالتفاف على النص القانوني وإفراغه من محتواه خاصة في ما يتعلق بتركيبة الهيئة.
وهو ما يؤكد عدم وجود رغبة او إرادة لالتزام بالنص القانوني والتمديد في فترة الفراغ، وهذا الوضع يخدم جهات حريصة على احداث المزيد من المحطات التلفزية في غياب أي اطار قانوني او شروط.
كل اسبوع نكاد نسمع بمبادرة جديدة لإحداث تلفزات تدخل البيوت دون اذن تهدف البعض منها لخدمة أغراض حزبية او للاستعداد للانتخابات القادمة.
* كيف تقيم أداء الإعلام بعد عامين من الثورة..وماذا يحتاج حتى يحسّن من أدائه؟
- الأداء كان مرفوقا بحملة شرسة وظالمة على الإعلام والإعلاميين فمن جهة رئاسة الحكومة ومن يدعمها في المجلس التأسيسي ترفض القيام بأي خطوة جادة وصادقة على طريق الإصلاح وذلك بإدارة الظهر لكل التوصيات التي قدمتها الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام خاصة بعد صدور تقريرها نهاية أفريل من السنة الماضية.
من جهة أخرى ترفض الحكومة البدء بالإصلاح واعادة هيكلة المؤسسات الإعلامية العمومية والمساعدة والدفع في اتجاه سن قوانين أساسية جديدة ملائمة للأوضاع التي تعيشها اليوم.. قوانين تنص على وجود مجالس ادارة ليست صورية بل قائمة على كفاءات وخبرة عالية ومستقلة، وليس مثل السابق مجرد أدوات او خدمة السلطة السياسية الحاكمة..
هم يعيبون على الإعلاميين الذين يعملون في ظروف صعبة في غياب التشريعات اللازمة والإدارات الحوكمة الرشيدة، بأنهم إعلام يتحمل كل المسؤوليات وكأنه اعلام متحامل عليهم وكأنه يعمل وفق اجندات سياسية ومنحاز لأحزاب معارضة للسلطة.
رغم هذه الظروف الصعبة أرى أن اداء عدة مؤسسات إعلامية بدأ يتحسن، وسجل تاريخ الإعلام في تونس أن الصحفيين اضربوا عن العمل يوم 17 اكتوبر 2012 لا لتحسين ظروفهم المادية والاجتماعية بل للمطالبة بتطبيق نصوص قانونية من اجل أن يكون اعلام تونس في خدمة المواطن وليس في خدمة السلطة السياسية..
لست مرشحا لرئاسة الهيئة
* هل عرض عليك فعلا منصب رئيس هيئة المستقلة لإصلاح الإعلام ؟؟
- يشهد زملائي في الهيئة اني منذ منتصف السنة الماضية اشعرتهم بعدم رغبتي في تحمل أي مسؤولية سواء في الهيئة المستقلة للإعلام البصري او غيرها..أدركت ان عمل الهيئة شاق جدا خاصة بعد الإعلان عن صدور التقرير العام لهيئة اصلاح الإعلام والاتصال.
ليس لدى رغبة بالمرة في تقلد أي منصب، ويكفي زملائي فخرا أننا قدمنا جهدا وكنا نظن أن هذا الجهد سيتم الأخذ به، نحن لم نطلب شيئا بل ساهمنا في وضع إطار قانوني جديد لقطاع الإعلام والتخلص من الإرث الذي خلفته سنوات الاستبداد واستمعنا لخبراء من تونس والخارج وعقدنا لقاءات ودعونا خبراء من عدة دول مرت بنفس تجربة الانتقال الديمقراطي او عريقة في مجال الحوكمة الرشيدة في مجال تعديل واصلاح المشهد الإعلامي.
أستغرب حقيقة من بعض المقالات التي تحدثت عن ترشيحي من قبل رئيس الجمهورية لخطة رئيس الهيئة المستقلة لإصلاح الإعلام، هذا الأمر غير صحيح.
* لكنك قابلت رئيس الجمهورية مرتين في ظرف وجيز وكان محور اللقاء الهيئة المستقلة للإعلام؟
- نعم قابلت رئيس الجمهورية بداية شهر نوفمبر الماضي، وأكدت على ضرورة الإسراع بتطبيق المرسوم 116، وأكدت ايضا أنني غير معني بالهيئة وعبرت عن املي أن تقوم رئاسة الجمهورية بالتنسيق مع هيئة اصلاح الإعلام والاتصال للإعلان عن تركيبة الهيئة..
أذكر ان أحد وزراء حركة النهضة التقيت به مرة وقلت له بصريح العبارة "مهتمي تنتهي بانتهاء مهمة هيئة اصلاح الإعلام والتفرغ للعمل الصحفي والحقوقي وأملي ان تسرع الحكومة في تطبيق جزء على الأقل مما ورد من توصيات تقرير هيئة اصلاح الإعلام او في بدء حوار جدي حول الموضوع"..فأجابني بالحرف الواحد:" احنا ما ناش باش سلمو فيك وانت ما تلقاش خير منا.."
انا لم ارجع لتونس من أجل المناصب.. لست من اللاهثين وراء الكراسي والمناصب.
علما أن نفس الوزير تساءل عن عدم قبولي للتعويضات لأني طردت من عملي في وكالة تونس افريقيا للأنباء سنة 1994.. حلمي أن يكون لتونس اعلام حر متعدد يخدم المواطن التونسي ويساعده على تأمين مستقبله ومستقل أولاده من الفساد والفاسدين.. نحن لا ندافع عن حرية الصحافة للاستفادة منها بل الفائدة الكبرى من اعلام حر هي للشعب..
* إذن أنت منزعج مما كتب عن ترشحك لمنصب رئاسة الهيئة؟
- بعض الصحفيين للأسف حين يكتبون لا يكلفون انفسهم التأكد من صحة ما يكتب او ينشر من اشاعات، وبذلك هم يسيؤون لأنفسهم وللمهنة وهذا لا يساعد على تكوين رأي عام داعم لحرية الصحافة.
* وهل تعتبرها بريئة أم موجهة؟
- هناك بعض الزملاء يكتبون او يؤمرون بكتابة بعض المقالات، وتبدو كأنها موجهة تفتقد إلى ابسط قواعد المصداقية.. أنا لا استبعد أن يكون بعض السياسيين او رجال اعمال وراء تلك المقالات. وهذا ما يؤكد أهمية وجود هياكل تعديلية مستقلة وآمل ان لا يطول المخاض أكثر.
كما آمل ان تبادر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ونقابة المؤسسات الإعلامية، وبقية الهياكل النقابية المعنية بتكوين هيكل تعديلي مستقل للصحافة المكتوبة،.. وأن تبحث الهياكل المعنية في تطوير الإعلام المكتوب وتبحث في شكاوى المواطنين والقراء وتحاول معالجة بعض المشاكل او التجاوزات قبل وصولها إلى المحاكم.. وهذه التجربة موجودة في الدول الديمقراطية وأثبتت نجاعتها.
مجلس للصحافة المكتوبة
* ولماذا لم تبادر هيئة اصلاح الإعلام قبل الإعلان عن تعليق مهامها إلى الدفع بهذا الاتجاه؟
- لقد اتصلت هيئة اصلاح الإعلام بالهياكل النقابية الممثلة للإعلام والإعلاميين منذ مدة، ومن بين التوصيات التي وردت في التقرير العام ضرورة تحرك ممثلي الصحفيين واصحاب المؤسسات الإعلامية لتكوين هيكل تعديلي أو مجلس الصحافة أسوة بما هو موجود في دول ديمقراطية.
إن من بين أنجح الهياكل التعديلية للصحافة المكتوبة مجلس الصحافة في اندونيسيا التي عانت من عقود في الاستبداد، وقد زار تونس منذ اشهر نائب رئيس مجلس الصحافة الاندونيسي بدعوة من اليونسكو لكن لأسف لم تتم الاستفادة من الزيارة والتجربة، علما ان مجلس الصحافة في اندونيسيا يضم 9 اعضاء 3 يمثلون الصحفيين و3 يمثلون اصحاب المؤسسات، و3 عن المجتمع المدني.
* ما الذي يعيق حسب رأيك ارتقاء مستوى الإعلام الوطني؟
- إن غياب الإرادة السياسية لإصلاح الإعلام هو الذي يعطل الارتقاء بالإعلام التونسي. الإعلام بصدد تحسين أدائه ولا يمكن ان نضمن أداءا راقيا دون وجود هيئات تعديلية او دون احداث الإصلاحات الهيكلة اللازمة في المؤسسات العمومية. هناك نوع من الشعور بالإحباط مع تواصل الظروف غير الملائمة والاعتماد على نفس النصوص الأساسية قبل 14 جانفي.
كما ان المديرين الذين تم تعيينهم على راس المؤسسات الإعلامية العمومية عينوا في غياب الالتزام بمعايير الكفاءة والشفافية، ولم يتم اختيارهم من بين مرشحين بل لاعتبارات سياسية والهدف الأساسي منها هو الولاء والطاعة مثل ما كان يحدث سابقا.
بعض التعيينات تفتقر خاصة إلى مسألة الخبرة والتجربة مثلما حدث السنة الماضية ب"دار الصباح". لقد تبين بعد ذلك أن من يقف وراء التعيينات المسقطة لا يملك رغبة في اصلاح الإعلام ولا يبدو مكترثا باحترام حق التونسيين في اعلام عمومي في خدمة الراي العام.
* لكن حكومة "الترويكا"والأحزاب المكونة لها أكدت اكثر من مرة سعيها إلى اصلاح الإعلام وتفعيل المرسومين 115 و116؟
- للأمانة رئيس الحكومة لا يملك سلطة القرار خاصة في ما يتعلق بملف الإعلام، هناك جهة تدعي الخبرة في الإعلام وتملي عليه القرارات. ولو كان رئيس الحكومة صاحب القرار مدعوما من بعض المستشارين العارفين بشؤون الإعلام وواقع المؤسسات لا أظن انه يدفع للموافقة على تلك القرارات الخاطئة..
* من يقرر إذن ؟
- يبدو أن قيادة حركة النهضة هي التي تقرر.. ففي كل القرارات الصادرة في شأن المؤسسات العمومية لم يتم إعلام حليفيها الآخرين في "الترويكا"..
من غرائب الأمور أن النص القانوني يمنح رئيس الجمهورية صلاحية تعيين رئيس الهيئة المستقلة للإعلام، ورغم ذلك قيادة حركة النهضة تريد ان تفرض وجوها بعينها، وتعترض على وجوه أخرى لغايات حزبية وانتخابية..لأن دور الهيئات التعديلية في الديمقراطية حاسم فهي تقوم بدور الحكم خاصة خلال الحملات الانتخابية.
نحن في بداية الطريق والمواطن يحتاج الى اعلام فوق الأحزاب لا تحركه جهات حزبية للتأثير او للتضليل.. او ادوات لتصفية الحسابات او للتشويه.. بأسلوب غير لائق.
* من المستفيد يرايك من عدم تطبيق المرسوم 116؟
- هناك جهات مستفيدة من عدم تطبيق المرسوم 116 او قيام الهيئة التعديلية والتجربة اثبتت ان الجهة المستفيدة اكثر من غيرها هي الجهة الماسكة بزمام السلطة وفي مصلحتها تكاثر الإذاعات والتلفزات في غياب القانون. وربما بعد إغراق المشهد الإعلامي قد نصبح في دولة تتغول عليها بعض الأحزاب او بعض اصحاب رؤوس الأموال..
كما ان بعض اصحاب المؤسسات الخاصة تعودوا على غياب الإطار القانوني لكن لا نتفهم ان تأتي سلطة جديدة بعد الثورة وتحرم الشعب التونسي من حقه في إعلام حر ومستقل يخدم المواطن..
اليوم تعطل تطبيق المرسوم 116 يتواصل منذ اكثر من سنة وتتواصل اليوم محاولات الالتفاف، وكل جهة تريد تفسير القانون حسب مصلحتها، هناك حرص على عدم تكوين الهيئة المستقلة والمسألة تحولت الى محاصصة حزبية في آخر الأمر الأحزاب هي الرابحة والشعب هو الخاسر.
الاعتداء على الاعلاميين
* بماذا تفسر تصاعد الهجمات على الإعلام والإعلاميين؟ وما هو رأيك في رابطات حماية الثورة؟
- الثورة ليست يتيمة حتى تحميها مليشيات او رابطات. في الدول الديمقراطية المؤسسات تحمي المواطن ومكاسبه من بينها القضاء المستقل، والرابطات تذكرنا بالمليشيات التي توجد في الدول الاستبدادية، واللجان الشعبية في ليبيا، ولجان اليقظة في دول استبدادية هدفها تخويف الخصوم وضربهم وقد تصل الأمور الى اغتيالهم حتى يكفوا عن نقد السلطة وعن تحمل مسؤولياتهم كمواطنين وكأن وجود الرابطات هدفها ارجاع الشعب التونسي الى زمن يخاف المواطن فيه من ممارسة حقه، بسبب العقوبات التي تصل الى السجن او الخوف من أن يدفع الثمن افراد من عائلاتهم..
ان لم تتحرك مؤسسات الدولة وتضع حدا لتلك السلوكيات التي لا تليق بدولة ديمقراطية، وأعجب كيف يدعي بعض السياسيين ان الرابطات تحمي الثورة، هذا المنطق غير سليم وربما من يدافع عنها قد يقع في يوم من الأيام ضحية لتجاوزاتها..
السلطة التنفيذية مسؤولة عن حماية المواطنين، وآخر ضحايا الرابطات هي محاولة الاعتداء على زياد الهاني وناجي البغوري.. وهذا يقودنا الى التساؤل: لماذا لم تتم محاكمة أي معتد على الصحفيين منذ ان تقدمت نقابة الصحفيين بقضايا ضد المعتدين؟، ولماذا تطرح المدونة الفة الرياحي قضية هامة مثل سوء التصرف في المال العام، وعوض التحقيق في الوثائق التي بحوزتها يصدر قرار بمنعها من السفر وتجر على جناح السرعة الى المحكمة ومن يعتدي على الصحفيين يتمتع بحصانة..؟؟
* ماهو الوضع القانوني لهيئة اصلاح الإعلام حاليا بعد تعليق نشاطها ؟
- اتخذنا قرار تجميد وحل نشاط الهيئة بعد شهرين من صدور تقريرها وبعد ان تبين ان هذه الحكومة والأغلبية الداعمة لها في التأسيسي غير مكترثة بعملية الإصلاح كان هناك رغبة جامحة ان تختفي الهيئة من الوجود، لقد تعرضنا للعديد من الصعوبات.. لو استمعت الحكومة للهيئة واطلعت على التقرير وحاولت تطبيق جزء من توصياته او على الأقل فتحت حوارا ما كنا نضطر للقرار.
* لكن البعض قال إن قرار التجميد كان في غير محله؟
- السيد عياض بن عاشور اتصل بنا، وقال إننا أخطأنا في قرار تجميد نشاط الهيئة وأشار علينا بالاستمرار لكنه بعض أسابيع قليلة اتخذ هو نفسه قرارا بوضع حد لنشاط لجنة الخبراء.
نحن اردنا توجيه رسالة عاجلة وقوية للسلطة السياسية والرأي العام للتحذير من خطورة عدم الاكتراث..رئاسة الحكومة مثلا كانت ترتاح لوجوه لم تكن لها أي مشاركة في الماضي في الدفاع عن حرية الصحافة بل كانت متواطئة مع السلطة السياسية في عهد بن علي لضرب الإعلام..
أذكر أننا قلنا في المؤتمر الصحفي آنذاك أننا سنواصل العمل صلب المجتمع المدني لإشعار الرأي العام بخطورة عرقلة عملية إصلاح الإعلام ولخطورة عدم الاكتراث بتقرير الهيئة.
* وهل حدث اتصال مع رئاسة الحكومة بعد قرار تجميد النشاط؟؟
- كانت لنا اتصالات فقط مع رئيس المجلس التأسيسي ورئيس الجمهورية.. لكن صلاحياتهم محدودة..الكلمة الفصل هي بيد حركة النهضة التي يبدو انها قررت وقف التعامل مع هيئة اصلاح الإعلام والاتصال..علما أننا سلمنا مقر الهيئة لرئاسة الحكومة منذ شهر نوفمبر الماضي...
الغريب في الأمر أنه لم توجد اية رغبة في الإصلاح ويتواصل اليوم العمل والتصرف في شؤون الإعلام بنفس الأسلوب الخاطئ. سيأتي يوم يتم فيه اختيار المديرين العامين للمؤسسات العمومية حسب مقاييس وشروط..ولا يكون الولاء السياسي المقياس او المعيار الأوحد..
* انتقدتم بشدة الفصل 128 الوارد في مسودة الدستور ما مرد هذا الانتقاد؟
- في مشروع الدستور ينص الفصل 128 على أن تشرف هيئة الإعلام على تنظيم قطاع الإعلام وتعديله وتطويره وتسهر على ضمان حرية التعبير والإعلام وحق النفاذ للمعلومة وارساء مشهد اعلامي تعددي ونزيه.. لكن الفصل 126 ينص على أن "ينتخب مجلس الشعب" هيئة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلالية المادية والإدارية..
وهنا يتساءل المرء عن أية حرية وتدعيم للديمقراطية نتحدث حين تشرف هيئة منتخبة من البرلمان على تدعيم إعلام وتعديله.. ان تمت المصادقة على هذا الفصل دون تغيير سيكون بمثابة وصمة عار في جبين المجلس التأسيسي.
وهذا خطر كبير يحدق بالإعلام التونسي وكأن هناك رغبة في تقنين السيطرة على الإعلام بكامل مكوناته.. ونأمل ان يتم الغاء هذا الفصل الذي لا يوجد في أي دولة ديمقراطية وتعويضه بفصل يشير الى استقلالية الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري وعدم تدخل أي حزب في شؤون هذه الهيئات..
* والآن هل ستتفرغ للنشاط الحقوقي أم الإعلامي؟
- أنا بصدد التحرك داخل المجتمع المدني من أجل القاء مزيد من الضوء على الإعلام وضرورة إصلاحه على أسس صحيحة وطي صفحة القوانين والممارسات التي تكبل من جديد الإعلام التونسي.
من موقعي كصحفي حر وعضو مؤسس لجمعية "يقظة" سأواصل العمل من اجل الدفاع عن حرية الصحافة والإعلام وخاصة الإعلام العمومي. لم اكن أتصور أن عملية إصلاح الإعلام ستواجه بمثل هذا الصد من قبل الائتلاف الحكومي وخاصة من قبل قيادة حركة النهضة التي عرف قادتها معنى دخول السجن ظلما ويعرفون مزايا حرية الصحافة وما قدمته لها ولكل الصحفيين الذين دخلوا السجن في تونس.
عمل المنظمات الدافعة عن حرية الصحافة أساسه الالتزام بالمعايير الدولية لحرية التعبير، فكيف يقبل إنسان تلك المعايير من أجل إخراجه من السجن ثم حين يجلس على كرسي السلطة يدير ظهره لتلك المعايير؟!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.