يضع الاتفاق الاممي الذي وقعه بالاحرف الاولى بعض اطراف النزاع في ليبيا، البلاد على طريق طويل وشاق قبل الوصول الى حل نهائي للصراع على السلطة الذي قتل فيه المئات وجعل دولة ما بعد الثورة دولتين. ورغم غياب المؤتمر الوطني العام، الذراع التشريعية للسلطات الحاكمة في العاصمة طرابلس واحد الاطراف الرئيسيين للنزاع والتي تتشكل اساسا من تيار الاخوان الاسلامي، عن التوقيع، الا ان هذه الخطوة تمثل اول اختراق سياسي فعلي لجدار الازمة المتواصلة منذ أوت 2014. وقال عثمان بن ساسي الناشط السياسي والعضو السابق في المؤتمر الوطني العام لوكالة فرانس برس الاحد "حدث امر ايجابي في المغرب. المؤتمر لم يحضر، لكن اطرافا في الصراع اقروا بالاحرف الاولى اتفاقا سياسيا، وهذا يعتبر بمثابة اختراق". واضاف "البلاد تتخبط منذ عام، والدولة التي ولدت بعد الثورة اصبحت دولتين. ليبيا بحاجة الى توحيد مؤسساتها عبر حكومة وحدة وطنية لانهاء هذا الانقسام، وتوقيع الاتفاق يضع البلاد على هذا الطريق، لكنه طريق لا يزال طويلا وشاقا". وبعد اشهر من المحادثات، عقدت بعثة الأممالمتحدة مساء السبت حفلا لتوقيع اتفاق السلم والمصالحة بالاحرف الاولى بهدف إنهاء النزاع الليبي في منتجع الصخيرات السياحي جنوب العاصمة الرباط. وحضر حفل التوقيع وفد برلمان طبرق المعترف به دوليا، وممثلون للمجالس البلدية لمدن مصراتة وسبها وزليتن وطرابلس المركز ومسلاته، اضافة الى ممثلين لاحزاب سياسية، وكذلك ممثلين للمجتمع المدني ونواب مستقلين ومنقطعين. وقال برناردينو ليون المبعوث الأممي من أجل الدعم في ليبيا قبل التوقيع "ان اتفاق الصخيرات سيضع حدا للصراع الذي عم البلاد لشهور عديدة. هي خطوة واحدة فقط لكنها مهمة جدا على طريق السلام. سلام سعى جميع الليبيين منذ فترة طويلة لتحقيقه". وأوضح أن "الباب يبقى مفتوحا لأولئك الذين اختاروا أن لا يكونوا هنا الليلة رغم أنهم لعبوا دورا حاسما في تطوير هذا النص"، مضيفا "أنا واثق بأننا سنقوم في الأسابيع المقبلة بتوضيح القضايا التي لا تزال مثارا للجدل". كما قال بيان رسمي صادر عن البعثة الاممية للدعم في ليبيا ان "قبول أحد الأطراف للاتفاق مع تقديم تحفظات محددة، أمر متعارف عليه ويحفظ للأطراف حقهم في الاستمرار في التفاوض حول تلك التحفظات حتى التوقيع النهائي وإقرار الاتفاق". واعلنت البعثة ارجاء مناقشة النقاط الخلافية حول المسودة الى حين مناقشة الملاحق المرتبطة بهذا الاتفاق، وذلك في جولات جديدة بعد عيد الفطر. وكان المؤتمر الوطني العام قد أعلن الثلاثاء رفض هذه المسودة ل"غياب نقط جوهرية" فيها، مؤكدا رغم ذلك استعداده للمشاركة في جلسات جديدة للحوار في المغرب. وفي رسالة موجهة الى ليون قبيل توقيع الاتفاق السبت، اوضح رئيس المؤتمر نوري ابو سهمين ان المؤتمر مستعد لارسال وفده من جديد للمشاركة في جولات للحوار على ان يكون الهدف "تقديم التعديلات" التي يراها مناسبة، او "بحث اسس والية جديدة". في مقابل ذلك، رحبت الحكومة المعترف بها في بيان نشرته على صفحتها في موقع فيسبوك بتوقيع الاتفاق. وكتبت "ان الحكومة الليبية المؤقتة وهي تبارك لشعبها هذا الانجاز الكبير فانها تجدد دعوتها لكل الاطراف لتغليب مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وتناشدهم ان يكملوا السير بخطى ثابتة نحو اتفاق شامل يؤسس لولادة حكومة وفاق وطني". ويذكر ان مسودة الاتفاق، ورغم توقيعها في الصخيرات، الا ان اقرارها رسميا من قبل السلطات المعترف بها لا يزال يحتاج الى تصويت داخل البرلمان في طبرق. وأشرف على حفل التوقيع بالأحرف الأولى، بحسب مراسل فرانس برس، ليون، وصلاح الدين مزوار وزير الخارجية والتعاون المغربي. واعتبر رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي الاحد ان "اتفاق الساعات الاخيرة حول ليبيا" يمثل "مرحلة مهمة في الجهود لارساء الاستقرار في المنطقة واعادة السلام الى هذا البلد الكبير".