لم تمر السنة بعد على تشكيل حكومة الحبيب الصيد التي جاءت بعد أول انتخابات تشريعية ورئاسية ديمقراطية وشفافة في تاريخ تونس والتي تم الاعلان عن تشكيلها يوم الاثنين 2 فيفري 2015 ، وبدأ الحديث عن تحوير وزاري واقالة وزراء والغاء بعض الحقائب الوزارية. حكومة الحبيب الصيد التي ضمت ائتلافا حكوميا جمع 4 أحزاب هم نداء تونس الحزب الأغلبي في مجلس نواب الشعب ب86 مقعدا وحركة النهضة الحزب الثاني ب69 مقعدا والاتحاد الوطني الحر الحزب الثالث ب16 مقعدا وآفاق تونس الحزب الخامس ب8 مقاعد بعد أن خير الحزب الرابع في المجلس وهو الجبهة الشعبية البقاء في صف المعارضة، أعلن عن تشكيلها بعد أن واجهت تهديدا بعدم الحصول على الثقة في مجلس نواب الشعب من عدد من الأحزاب التي عارضت التشكيلة الوزارية الأولى التي وضعها الصيد، واجهت طيلة الأشهر التي قادت فيها البلاد جملة من التحديات نجحت في بعضها وأخفقت في بعض آخر. فهذه الحكومة المتكونة من 25 وزيرا و3 وزراء معتمدين و14 كاتب دولة والتي تحصلت على ثقة مجلس نواب الشعب بالأغلبية بعد تصويت 167 صوت مع و30 صوت ضد وبقاء 8 محتفظين من مجموع 204 نائب حاضر من جملة 217 نائب في المجلس أكدت بعض المصادر أنه سيتم التقليص من أعضائها والنظر في مصير عدد من وزاراتها خاصة التي تبين أن أدائها لم يكن في المستوى المطلوب. رئيس الحكومة الحبيب الصيد أكد بدوره في تصريح على قناة فرانس 24 أن التحوير الوزاري المرتقب سيكون بعد الانتهاء من تقييم أداء الوزراء الحاليين والانتهاء من مناقشة ميزانية الدولة لسنة 2016 والمصادقة عليها وهو الملف الذي ينظر فيه حاليا نواب المجلس وقد صادقوا الى حدود كتابة هذه الأسطر على 57 فصلا من جملة 85 فصلا في قانون المالية لسنة 2016. استقالة لزهر العكرمي واقالة بن عيسى والشلي بداية التحوير الوزاري الحديث عن التحوير الوزاري لم يبدأ الا بعد استقالة الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان الأزهر العكرمي يوم الاثنين 5 أكتوبر 2015 والذي أرجع أسبابها ،العكرمي، الى اقصائه الممنهج من كل القرارات والغياب التام للمعلومة ومنعه من التصرف منتقدا غياب الارادة لمحاربة الفساد والمسؤولين عنه والتي جاءت في وقت يعيش فيه حزب نداء تونس صراعات بين شقين الاول تابع لمحسن مرزوق والثاني تابع لحافظ قايد السبسي. ويرى بعض الملاحظين أن التحوير الوزاري الفعلي بدأ منذ اقالة الحبيب الصيد لوزير العدل محمد صالح بن عيسى في 21 اكتوبر 2015 وتكليف وزير الدفاع الحبيب الحرشاني بإدارة وزارة العدل بالإضافة الى الدفاع ، و ثم إقالة كاتب الدولة المكلف بالأمن في وزارة الداخلية رفيق الشلي من منصبه اثر العملية الارهابية التي استهدفت حافلة الأمن الرئاسي بشارع محمد الخامس بالعاصمة تونس يوم 24 نوفمبر 2015 والتي نفذها ارهابي انغماسي عمد الى تفجير نفسه بعد ان صعد الحافلة مما ادى الى اشهاد 12 عنصرا وقد تبنى تنظيم داعش هذه العملية. حتمية التحوير الوزاري التحوير الوزاري بات ضروريا خاصة بعد التململ الكبير في الأوساط السياسية وحتى الشعبية بخصوص أداء بعض الوزراء على غرار وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي ياسين ابراهيم وتعالي الأصوات المطالبة باستقالته والمعتبرة ان أدائه على رأس وزارته لم يكن في المستوى المطلوب، خاصة الحملة التي قادها النائب بالمجلس مهدي بن غربية والتي اعتبر فيها أن ياسين ابراهيم يغالط الرأي العام ويطالبه بالاستقالة. الانتقادات طالت كذلك وزير التشغيل زياد العذاري لعدم تحقيق وزارته لما هو مأمول في ملف التشغيل وهو من الملفات التي تعتبر أولوية على طاولة حكومة الحبيب الصيد، خاصة من قبل المنظمات والجمعيات المهتمة بالتشغيل على غرار اتحاد اصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل. ومن جهة أخرى فقد برزت في المدة الأخيرة حملة يؤكد البعض انها ممنهجة بقيادة حركة النهضة ضد وزير الشؤون الدينية عثمان بطيخ والذي رأى بعض النقاد انه يعمد الى توحيد الخطب في المساجد خاصة بعد قراراته بعزل عدد من الأئمة الذي عرفوا بخطاباتهم التكفيرية والمحرضة على العنف على غرار رضا الجوادي الذي عزل من جامع اللخمي بصفاقس. وزراء آخرون كذلك انتقدوا واعتبروا أنهم لم يضيفوا لحكومة الحبيب الصيد ولا لتونس الكثير على غرار الوزراء الذين تم جلبهم من الادارات العمومية التونسية فقد تعالت أصوات بعض القيادات في الأحزاب السياسية على غرار حركة نداء تونس للمطالبة بإقالة الوزراء "الاداريين" وذلك لعدم نجاعتهم وفشلهم في إدارة الوزارات. تسريبات بخصوص التحوير الوزاري التحوير الوزاري سيرى النور في الأسابيع القادمة وحسب مصادر الجريدة فاٍنه من المنتظر أن يتم في إطار التحوير إضافة وزارتين هي وزارة الاصلاح الاداري ومحاربة الفساد ووزارة التنمية الجهوية كما سيتم الغاء أغلبية خطط كاتب الدولة. ومن جهة آخرى فقد أكدت مصادرنا أنه يستبعد أن يتم تغيير الائتلاف الحاكم رغم كل الانتقادات والخلافات. حتمية التحوير الوزاري بعد أقل من سنة من عمل حكومة الحبيب الصيد تفرضها المستجدات الوطنية وحتى الاقليمية والدولية خاصة أمام تنامي خطر الارهاب الذي أضحى شبحا يهدد العالم ويمس المناطق الحيوية والحساسة للدول ويؤثر على الاقتصاد والسياحة وحتى الثقافة وهو ما يفرض تشكيل حكومة حرب بأتم معنى الكلمة لمواجهة هذا الخطر.