غاب الحديث هذه الايام عن الهجرة السرية أو ما يسمى ب''الحرقة '' إلى لامبادوزا"ليفتح المجال للخوض في خطر جديد يهدد تونس يتمثل في ظهور شبكات منظمة تعمل على تجنيد الشباب وارسالهم إلى سوريا تحت راية ''الجهاد''. فقد أعلن شخص تونسي عاد مؤخرا من سوريا بعد أن خاض حسب زعمه تجربة الجهاد أن قرابة 2000 شاب تونسي يقاتلون في صفوف فصائل المعارضة السورية المتطرفة لا سيما الدينية منها أو المتسترة بالدين، والغريب ان حوالي 13 فتاة تونسية انخرطن في ما يسمى جهاد النكاح ... لنتساءل هنا عن دور أئمة الزيتونة و وزارة الشؤون الدينية في تصحيح الخطاب الديني في اتجاه إخراجه من دائرة التحريض و الدعوات المشبوهة للجهاد علما بأن الفقهاء المعتدلين يرون أن الجهاد يتجاوز المفهوم السطحي للقتال في ساحة الحرب إلى جهاد النفس والرقي بها إلى أسمى مراتب العمل الانساني. وان اتفقت اغلب المواقف في الساحة السياسية و الاجتماعية بضرورة التصدي "للحرقة" فقد تباينت الآراء بخصوص الجهاد الذي يعتبره البعض قرارا شخصيا مرتبطا بدرجة الإيمان مما ساعد البعض من الخبثاء على تبرير "الإرهاب"و "المتاجرة بالدين " وبعواطف البسطاء عن طريق غسل أدمغتهم . فيما حمل البعض الآخر كامل المسؤولية للحكومة في ما اعتبروه تخاذلا في حماية تونس من هذه الظاهرة وطالبوا بالإسراع في الكشف عن الشبكات المتورطة في إرسال الشباب إلى مصير مجهول . فهناك شريحة من الشباب التونسي يزج بها في صلب لعبة سياسية دولية وإقليمية على خلفية حالة الإحباط و الانفلات الأمني وكذلك السذاجة السياسية والدينية وبالتالي أصبحت هذه الشريحة فريسة سهلة في أيدي تجار الموت الذين يستخدمون الأوهام لبلوغ أهدافهم المشبوهة .